الاعتذار لايكفى
لماذا استبعد وزير الكهرباء وجود عمل تخريبى وراء انقطاع التيار الكهربائى عن عدد كبير من المحافظات مرة واحدة صباح الخميس الماضى؟ فى هذا التوقيت كانت أربعة بنوك حكومية كبرى تستعد لاستقبال المواطنين الراغبين فى شراء شهادات استثمار قناة السويس الجديدة مشاركة منهم فى هذا المشروع الوطنى،
وفجأة انقطع التيار الكهربائى، وتوقفت الحياة تمامًا، لا مخابز تعمل، ولا مواصلات فى مقدمتها المترو والقطارات، ولا مستشفيات حيث تهددت حياة المرضى الذين كانوا يخضعون لعمليات جراحية أو ولادة فى هذا الوقت، وعم الظلام البنوك وفروعها، والمصالح الحكومية، وانتقلت مصر فى ثانية إلي العصور الوسطى بعد توقف الانترنت، الحادث ناقوس خطر عكنن علي المواطنين وقريفهم.. ابتلعوا أزمة ارتفاع الأسعار، وتقبلوا قرارات تخفيف أحمال الكهرباء بسبب أزمة الغاز وأخيرًا عثروا على المشروع القومى الذى يرفع رءوسهم بعد معاناة مع عصور الفساد، وقرروا ـ عن طيب خاطر تلبية دعوة الرئيس السيسى ـ بناءه من أموالهم، هذا اليوم كان يوم عيد عند المصريين، الأطفال والشباب والكبار خرجوا لشراء شهادات استثمار قناة السويس.. جميع الفئات الاجتماعية هبت للمشاركة فى عمل وطنى، وليس استثمارى، ليس فى نيتهم الحصول علي عائد كبير للشهادة ولكنهم خرجوا بدافع وطنى إلي البنوك لإيداع مدخراتهم فى شهادات قناة السويس طواعية كأول مشروع قومى بعد ثورتين. وفجأة وفى غمرة فرح الأطفال والأسر يدب الظلام، وتغرق القاهرة والجيزة وعدد كبير من المحافظات فى حالة رعب، الخسائر فادحة، المرضى فى خطر، أسرهم فى قلق بالغ، لا خبز، ولا مياه، ولا بيع، ولا شراء، ولا صوت للمكن فى المصانع، ولا وجود لمترو الانفاق علي الخطوط، ولا قطارات، الحركة توقفت، والناس مذعورة فى المنازل، آلاف فروع البنوك توقفت عن استخراج شهادات الاستثمار فى قناة السويس لفترات طويلة حتي تم تشغيل المولدات الكهربائية، السياحة تأثرت بشكل كبير من هذا الحدث المفاجئ الذى قيل انه لم يحدث منذ 20 عامًا، ولكن خفف من الأزمة، تحدى المواطنين لانقطاع الكهرباء واصرارهم علي المشاركة فى المشروع القومى مهما كلفهم من جهد. وزير الكهرباء اعتذر للمواطنين عن هذا الحدث الجلل، الاعتذار فى حد ذاته تصرف حضارى، ولكنه ليس كافيًا لمسح آثار يوم الرعب، الذى كان اساسًا يومًا للوطنية والحب والمشاركة فى مشروع القناة القومى، يومًا للاحتفال بتدشين أول مشروع بأموال المصريين، بمصروف الأطفال، بمدخرات الشباب والعرائس والعرسان، وبتحويشة الشيوخ، من الذى عكنن على المصريين