بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

‮»‬المعدمين‮« ‬سقطوا عمداً‮ ‬من حسابات رجال‮ »‬البيزنس‮«‬

مليونيرات أمريكا‮ ‬يهبون نصف ثرواتهم للفقراء

الدولة تمنح رجال الأعمال‮ ‬10‮ ‬سنوات إعفاءات ضريبية وتدعم صادراتهم بالمليارات

شركات القطاع الخاص تسدد‮ ‬13٪‮ ‬فقط للضرائب‮.. ‬والمواطنون‮ ‬60٪

البعض‮ ‬يساهم في‮ ‬مشروعات خيرية‮.. ‬والآخر‮ ‬يهتم بـ‮ »‬الوجاهة والشو الإعلامي‮«‬

قبل الخصخصة‮: ‬إلزام شركات القطاع العام بتخصيص‮ ‬10٪‮ ‬من الأرباح لخدمة المجتمع

بعد الانفتاح‮: ‬إلغاء القانون وإحالة الدور الاجتماعي‮ ‬لتقديرات المليونيرات

ماذا لو تحالفت دوائر القطاع الخاص ورجال المال والأعمال لتبني‮ ‬مبادرة لمساعدة الفقراء،‮ ‬اجتماعياً‮ ‬واقتصادياً‮ ‬وتعليمياً،‮ ‬في‮ ‬إطار دورهم في‮ ‬المسئولية الاجتماعية‮.. ‬خاصة أن الأسعار نار‮.. ‬والظروف صعبة‮.‬

مجرد مبادرة صغيرة قد تكبر مع مرور الوقت،‮ ‬ولن نقول مثلما فعل كل من‮ »‬بيل جيتس‮« ‬مؤسس شركة مايكروسوفت الشهيرة،‮ ‬و»وارين بافيت‮«‬،‮ ‬ثالث أغني‮ ‬رجل في‮ ‬العالم والتي‮ ‬تبلغ‮ ‬إجمالي‮ ‬ثروتهما معاً،‮ ‬أكثر من‮ ‬100‮ ‬مليار دولار،‮ ‬وهما من أشهر رجال الأعمال في‮ ‬أمريكا،‮ ‬وقد خصصا نصف ثروتهما للفقراء في‮ ‬العالم،‮ ‬حتي‮ ‬إن‮ »‬بافيت‮« ‬قال‮: ‬إنه سيقدم‮ ‬99٪‮ ‬من ثروته للخير،‮ ‬فيما تبني‮ ‬الرجلان حملة لإقناع رجال الأعمال بمساعدة مجتمعاتهما وتفعيل مفهوم المسئولية الاجتماعية لهم‮.‬

وبعد هذه المبادرة من‮ »‬جيتس وبافيت‮« ‬بشهور،‮ ‬انضم إليهما‮ ‬57‮ ‬مليارديراً‮ ‬أمريكياً‮ ‬آخرين،‮ ‬فيما طالب رؤساء أكبر الشركات الأمريكية،‮ ‬بزيادة الضرائب علي‮ ‬منتجاتهم الصناعية،‮ ‬حتي‮ ‬تساهم الحصيلة في‮ ‬إيجاد فرص عمل للأمريكيين‮.‬

وعندنا كم تساءل نواب مجلس الشعب،‮ ‬على مدي‮ ‬السنوات الماضية عن تبرعات رجال الأعمال في‮ ‬مصر،‮ ‬ودورهم تجاه الشعب والمجتمع؟‮!‬

رجال الأعمال الذين‮ ‬يتمتعون بمميزات وإعفاءات ضريبية تتنامى باستمرار،‮ ‬ويطالبون بالمزيد في‮ ‬ظل تحمل المواطن المصري‮ ‬لأعباء الارتفاع المستمر في‮ ‬الأسعار،‮ ‬وأعباء ضريبية،‮ ‬ربما تصل لأكثر من ‮٠٦‬٪،‮ ‬متنوعة بين ضرائب مبيعات وضرائب عقارية وغيرها،‮ ‬فيما لا تتجاوز نسبة الضرائب التي‮ ‬تتحملها الشركات في‮ ‬مصر نسبة ‮٢.٣١‬٪‮.‬

وفي‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تمنح فيه الدولة مزايا وإعفاءات لرجال الأعمال،‮ ‬من خلال عدة قوانين،‮ ‬مثل‮: ‬قانون ضمانات وحوافز الاستثمار،‮ ‬والتنمية السياحية،‮ ‬والمجتمعات العمرانية الجديدة،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن المزايا المدرجة في‮ ‬القانون الجديد للاستثمار،‮ ‬من خفض سعر الضريبة من ‮٢٤‬٪‮ ‬إلى ‮٠٢‬٪‮ ‬مع الإبقاء علي‮ ‬الإعفاءات المقررة،‮ ‬وتشجيع وتنمية الاستثمار وتوسعاتها،‮ ‬بإتاحة خصم ‮٠٣‬٪‮ ‬من المبالغ‮ ‬المستثمرة في‮ ‬الآلات والمعدات‮.‬

وتمتد الإعفاءات علي‮ ‬بعض المشروعات إلي‮ ٠٢‬٪،‮ ‬ويتم تجديدها ولا تتواني‮ ‬الدولة عن تقديم الدعم لرجال الأعمال والمستثمرين‮ »‬حتي‮ ‬بدون قوانين،‮ ‬مثلما حدث بسبب الأزمة المالية العالمية،‮ ‬سواء في‮ ‬صورة دعم للصادرات،‮ ‬يصل إلي‮ ٤ ‬مليارات جنيه،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن دعم الطاقة الذي‮ ‬يبلغ‮ ‬عشرات المليارات‮.‬

والغريب أن الدراسات والتقارير تؤكد عدم التزام عدد كبير من رجال الأعمال وكبار المستثمرين بسداد ضرائب الدولة،‮ ‬إذ وجد أن هناك ‮٧٥ ‬مليار جنيه متأخرة علي‮ ‬بعض كبار الممولين،‮ ‬في‮ ‬حين تخصم الدولة ضرائبها من دخل الموظف البسيط،‮ ‬وتلهبه بارتفاع مستمر في‮ ‬الأسعار،‮ ‬مع اقتراح ضرائب جديدة تثقل كاهله كل عام‮.‬

وفيما‮ ‬يتجه العالم المتقدم اليوم لتنمية دور رجال الأعمال،‮ ‬وحثهم،‮ ‬خاصة في‮ ‬الدول النامية،‮ ‬علي‮ ‬تقديم العون لمجتمعاتهم‮ - ‬ليس في‮ ‬شكل تبرعات تأخذ شكل‮ »‬الرشاوي‮ ‬السياسية‮« ‬أو الوجاهة الإعلامية،‮ ‬بل بشكل مؤسس منظم،‮ ‬يضمن دوراً‮ ‬قوياً،‮ ‬وفاعلاً‮ ‬من خلال مشروعات أساسية وحقيقية،‮ ‬تساعد الفقراء في‮ ‬المجتمع‮.‬

الدور الاجتماعي

لا أحد‮ ‬ينكر علي‮ ‬كثير من رجال الأعمال في‮ ‬مصر ما‮ ‬يقومون به من أعمال خيرية،‮ ‬البعض منها‮ ‬يكون بهدف مساعدة‮ ‬غير القادرين في‮ ‬المجتمع،‮ ‬لكن‮ - ‬وكما أجمع الخبراء،‮ ‬فإن حجم ما‮ ‬يحصلون عليه من إعفاء ومزايا لا‮ ‬يتناسب مع ما‮ ‬يقدم،‮ ‬خاصة أن بعض هذه الأعمال تقدم في‮ ‬شكل رشاوي‮ ‬سياسية،‮ ‬خاصة أوقات الانتخابات،‮ ‬علماً‮ ‬بأن قائمة أغنياء مصر،‮ ‬تضم أعضاء بارزين في‮ ‬الحزب الوطني‮ ‬الحاكم،‮ ‬أو قريبين من دائرة صنع القرار،‮ ‬أو تكون التبرعات في‮ ‬أوقات‮ ‬يستفاد منها في‮ ‬عمل‮ »‬شو إعلامي‮« ‬لا‮ ‬ينفع المحتاجين بقدر ما‮ ‬ينفع أصحاب الوجاهة‮.‬

فيما أكدت دراسات عديدة مثل التي‮ ‬قامت بها الجمعية المصرية لدافعي‮ ‬الضرائب‮ »‬تحت التأسيس‮«‬،‮ ‬أن المواطن‮ ‬يتحمل العبء الأكبر من الضرائب،‮ ‬فالشركات في‮ ‬مصر تتحمل نسبة لا تتجاوز ‮٣١‬٪،‮ ‬فيما‮ ‬يتحمل المواطنون أكثر من ‮٠٦‬٪‮ ‬من حصيلة الضرائب‮.‬

امتيازات

منذ عشرات السنين ورجال الأعمال في‮ ‬مصر‮ ‬يحصلون علي‮ ‬امتيازات وإعفاءات،‮ ‬بدأت مع الانفتاح الاقتصادي‮ ‬في‮ ‬السبعينيات حتي‮ ‬صدور القانون رقم ‮٥٠٠٢‬،‮ ‬وحصل بموجبه رجال الأعمال علي‮ ‬إعفاءات كاملة من الضرائب،‮ ‬كانت لمدة ‮٠١ ‬سنوات،‮ ‬ويقومون بتجديدها لتصبح إعفاءات دائمة،‮ ‬كما حصل رجال الأعمال والمستثمرون علي‮ ‬إعفاءات في‮ ‬مشروعات جنوب الوادي‮ ‬لمدة ‮٠٢ ‬عاماً‮ ‬ويتم تجديدها‮.‬

ويأتي‮ ‬قانون الجمارك رقم ‮٣٨٩١ ‬ليمنحهم إعفاءات جمركية ‮٥‬٪‮ ‬وتصل إلي‮ ٠٢‬٪،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن قضية تخصيص الأراضي‮ ‬التي‮ ‬حصلوا عليها بالملاليم،‮ ‬وحققوا ثروات من ورائها بمليارات الجنيهات،‮ ‬حيث تم تخصيص آلاف الأفدنة من أراضي‮ ٦ ‬أكتوبر والعاشر من رمضان وغيرهما بـ ‮٠٥ ‬قرشاً‮ ‬للمتر،‮ ‬وتتمتع هذه الأراضي‮ ‬والمشاريع المقامة عليها بإعفاءات ضريبية طبقاً‮ ‬لقانون المجتمعات العمرانية الجديدة،‮ ‬كما‮ ‬يحصل رجال الأعمال علي‮ ‬دعم طاقة من بترول وبنزين وسولار،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن دعم الدولة للصادرات بـ ‮٤ ‬مليارات جنيه،‮ ‬تمنح لرجال الأعمال المصدرين،‮ ‬وقد تمت الموافقة علي‮ ‬هذا الدعم بحجة دعم الصادرات من أجل مواجهة الأزمة المالية العالمية،‮ ‬وتمت الموافقة عليها من قبل وزارة المالية،‮ ‬ومن المعروف أن ضريبة المبيعات علي‮ ‬الصادرات‮ »‬صفر٪‮«‬،‮ ‬وتشجع الدولة تبرعات رجال الأعمال بالإعفاء بنسبة ‮٠١‬٪‮ ‬من الضرائب،‮ ‬أما إذا كان التبرع لجهة حكومية فيكون الإعفاء بنسبة ‮٠٠١‬٪‮.. ‬ومازال رجال الأعمال والمستثمرون‮ ‬يطالبون بالمزيد من المزايا والإعفاءات‮.‬

الشركة‮.. ‬المواطنة الصالحة

حتي‮ ‬تكون الشركة مواطنة صالحة،‮ ‬فإن الأمر لا‮ ‬يتوقف عند المشاركة في‮ ‬الأعمال الخيرية‮. ‬والمواطنة الصالحة للشركات‮ ‬يمكن أن تحقق الرخاء والازدهار للشركة،‮ ‬لكنها في‮ ‬الوقت نفسه تسهم في‮ ‬خلق مجتمعات أفضل تتسم بحماية حقوق الإنسان وتيسير جهود التنمية في‮ ‬الدول‮.‬

وفي‮ ‬شرحه لمفهوم‮ »‬مواطنة الشركات‮«‬،‮ ‬أكد مركز المشروعات الدولية الخاصة‮ ‬CIPE‮ ‬أن الشركات لا تعمل في‮ ‬فراغ،‮ ‬بل تعمل في‮ ‬بيئات‮ ‬يجب أن تقوم بحمايتها،‮ ‬وتقدم العون لها وتطويرها،‮ ‬أي‮ ‬النظر إلى ما هو أبعد من الأرباح التي‮ ‬تحقق في‮ ‬المدي‮ ‬القصير،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعني‮ ‬بالضرورة الأخذ في‮ ‬الاعتبار حاجات واهتمامات أصحاب المصالح المختلفة،‮ ‬وخلق بيئة صالحة للتجارة،‮ ‬ويعني‮ ‬أيضاً‮ ‬أن الشركة مواطن في‮ ‬المجتمع الذي‮ ‬تعمل فيه‮.‬

وحتي‮ ‬تكون الشركة مواطنة صالحة عليها أن تسعي‮ ‬ليس فقط للمصلحة المالية بل مصالح جميع أصحاب المنفعة الأخرين،‮ ‬المستهلكين والمديرين والموظفين والبيئة التي‮ ‬تعمل فيها والمجتمع كله،‮ ‬غير أن الأمر لا‮ ‬يتوقف عند كونه مجرد مشاركة في‮ ‬الأعمال الخيرية،‮ ‬فلكي‮ ‬تكون الشركة مسئولة اجتماعياً،‮ ‬فإن الأمر‮ ‬يعني‮ ‬المشاركة الفعالة في‮ ‬البرامج التعليمية والالتزام بحماية البيئة،‮ ‬ويعني‮ ‬ذلك بذل الجهد والوقت من أجل تحسين ظروف المجتمعات التي‮ ‬تعمل فيها،‮ ‬إلي‮ ‬جانب إنتاج السلع والخدمات الآمنة‮.‬

وفي‮ ‬العالم النامي‮ ‬بالتحديد،‮ ‬يجب أيضاً‮ ‬مساعدة الأفراد علي‮ ‬رفع مستوي‮ ‬معيشتهم،‮ ‬وحماية حقوق الإنسان،‮ ‬ويجب أن تصبح المواطنة الصالحة للشركات ممارسة منتظمة للشركة،‮ ‬وليست مجرد حدث فردي،‮ ‬يتعلق بالقيام بعمل نبيل،‮ ‬كما‮ ‬يجب أن تصبح جزءاً‮ ‬لا‮ ‬يتجزأ من ثقافة الشركة‮.‬

وأصبح من المؤكد الآن الاتجاه إلي‮ ‬تنمية المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال وشركائهم حتي‮ ‬أن الاتفاق العالمي‮ ‬للأمم المتحدة وضع في‮ ‬ضمن بنوده تبني‮ ‬المبادرات التي‮ ‬تنمي‮ ‬الشعور بالمسئولية تجاه البيئة أي‮ ‬المجتمع الذي‮ ‬يعيشون فيه،‮ ‬كذلك التبرعات الخيرية والرعاية المالية،‮ ‬من أجل وضع معايير أفضل،‮ ‬وتحقيق مبدأ مواطنة الشركات،‮ ‬حيث إن القدرة علي‮ ‬فعل الخير،‮ ‬تعتمد‮ ‬غالباً‮ ‬علي‮ ‬الوضع الاجتماعي‮ ‬والاقتصادي،‮ ‬وهذا‮ ‬يجعل الشركة ومديريها في‮ ‬وضع فريد‮ ‬يعطيهم القدرة علي‮ ‬فعل الخير لأسباب وجيهة بصورة أكثر سهولة من المواطن العادي،‮ ‬والكثير من المجتمعات‮ ‬ينتظر فعل الخير من أولئك الذين‮ ‬يملكون القدرة علي‮ ‬ذلك،‮ ‬وتسعي‮ ‬الشركات لأن تكون عند حسن الظن بها من خلال تقديم العون والإعلان عن اهتمامها بالمجتمع،‮ ‬ويؤكد مفهوم مواطنة الشركات علي‮ ‬ضرورة الحذر في‮ ‬منح التبرعات،‮ ‬إذ إن تقديم التبرعات‮ ‬غالباً‮ ‬ما‮ ‬ينظر إليه علي‮ ‬أنه سعي‮ ‬ظاهري‮ ‬لنيل السمعة الجيدة،‮ ‬فالأعمال الخيرية‮ ‬يجب أن ترتبط بالمجتمعات التي‮ ‬يمارس فيها النشاط الاقتصادي،‮ ‬وبدون هذا الارتباط،‮ ‬فإن الكثير من الجهود القائمة علي‮ ‬النوايا الحسنة،‮ ‬والتي‮ ‬يمكن أن تجسدها الأعمال الخيرية سوف تضيع بلا فائدة‮.‬

المسئولية الاجتماعية

أثناء مناقشتها لقانون الضمان الاجتماعي‮ ‬بمجلس الشعب السابق،‮ ‬تساءلت الدكتورة جورجيت قليني‮ ‬،‮ ‬عضو المجلس‮ - ‬وقتها‮ - ‬عن دور رجال الأعمال في‮ ‬النهوض بمجتمعهم‮.. ‬وعن تبرعاتهم‮.‬

وأكدت أن هناك نصا بوجود صندوق خاص لهذه التبرعات في‮ ‬قانون الضمان الاجتماعي،‮ ‬كأحد مصادر التمويل‮.‬

‮> ‬سألت الدكتورة جورجيت قليني‮ ‬عن رؤيتها لغياب دور رجال الأعمال في‮ ‬قضية المسئولية الاجتماعية‮.‬

‮- ‬قالت‮: ‬إن رجال الأعمال في‮ ‬مصر،‮ ‬دائماً‮ ‬يطالبون بتشريعات تخدم الاستثمار ويستندون إلي‮ ‬التشريعات في‮ ‬أمريكا والرأسمالية الغربية،‮ ‬ويتجاهل الجميع أن أمريكا ليس فيها حد أقصي‮ ‬للضريبة،‮ ‬لكنها تصاعدية،‮ ‬فعندنا وجد أن هناك‮

‬57‮ ‬مليار جنيه ضرائب متأخرة علي‮ ‬بعض كبار الممولين،‮ ‬أي‮ ‬أنهم‮ ‬يطالبون بمميزات ولا‮ ‬يدفعون الضرائب،‮ ‬بل‮ ‬يطالبون بخفضها،‮ ‬ونحن لا نطالب بأن نصبح مثل أمريكا،‮ ‬لكن علي‮ ‬الأقل‮ ‬يوجهون جزءاً‮ ‬قليلاً‮ ‬من ثرواتهم للخدمات الاجتماعية،‮ ‬حتي‮ ‬وإن كانت نسبة ضئيلة،‮ ‬7٪‮ ‬مثلاً،‮ ‬من الثروة وليس من الأرباح‮.‬

وأضافت‮: ‬أن بعض رجال الأعمال في‮ ‬مصر،‮ ‬يعملون في‮ ‬مجال التبرع للمجتمع،‮ ‬لكن ليس بالحجم المنتظر منهم وليس بحجم الامتيازات التي‮ ‬يحصلون عليها،‮ ‬فيما حصلوا علي‮ ‬ثرواتهم بالتسهيلات التي‮ ‬تقدمها لهم البلد،‮ ‬وعليهم أن‮ ‬يقوموا بدورهم تجاه وطنهم وأبناء هذا الوطن‮.‬

الغنى‮.. ‬والفقير

عندما سألت صفوان ثابت،‮ ‬رجل الأعمال ورئيس جمعية مستثمري‮ ٦ ‬أكتوبر،‮ ‬عن مفهوم المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال في‮ ‬مصر‮.. ‬بادرني‮ ‬قائلا‮: ‬إننا مازلنا نحبو في‮ ‬هذا المجال،‮ ‬ولا نقارن بالدول الغربية فالكيانات الاقتصادية في‮ ‬أوروبا وأمريكا،‮ ‬عمرها‮ ‬يزيد علي‮ ٠٥١ ‬سنة،‮ ‬بينما الكيانات الاقتصادية الموجودة لدينا لا‮ ‬يزيد عمرها علي‮ ٥٢ ‬سنة‮.. ‬هناك فرق كبير من ناحية الحجم والفكر،‮ ‬لكن ذلك لا‮ ‬يمنع أن هناك بدايات جيدة،‮ ‬ومواقف تحتاج إلي‮ ‬زيادة،‮ ‬لكنها لا تقارن بالدول الغربية،‮ ‬لأنها مازالت مبادرات فردية،‮ ‬وليست مؤسسية،‮ ‬رغم أن كل الأديان تحث علي‮ ‬العمل والتكافل الاجتماعي،‮ ‬وتحث الإنسان علي‮ ‬خدمة مجتمعه‮.‬

‮> ‬كيف‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتنامي‮ ‬فكر المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال في‮ ‬مصر؟

‮- ‬من المفترض أن تشجع القوانين والأنظمة علي‮ ‬التنافس في‮ ‬هذا الاتجاه،‮ ‬ويجب أن‮ ‬يتيقن الجميع،‮ ‬أن مشكلة الفجوة بين الأغنياء والفقراء،‮ ‬تؤثر علي‮ ‬الأغنياء ورجال الأعمال والمجتمع كله،‮ ‬لذلك‮ ‬يجب أن‮ ‬يعمل الجميع علي‮ ‬سد الفجوة بين الغني‮ ‬والفقير‮.‬

خطأ في‮ ‬التوجه

الوعي‮ ‬بمفهوم المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال موجود،‮ ‬لكن هناك خطأ في‮ ‬التوجه،‮ ‬هذه وجهة نظر النائب الوفدي‮ ‬السابق،‮ ‬محمد شردي‮.. ‬المتحدث الرسمي‮ ‬باسم حزب الوفد‮. ‬وقال إن الشعور بالمسئولية الاجتماعية لدي‮ ‬الأفراد والأغنياء،‮ ‬معروف في‮ ‬مصر منذ زمن طويل،‮ ‬لكنه‮ ‬يتم بشكل فردي‮ ‬ومباشر،‮ ‬بعد ذلك أصبح مرتبطاً‮ ‬بالمواقف التي‮ ‬تتطلب منهم التبرع،‮ ‬وظهر ذلك جلياً‮ ‬في‮ ‬بداية التسعينيات،‮ ‬بعد زلزال أكتوبر الشهير،‮ ‬ثم تنامي‮ ‬بعد ذلك مفهوم المسئولية الاجتماعية المؤسسية،‮ ‬أي‮ ‬دور المؤسسات‮. ‬ودخل ذلك المفهوم عن طريق المؤسسات والشركات الأجنبية التي‮ ‬كانت تطبق مفهوم الانتماء الاجتماعي،‮ ‬فالمؤسسات الاجتماعية موجودة في‮ ‬العالم كله،‮ ‬لكن قوبل ذلك بالرفض من المجتمع المصري،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن أن الساحة كانت خالية من أي‮ ‬جهة منظمة لعمليات التبرعات‮.. ‬والتوعية بالمسئولية الاجتماعية ظهرت في‮ ‬بداية القرن الجديد،‮ ‬والتي‮ ‬طرحت علي‮ ‬الساحة المشكلات بشكل مختلف،‮ ‬إذ أصبح توجيه الأموال أكثر سهولة لكنها تعاني‮ ‬من توجيهها إلي‮ ‬الحالات الطارئة وليست المشاريع الأساسية الكبري،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن أن الحلقة التي‮ ‬تضطر أي‮ ‬مؤسسة للتحرك فيها للحصول علي‮ ‬الموافقات حلقة طويلة ومعقدة وتفتقر للمعلومات،‮ ‬وهذا جزء مؤثر جداً‮ ‬علي‮ ‬عملية التبرع أو الخدمة الاجتماعية ويحتاج إلي‮ ‬تنظيم من الحكومة‮.‬

وأكد أن القضية الخطيرة الآن،‮ ‬هي‮ ‬اختلاط الخدمة المجتمعية بالسياسة،‮ ‬وارتباط أسماء بعض رجال الأعمال بالتبرعات في‮ ‬أوقات معينة،‮ ‬أو اقتصار خدماتهم علي‮ ‬أهالي‮ ‬دوائرهم فقط،‮ ‬في‮ ‬إثبات مباشر أن ما‮ ‬يقدمونه جزءا من رشوة سياسية للمجتمع الذي‮ ‬ينتمون إليه،‮ ‬وحتي‮ ‬الآن لم‮ ‬يجدوا طريقاً‮ ‬للفصل بين ما‮ ‬يقدمونه من خدمة اجتماعية وبين عملهم السياسي،‮ ‬وأدى هذا الأمر إلي‮ ‬قيام العديد من المؤسسات والخدمات بالمسئوليات تجاه المجتمع منفردة،‮ ‬دون أي‮ ‬إعلام أو إعلان‮.‬

منظومة عمل

لقد اكتشفت الدول الرأسمالية الكبري،‮ ‬أن استقرار النظام‮ ‬يتطلب معالجة أي‮ ‬شذوذ في‮ ‬الوضع الاجتماعي‮ ‬من فقر شديد وبطالة،‮ ‬وتعديل أي‮ ‬قصور لكي‮ ‬يستمر هذا النظام،‮ ‬ولهذا نما مفهوم المسئولية الاجتماعية لدي‮ ‬هذه الدول،‮ ‬وتجاوز مجرد تبرعات رجال الأعمال‮ - ‬حسب كلام الدكتور عبدالغفار شكر،‮ ‬أمين لجنة التثقيف بحزب التجمع‮ - ‬وطالب بضرورة إصدار قوانين بغرض تصحيح جميع أوجه الانحراف في‮ ‬النظام الاجتماعي،‮ ‬وعلي‮ ‬رجال الأعمال أن‮ ‬يطوروا مفهوم المشاركة الاجتماعية،‮ ‬لتخرج عن نطاق مجرد التبرعات لتصبح منظومة كبري‮ ‬تخلق فرص عمل للشباب وتساهم بشكل فعلي‮ ‬وقوي‮ ‬في‮ ‬تنمية المجتمع المتواجدة فيه مصالحهم ومصانعهم،‮ ‬عن طريق مشروعات تنموية كبري،‮ ‬مساهمة منهم في‮ ‬نهضة المجتمع،‮ ‬ومن الممكن أن‮ ‬ينشئوا جامعات للشباب،‮ ‬وزيادة عدد المنح لتعليم أبناء الفقراء،‮ ‬وهناك مجالات كبري‮ ‬من الممكن أن‮ ‬يوجه رجال الأعمال مجهوداتهم لتنمية البيئة الاجتماعية التي‮ ‬تنمو بهم والعلاقة بينهم متبادلة‮.‬

جزء من الأرباح

لابد من إلزام رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية بالقيام بدورهم في‮ ‬مسألة المسئولية الاجتماعية،‮ ‬وبدون هذا الإلزام تظل التبرعات لا تخرج عن نطاق‮ »‬الصدقة‮« ‬أو الرشاوى في‮ ‬بعض الأحيان،‮ ‬وهذا ما أكده الدكتور حمدي‮ ‬عبدالعظيم عميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق‮ - ‬وقال‮: ‬إن دور رجال الأعمال مازال منقوصاً‮ ‬ولا‮ ‬يتناسب مع حجم ثرواتهم التي‮ ‬دفعت بعضهم لترتيبات عالمية،‮ ‬في‮ ‬قائمة أغني‮ ‬أغنياء العالم،‮ ‬وموسوعات المليارديرات،‮ ‬فالتبرعات التي‮ ‬يقدمونها تعتبر ضئيلة جداً،‮ ‬قياساً‮ ‬علي‮ ‬ما تحتاجه مجتمعاتهم،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن أن كثيرا منها‮ ‬يكون بهدف الدعاية أو الوجاهة الاجتماعية،‮ ‬وليس من منطلق الوعي‮ ‬بالمسئولية الاجتماعية،‮ ‬ويخطئ من‮ ‬يظن أن تلك المسئولية تتم علي‮ ‬خير وجه،‮ ‬حينما‮ ‬يقدم رجل الأعمال علي‮ ‬عمل موائد الرحمن في‮ ‬رمضان،‮ ‬أو تقديم جوائز في‮ ‬مناسبات،‮ ‬فالمسئولية التي‮ ‬تقع عليهم أكبر بكثير،‮ ‬ولها مفاهيم عالمية الآن،‮ ‬لذلك لا نجد عملاً‮ ‬تبني‮ ‬مشروعا سكنيا ويقدمه للفقراء بأسعار رخيصة أو حتي‮ ‬مجاناً،‮ ‬ويحدث في‮ ‬الدول العربية،‮ ‬توجيه للتبرعات بشكل أكثر فعالية للمجتمع،‮ ‬مثلما‮ ‬يحدث في‮ ‬ليبيا،‮ ‬فهناك‮ ‬يبنون شاليهات للفقراء،‮ ‬وهناك رجال أعمال في‮ ‬الإمارات،‮ ‬ينشئون مؤسسات تعليمية علي‮ ‬حسابهم،‮ ‬ومستشفيات في‮ ‬السعودية مثلاً‮.‬

وأضاف أنه‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون الأمر إلزامياً،‮ ‬فقد كان ذلك‮ ‬يحدث في‮ ‬قانون توزيع الأرباح،‮ ‬إذا كان‮ ‬يلزم شركات القطاع العام،‮ ‬بتخصيص نسبة‮ ‬10٪‮ ‬من الأرباح للخدمات الاجتماعية والمركزية وتم إلغاء هذا القانون مع عصر الانفتاح الاقتصادي‮.‬