بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

دفاتر رجال الأعمال

عندما طلب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من رجال الأعمال الاستثمار فى الصناعات الثقيلة, أداروا له ظهورهم وأصموا آذانهم عن نداءته المتكررة لأنهم كانوا يفضلون الأنشطة الخفيفة ذات العائد المالى السريع وبعد ان يئس منهم لجأ إلى التأميم. وبلغت قيمة المصانع المؤممة نحو 454 مليون جنيه وفرض

الحراسة على حوالى ألف رجل أعمال، ما أدى إلى اختفاء الطبقة البرجوازية وهروب بعضهم إلى الخارج. وحين بدأت مرحلة الانفتاح الاقتصادى فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى ولدت من رحم السلطة طبقة جديدة من رجال الاعمال.. لم يكونوا فى أغلبهم من أصحاب الاملاك (المتأصلين) ومن ثم كانوا فى مستوى أقل من حيث النوعية والخصائص. واستباحوا أموال البنوك ليغترفوا منها على قدر ما طالت أيديهم واتسعت جيوبهم.. اقترضوا بدون ضمانات ولا حدود. وذهبت معظم التسهيلات الائتمانية إلى كبارهم بتعليمات شفهية بالتليفون من مسئولى الدولة. حصل 20% منهم على 10% من جملة التسهيلات. وحصل بعضهم على القروض بأسماء اطفالهم القصر. الكثير منهم تعثر فى سداد القروض ومنحته الدولة ممثلة فى البنوك العامة قروضًا جديدة لتسديد ديونهم القديمة. وانتقلت أخبار رجال الأعمال من الصفحات الاقتصادية إلى صفحات الحوادث بعد ان هرب البعض إلى الخارج وقام الآخرون بالاستثمار فى أنشطة الاستيراد والوكالات التجارية وأنشطة المضاربة التى تتسم بسرعة دوران رأس المال دون تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة. وفى عهد مبارك الذى تخلى عن مصانع القطاع العام بتعليمات أمريكا كشرط لتقديم المعونات. وأسرفت حكومات الحزب الوطنى فى تدليل رجال الأعمال وشرعت القوانين من أجلهم. وشهدت البلاد أكبر مسلسل للفساد والنهب المنظم والممنهج. وانتقل رجال الأعمال من مرحلة اغتراف أموال البنوك إلى الاندفاع بشكل غير مسبوق للحصول على أراضى الدولة إلى درجة انه فى غضون ثلاث أو أربع سنوات ـ كما تشير الاحصاءات ـ فازوا بنحو 36 ألف فدان من أراضى المجتمعات العمرانية الجديدة وحوالى 100 مليون متر مربع و24 ألف فدان فى جميع انحاء مصر. وكعادتهم التف كبارهم حول رجال السلطة للتعفر بترابها وحصلوا على نصيب الأسد من المشروعات والعقود. وحيث بلغت مساحة الأرض المخصصة لكل منهم فى مشروع خليج السويس 20 كيلو مترا ماطلوا فى دفع اثمانها ورفضوا ترفيقها وعجزت الحكومة لضعفها أو لتواطئها عن سحب الأراضى منهم بعد ان تمتع هؤلاء بنفوذ سياسى مؤثر من خلال عضويتهم بالحكومة ولجنة السياسات ومشاركتهم فى صنع القرارات الاقتصادية أو

بعضوية البرلمان لتشريع القوانين التى تخدم مصالحهم وتحقق مطامعهم. كما خلقت المعونة الأمريكية أيضًا طبقة من رجال الأعمال ارتبطت مصالحها ومنافعها بالولايات المتحدة التى منحت هؤلاء قروضًا بفائدة 1.5% مؤجلة (حين ميسرة) وكان من بين شروط المنح والاقراض ارساء مشروعات على رجال أعمال بأعينهم. ولما اندلعت ثوره 25 يناير ارتبك بعضهم ولاذ بالصمت والحياد وحتى يدرك ريحا يوجه إليها شراعه ولِمَ لا فقد قال احدهم فى عهد مبارك «خلينى ماشى جنب الحيط» ثم أسس حزبا رصد مئات الملايين للانتخابات البرلمانية القادمة. فيما لجأ البعض الآخر إلى التصدى للثوار مجاملة وطمعًاـ لعل وعسى  لينال الجائزة إذا ما فشلت الثورة  . وأثناء انتخابات الرئاسة فى عام 2013 اجتمع كبارهم مع حسن مالك رجل الأعمال الإخوانى ومحمد مرسى المرشح الرئاسى بعد ما ايقنوا من اتجاه البوصلة إليه وتفاخر احدهم فى هذا اللقاء بأحد فنادق القاهرة بأن اسمه حسن البنا ثم أعلن منذ يومين ان مبارك مظلوم وان الأمة سوف تدفع ثمن ظلمها له (آه يابن البنا). كانوا دوما رجال أعمال السلطة. وحين دعاهم «السيسى» للتبرع لصندوق تحيا مصر تفرقت بهم سبل المصالح واختلفت استجاباتهم ولم تكن التبرعات على قدر توقعات السيسى والشعب ولا على مستوى طموحات شعب ينتظر منهم الكثير لتأسيس مصر الحديثة. ما أشبه الليلة ببارحة عبد الناصر.. ياسيادة الرئيس لا تستجد أحدًا فالشعب أكرم وأعز نفسًا من هؤلاء. لا تقرب ولا تدلل وافتح دفاترهم وسوف تجد فيها الكثير من المستحقات التى تستوجب الاستئداء، ياسيادة الرئيس لاتستسق سحابا يضن علينا ولم نر منه سوى الغمام.