رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حزينة من طارق شوقي إلى الشعب

طارق شوقي- وزير التعليم
طارق شوقي- وزير التعليم

تحول خطاب الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، من تشبثه بالأمل وامتلائه بالعزيمة والإصرار على تغيير الواقع إلى نبرة حزن يشوبها الإحباط، لما لاقاه خلال الفترة الأخيرة من هجومٍ شرسٍ وشائعات كثيرة.

أرسل وزير التعليم في الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين رسالة "حزينة" إلى الشعب المصري ليشاركهم آلامه مما وصل إليه الواقع الذي أضاع هيبة العلم وترك العبثية تسيطر على لغة الحوار.

روى شوقي لمحات عن طفولته المثقفة المليئة بالكتب الزاخرة والأدب الرصين الذي أثر في شخصيته، وتحدث عن جده الذي علّمه الاعتزاز بقيمة العلم، والفخر بالثقافة والقراءة، ثم سرد لمحات عن الواقع الذي يعيشه مع مهاجميه الذين يغلب عليهم نبرة الصوت العالي وعدم الاحتكام إلى المنطق.

واختتم شوقي حديثه داعيا المجتمع إلى الاتحاد معه لإنقاذ الأطفال الصغار مما أصاب الكبار، قائلا: "قد يبدو هذا الحديث حزيناً أو محبطاً ولكن رأيت أن اشارككم صورة من الماضي وأخرى من حاضرنا الذي نعيشه ونكابده معاً، على الأقل كما أراه، لعلنا نتفكر فيما أصابنا ونحاول معاً أن ننقذ أطفالنا الصغار مما أصابنا نحن الكبار"، لينهي حديثه بجملة "للحديث بقية إن كان في العمر بقية".

وعن لمحات طفولته، ذكر شوقي أنه تربى منذ الصغر على قراءة المقالات الرصينة لقاماتٍ كبيرة في الصحف القومية والمجلات وتعرف على أسلوب الفيلسوف الكبير توفيق الحكيم على صفحات الأهرام وتابع بشغف أسلوب الكاتب الموهوب الكبير أنيس منصور وعرف السياسة من خلال "بصراحة" للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل كل يوم جمعة.

وأضاف شوقي أن جده -رحمة الله عليه- علمّه قراءة "نوابغ الفكر العربي" وسلسلة "اقرأ" وهو لم يتجاوز السابعة من عمره، وكان يكافئه بقراءة كتب "كامل الكيلاني" قبل نوم القيلولة كل يوم جمعة، وكان يقرأ في مكتبات جده مجلدات عميد الأدب العربي طه حسين ثم العقاد وغيرهم، قبل سن الثامنة حين فارق جده الحياة في منتصف الستينات.

وأشار شوقي إلى أن جده لم يحدثه يومًا عن "الدرجات" أو "الامتحانات" في حياته وإنما كان يفخر بحفيده أمام الناس الذي قرأ لهؤلاء العظماء في هذا السن الصغير بفضل تشجيعه له وتعليمه أن "قيمة المرء فيما يعلم".

وتابع شوقي أن والده -رحمه الله- أكمل هذا الطريق إذ كان يجل العلم والعلماء وكان يمضي وقته كله في طلب العلم والبحث والتعلم.

وأوضح شوقي أنه لا يتحدث عن سنوات قضيها في بيوت العلم وجامعات كبرى في الغرب وإنما عن طفولة أفرزت هوية مصرية فخورة بانتمائها العربي ولغة عربية رصينة تعلمها في المدارس الحكومية واستكملها في

مدارس مدينة حلب الجميلة في سوريا الشقيقة.

وانتقل شوقي إلى الواقع الذي اصطدم به بعد أن أفاق من ذكريات طفولته، قائلًا: "أفقت من هذه الذكريات لأواجه الواقع الحالي بعد نصف قرن وحزنت لما أصاب العلم والمعرفة والعلماء، أحاول جاهدا أن أفهم ماذا حدث خلال الخمسين سنةٍ الماضية للتعليم والمجتمع والوعي الجمعي".

واستنكر ضياع لغة الحوار واستبدالها بالصراخ والسب ليل نهار على مواقع التواصل الاجتماعي، وأبدى شوقي تعجبه من تهاوى اللغة الأم في الحوار واستبدالها بلغة دارجة ركيكة ومصطلحات لا يعلم من أين جاءت وكيف تروق لنا بديلاً عن جمال ورصانة لغتنا الأم.

واندهش شوقي من حالة الازدواجية التي تسود المجتمع، متسائلًا: "كيف نتشدق بحرية الرأي ثم ننهال سباباً وتجريحاً في أي صاحب رأي لا نتفق معه وكأن الرأي الأخر عداوة مطلقة تستدعي نواقيس وطبول الحرب؟!".

ورأى شوقي أنه إذا ضاعت قيمة العلم والمعرفة والحجة والمنطق تحول الكلام إلى حالة عبثية من الضجيج كالتي نعيشها اليوم، مشيرا إلى أنه لم يعد العلم شرطاً للحديث والجدال ولم يعد للمرجعية دوراً في التحقق من أي معلومة ولم يعد للغة وزناً فأصبح الكلام مرسلاً بلا معنى وبلا عمق.

وأوضح شوقي أنه في هذا العالم الجديد تغيرت الأدوات وأصبح الصوت العالي أقوى من العلم والمعرفة وانتصر الابتزاز الفكري على المنطق والحجة، مضيفًا أنه في هذا العالم الجديد نجد تربةً خصبةً للشائعات والتشهير وهدم الأمم.

وأرجع شوقي سبب انتشار الشائعات والأكاذيب والتحريف والتزييف إلى عدم الاهتمام بمرجعية الكلام وعدم محاسبة مروجي الأكاذيب، قائلًا: "وكأننا نجد سعادةً خاصة في تناول سيرة الناس وتحقيق مكاسب خاصة بأقل جهد بإثارة بلبلة دائمة تستنزف الوقت والجهد وتقتل العزائم والهمم".