عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حسن وعبدالرحيم آخر صنايعية في «قلعة حصير السمار» بالشرقية

بوابة الوفد الإلكترونية

 

الشرقية – محمود الشاذلى:

لم يتبق الكثير وتنتهى حرفة كانت بمثابة همزة الوصل بين الماضى والحاضر، واستمرت لقرون طويلة وهى صناعة «الحصير» اليدوى أو «حصير السمار»، حيث تعد تلك الحرفة من أقدم المفروشات الأرضية التى عرفها الإنسان، ولكن فى ظل التطور التكنولوجى والوسائل التكنولوجية الحديثة أصبحت تواجه شبح الانقراض.

قرية «كفر الحصر» التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، تبعد بحوالى 2 كيلومتر عن مدينة الزقازيق يبلغ عدد سكانها نحو 22 ألف نسمة، تعتبر القرية قلعة لصناعة الحصير، وسميت «كفر الحصر» نسبة لقيام سكانها بتصنيع الحصير، منذ ما يقارب من 250 عاماً.

وتعتمد صناعة الحصير على نبات السمار، يتم شراؤه من محافظة الفيوم، وتوضع أعواد النبات فى حوض به مياه ‏حتى تكتسب المرونة اللازمة لتساعد على تصنيعها، حيث يتم وضع السمار على النول ويتم البدء فى تكوين الحصير ‏الذى تتراوح مقاساته ما بين متر أو مترين أو ثلاثة «بحسب طلب الزبون»، كما يتم صبغ بعض أعواد السمار ‏لإكسابها ألواناً مختلفة كاللون الأحمر والأخضر وغيرها، لاستخدامها فى صناعة أشكال ورسومات تضيف للحصير ‏رونقاً وشكلاً جمالياً جذاباً.

ومنذ نشأة الحرفة وجميع أهالى القرية من شيوخ وشباب ونساء يعملون فيها ليلاً ونهاراً، منذ الصباح يفتحون الورش المنزلية ويبدأون فى العمل، وكانت القرية تغزوها سيارات النقل يومياً لتحمل منتجات الحصير إلى المحافظات لبيعها، حتى وصل منتج تجارتهم لعدد من الدول العربية، وخاصة ليبيا، حيث كانت تلك الحرفة مصدر رزقهم الوحيد.

ولكن سرعان ما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فحينما ظهر الموكيت والسجاد والحصير البلاستيك وغيرها، أدى ذلك إلى تراجع البيع لمنتج «حصير السمار»، مما ترتب عليه هجر العديد من أهالى القرية الحرفة تباعاً، وانحصرت الحرفة بين شخصين فقط حتى الآن يبلغان من العمر 80 عاماً تقريبا تربيا على صناعة الحرفة منذ الصغر ولم يعرفا غيرها، فى حين أن شباب ونساء القرية امتنعوا عن تعلم صناعة «حصير السمار» واكتفوا بجنى الأموال من خلال بيع الحصير البلاستيك، كون الحرفة لم يعد بها ربح خاصة مع رفع أسعار «السمار» إلى 400 جنيه، واليومية للعامل

بالحرفة 20 جنيهاً فقط التي لا تكفى احتياجاتهم يومياً.

الصديقان الحاج «حسن وعبد الرحيم» يبلغان من العمر 80 عاماً تقريباً آخر ما تبقى من صناعة «حصير السمار» فى قرية كفر الحصر ويعملون بها منذ ما يقارب 70 عاماً أى حينما كان عمرهما 10 سنوات فقط.

يقول الحاج «حسن أبوعامر»: المهنة اندثرت تدريجياً حتى اختفت من القرية وعزف الأهالى عن الاستمرار فيها وامتهنوا أعمالاً أخرى»، مؤكداً أنه لم يتبق من الصناع سوى هو وصديقه الذى يكبره فى السن «عبدالرحيم أبوعامر الشرقاوى».

 وأضاف قائلاً: «زمان كان الحال غير دلوقتى كنا بنشتغل وننتج ونصدر, دلوقتى شغالين على قد الحال ورزق يوم بيوم وكله نصيب ربنا مابينساش حد»، موضحاً أنه أفنى عمره فقط فى هذه المهنة التى لم يعرف غيرها، وتعلمها حينما كان يبلغ من العمر 8 سنوات.

وأكد الحاج «عبدالرحيم أبوعامر» أنه رغم أن حُصر السمار أنظف وأفضل من البلاستيكية بكثير فتتحمل الرطوبة والأتربة، إلا أن المواطنين اتجهوا لشراء الحُصر البلاستيك والمفروشات الحديثة، وأصبح العاملون فى مهنة تصنيع حُصر السمار يعانون الأمرين لبيع منتجاتهم التى كان يتهافت عليها السائحون والمواطنون ومع انخفاض الإقبال ترك الكثير من العاملين المهنة.

وقال: «حينما أموت أنا وزميلى المسن آخر عاملين بمهنة حصر السمار، ستندثر المهنة ولن تكون موجودة بالقرية، لا أحد يعمل بها غيرنا، وعقب وفاتنا لن يكون لها وجود على الإطلاق».