عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«علي أمين»: فارس الكلمة الذي أشهر قلمه في وجه الطغاة

بوابة الوفد الإلكترونية

«من يحبني لا يبكي.. فكل ابتسامة فوق شفاهه هي قبلة على جبيني».. كان آخر ما خطه قلمه، ذلك القلم الذي لم ينطق إلا بالحق.. يطلق رصاصه في وجه الأنظمة، يدافع عن الحرية بسلاح الكلمة، حتى باتت مقالاته بمثابة كابوس يؤرق الباطل، فقد عاش فليسوفًا ليطوف بفلسفته بلاط صاحبة الجلالة، ومات شاهرًا قلمه الذي لم ينكسر يومًا.


40 عامًا، مرت على رحيل الكاتب الصحفي، علي أمين، مجدد الصحافة المصرية، ومؤسس جريدة أخبار اليوم، الذي عاش ليكتب، ومات ليترك ما كتب يتحدث عنه، من خلال مقالاته بعموده الشهير «فكرة».


عُرف عنه التفاؤل منذ ولادته عام 1914، الذي بات ينشره في بيت زعيم الأمة سعد زغلول، حيث عاش طفولته مع أخيه مصطفى أمين، في بيت خال والدتهم، وانطلق منه ليستمر كفاحه من أجل الكلمة متواصلًا.


كما اشتهر بتمرده منذ الصغر، فلم يأبه أمين وهو صغير في الـ14 من عمره، ولازال طالبًا في مدرسة الخديوية، ظلم وطغيان حكمدار محافظة الغربية، الذي قام بصفعه، بعدما حاول الاعتداء على الزعيم مصطفى النحاس، ليسجل بهذه الواقعة أولى مواقفه الرافضة للظلم والقهر.


وتم فصله من المدرسة لمدة عامين، وبمجرد التحاقه من جديد بالمدرسة الخديوية شـارك في إضرابات احتجاجات طالبت تعطيل العمل بدستور ١٩٢٣.


بدأ حياته الصحفية، في سن صغيرة، بعدما أصدر مع شقيقه مجلة اسمها «الحقوق»، كتبوها بأقلامهم الرصاص، ولم تضمن سوى أخبار منزل بيت الأمة فقط، واقتصرت على الأحاديث الدائرة بينهم، والزوار، والطعام الذي يُقدم كل يوم.

 

وتطور الأمر معهم، عام 1924 بإصدار مجلة «سنة ثالثة ثالث»، اقتصرت على أخبار الفصل الدراسي والطلاب المحيطون بهم، ثم إصدرا مجلة «عمارة البالي»، تحدثوا فيها عن ما يدور في الحي الذي يقيمان فيه.


ثم التحق أمين بالجامعة الأمريكية، وحصل على البكالوريوس، وسافر إلى لندن، رغبة من أسرته في دراسة مجال الهندسة بجامعة «شيفلد»، ولكنه سعى لتحقيق حلمه هو، حيث تفرغ مع مصطفى أمين لإصدار جريدة أخبار اليوم.


ويحكي عنها الصحفي الراحل قائلًا: «كتبت إلى أخي من لندن اقترح إصدار جريدة أسبوعية، تجمع بين المجلة الأسبوعية والصحيفة اليومية، وبعثت له بتبويبها ووضعت في أولـى صفحاتها اسمي بالخط العريض بصفتي المدير العام، ووضعت اسم أخي مصطفى بالبنط الصغير ومنحته لقب رئيس التحرير».


وبالفعل حصل الأخوين على التراخيص عام ١٩٤٤، وبدأ الإعلان عن صدورها، وحقق العدد الأول منها رقمًا غير مسبوق في ذلك الوقت، توزيع الصحف، وهو ١١٠ آلاف نسخة، رغم كونها جريدة إسبوعية في البداية.


وبعدها بعام واحد، توسع عملهم الصحفي، بشراء مجلة آخر ساعة من الصحفي محمد التابعي، وإصدرا مجلة «آخر لحظة، والجيل الجديد»، ثم تولى على أمين رئاسة تحرير صحف دار الهلال.


وفي عام ١٩٥٦ كلفه الرئيس الـراحـل جـمـال عـبـد الـنـاصـر، بالسفر إلـى لـنـدن لإقـنـاع حـزب العمال باستنكار ورفض العدوان

الثلاثي، وعاد إلى القاهرة برسالة من «جيتسكل» زعيم العمال، مثلت تحولًا كاملًا في موقف الحزب، ووقتها وجه إليه عبدالناصر رسالة شكر قال فيها: «أنت تستحق أكبر نياشين الدولة على هذا العمل الوطني».


لكن ريـاح السياسة تأتي بما لا يشتهيه الكثيرون، فبعدها بسنوات انقلبت الأمور إلى النقيض، ليقضي 9 أعوام في منفى اختياري؛ وينجو من السجن الذي استضاف شقيقه، بعدما تم تلفيق تهم لهما بإعطاء معلومات إلى مندوبين من الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن عاد بأمر من الرئيس الراحل محمد أنور السادات.


ودخل أمين، بوابة الصحافة العالمية، مـن أوسـع أبوابها في «فلليت ستريت» أو شارع الصحافة بلندن، وتعددت لقاءاته مع الكاتب الانجليزي الشهير «هانن سوافرل»، التلميذ الأبرز للورد «نورث كليف»، صاحب مدرسة الصحافة الإنجليزية الحديثة، ليتبادل معه الخبرات والآراء الصحفية.


وبالرغم من عشقهما للصحافة، إلا أن حياتهما لم تقتصر عليها، فقد كان لهم العديد من النشاطات الخيرية والاجتماعية، فنفذ الشقيقان مشروعًا خيريًا أطلقا عليه اسم ليلة القدر.


بدأ المشروع في 15 فبراير 1954 بمقال نشره أمين، في أخبار اليوم قال فيه: «في قلب كل إنسان أمنية صغيرة تطارده في حياته، وهو يهرب منها إما لسخافتها أو لارتفاع تكاليفها، فما هي أمنيتك المكبوتة؟، أكتب لي ما هي أمنيتك وسأحاول أن أحققها لك، سأحاول أن أدلك على أقصر الطرق لتحقيقها، بشرط ألا تطلب مني تذكرة ذهاب وإياب إلى القمر».

في ذكري وفاته...


وحقق هذا المشروع الكثير من النجاح، حيث انهالت على الجريدة العديد من الخطابات، وتم تلبية طلبات العديد من أصحاب الاحتياجات، وتوسع هذا المشروع بعد ذلك وتفرعت أنشطته، كما كانا لهما الفضل في ابتكار فكرة عيد الأم وعيد الأب وعيد الحب.


«ساعة ظلم واحدة طولها ألف سنة».. كان فكره الذي عاش به عمره بأكلمه، حتى وافته المنية في 1976، مخلدًا تلك الكلمات المأثورة التي لا تُنسى.