بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

‮»‬تلبس معارضة«؟‮.. ‬وظائف برلمانية تفصيل؟‮!‬

وجد النظام نفسه أمام إشكالية معقدة حين اكتسح حزبه بالتزوير الفج كل فصائل المعارضة وأجلس مرشحيه علي‮ ‬مقاعد مجلس مطعون في‮ ‬دستوريته‮.. ‬مجلس بدون معارضة تراقب عمل الحكومة وتسائلها والحل أن‮ ‬يلبس البعض معارضة فيصبح‮ »‬زيتنا في‮ ‬دقيقنا‮« ‬لكي‮ ‬يستمر العرض و»تتسلي‮« ‬المعارضة بالفرجة‮.‬

بداية أرجو أن أصحح معلومة أوردها الدكتور‮ ‬يحيي‮ ‬الرخاوي‮ ‬الأسبوع قبل الماضي‮ ‬حين تحدث عن فرقة البلدية التي‮ ‬أحيت حفل زفافه أيام الزمن الجميل‮.. ‬وأظن أنه قد خلط بين فرقة البلدية التي‮ ‬كانت تعزف في‮ ‬أكشاك خشبية أنيقة بالمتنزهات العامة في‮ ‬الإجازات والعطلات الرسمية لكي‮ ‬تكتمل بهجة الناس،‮ ‬وبين فرقة‮ »‬حسب الله‮« ‬التي‮ ‬كان صاحبها ومؤسسها‮ ‬يحيي‮ ‬الأفراح بل ويشيع الجنازات بعازفين ويحاسب زبائنه طبقاً‮ ‬لعدد العازفين وترتفع الأجرة كلما زاد عددهم وهم في‮ ‬كل الأحوال قلة‮ ‬يعزف كل علي‮ ‬آلته بينما باقي‮ ‬الفرقة من عازفين‮ »‬يلبسون مزيكة‮« ‬ويتظاهرون بالعزف‮.. ‬فرقة البلدية كانت فرقة حكومية أفرادها جنوداً‮ ‬مدربين في‮ ‬سلاح خاص وتتبع المديريات التي‮ ‬هي‮ ‬المحافظات الآن،‮ ‬أما فرقة حسب الله فقد نشأت بشارع محمد علي‮ ‬العريق ويتبع أفرادها مؤسس الفرقة وصاحبها والعازف الأول بها وأحياناً‮ ‬المايسترو الذي‮ ‬يضبط الإيقاع الذي‮ ‬لا وجود له أصلاً‮.‬

أعد المسرح إذن ووزعت الأدوار واستعد اللاعبون لتقمص الأدوار المرسومة لهم لكي‮ ‬يكون لدي‮ ‬مصر برلمان‮ ‬يستوفي‮ ‬كل صفات البرلمان وتشتعل فيه المناقشات وتقدم فيه الأسئلة وطلبات الإحاطة بكل أسلحة الرقابة وتلتقط الصور لزوم‮ »‬تسويد‮« ‬صفحات الجرائد القومية مع فارق واحد أن الرصاصات‮ »‬فشنك‮« ‬والسيوف المشرعة خشبية‮.. ‬شمل تسويد البطاقات وتزوير إرادة الناخبين بعض مرشحي‮ ‬المعارضة من الذين فضلوا الكرسي‮ ‬علي‮ ‬الالتزام الحزبي‮ ‬والحصانة علي‮ ‬رفض المشاركة في‮ ‬سرقة مصر‮.. ‬وحين‮ ‬يسدل الستار كل ليلة‮ ‬يجتمع شمل الممثلين‮ ‬يسترجعون أدوارهم ويستعدون للعرض التالي‮ ‬علي‮ ‬ضوء توجيهات المخرج لتحسين الأداء‮.. ‬ولست أدري‮ ‬هل تكتمل الحبكة الدرامية لتشمل تقديم الاستجوابات أم أن الأمر قد لا‮ ‬يكون مقنعاً‮ ‬فتنقلب التراجيديا إلي‮ ‬كوميديا فيسود القاعة الضحك بدلاً‮ ‬من البكاء ويصبح المشهد كله كوميديا سوداء تضحك وتبكي‮ ‬في‮ ‬نفس الوقت؟

أخطر ما حدث أن الحزب الحاكم بما حدث في‮ ‬الانتخابات قد أضفي‮ ‬نوعاً‮ ‬من الشرعية علي‮ ‬نوع جديد من البلطجة السياسية تحميها قوة

البلطجة الشوارعية وأصبح الموقف كما لو أن البلطجية الذين اعتمد عليهم الحزب في‮ ‬بقائه في‮ ‬السلطة قد أصبحوا هم الذين‮ ‬يقررون كيف تحكم مصر ماداموا قد ساعدوا في‮ ‬الإتيان بمن‮ ‬يريدهم الحزب في‮ ‬مجالسه التشريعية‮.. ‬ممارسات هؤلاء البلطجية الذين‮ ‬يحميهم الحزب كما لو كانوا من كوادره قد أصابت مصر بعاهات مستديمة عزت علي‮ ‬العلاج ولا‮ ‬ينفع التجميل في‮ ‬إخفاء نتائجها القبيحة علي‮ ‬وجه المحروسة‮.. ‬ولابد للحزب أن‮ ‬يعيد التفكير في‮ ‬اسم المجلس الذي‮ ‬سوف‮ ‬يصبح مجلساً‮ ‬بلا أسئلة‮.. ‬ولا طلبات إحاطة وما سيصدر عنه من تشريعات معلبة جاهزة لا تحتاج إلي‮ ‬مناقشة مادام كل من فيه ماعدا عدداً‮ ‬لا‮ ‬يتجاوز أصابع اليد الواحدة من نواب المعارضة نواب لحزب واحد‮ ‬يفرض عليهم التزاماً‮ ‬حزبياً‮ ‬بتأييد كل ما تقرره حكومة الحزب‮.. ‬هناك مخرج واحد لهذا المأزق التشريعي‮ ‬هو أن‮ ‬ينشئ الحزب‮ »‬نواب الظل‮« ‬يختفون خلف كواليس مسرح مجلس الشعب‮ ‬يطبخون الأسئلة وطلبات الإحاطة ويقومون بإخراجها بشكل‮ ‬يوحي‮ ‬بأن الحزب‮ »‬ديمقراطي‮« ‬بحق وحقيق وأن لديه معارضة ملاكي‮ ‬مثلما‮ ‬يملك كل شيء ملاكي‮ ‬في‮ ‬مصر‮: ‬الأرض والمال والسلطة ومقاعد المجالس التشريعية وهيئات ومؤسسات الدولة‮.. ‬الشيء الوحيد الباقي‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يستطيع الحزب أن‮ ‬يمتلكه والذي‮ ‬لايزال‮ ‬يملك إرادته الوطنية ولابد أن‮ ‬يهب لكي‮ ‬يستعيد الوطن المغتصب هو الناس في‮ ‬مصر الذين عانوا أكثر من ثلاثين عاماً‮ ‬من القهر والفقر والفساد والمرض والتشبث بكراسي‮ ‬السلطة وبريقها وذهبها ولكنهم لم‮ ‬يصبحوا عبيداً‮ ‬بعد‮..!‬