رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : خواطر مصرى حول مستقبل العولمة

عندما بشرنا الكاتب الأمريكى توماس فريدمان سنة 1999 فى كتابه الشهير «السيارة لكزس وشجرة الزيتون» بمستقبل العالم الجديد فى إطار العولمة، كان حديثه مبهرًا، وجاذبًا، ومقنعًا. وأذكر أن إشارات الرجل وقتها كانت فى محلها فالحدود بين الدول تنهار بالفعل، وحواجز اللغة والثقافات تتلاشى، ووسائل الاتصالات المتطورة تجعل المسافة بين بكين وريودى جانيرو أقرب من أى تصور.

لقد أخذ العالم على مدى عقدين يتطور بشكل متسارع لتتحقق فكرة تحوله إلى قرية صغيرة بسرعة مذهلة.

لكن يبدو أنه لإثبات لقاعدة، ولا ديمومة لفكرة إنسانية، مهما كان وعى وثقافة طارحيها، فالتغير طبيعة كونية. من هنا كانت أبرز ما صنعته جائحة كوفيد 19 غير المسبوقة، أنها غيرت شكل العولمة، وبدلت طرقها، وأعادت تشكيلها، وشطبت بعض قوانينها الصارمة، وهذا ما يصدق مع المعقولة الرائجة التى ترى أن العالم بعد الجائحة يختلف تمامًا عن العالم قبل الجائحة.

لم تعد فكرة سهولة وسرعة انتقال السلع والأفراد والأموال عبر الحدود مطلقة، وصار واضحًا حرص كثير من الشركات الكبرى على تأمين موارد خاماتها قريبة من مناطق الإنتاج، وتقصير طرق التجارة بأقصى مدى، والاهتمام الأكبر بالتعامل مع الأقاليم والتكتلات الاقتصادية الكبرى.

صحيح أن المؤسسات الدولية تتوقع ألا يكون 2021 مثل سابقه على مستوى النمو الاقتصادى الذى يفترض أن يكسر حاجز الـ5%، بدلًا من 1.9% فى 2020، لكن منظمة التجارة العالمية تشير إلى أن تقديرات التجارة الدولية انخفضت خلال عام الجائحة بنسبة 9.2%، وأنها لن ترتفع وتعاود معدلاتها السابقة قبل الجائحة، بل ستحقق انخفاضًا بنسبة 7.2% خلال 2021.

كذلك، فإن الاستثمار العالمى تراجع بنحو 40% خلال 2020 إذ أرجأت معظم الشركات الكبرى مشروعاتها التوسعية الجديدة للحفاظ على السيولة لديها بعد توقف حركة البيع والشراء حول العالم وليس من المتوقع أن يتغير ذلك كثيرًا خلال العام الجديد.

لقد مثل كوفيد 19 صدمة قوية

لفكرة العولمة الاقتصادية بما شهدته خطوط الإنتاج العالمية من تعطل وتباطؤ وهو ما دفع كبرى المؤسسات العالمية إلى النظر باهتمام لفكرة التكتلات الاقتصادية الكبرى، وهو تغيير مهم فى طرح العولمة الأول بأن العالم قرية صغيرة. وأوضح استطلاع أجرته مؤسسة «ماكينزي» أن المدراء التنفيذيين للشركات العالمية يميلون إلى تقريب أماكن وجود الخامات والسلع الوسيطة بالقرب من مناطق التوزيع والعمالة.

ومؤخرًا ذكرت تقارير دولية أخرى أن نشوء وتوسع التكتلات الاقتصادية الكبرى مثل التجمع الجديد لدول شرق آسيا واستراليا ونيوزيلندا هو أحد إرهاصات تغير فكرة العولمة المطروحة بشكل آحادى وفوقى من الدول الكبرى.

ولا شك أن محاولات التكتل الأفريقى لتيسيير التجارة تمثل سعيًا للتكتل الاقتصادى يُنبئ عن وعى حقيقى بتغيرات النظرية المهمة.

إن علينا أن ندرك تغيرات العالم مبكرًا، لنكون أقدر على التعامل مع المستجدات التى تفرضها الأوضاع الجديدة، فكما ذكرنا مرارًا فإنه لا ثبات فى هذا الكون المتسارع والمتجدد كل يوم، وأن كل حدث يطرح أحاديث وأحاديث، فشكل الاقتصاد العالمى، وقطاعات الاستثمار الأربح، وفرص العمل الجديدة، وحركة رءوس الأموال تتغير كل يوم.

وعلينا أن ننتبه، ونتعلم، ونستفيد من تجارب الآخرين، لنحقق ما نصبو إليه فى مصر من تنمية مستدامة رشيدة.

وسلامٌ على الأمة المصرية.