عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لواء أركان حرب متقاعد حسام سويلم يكتب: «الحوينى».. خليفة «ابن تيمية» فى الفكر السلفى التكفيرى

بوابة الوفد الإلكترونية

لا يحترم القانون ويحرص على العنف ويؤيد العمليات الانتحارية

تحريم دراسة الفتيات فى كليات مختلطة.. من أبرز فتاواه

 

فى السابق كان علماء المسلمين لا يعلمون الشباب شيئا إلا بإعطاء دليل شرعى من الكتاب أو السنة، فكان الشاب يرى أن مرجعيته هى الكتاب والسنة، ثم يضيف الشيخ فهم السلف الصالح لهذا النص الشرعى، ليكون التأصيل الفقهى مبنيًا على «اتباع الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة». تلك كانت الدعوة السلفية فى جوهرها وببساطة شديدة.. إلا أنه مع مرور الوقت بدأ شيوخ السلفية المعاصرون يدخلون معترك السياسة وبدأ الشباب يأخذون كلام هؤلاء المشايخ بدون بحث عن دليل من باب الثقة فى هؤلاء المشايخ فى حين أن الدين لا يؤخذ إلا بأدلته. وقد أحدث ذلك الأمر نوعًا من التعظيم والتبجيل الزائف للشيخ ذاته، وليس لأجل المنهج أو الدولة التى ينتمى اليها. وصار الشاب المضحوك عليه يرى أن الشيخ يعلم الصواب المطلق، ويرى أن الشيخ وحده يعرف الصحيح من الخطأ، وأنه يتكلم بما يريد الشرع، وأن الشيخ فقط يمتلك العقل الراجح، وبذلك انتقلنا من تقديس المنهج إلى تقديس الشيخ، ومن مرجعية الكتاب والسنة إلى مرجعية الشيخ الداعية.

وأصبح الشاب ينتظر رأى الشيخ فى كافة أمور حياته، ليس فقط فى النزول للشارع والتظاهر من أجل حرية بلده واختيار مرشح بعينه دون غيره، بل أخذ رأى الشيخ المزيف فى قضايا حياته المصيرية والمهمة.. مثل الزواج والطلاق والإنجاب وتربية الأبناء والعلاقات مع العائلة والجيران، مما كان سببا فى زيادة حالات الطلاق فى مصر. بل وأدى الأمر - وهو الأخطر - إلى قطع صلة الرحم مع الأهل، وقتل الابن لأمه وأبيه طبقا لفتوى من الشيخ السلفى، وهو ما أشارت له صفحات الحوادث فى الجرائد اليومية، مما ترتب عليه تفسخ العلاقات الاجتماعية، وفى المحصلة أن أصبح الشاب بدون رأى - إلا من رحم - لا يفكر ولا يقرر شيئا لنفسه، ولا يتخذ موقفًا إلا بعد الرجوع لشيخه، هذا رغم ما اتضح بعد ذلك فى حالات كثيرة من أن كثيرًا من هؤلاء الشيوخ كانوا عملاء لأجهزة مخابرات أجنبية معادية لمصر، وتقوم بتمويل أنشطة هؤلاء العلماء السلفيين، وكانت هذه الأجهزة هى المحرك لهؤلاء العلماء العملاء.. يأمرونهم بالنزول إلى الشوارع متى أرادوا، ويرددون الشعارات التى يملوها عليهم، وتنفيذ أعمال قتل وتخريب فى أماكن بعينها بدون أدنى تفكير، فقط الالتزام بأوامر مشايخ السلفية.. أمثال «الحوينى» و«برهامى» و«القرضاوى».. وغيرهم ممن خربوا عقول الشباب، وصاروا مرجعية الشباب الدينية، يقولون لهم فيلزمون.. يأمرونهم فيطاعون.. يضربون ويطاردون ويشتمون ويحرقون ويشهرون، وبذلك نجح علماء السلفية هؤلاء فى تحويل الشباب المصرى النقى إلى خوارج هذا العصر.. يكفرون كل من يخالفهم الرأى ويشيعون فى الأرض الفوضى باسم الدين.. ومن هنا حق لنا أن نكشف حقيقة هؤلاء العلماء المدعين، وتاريخهم وواقعهم الذى يزكم الأنوف، وبطلان دعاواهم وإثبات تعارضها التام مع القرآن والسنة، وأنهم يتاجرون بالدين لأهداف سياسية، وأطماع مصلحية.

ترويج فكر ابن تيمية

من قال إن الفكر السلفى التكفيرى - الذى يستبيح حرمات المسلمين من أرواح ودماء وثروات وأعراض، ويشيع مناخ الكراهية ضد المسيحيين، ويحرض على قتالهم وهدم وحرق كنائسهم - من قال إن هذا الفكر التكفيرى والمنحرف قد تقلص بعد توارى جماعة الإخوان الإرهابية عن المشهد جزئيا، فهو مخطئ، نعم قد توارت جماعة الإخوان، أو توارت بعض الشئ، ولكن لتسلم الراية لفريق آخر من المتطرفين أكثر تشددًا ومكرًا، ونعنى بهم السلفيين بكل تنوعاتهم، وذلك فى إطار توزيع الأدوار لهدم الدولة المصرية، وإقامة ما يطلقون عليه «دولة إسلامية»، والدليل على ذلك أن شعارات الكراهية ضد المسيحيين-لاسيما فى أيام أعيادهم - لا تزال مرفوعة تفرز سمومها فى المجتمع المصرى كلما أتاحت لها وسائل الإعلام الخاصة والتواصل الاجتماعى الفرص لذلك.

لذلك فإننا عندما نعود إلى نقد التراث، فإننا نعود إلى كائنات حية.. مثل ابن تيمية والألبانى، فهذه كائنات لا تزال حية بأفكارها المسمومة التى تنشر الفتنة والإرهاب والتطرف فى ربوع البلاد الإسلامية التى تغزوها جماعات داعش والإخوان والقاعدة.. وغيرها من منظمات إرهابية. وعلينا فى مصر أن نعى جيدًا ونحن نحارب الإرهاب، أننا لا نحارب شخصيات تاريخية، بل نحارب أشخاصا أحياء - مثل «الحوينى» و«برهامى».. وغيرهما من أئمة الفكر السلفى المتطرف الذين ارتدوا ثوب ابن تيمية والألبانى وأخذوا يتحدثون بألسنتهما، ويقولون صراحة «إن ابن تيمية يعيش معنا الآن ونحن مسئولون عن تنفيذ كل أفكاره». فكيف نقبل ونحن نحارب الإرهاب والتطرف بمثل هذه الأوقايل؟! إننا ونحن نتعامل مع التراث يجب أن نعى أن ابن تيمية وغيره من أئمة الفكر التكفيرى - مثل «الألبانى» وغيرهما - له مفعول قوى فى أصحاب المذهب الوهابى، وإذا أردنا دليلا قويًا على ذلك يثبت أن ابن تيمية لا يزال حتى الان بيننا، أن ننظر إلى تنظيم داعش الذى يستعين بأفكار ابن تيمية فى «تفريخ» إرهابيين جدد فى المساجد والزوايا والمعاهد التى يسيطر عليها، لتنفيذ عملياته الإرهابية، فكيف نأتى بعد كل ذلك ونتعامل معه باعتباره تراثًا، بل فى الحقيقة أنه واقع نحياه، وأننا رغم كوننا نعيش فى القرن الـ21 إلا أننا ما زلنا نعيش فى القرن الـ13 بأفكار ابن تيمية المتداولة على ألسنة أمراء السلفية فى مصر وغيرها من البلاد الإسلامية، ومن هنا ينبغى التحذير من التيار السلفى الذى أخذ يتمدد وينتشر ومعه التخلف ودعاوى القتل والحرق والتدمير والغاء العقل، وإن كان ذلك كامنا اليوم تحت التراب خوفا من ضربات الأجهزة الأمنية، إلا أن عمليات التجنيد وتلويث العقول مستمرة، ولا تجد للأسف من يتصدى لهذه الأفكار الإرهابية ويثبت بطلانها وتعارضها مع صحيح الدين، حتى أخذ بعض الكتاب الوطنيين الخائفين على مستقبل الدولة المصرية من الشباب المصرى، يوجهون أصابع إلى مؤسسات الدولة - خاصة الإعلامية والدينية - بأنها تدلل هؤلاء السلفيين المارقين وتتيح لهم الظهور فى الفضائيات الخاصة ونشر الكتب التى تعبر عن أفكارهم المتطرفة، وتغض الطرف عن خطورة ما تحمله هذه الأفكار من تهديد لكل مؤسسات الدولة، لاسيما إذا ما أتاحت لهم الظروف السياسية والأمنية الصعود برؤوسهم من تحت الأرض.

أبواسحق الحوينى.. رأس الفتنة اليوم

يعتبر أبواسحق الحوينى، هو أحد أشهر دعاة السلفية حاليا، اسمه الحقيقى «حجازى محمد يوسف شريف»، ولد بقرية حوين بمحافظة كفر الشيخ، كنى نفسه فى بادئ الأمر بـ«أبى الفضل»، ولما لم يلق هذا الاسم الذيوع الذى يريده، كنى نفسه بـ«أبى اسحق» وأضاف إليه «الحوينى» لتشعر بأنك أمام اسم فخم وضخم رنان، يظن من يسمع هذا الاسم أنه أمام واحد من الصحابة أو التابعين أو واحد من علماء خير القرون. فإذا أضفنا للاسم لحية كثيفة وجلبابا أبيض وعمامة وجبينا مرسوما عليه زبيبة.. اكتملت بذلك عدة النصب. أضف إلى ذلك مجموعة من الاتباع البسطاء، يسيرون خلفه فى كل مكان يذهب إليه ويشيعون خبره بين البسطاء وبهذا تكتمل الأسطورة وتحكم الحبكة الدعائية التلميعية جيدا. ومن خلال اطلاق لقب «محدث العصر» على الحوينى، وتركيز هذا اللقب فى الأدمغة التى لا تفكر من خلال كثرة استخدامه وترديده فتزداد الأسطورة قوة وينتظر الناس هذا العالم المنتظر، فى حين أنه كاذب نصاب ومتاجر بالدين. وليس لـ«الحوينى» علاقة بالأزهر، ولم يلتحق بأى من معاهده، ولا كلية أصول الدين أو غيرها من كليات العلوم الشرعية، فهو خريج كلية الألسن قسم اللغة الفرنسية، وحصل بعض علوم الدين عن طريق جلسات متناثرة، وعلى يد مشايخ مختلفين.. وكانت أول المجالس التى ذهب إليها الشيخ نجيب المطيعى فى بيت طلبة ماليزيا بالعباسية، فأخذ عليه بعض شروح الإمام البخارى، والإمام النواوى، وأشباه النظائر للإمام السيوطى، وأحياء علوم الدين للغزالى، ثم توقفت الدراسة برحيل «المطيعى» إلى السودان.

زعم الالتصاق بكبار السلفية

وعندما قدم الألبانى إلى مصر فى عام 2002 حرص «الحوينى» على الظهور معه كلما أمكن، ونشر أمام الناس أنه من تلاميذه، وهو ما نفاه «الألبانى»، وعندما ذهب «الحوينى» إلى السعودية حرص على ربط نفسه بمشايخ الوهابية.. مثل الشيخ ابن باز الذى اهتم بشرح كتب ابن تيمية وأخطرها «مجموع الفتاوى» و«كتاب التوحيد» لمحمد ابن عبدالوهاب أمام الحركة الوهابية.

 

الإرهاب والقرصنة باسم الجهاد

ومن أخطر فتاوى الحوينى، ما قاله فى شأن الجهاد، حيث ابتعد تماما عن حقيقة مفهوم الجهاد الأكبر الذى أشار له سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه «جهاد النفس»، حيث قصر «الحوينى» مفهومه فى القتال على الجانب الهجومى العدوانى، والذى يشعل الفتن ويزهق الأرواح، وتراق فيه الدماء، وتنتهك فيه كل الحرمات. فنجد «الحوينى» يقول فى كل وسائل الإعلام الخاصة ذات التبعيات المشبوهة: «إننا فى زمن الجهاد.. والجهاد فى سبيل الله متعة كل الصحابة يتسابقون عليه».. «هو الفقر اللى احنا فيه ده مش سببه ترك الجهاد»؟، «مش لو كنا كل سنة نغزو مرة أو مرتين وثلاثة.. مش كان هيسلم ناس كثير فى الأرض»، واللى يرفض هذه الدعوة سنقاتلهم ونأخذ أموالهم ونسوانهم وأولادهم وكل ده حلول «جمع حلال» وكل مجاهد سيرجع من الجهاد وجيبه مليان ومعاه 2 أو 3 شحطه «رجال» و3 أو 4 نسوان و3 أو 4 أولاد، واضرب كل رأس فى 400 دولار، وكل ما يتعذر يأخذ رأس يبيعها ويحل بها زنقته، وهذه النوعية من التربح أفضل من التجارة والصناعة». ثم أكد «الحوينى» أن من يهاجمون هذا الطرح يستحقون القتال ليلاقوا نفس مصير من يتم أسره بعد الغزوات قائلا: «واللى يرفض هذه الدعوة نقاتله ونأخذه أسير ونأخذ أموالهم ونساءهم وكل دى عبارة عن فلوس».

يدافع عن العلميات الانتحارية

وغنى عن القول أن هذه النظرة اللصوصية للجهاد فى سبيل الله الذى شرع للدفاع عن البلاد وحمايتها من العدوان فى نظره «المجاهدون».. فى حين أنهم فى حقيقتهم مجموعة من اللصوص باسم الدين، من هنا نعلم لماذا اختاره الإخوان ليتصدر المشهد، ولماذا هو اختار قطر بعد ثورة 30 يونية للعلاج فيها. فهناك فى قطر حاضر وهاجم القضاء المصرى، وأثبت أنه لا يحترم القانون ويحرض على العنف والإرهاب واستخدام القتل فى مواجهة الخصوم، بل بلغ التحريض بالحوينى على القتل وسفك الدماء أن دافع عن العمليات الانتحارية التى يقوم بها الإرهابيون، واعتبرها من «أسمى أساليب الجهاد».. بل لقد استمات فى الدفاع عن هذه العلميات الإرهابية!!

منهج تهييج الناس

ولقد أثار انتباه المسئولين فى الدولة ورجال الأزهر، ما صرح به الحوينى فى عام 2011 بأن «عندنا قحط بالنسبة للعلماء الربانيين»، ونسى أنه وزملاءه ممن يطلقون على أنفسهم «علماء السلف أصحاب المنهج التهييجى».. مثل «غزوة الصناديق» ودخولهم فى معارك سياسية على حطام الدنيا، وهم الذين أفسدوا الحياة العلمية فى مصر، وجعلوا من الدعوة أمراً مخيفاً وطريقاً رهيباً وتحدياً غبياً صارخاً للمجتمعات التى يعيشون فيها حتى قحط العلم ونفر الشباب، وتحول كثير منهم من طلبة علم فى المساجد إلى متهمين بالإرهاب، يحكم عليهم بالسجن، والبعض بالإعدام.. مثل الإرهابى حبورة الذى قتل 17 من رجال الشرطة والجيش فى العريش عام 2011، وأصدق مثال على ذلك تظاهر أكثر من 6000 من السلفيين أمام محكمة كفر الشيخ فى 22/10/2011، حيث أقاموا منصة أمام المحكمة اعتراضاً على محاكمة الحوينى فى القضية المرفوعة ضده من مفتى الديار المصرية بسبب قيام الحوينى بسب المفتى على شاشة قناة الحكمة، وكان ذلك نوعاً من استعراض عضلات السلفيين بزعامة الحوينى.

تحريم تعليم المرأة وعملها

ومن أبرز فتاوى الحوينى المثيرة للفتنة.. تلك التى تختص بالاختلاط، حيث أفتى بتحريم دراسة الفتيات فى الكليات التى بها شباب، ومن يفعل ذلك منهن فهن فى نظره «آثمات»! كما أفتى بتحريم الدراسة فى كليات الحقوق بدعوى أنها «تدرس قوانين وضعية وضعها الإنسان ولا يكترث بالقوانين الإلهية»، كذلك فتواه بشأن ارتداء المرأة للنقاب.. حيث أفتى بوجوبه على كل امرأة مسلمة، حيث شبه «وجه المرأة بفرجها، قائلاً: إن غطاء الوجه لا يقل أهمية عن غطاء الفرج»! هذا فضلاً عن تحريم عمل المرأة، معتبراً إياها وكأنها عبدة للرجل منتقداً تعاملها وإطاعتها مع المدير، معتبراً أن ذلك سيجعل «علاقتها مع الزوج قاسية».

تحريم الاحتفال بشم النسيم

وعلى المستوى المجتمعى حرم الحوينى الاحتفال بأعياد شم النسيم، بل وأوقع الإثم على كل بائع يبيع البيض والأسماك المدخنة فى هذا اليوم، كما قام بتحريم الموسيقى والغناء، وتحريم مشاركة المسلمين لغيرهم فى أعيادهم أو تهنئتهم.

تحريم إيداع الأموال فى البنوك

لم ينس الحوينى أن يفتى فى المسائل الاقتصادية بأن حرم إيداع الأموال فى البنوك المصرية، وهو ما أثار البلبلة فى وقت حساس بالنسبة للاقتصاد المصرى الذى لا يزال يعانى من نتائج فوضى أحداث 25 يناير 2011، هذا فى حين لا يعلم أحد أين يودع

شيوخ السلفية أموالهم، وهى بالملايين ومعظمها بالعملة الحرة فى البنوك خارج البلاد، ناهيك عن مسئوليتهم عن سرقة مدخرات المصريين فى شركات توظيف الأموال المسماة بالإسلامية، إبان عقدى الثمانينيات والتسعينيات، والتى كانت أكبر عملية نصب فى تاريخ الاقتصاد القومى، واكتشف الناس حقيقة اللعبة القذرة التى مارسها شيوخ السلفية آنذاك لتبرير مشروعية السرقة.

شروط الحوينى لبيعة الخلافة

وقد ساعدت فتاوى الحوينى حول أهم شروط البيعة لخليفة المسلمين على انتشار الفتنة، حيث استندت كوادر داعش على هذه الشروط فى تبرير تعيين زعيم هذا التنظيم الإرهابى - أبوبكر البغدادى - خليفة للمسلمين، وأن جميع الشروط التى وضعها الحوينى تنطبق عليه.

ولم يستطع الحوينى أن يخفى حقيقة هدفه الرئيسى فى الوصول إلى السلطة والسيطرة على الحكم، وذلك فى معظم خطبه وتصريحاته، وأن ذلك من حق العلماء ولكنهم اليوم فى زعمه «مقصوصى الأظافر وليس لديهم أية صلاحيات لمعاقبة الجهلة الخارجين عن حدود الدين والملة»، هكذا بكل بساطة منح الحوينى نفسه حق وصف غيره ممن يتحدثون فى الدين بأنهم «جهلاء» مما يدل على ما فى نفسه من عنصرية وفوقية وغرور، لا يمكن أن تكون جزءاً من روح وتكوين وثقافة أى عالم دين فاضل، وفى موضع آخر من أحاديث الحوينى بعنوان «مداخل الشيطان» تحدث بوضوح عن رغبته فى أن يتحكم ويحكم الشيوخ فى حياة البشر.. سواء كانوا أهل سياسة أو أهل اقتصاد، وذلك بصفة مستشارين، وأن من حقهم الحصول على مرتبات عالية نظير ما يقدمونه من فتاوى، واعتبر مخالفة ذلك «من أبرز الأدلة على أننا لا نوحد الله عز وجل توحيد الحاكمية الذى هو من أسس توحيد الألوهية»، وهكذا وبمنتهى البساطة حول الحوينى الدعوة إلى وظيفة، بل والأخطر من ذلك أنه اعتبر عدم وجود الشيخ المستشار المتخصص «يتقاضى أجراً مقابل فتواه» دليلًا على عدم التوحيد والإسلام الصحيح.

تناقض تصريحات

وتبرز التناقضات والأكاذيب فى فتوى وأحاديث الحوينى فى مقارنة أحاديثه قبل أحداث 25 يناير، بأحاديثه بعد ذلك، ليس هو فقط بل وغيره أيضاً من شيوخ السلفية الذين أوهموا أتباعهم أنهم أهل قداسة ولحومهم مسمومة لا يجوز انتقادهم، بينما الحقيقة تثبت أن جلودهم وآراءهم تتلون وفقاً للمواقف والمصالح، فعلى سبيل المثال كان الحوينى من أشهر شيوخ التيار السلفى الذين ساروا بجوار الحائط فى مرحلة ما قبل 25 يناير 2011، بل ودعوا إلى عدم معارضة الحاكم، وكان ذلك فى إطار صفقة عقدوها مع نظام الحكم آنذاك، بحيث يكون للسلفيين حرية الدعوة فى المساجد والزوايا والمعاهد، فى مقابل عدم التعرض لنظام الرئيس الأسبق مبارك، وحيث تبرز الكثير من التسجيلات لأحاديث الحوينى آنذاك دعوته النظام الحاكم باعتبار طاعة ولى الأمر من أسس الإسلام، مستنداً فى ذلك لأحاديث ابن باز فى السعودية.

إلا أن الحوينى وزملاءه من علماء السلفية سرعان ما غيروا توجهاتهم السياسية بعد أن شعروا أن حركة 25 يناير ترجح لصالح المتظاهرين، فخرج يسابق الزمن ليشارك ويدعو للمشاركة فى المظاهرات التى كان يجرمها، وكان واحداً من أوائل المشايخ الذين دعوا الشباب للمشاركة فى المليونيات التى كانت تعقد بميدان التحرير كل يوم جمعة لنصرة الشريعة، بعد أن ظل سنوات يعلمهم ويفتيهم بأن التظاهر والخروج على ولى الأمر والحكام حرام ومن مسببات الفوضى.. ثم عاد الحوينى فى يوليو 2013 وحرض الشباب على التظاهر والدعوة إلى إعادة مرسى لكرسى الحكم، واعتبر ذلك أول وأهم الخطوات للنهوض بالبلد من كبوته، مع استمرار تحريضه للشباب على المشاركة فى المظاهرات حتى تحقق هذه الأهداف، وأن يكون لعلماء السلفية مكانة ومرجعية تقود أهل السياسة، ثم أمعن فى مشاركته السياسية بدعم حازم صلاح أبوإسماعيل فى الانتخابات الرئاسية، ثم التحول إلى دعم مرسى بعد خروج إسماعيل من المشهد، محرضاً الشباب على انتخاب مرشح الإخوان.

كما ناقض الحوينى نفسه عندما شرع وسمح للفتيات أن يشاركن فى اعتصام رابعة والنهضة، واصفاً إياهم بالإخلاص والشرف والعفة رغم أن الاعتصام كان قائماً على الاختلاط، ولم يعترض الحوينى على ذلك، كما شجع الحوينى على محاصرة السلفيين لكل من المحكمة الدستورية العليا والمدينة الإعلامية، بل عارض الفريق أول عبدالفتاح السيسى عندما كان وزيراً للدفاع ودعا المصريين للنزول للميادين لمنحه تفويضاً لمحاربة الإرهاب، وأصدر الحوينى بياناً قال فيه إن هذه المظاهرات ستؤدى إلى حرب أهلية وسفك الدماء المحرمة.

وفى خضم أحداث عام 2013 وما بعدها لم نسمع من الحوينى صوتاً ولا فتوى ولا رسالة تنهى السلفيين والإخوان عن التظاهر وإشاعة الفوضى والتخريب فى البلاد، أو إدانة واحدة لممارسة العنف التى كان يمارسها السلفيون والإخوان بأوامر زعمائهم، خاصة ضد رجال الجيش والشرطة.

ولم تقتصر تناقضات الحوينى وتلونه على الوضع السياسى فقط، بل تمس منهجه فى الدعوة، حيث كان يستند فى أحاديثه وخطبه وكتاباته على أغرب الأحاديث الموضوعة والمكذوبة والملفقة والمفتراة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتى لا تستند على منهج التقصى والبحث والتدقيق، والدليل على ذلك يظهر فى عدد من الروايات الغريبة المكذوبة والمنقوصة وغير المسندة، والتى لا يزال الحوينى يرويها على أنها حقائق مطلقة، ولكن كما عادة شيوخ السلفية والإخوان فإنه لا مشكلة فى التلاعب بالروايات والحقائق طالما ستخدم فكرتك وتجعل للخطبة طعماً ساخناً ومذاقاً جذاباً لعقول الشباب المتحمس لنصرة الإسلام، والناظرين للحوينى وأمثاله باعتبارهم حماة الدين من المؤامرات الداخلية والخارجية.

تحريم النقد

لم يترك الحوينى أى فرصة إلا واستغلها فى تفخيم شيوخ السلفية وإنزالهم مكانة التقديس، حيث يرى أن انتقاد أى شيخ بأنه نهاية الكون، وأكثر علمائهم ترديداً لمقولة لحوم العلماء مسمومة، كلما انتقد أى كاتب أو مذيع شيخ سلفى، حيث كان الحوينى ولا يزال يشهر لسانه فى اتهام صاحب النقد بالجهل وبعداوة الإسلام، إلا أن الحوينى نفسه كان من أكثر الناس مهاجمة لمن عارضه من العلماء، سواء من الإخوان - مثل القرضاوى - أو من السلفيين أنفسهم، حيث وصلت انتقاداته للقرضاوى إلى حد السباب، عندما وصفه الحوينى «محدش ياخد من يوسف القرضاوى علم ولا فتوى، علشان ده «يقصد القرضاوى» مش بتاع علم ده انتهازى».

والحوينى نفسه لم يسلم من ألسنة الشيوخ، حيث وصفه الشيخ أحمد بن يحيى النجمى بأنه «تكفيرى»، وعندما سئل عنه الشيخ بن هادى المدخلى، قال: «الحوينى لا يزداد إلا بعداً عن المنهج السلفى وكلاهما من القطبيين» - يقصد أتباع سيد قطب، أما الشيخ عبدالمالك بن أحمد رمضانى، فقال: «أخشى على مصر من الحوينى، كما كنت أخشى على بلدنا الجزائر من «على بلحاج» فهو يتبع نفس المنهج فى الإثارة ودغدغة العواطف وكثرة التهييج السياسى»، وحتى الإرهابيين الإخوان الهاربين خارج مصر لم يتركوا الحوينى فى حاله، ولكنهم اتهموه بالجبن والخنوع والخضوع بسبب الاختفاء فى السنوات الأخيرة، وأنه حينما شعر بأن التيارات الإسلامية أصبحت موضع ضعف قرر الانسحاب خوفاً على نفسه وقرر أن يصمت بدلاً من أن يواجه.

خلاصة القول

وكما انهارت أعظم الحضارات فى التاريخ تحت ضربات القبائل البربرية، كذلك ستنهار مجتمعاتنا العربية إذا تركناها تحت رحمة رجال الدين ومشايخ الفضائيات من أمثال الحوينى وحسان ويعقوب وبرهامى.. ومن يسير فى فلكهم من جماعات الإسلام السياسى ذات التوجهات المتطرفة.. والدليل على ذلك غرائب فتاوى الحوينى حيث يحرم الموسيقى والغناء وحتى المؤثرات الصوتية، واقرأوا أيضاً عن فرح الحوينى بإبادة مسلمى البوسنة الذى يكشف ضحالة فقه وعقل أبوإسحاق الحوينى.. وهو يحرم الاحتفال بعيد شم النسيم وشراء البيض والأسماك المدخنة، ويزعم أن هذا إجماع العلماء.. ولن أتحدث عن فتاواه المثيرة للاشمئزاز مثل إرضاع الكبير وغيرها، فهى أمثلة لكوارث هذا الرجل الذى لا تنتهى، فالحوينى متخصص فى اختيار المواضيع المثيرة للجدل.. فقد اعتبر الحوينى أن إثارة موضوع إرضاع الكبير فرصة ذهبية لكى ينتشر اسم أبواسحق الحوينى فى جميع وسائل الإعلام من تليفزيون وفضائيات وجرائد ومجلات، وهو يكون سعيدًا جداً بمن يهاجمه، كما يكون سعيدًا بمن يمدحه.. فهو فى كل الأحوال سينال شهرة وحديثًا وانتشارًا، وهو المطلوب إثباته، وانظروا أيضاً فتواه عن الجهاد التى سبق أن أشرنا إليها، وارتباط الجهاد فى نظره بسبى النساء الأسرى.

ويبقى السؤال موجهاً ليس فقط لعلماء الدين بضرورة تصديهم لهذه الموجة من الفتاوى المتطرفة والمنفرة، ولكن مسئولية كل المسلمين.. خاصتهم وعامتهم الذين عليهم كشف حقيقة الحوينى وأمثاله وإثبات بطلانها وتعارضها مع صحيح الدين، ممن يهدمون الدين بجهلهم عامدين متعمدين باسم السلفية، وهم عن عمد أو جهل يشوهون الإسلام ويحاربونه فى مقتل.