بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

مصر بدون أراض زراعية‮ .. ‬بعد‮ ‬60‮ ‬عاما‮!‬



06 ‬عاما وتتآكل الأرض الزراعية في‮ ‬مصر،‮ ‬20‮ ‬عاما وتتسبب التغيرات المناخية في‮ ‬ضياع‮ ‬30٪‮ ‬من مساحة الدلتا حسب دراسات علمية تؤكد أن مصر في‮ ‬خطر. ‮ ‬وأن اراضيها الزراعية الخصبة مهددة بالضياع،‮ ‬إما لاسباب طبيعية مثل التغيرات المناخية،‮ ‬أو بسبب سياسات حكومات الحزب الوطني‮ ‬التي‮ ‬سمحت بالتعديات عليها وتبويرها لإقامة مساكن عليها،‮ ‬سواء في‮ ‬مواسم الانتخابات لشراء أصوات الناخبين أو بسبب سوء التخطيط أو ضعف القوانين ومن هنا أصبح الحديث عن المشروعات القومية الكبري‮ ‬لتوفير أراضي‮ ‬زراعية بديلة عن الوادي‮ ‬والدلتا أمرا حتميا لابد من دراسته خاصة أن هناك عدة مشروعات بديلة في‮ ‬مقدمتها ممر التنمية الذي‮ ‬اقترحه الدكتور فاروق الباز،‮ ‬فضلا عن مشروعات استصلاح الأراضي‮ ‬الصحراوية التي‮ ‬وضعت‮ ‬لها الدولة خطة للتنفيذ حتي‮ ‬عام‮ ‬2017،‮ ‬وحتي‮ ‬الآن لم‮ ‬ينفذ منها سوي‮ ‬النذر اليسير،‮ ‬وهو ما‮ ‬ينذر بأن مصر مهددة بالمجاعة،‮ ‬إذا لم تتحرك الدولة بشكل جدي‮ ‬قبل أن تختضي‮ ‬الاراضي‮ ‬الزراعية‮. ‬منذ أسابيع كشفت‮ »‬الوفد‮« ‬في‮ ‬عددها الأسبوعي‮ ‬عن وجود آلاف التعديات علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية في‮ ‬كل محافظات مصر،‮ ‬حيث‮ ‬يستغل المواطنون مواسم الانتخابات دائماً،‮ ‬ليقوموا ببناء مبان سكنية علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية التي‮ ‬تعد أخصب أراضي‮ ‬العالم كله،‮ ‬والتي‮ ‬لا‮ ‬يمكن تعويضها أبداً‮. ‬ورغم أن دراسة كانت قد نشرت من قبل أعدتها باحثة بهيئة الاستشعار عن بعد،‮ ‬كشفت عن أنه إذا استمرت التعديات علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية بنفس معدلها الحالي،‮ ‬فإن الأرض الزراعية ستختفي‮ ‬خلال‮ ‬60‮ ‬عاما‮. ‬وكشف الدكتور عباس زغلول رئيس شعبة التطبيقات الهندسية والمياه بالهيئة والمشرف علي‮ ‬الدراسة عن أن مرئيات الأقمار الصناعية أثبتت وجود تغيرات في‮ ‬مساحة الأراضي‮ ‬الزراعية ببعض محافظات الجمهورية،‮ ‬وهو ماجعل منطقة شرق الدلتا تفقد حوالي‮ ‬34٪‮ ‬من مساحة أراضيها الزراعية خلال الأعوام الماضية‮. ‬

وأضاف أنه من المتوقع أن تخسر مصر حوالي‮ ‬17٪‮ ‬من مساحة الدلتا نتيجة الزحف العمراني‮ ‬العشوائي‮ ‬علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية‮. ‬وأكد ان صور الأقمار الصناعية توضح انتشار القري‮ ‬والمراكز والمدن بصورة سرطانية علي‮ ‬حساب الأراضي‮ ‬الزراعية‮. ‬

180‮ ‬ألف فدان سنوياً

من ناحية أخري‮ ‬كشفت إحصاءات وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي،‮ ‬عن ان التعديات علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية تلتهم حوالي‮ ‬180‮ ‬ألف فدان من مساحة الأراضي‮ ‬الزراعية في‮ ‬مصر سنوياً‮. ‬

والأمر لا‮ ‬يقتصر علي‮ ‬التعديات فقط،‮ ‬ولكن الطبيعة أيضا لها دور في‮ ‬التهام‮ ‬الأرض الزراعية،‮ ‬حيث كشفت الدراسات عن أن التغيرات المناخية،‮ ‬ستتسبب في‮ ‬ضياع‮ ‬30٪‮ ‬من مساحة الدلتا خلال‮ ‬20‮ ‬عاما،‮ ‬وإذا كان‮ ‬يمكن لنا منع التعديات من خلال تفعيل القوانين،‮ ‬وأن‮ ‬يعلم مسئولو الحزب الوطني‮ ‬أن مصر في‮ ‬خطر،‮ ‬ويفكروا ولو لمرة واحدة في‮ ‬مستقبل هذا البلد،‮ ‬ويحولوا دون القيام بمزيد من التعديات علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية،‮ ‬فكيف نواجه‮ ‬غضب الطبيعة وتغيرات التعيرات المناخية؟

أين مشروعات التنمية؟

إذن الأمر‮ ‬يحتاج إلي‮ ‬بحث عن حلول أخري،‮ ‬واللجوء لمشروعات التنمية‮ ‬،‮ ‬خاصة أنه حتي‮ ‬لو استمرت مساحة الأراضي‮ ‬الزراعية علي‮ ‬ما هي‮ ‬عليه الآن،‮ ‬ومع تزايد عدد السكان فستظل الفجوة الغذائية علي‮ ‬ماهي‮ ‬عليه‮ ‬،‮ ‬وقد تتزايد‮. ‬جدير بالذكر أنه وف لإستراتيجية التوسع الأفقي‮ ‬في‮ ‬استصلاح الأراضي‮ ‬حتي‮ ‬عام‮ ‬2017‮ ‬والتي‮ ‬أعدتها وزارة الزراعة،‮ ‬ومن المفترض أن‮ ‬يتم استصلاح‮ ‬185‭.‬3‮ ‬ألف فدان في‮ ‬سيناء في‮ ‬مناطق سهل الطينة والعريش وشرق البحيرات المرة‮ ‬،‮ ‬وشرق قناة السويس وسهل القاع،‮ ‬بالاضافة إلي‮ ‬677‭.‬7‮ ‬ألف فدان في‮ ‬شرق الدلتا جنوب بورسعيد،‮ ‬وشمال الحسينية وجنوبها،‮ ‬وشرق بحر البقر والخطاطبة والصالحية فارسكور والعاشر من رمضان وطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي،‮ ‬واستصلاح‮ ‬7‭.‬4‮ ‬ألف فدان في‮ ‬وسط الدلتا،‮ ‬في‮ ‬بلطيم والخاشعة وتجفيف بحيرة البرلس‮. ‬كان المفترض استصلاح‮ ‬570‭.‬9‮ ‬ألف فدان في‮ ‬غرب الدلتا بمناطق تجفيف مريوط،‮ ‬وشرق الطريق الصحراوي‮ ‬وامتداد ترعة النصر،‮ ‬ومدينة السادات والبستان وامتداد البستان والحمام وزاوية عبدالعاطي‮ ‬ورأس الحكمة والضبعة ووادي‮ ‬شكري‮. ‬أما في‮ ‬مصر الوسطي‮ ‬فسيتم استصلاح‮ ‬815‭.‬9‮ ‬ألف فدان في‮ ‬مناطق امتداد الصف شمال الصف وجنوب الصف وأبوصير،‮ ‬ووادي‮ ‬الريان وشرق أسيوط،‮ ‬ووادي‮ ‬أسيوط الأعلي‮ ‬والأدني‮ ‬وغرب منفلوط وغرب القوصية وغرب ديروط‮. ‬وفي‮ ‬مصر العليا فسيتم استصلاح‮ ‬743‭.‬85‮ ‬ألف فدان في‮ ‬مناطق الغنائم،‮ ‬ووادي‮ ‬أبو تيج‮ ‬،‮ ‬غرب طهطا،‮ ‬وغرب جرجا ووادي‮ ‬اللقيطة،‮ ‬وغرب قنا،‮ ‬وقفط وكوم أمبو،‮ ‬وفي‮ ‬الوادي‮ ‬الجديد والصحراء الغربية سيتم استصلاح‮ ‬2‮ ‬مليون و749‮ ‬ألف فدان تقريباً،‮ ‬في‮ ‬سيوة والفرافرة والواحات البحرية والداخلة بالاضافة إلي‮ ‬مناطق حلايب وشلاتين‮ . ‬

ورغم هذه الخطة الطموحة التي‮ ‬تهدف لاستصلاح حوالي‮ ‬5‮ ‬ملايين و744‮ ‬ألف فدان والتي‮ ‬تضمنت توفير مصادر المياه لهذه الأراضي،‮ ‬إلا أنها لم تنفذ حتي‮ ‬الآن‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬حين أن التعديات علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية مازالت مستمرة‮.‬

ممر التنمية

من ناحية أخري‮ ‬يعتبر مشروع ممر التنمية والتعمير الذي‮ ‬اقترحه العالم المصري‮ ‬الدكتور فاروق الباز،‮ ‬واحداً‮ ‬من المشروعات العملاقة والمتكاملة‮ ‬،‮ ‬ويهدف المشروع إلي‮ ‬إنشاء طريق في‮ ‬الصحراء الغربية،‮ ‬يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالاً‮ ‬حتي‮ ‬بحيرة ناصر جنوباً‮ ‬بطول‮ ‬1200‮ ‬كيلو متر‮ ‬،‮ ‬علي‮ ‬مساحة تتراوح بين‮ ‬10‮ ‬إلي‮ ‬80‮ ‬كيلو متراً‮ ‬غرب وادي‮ ‬النيل،‮ ‬مما‮ ‬يفتح آفاقاً‮ ‬جديدة للامتداد العمراني‮ ‬والزراعي،‮ ‬والصناعي‮ ‬والتجاري‮ ‬لمسافة تصل لحوالي‮ ‬2000‮ ‬كيلو قد كما سيتم إنشاء‮ ‬12‮ ‬طريقا عرضياً‮ ‬يربط كل منها الطريق الرئيسي‮ ‬بموقع من مواقع التكدس السكاني‮ ‬في‮ ‬الوادي‮ ‬والدلتا،‮ ‬بهدف اضافة توسع جغرافي‮ ‬للمحافظات التي‮ ‬تعاني‮ ‬من اختناق‮ .‬

كما‮ ‬يتضمن المشروع إنشاء خط سكة‮ ‬حديد مواز للطريق لسريع لنقل الناس والبضائع والمنتجات،‮ ‬من جنوب مصر إلي‮ ‬شمالاً،‮ ‬وتضمنت خطة المشروع أن‮ ‬يتم نقل المياه من قناة توشكي‮ ‬أو بحيرة ناصر مباشرة إلي‮ ‬أراضي‮ ‬المشروع،‮ ‬من خلال أنبوب قطره متر ونصف المتر،‮ ‬لمنع تسرب المياه في‮ ‬الصخور ولمنع بخرها،‮ ‬وتصل تكلفة المشروع لحوالي‮ ‬24‮ ‬مليار دولار،‮ ‬وسيسمح هذا المشروع بزراعة ما‮ ‬يقرب من‮ ‬1‭.‬7‮ ‬مليون فدان،‮ ‬كما أنه سيفتح آفاقاً‮ ‬أكبر للسياحة والتنمية العمرانية،‮ ‬والصناعية،‮ ‬بالاضافة إلي‮ ‬توفير حوالي‮ ‬500‮ ‬ألف فرصة عمل للشباب ويضع حداً‮ ‬للتعديات علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية داخل وادي‮ ‬النيل،‮ ‬بخلاف أهدافه الأخري‮ ‬مثل التنمية السياحية والتقليل من‮ ‬الزحام داخل الوادي‮ ‬والدلتا‮.‬

الحفاظ علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية

لكن‮ .. ‬هل‮ ‬يمكن لمشروعات التنمية العملاقة أن تتم وما هي‮ ‬المعوقات التي‮ ‬تحول دون ذلك؟

الدكتور محمد عصام الدين ـ أستاذ الأراضي‮ ‬والمياه بكلية الزراعة بجامعة القاهرة ـ أجاب أنه مهما كانت البدائل المتاحة فيجب الحفاظ علي‮ ‬الأرض الزراعية الخصبة،‮ ‬الموجودة حاليا بشتي‮ ‬الطرق،‮ ‬حيث إن هذه الأرض لا‮ ‬يمكن تعويضها بالاضافة إلي‮ ‬ان الأراضي‮ ‬الصحراوية تأخذ فترة طويلة حتي‮ ‬تؤتي‮ ‬إنتاجية مناسبة،‮ ‬لذلك فلابد من منع كافة أشكال التعديات علي‮ ‬الاراضي‮ ‬الزراعية،‮ ‬وتوفير ظهير صحراوي‮ ‬لكل محافظة،‮ ‬علي‮ ‬أن تكون أسعار الاراضي‮ ‬فيها مناسبة وفي‮ ‬متناول المواطنين،‮ ‬كذلك لابد من وضع حد لتغاضي‮ ‬المحليات عما‮ ‬يحدث من تعديات علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية،‮ ‬لأنها ثروة لا‮ ‬يمكن تعويضها،‮ ‬كذلك فلابد من وجود تخطيط عمراني‮ ‬للقري‮ ‬بما‮ ‬يقضي‮ ‬علي‮ ‬التعديات علي‮

‬الأراضي‮ ‬الزراعية نهائياً‮.‬

وأضاف أن المشروعات الجديدة تواجهها مشكلة نقص الموارد المائية لذلك فخطة وزارتي‮ ‬الزراعة والري‮ ‬لاستصلاح الأراضي‮ ‬مصممة طبقاً‮ ‬للموارد المائية‮ ‬،‮ ‬ومع ذلك فهناك مشكلات في‮ ‬تنفيذها‮. ‬وبالنسبة لفكرة الدكتور فاروق الباز،‮ ‬فهي‮ ‬ليست فكرة زراعية فقط،‮ ‬ولكنها تعتمد علي‮ ‬إنشاء طريق مواز للنيل من الشمال للجنوب،‮ ‬يصحبه اقامة مشروعات سكنية وزراعية وصناعية لنقل السكان من الوادي‮ ‬المزدحم لهذه المناطق الجديدة وهذا المشروع لا‮ ‬يكفي‮ ‬لسد حاجات مصر المتزايدة من الغذاء لذلك‮ ‬يجب المحافظة بشتي‮ ‬الطرق والوسائل علي‮ ‬الأراضي‮ ‬القديمة ووقف كافة التعديات عليها،‮ ‬خاصة أنه من المعروف أن مخزون المياه الجوفية هو مخزون‮ ‬غير متجدد،‮ ‬والدراسات العلمية تشير إلي‮ ‬أن المياه الجوفية في‮ ‬الوادي‮ ‬الجديد،‮ ‬ستنتهي‮ ‬بحلول عام‮ ‬2050‮ ‬أو‮ ‬2080‮ ‬علي‮ ‬الأكثر،‮ ‬وبذلك لايمكن التوسع في‮ ‬استصلاح الاراضي‮ ‬هناك لأنها ستبور بعد فترة‮ . ‬وفكرة توفير المياه لزراعة أراضي‮ ‬توشكي،‮ ‬والتي‮ ‬تتطلب‮ ‬5‮ ‬مليارات متر مكعب من المياه،‮ ‬تم توفيرها من تقليل المساحات الزراعية بالأرز،‮ ‬مما أدي‮ ‬إلي‮ ‬هجر الناس في‮ ‬الوادي‮ ‬لأراضيهم بسبب عدم جدوي‮ ‬الزراعات الأخري،‮ ‬مثل الذرة وبذلك بارت الأرض الخصبة في‮ ‬حين أن توشكي‮ ‬لم تؤت ثمارها حتي‮ ‬الآن،‮ ‬وفكرة استخدام مياه الصرف الزراعي‮ ‬أو الصحي‮ ‬المعالج في‮ ‬الزراعة فكرة محفوفة المخاطر البيئية ونظرا لمواردنا المائية المحدودة التي‮ ‬تقدر بـ‮ ‬55‭.‬5‮ ‬مليار متر مكعب والنزاعات المتواصلة عليها بين مصر ودول حوض النيل فإن إمكانية التوسع في‮ ‬مشروعات استصلاح الأراضي‮ ‬صعبة جداً‮ ‬لذلك‮ ‬يجب المحافظة علي‮ ‬الأرض القديمة‮.‬

الأرض القديمة

جدير بالذكر أن مساحة الأراضي‮ ‬الزراعية في‮ ‬الوادي‮ ‬والدلتا والمعروفة بالأرض القديمة تقدر بـ‮ ‬5‮ ‬ملايين فدان من أخصب الأراضي‮ ‬الزراعية حيث تكونت بفعل الرواسب الطينية لنهر النيل والخبراء المختصون أكدوا أن هذه الأرض لا‮ ‬يمكن تعويضها‮.‬

وهنا أكد الدكتور خيري‮ ‬العشماوي‮ ‬أستاذ الاقتصاد الزراعي‮ ‬بالمركز القومي‮ ‬للبحوث أنه لابد من المحافظة علي‮ ‬هذه الأراضي‮ ‬عن طريق وضع تخطيط استراتيجي‮ ‬عمراني‮ ‬للقري‮ ‬الريفية لا‮ ‬يسمح بالتوسع الأفقي‮ ‬حسب الأرض الزراعية،‮ ‬وإنما‮ ‬يسمح بالتوسع الرأسي‮ ‬فقط،‮ ‬ولذلك فلابد من تفعيل القوانين وتطبيقها علي‮ ‬الجميع لانه لو استمرت التعديات علي‮ ‬هذا المنوال،‮ ‬فهذا‮ ‬يعني‮ ‬أننا الآن ننتج نصف حاجتنا فقط من القمح وبعد هذا لن نجد ما نأكله والجميع‮ ‬يعلم خطورة هذا الوضع علي‮ ‬مصر اقتصادياً‮ ‬وسياسياً‮ ‬أيضاً‮ ‬خاصة أنه مع تزايد مشكلة التغيرات المناخية واتجاه الدول لإنتاج الوقود الحيوي‮ ‬،‮ ‬فهذا‮ ‬يعني‮ ‬أننا سنواجه مشكلة في‮ ‬استيراد الغذاء لذلك فعلينا أن ننتج‮ ‬غذاءنا بأنفسنا لذلك‮ ‬يجب أن نسير في‮ ‬الاتجاهين معاً،‮ ‬وهما المحافظة علي‮ ‬الأراضي‮ ‬القديمة الخصبة،‮ ‬واستصلاح المزيد من الأراضي،‮ ‬مع الوضع في‮ ‬الاعتبار أن نوعية التركيب المحصولي‮ ‬والمناخي‮ ‬تختلف في‮ ‬الأراضي‮ ‬الصحراوية عن الوادي‮ ‬والدلتا،‮ ‬وبالتالي‮ ‬لابد من عمل دراسات جيدة لخواص التربة في‮ ‬المناطق الجديدة‮ ‬،‮ ‬لتوفير عوامل النجاح لمن‮ ‬يستزرعونها،‮ ‬ولا تتكرر مأساة شباب الخريجين التي‮ ‬حدثت من قبل‮. ‬وأضاف أنه‮ ‬يجب سن قانون‮ ‬يلزم كل من‮ ‬يتعدي‮ ‬علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية ويقوم بتبويرها بأن‮ ‬يدفع مقابل استصلاح مساحة كافية لتوفير نفس الانتاجية التي‮ ‬كانت تأتي‮ ‬بها مساحة الأرض القديمة،‮ ‬التي‮ ‬اعتدي‮ ‬عليها،‮ ‬وليست فقط مجرد مساحة مماثلة‮ ‬،‮ ‬لأن انتاجية الأرض الجديدة أقل بكثير من الاراضي‮ ‬القديمة ؛وبذلك سيفكر الفرد الف مرة‮ ‬قبل أن‮ ‬يقوم بتبوير الارض الزراعية اذا علم ان ما سيدفعه اكثر بكثير من الفائدة التي‮ ‬ستعود عليه من البناء علي‮ ‬الاراضي‮ ‬الزراعية‮ .‬

‮ ‬منع التعديات

الدكتور اسامة البهنساوي‮ ‬استاذ ورئيس قسم الاقتصاد الزراعي‮ ‬بكلية الزراعة جامعة الأزهر،‮ ‬قال إن الأراضي‮ ‬الزراعية ليست ملكاً‮ ‬لأصحابها فقط،‮ ‬ولكنها ملك لمصر كلها،‮ ‬وهي‮ ‬تعني‮ ‬مستقبلها وحاضرها،‮ ‬لذلك فلابد من العمل علي‮ ‬منع هذه التعديات ووقفها خاصة أن المشروعات الجديدة تواجهها عدة عقبات أهمها التمويل ونقص الموارد المائية،‮ ‬فمثلاً‮ ‬مشروع التنمية‮ ‬يحتاج لموارد مالية ضخمة لا تستطيع مصر توفيرها،‮ ‬كذلك فالموارد المائية المحدودة تحول دون استصلاح المزيد من الأراضي‮ ‬خاصة في‮ ‬ظل الخلافات مع دول حوض النيل علي‮ ‬حصة مصر،‮ ‬لذلك فمن الأفضل أن نحاول الحصول علي‮ ‬أكبر قدر من الانتاج في‮ ‬ظل مواردنا المائية المحدودة،‮ ‬وذلك من خلال تنفيذ البحوث العلمية المرتبطة بالإنتاجية،‮ ‬خاصة أن هذه البحوث تعمل علي‮ ‬إنتاج محاصيل بكميات مياه قليلة وذات إنتاجية وفيرة‮. ‬وأكد ان المشروعات الأخري‮ ‬يمكن تنفيذها علي‮ ‬المدي‮ ‬الطويل،‮ ‬إذا توافرت لها الموارد المالية والمائية،أما الآن فلابد من المحافظة علي‮ ‬الأراضي‮ ‬الموجودة حالياً،‮ ‬ومنع التعديات عليها،‮ ‬واتباع أساليب الزراعة والري‮ ‬الحديثة لتوفير الغذاء للمواطنين‮.‬

‮ ‬