بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

خلع الحجاب ليس حلاً

أنا مع المرأة، أينما حلّت وشاركت وتفاعلت فثمّ خير وتحضر. لا أراها خادمة خُلقت من أجل سعادة الرجل، ولا كائناً ثانوياً يحيى على الهامش ويعيش على رصيف الحياة، لكن ذلك يجب ألا يكون على حساب قيم وفضائل الدين والشرع. تحرير المرأة لا يعنى تغريبها، وإنما استيعابها فى منظومة العمل والبناء، وفك قيودها لا يعنى خلخلة بنية المُجتمع.

أقول ذلك وأنا أتابع «هاشتاج» الكاتب شريف الشوباشى لخلع الحجاب. لقد دعا الرجل المصريات إلى رفض غطاء الرأس باعتباره رمزاً للتخلف والرجعية، وحرّض سيدات مصر على الخروج فى مسيرة بشعورهن. وفى رأيى فإن هذا الكلام يوازى تطرف الجُهلاء من مُدعى التدين الذين يمنعون خروج المرأة من البيت إلا إلى القبر.
وتصورى أن القضية لم تكُن أبداً اختلافاً حول شعر المرأة وإنما حول دورها ومشاركتها ونظرة المجتمع لها. ما يريده «الشوباشى» هو أن يفتح باب جدل جديداً ويُثير استنفار ذوى اللُحى المُتسلفنين ضده رغبة فى «شو» أو طلباً لبطولة زائفة.
مَن قال إن مشكلة المرأة فى بلادنا فى حجابها؟.. ومَن قال إن شعر المرأة هو دليل التحرر؟.. إن ذلك تسفيه لأزمة المرأة فى المجتمع العربى، تلك التى أرى أبرز ملامحها غيابها عن العمل السياسى، وتراجع تواجدها فى المُجتمع الثقافى، وتقهقر دورها فى المجالين الاقتصادى والاجتماعى.
كم مرة فى بلادنا تولت الحُكم سيدة؟.. ومتى سمعنا عن سيدة أعمال ناجحة لديها مشروعات إنتاجية وعمال؟.. ولمَ لم تطل علينا مُفكرات رائدات فى قامة طه حسين، أو مُجددات فى العلوم الدينية مثل الدكتورة بنت الشاطئ؟
إنه فيروس البداوة الذى بدأ يتسرب إلى داخلنا مُنذ السبعينيات، وصار مُسيطراً على توجهاتنا وأفكارنا وخطابنا الدينى بفضل تصدير العمالة إلى مجتمعات الخليج لتعود بعادات وتصورات تتناسب مع المجتمع القبلى. والمؤسف فى الأمر أن تتم مواجهة هذا التوجه الذكورى بأفكار مُستغربة تنعت قيم المُجتمع بالتخلف وتختصر المُشكل فى خلع الحجاب.
فى يوم ما كان يخطو على الأرض رجل جميل اسمه على شريعتى، كتب عدة كُتب كان من بينها كتاب بعنوان «العودة إلى الذات».. رأى الرجل - الذى كان أستاذاً متميزاً للفلسفة - أن تطوير المُجتمعات لا يعنى أبداً تحويلها إلى جُثث تابعة للأنظمة الغربية، وأن التقدم لا يُمكن أن يتحقق بتقليد الآخر. دعك من مقولة ابن خلدون الشهيرة بأن «المغلوب مولع بتقليد غالبه» لأننا يجب ألا نستسلم لفكرة كوننا شعوباً مغلوبة مقهورة، فالتاريخ يتسع، والطُرق مُمهدة، والآمال مُنعقدة.
لو كان أمر المرأة يتحسن فى خلعها الحجاب، وفى ارتداء الملابس القصيرة لكان الأمر هيناً، لكنه تطرف الاستغراب الموازى لتطرف المُتأسلمين الذى لا يترك سوى الضجيج.
والله أعلم.


[email protected]