بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

مصطفي‮ ‬النحاس رئيسا لمجلس النواب

في‮ ‬17‮ ‬نوفمبر سنة‮ ‬1927‮ ‬عند افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة لمجلس النواب انتخب مصطفي‮ ‬النحاس رئيسا لمجلس النواب خلفا للراحل العظيم سعد زغلول إذ كان هذا أول اجتماع للبرلمان بعد وفاة سعد،‮ ‬واستمر التعاون بين المجلس والوزارة قائما علي‮ ‬خير ما‮ ‬يرام وفي‮ ‬4‮ ‬مارس‮ ‬1928‮ ‬اضطر ثروت باشا الي‮ ‬تقديم استقالة وزارته بعد أن أبدي‮ ‬مصطفي‮ ‬النحاس باعتباره زعيم الأغلبية البرلمانية رأيه في‮ ‬المفاوضات التي‮ ‬دارت بينه ـ بين ثروت وتشمبرلين وزير خارجية بريطانيا ـ ووصفها بأنها لم تحقق أي‮ ‬نجاح لأنها لم تنص علي‮ ‬جلاء الجنود البريطاني‮ ‬عن مصر جلاء تاما وقد علق تشمبرلين علي‮ ‬رأي‮ ‬النحاس باشا قائلا‮: »‬إن النحاس باشا علي‮ ‬ما‮ ‬يظهر ليس أكثر ميلا الي‮ ‬إدراك حقائق المسألة مما كان عليه زغلول باشا منذ أربع سنوات‮« ‬وقدم ثروت باشا استقالة وزارته فقُبلت‮.‬

وزارة النحاس باشا الأولي

قابل الشعب بفرحة كبري‮ ‬تأليف مصطفي‮ ‬النحاس‮ »‬زعيم الأغلبية‮« ‬أول وزارة ائتلافية واعتبرها بادرة دستورية طيبة في‮ ‬مسارها الصحيح سيصبح الشعب بعدها سيد نفسه وحاكم نفسه‮.‬

كانت هذه أول وزارة ائتلافية ـ من الوفد والأحرار الدستوريين ـ‮ ‬يرأسها مصطفي‮ ‬النحاس،‮ ‬ومضت الوزارة في‮ ‬عملها مؤيدة بثقة البرلمان لا تستطيع قوة أن تنحيها عن واجبها عن‮ ‬غير طريق البرلمان اللهم إلا عن طريق الدسائس والمؤامرات،‮ ‬فالسراي‮ ‬لا‮ ‬يطيب لها أن‮ ‬يحكم الشعب نفسه بنفسه‮.‬

أول صدام بين النحاس والملك

بعد أسبوع واحد من رئاسة مصطفي‮ ‬النحاس‮ »‬للوفد المصري‮« ‬ولزعامة الأمة كان قد اقترب موعد الاحتفال بعيد جلوس الملك أحمد فؤاد الأول ملك مصر في‮ ‬1927‭/‬10‭/‬9‮ ‬وأراد القصر أن تحتفل البلاد احتفالا كاملا فتقام فيه الزينات وتضاء الثريات وترفع الأعلام وتمد فيه المآدب دون أن تراعي‮ ‬فيه أحزان الأمة علي‮ ‬فقد زعيمها‮ »‬سعد زغلول‮« ‬لكن مصطفي‮ ‬النحاس ـ خليفة سعد‮ ‬يقف موقفا جريئا في‮ ‬مواجهة القصر موقفا سيبقي‮ ‬خالدا في‮ ‬تاريخ مصر الحديث فيطالب بمنع هذا الاحتفال احتراما لأحزان الأمة علي‮ ‬سعد‮.‬

وتنفيذا لذلك راحت الصحف الوفدية تشن حملة عنيفة علي‮ ‬الحكومة التي‮ ‬حاولت المضي‮ ‬في‮ ‬إقامة الاحتفال ولقد جاء في‮ ‬مقال للأستاذ عزيز ميرهم عضو مجلس الشيوخ الوفدي‮ ‬ما‮ ‬يأتي‮:‬

‮»‬فليهنأ بالعيد من‮ ‬يشاء وليهنأ بالزينة ضعاف العقول،‮ ‬وصغار الحكام،‮ ‬ويشترك في‮ ‬الوليمة أشخاص ليس لهم في‮ ‬الوطن نصيب لا قليل ولا كثير،‮ ‬ولتفتح خزينة الدولة علي‮ ‬مصراعيها تغدق أموال الفقراء فيما لاحظ لهم فيه،‮ ‬نافعا كان أو ضارا،‮ ‬كل ذلك وضع للشيء في‮ ‬غير محله،‮ ‬وخروج مفضوح علي‮ ‬الواجبات الأولية للمجاملة واللياقة ونصب الأفراح وسط المأتم العام‮.‬

يجب أن نعلم جميعا أن جلالة الملك مدين للحركة الوطنية التي‮ ‬كان سعد علي‮ ‬رأسها ولولا قيام تلك الحركة التي‮ ‬ساسها سعد بحكمته واقتداره لما كانت مصر اليوم مملكة وكانت مجرد سلطنة ترزخ تحت عبء الحماية‮«.‬

مقالة كلها جرأة واجتراء علي‮ ‬الجالس علي‮ ‬العرش‮.‬

الاعتراض علي‮ ‬الدكتور طه حسين

اعترض الملك فاروق علي‮ ‬تعيين الدكتور طه حسين وزيرا للمعارف العمومية‮ »‬التربية والتعليم حاليا‮« ‬بدعوي‮ ‬أفكاره اليسارية ولكن ازاء تمسك النحاس باشا به استنادا الي‮ ‬أن تعيين الوزراء من حق رئيس الوزراء وحده دون أحد سواه وليس لأحد

حق الاعتراض،‮ ‬اضطر الملك أخيرا الي‮ ‬الموافقة علي‮ ‬تعيين الدكتور طه حسين باعتبار النحاس باشا صاحب الأغلبية ورئيس الوزراء‮.‬

رفض حيدر باشا

طالب الملك بأن‮ ‬يكون اللواء محمد حيدر باشا وزيرا للحربية في‮ ‬وزارة الوفد الأخيرة سنة‮ ‬1950‮ ‬فرفض النحاس باشا طلب الملك قائلا‮: ‬إن وزراء الوفد لابد أن‮ ‬يكونوا جميعهم من الوفديين وأن اختيارهم‮ ‬يرجع فيه الي‮ ‬الوفد ورئيسه لا أحد‮ ‬غيرهم ووزير الحربية الوفدي‮ ‬هو مصطفي‮ ‬نصرت باشا ولا أحد سواه وقد كان،‮ ‬وهكذا انتصر مصطفي‮ ‬النحاس علي‮ ‬الملك ورفض طلب الملك لأن هذا ليس من حقه بل هو حق صاحب الأغلبية‮ ‬يقضي‮ ‬بذلك الدستور‮.‬

الإنعام برتبة الباشوية علي‮ »‬الوزير عبدالمجيد عبدالحق‮«.‬

كان جميع الوزراء في‮ ‬وزارة النحاس الأخيرة جميعهم‮ ‬يحملون الباشوية عدا الوزير عبدالمجيد عبدالحق وعلي‮ ‬مائدة الملك فاروق بقصر عابدين التي‮ ‬أقامها في‮ ‬1951‭/‬9‭/‬24‮ ‬بمناسبة عودة الوزارة من مصر بالاسكندرية وبينما الزعيم مصطفي‮ ‬النحاس واقفا علي‮ ‬يمين الملك قال النحاس بصوت عال‮:‬

يا مولاي‮ ‬إن عبدالمجيد بك عبدالحق هو الوزير الوحيد في‮ ‬الوزارة الذي‮ ‬لا‮ ‬يحمل رتبة الباشوية‮.‬

فقال الملك أظن أن الوقت‮ ‬غير مناسب الآن فرد النحاس معقبا‮.. ‬قرب‮.. ‬يا عبدالمجيد بك أشكر الملك الإنعام عليك برتبة الباشوية‮.‬

فقال الملك وقد تجهم وجهه أنا ماقلتش حاجة‮.‬

فرد النحاس‮: ‬أنا لسانك‮ ‬يا مولاي‮.. ‬قرب‮ ‬يا عبدالمجيد نفذ ما أمرتك به،‮ ‬فاقترب عبدالمجيد باشا عبدالحق من الملك مصافحا وشاكرا‮. ‬وهكذا تم الإنعام علي‮ ‬عبدالمجيد عبدالحق برتبة الباشوية‮.‬

ويقول الأستاذ فؤاد سراج الدين وزير الداخلية وقتئذ‮: ‬أنا اتصلت فور العودة الي‮ ‬منزلي‮ ‬بالاستاذ أحمد أبوالفرج رئيس تحرير جريدة المصري‮ ‬وطلبت منه الاتصال بي‮ ‬فور وصول بيان كبير الأمناء الصادر اليوم من السراي‮ ‬وقراءته عليّ‮ ‬تليفونيا قبل نشره‮.. ‬وكان الغرض من ذلك التأكد من تضمنه الإنعام برتبة الباشوية علي‮ ‬زميلنا عبدالمجيد عبدالحق من عدمه فإذا خلي‮ ‬البيان أوقفنا نشره حتي‮ ‬يتخذ النحاس باشا كل الإجراءات الموصلة لتنفيذ ما أراد استنادا الي‮ ‬حقه الدستوري‮ ‬في‮ ‬منحه الألقاب والرتب والنياشين،‮ ‬ولكن الأمور مضت علي‮ ‬ما‮ ‬يرام ولله الحمد‮.. ‬وجاء البيان متضمنا الإنعام المطلوب‮.‬