عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الوفد» داخل دار رعاية أطفال الشوارع بالزقازيق

بوابة الوفد الإلكترونية

الدار مساحتها 6 آلاف متر.. تستوعب 200 طفل وبها ورش تدريب مهنى و3 عنابر إقامة ومكتبة ومعمل وسينما ومسرح

«أحمد»: بيتى الثانى.. «محمد»: غيرت نظرتى للحياة.. «كريم»: كلنا متفوقون دراسياً

«لم أكن أتخيل أن مكان الإيداع الذى حددته المحكمة سيصبح بمثابة بيتى الثانى، بل أفضل من بيتى».

بهذه الكلمات عبر «محمد. ر» أحد الأطفال المودعين داخل دار تربية البنين بالزقازيق والتى تعمل ضمن مشروع أطفال بلا مأوى وتعد نموذجاً اجتماعياً مهماً يساهم فى توفير الحماية لأطفال الشوارع وتساعد فى بناء فرد صالح يفيد المجتمع، وهى الدار التى زارها رئس الوزراء مصطفى مدبولى قبل أيام.

وأكد الطفل المودع بالدار أنه كان حُكم عليه فى قضية وهو فى الخامسة عشرة من عمره؛ وقرر قاضيه إيداعه فى دور الرعاية حتى سن البلوغ 18 سنة، لافتاً بأنه تعلم الكثير داخل الدار من حيث لغة الاحترام والأدب وطريقة التعامل مع الغير، فضلاً عن الرعاية الغذائية المتكاملة والصحية والترفيهية والرياضية والمهنية، قائلاً: «بعتبر الدار بيتى والمشرفين وزملائى المودوعين عائلتى، أنا قضيت أيام فى السجن وعرفت مقدار الحرية وقدرتها، ويعنى إيه الواحد يكون حر طليق».

وأوضح أنه كان يعمل مع والده فى مهنة بيع السمك قبل أن يتوفاه الله أثناء محاكمته، وأنه كان تلميذاً فى المدرسة الابتدائية لكنه لم يتمكن من حضور امتحان الصف السادس الابتدائى، وبعد رسوبه أصبح غير قادر على استكمال دراسته، لكنه تعلم القراءة والكتابة والحساب بعد التحاقه بالفصل الواحد داخل الدار، مؤكداً أن ذلك سيمنحه فرصة قراءة اللوحات الإرشادية «ملصقات المرور فى الشوارع» أثناء قيادة سيارة والده بعد انتهاء إيداعه.

وقال: عقب خروجى من الدار وانتهاء فترة إيداعى بعد شهرين من الآن لبلوغى 18 عاماً، سأستثمر ما تعلمه فى مهنة اللحام والكهرباء فى عملى وسأساعد والدتى وشقيقاتى فى تجارة الأسماك.

ولفت حازم الملاح، المسئول الإعلامى لبرنامج حماية الأطفال بلا مأوى بوزارة التضامن الاجتماعى، أن الوزارة وضعت استراتيجية للحد من ظاهرة أطفال الشوارع، وإعادة تأهيلهم ودمجهم فى المجتمع، مشيراً إلى أن البرنامج شكل فريق عمل متكامل فى المحافظات للتدخل بشكل سريع لحماية الأطفال، وتخريج أول دفعة من البرنامج التدريبى لبناء قدرات العاملين فى مؤسسات الرعاية، مع إنشاء الخط الساخن للإبلاغ عن الأطفال بلا مأوى 16439.

وأشار إلى أن البرنامج يستقبل حالات التفكك الأسرى والطلاق وأطفال بلا مأوى، وأن محافظة الشرقية بها وحدة متنقلة واحدة تجوب مناطق تواجد الأطفال المستهدفة بالبرنامج، وهذه الوحدة مزودة بالتجهيزات المطلوبة، وفريق عمل تم تدريبه فنياً لجذب الأطفال وبناء جسور الثقة معهم للانتقال بهم إلى مرحلة التأهيل والدمج، وذلك من إجمالى عدد 17 وحدة متنقلة على مستوى المحافظات العشر المستهدفة بالبرنامج بالتعاون مع الجمعيات الأهلية الخبيرة فى مجال حماية الأطفال بلا مأوى.

ومؤخراً تم تطوير مؤسسة دار التربية بمحافظة الشرقية التى تصل مساحتها إلى حوالى 6000 متر مربع وبطاقة استيعابية 100 طفل ثم رفعها إلى ٢٠٠ طفل بعد التطوير بتكلفة  16 مليوناً و820 ألف جنيه للبنية التحتية التجهيزات، واستغرقت مدة التطوير حوالى 22 شهراً تم فيها استحداث مبنيين أحدهما للإقامة والأنشطة والآخر تدريب كهرباء به ورش الكهرباء والتحكم والالكترونيات، وقد قامت الشركة المصرية للاتصالات بتجهيز هذه الورش بتكلفة قدرها حوالى 5 ملايين جنيه لعدد ٥ ورش بخمس مؤسسات مختلفة تم فيها تدريب 19 طفلاً على أعمال الكهرباء والتحكم الكلاسيكى والإلكترونيات، يقوم على التدريب ٣ مدربين متخصصين فى هذه التخصصات، كما تم استحداث مسجد، و3 عنابر للإقامة بسعة 100 طفل، وقسم نفسى وآخر اجتماعى، ومكتبة، ومعمل كمبيوتر به 10 أجهزة، وفصل للمدرسة الصديقة، وغرف للمذاكرة، وقاعة للسينما، وغرفة للحجر الصحى، وغرفة لذوى الإعاقة، وغرفة للرسم والموسيقى. بالإضافة إلى صالة للألعاب الرياضية، ورشة للنجارة، وملعب كرة القدم وآخر للكرة الطائرة، وقاعة مفتوحة للأنشطة، ومطعم جديد يخدم 75 طفلاً، وفى حالة الطوارئ يتم استخدام المطعم القديم، وقد تم رفع كفاءته وتجهيزه، وصالة

للاجتماعات المفتوحة، وحديقة لألعاب الأطفال، و4 حدائق أخرى، كما تم تطوير المسرح القديم وتطوير وتفعيل معرض المنتجات، بالإضافة إلى تطوير وتفعيل وسائل الحماية المدنية، لافتاً إلى أن الدار يعمل بها 26 من الموظفين ومقدمى الرعاية، كما تم سد العجز بالجهاز الوظيفى فى التخصصات: 2 إخصائى اجتماعى، 2 إخصائى نفسى، مدرب تربية رياضية، مدرب تربية فنية ومكتبات، وطباخ، ومساعد طباخ.

والتقت «الوفد» بنموذج آخر داخل الدار وهو «محمد. س» كان يحاكم فى تهمة مشابهة لزميله الأول، حيث يقول: «اتهمت زوراً فى الواقعة التى تسببت فى دخولى السجن؛ وقتها الدنيا اسودت فى عينى وقلت لنفسى خلاص أنا انتهيت ومليش حظ فى الدنيا دى، ولكن بعد إيداعى الدار ومقابلتى بالأستاذ أحمد كامل أحد المشرفين بالدار، طمنى وقالى أنت فى مكان آمن وهنا بيتك التانى، أحسست بعدها بأن لقيت الدنيا بخير وفى ناس خايفة عليا؛ بتغذينا كويس وتعلمنا ودربنا على حرف ومهن زى النجارة وأعمال الكهرباء، وكمان بيدربنا على الرياضة وتعلمنا رسم وموسيقى».

أكد «محمد» أن المسئولين فى الدار ألحقوه بالمدرسة التجارية ويحضر يومياً مع باقى طلابها، ولفت انه انتهى من تعلم واجتياز المستوى الأول فى نظم الكهرباء والتحكم، وكذلك الثانى فى الإلكترونيات، وجارٍ إلحاقه بالمستوى الثالث بصيانة شاشات العرض «التلفزيون»، فضلاً عن امتهانه مهنة النجارة، وأنه صنع مكتبة خشبية على شكل كلمة «اقرأ» استوحى فكرتها من مهام الدار ورسالتها بدعوة المودعين فيها إلى التعلم والقراءة، مؤكداً أنه تم إيداعه بالدار وهو فى سن 15 عاماً، وباقٍ على خروجه أشهر قليلة، وأنه سيكمل تعليمه فور خروجه وسيجتهد للالتحاق بكلية التجارة.

وأوضح محمد السيد، مدير دار البنين بالزقازيق أو ما يعرف بـ مؤسسة أطفال بلا مأوى، أن الدولة تولى اهتماماً كبيراً بظاهرة أطفال الشوارع وتسعى جادة للقضاء عليها باعتبارها ظاهرة سلبية تواجه المجتمع المصرى، حيث يتم إلحاقهم بدور الرعاية التى تقدم سبل الراحة والإعاشة كافة، والتى تعد أفضل من البيئة الخارجية لأن معظم الحالات المودوعة داخل الدار تعانى من تفكك أسرى أو من عدم وجود رعاية فى الوقت الذى تقدم فيه الدار كافة أوجه الرعاية الصحية والاجتماعية والغذائية والمهنية والتعليمية.

وذكر كريم «17 عاماً» أن معظم زملائه المودعين بالدار من الملتحقين فى مدارس أو جامعات من الطلاب المتفوقين، لوجود بيئة تربوية وتعليمية متكاملة، حيث وجبة الفطار فى الثامنة صباحاً ووجبة الغذاء فى الثانية ظهراً والعشاء فى الثامنة مساء، وهناك وقت لممارسة الرياضة وأخرى للمذاكرة داخل غرفة مُعدة لذلك، وهناك وقت للترفيه داخل غرفة الموسيقى ومكان للتزود بالقراءة ومسرح لتعلم التمثيل وفنون المسرح.