23 يوليو العيد الوطني.. فماذا عن 25 يناير؟!
والجواب جاء سريعا، إذ بعد أيام قلائل من نشر مقاله جاءتني دعوة من السفارة المصرية بالدوحة لحضور الاحتفال بالذكرى الـ 59 للعيد الوطني لجمهورية مصر العربية، " ثورة 23 يوليو المجيدة " - حسب نص الدعوة - يوم السبت 23 يوليو 2011.
إذن، 23 يوليو، العيد الوطني لمصر لم يطرأ عليه أي تغيير، أما يوم 25 يناير2011 حيث انطلقت الثورة الشعبية فلم يتحدد وضعه بعد، هل سيصبح هو العيد الوطني الرسمي، بدلا من يوم 23 يوليو؟، أم سيصبح عيدا وطنيا دون إلغاء عيد يوليو مع إطلاق مسمى وطني آخر عليه؟، أم لا يتم الاحتفال به رسميا؟، لا أحد يعلم، ولا يبدو أن أحدا فكر في هذا الموضوع، أو أنه ليس في ذهن أحد الآن، فالإدارة الحاكمة مشغولة بحالة الارتباك على الساحة السياسية، والفوضى في الشارع، ومعاناة الناس المعيشية والاقتصادية، لكن من الصعب ألا يكون ليوم 25 يناير وضعية وطنية احتفالية خاصة، فهو أحد أهم أيام مصر الخالدة، حيث لأول مرة في تاريخ مصر ينجح الشعب في الإطاحة بنظام حكم سلطوي من خلال ثورة حقيقية نجحت في زمن قياسي في إسقاط نظام عتيد. ثورة أبهرت العالم، وكان يتابعها لحظة بلحظة، وكانت سببا في دفع شعوب عربية أخرى للثورة على نظمها الديكتاتورية الفاسدة طلبا للحرية، مع تقديرنا للثورة التونسية التي أطلقت شرارة الربيع العربي، لكن تبقى ثورة مصر ذات وضعية خاصة بسبب الحشود الجماهيرية المليونية غير المسبوقة في أي ثورة، وبسبب زخمها الذي لم يتوقف طوال أيامها الـ 18 وإجبارها واحدا من أعتى النظم الأمنية بالمنطقة على الخضوع للإرادة الشعبية والرحيل، وبسبب أن الشعب المصري ائتلف تحت خيمتها من كل الفئات والطبقات والمهن والحرف والمستويات دون النظر إلى الجنس أو العمر أو الدين، فكانت ثورة شعبية سلمية بيضاء تصنف الآن ضمن أعظم وأكثر عشر ثورات تأثيرا على مستوى العالم خلال الـ 400 عاما الأخيرة. لكن من أسف فإن ما يجري حاليا هي محاولات من نفر من المنتمين للثورة أو المدعين بالانحراف بالثورة عن مسارها الصحيح وتوجيهها ناحية ضرب الدولة وإصابة البلاد بالشلل التام والتأثير على حياة الناس.
ما حدث مساء 23 يوليو 1952 لم يكن ثورة، إنما انقلاب عسكري على الملك فاروق، ثم التف الشعب حول هذا الانقلاب وأيده، وفيما بعد اصطلح على تسمية ما حدث بأنه ثورة، أما يوم 25 يناير فإنه كان ثورة حقيقية، حيث قام بها الشعب المصري وبشكل عفوي، وإذا كان الشباب أطلق شرارتها صباح هذا اليوم، فإن الشعب كله التف حول ثورته، واتخذ من ميدان التحرير مكانا ورمزا لها، ويحسب للجيش المصري الوطني العظيم إنه أيد الثورة وحماها، كأنه يرد الجميل للشعب على ما فعله معه قبل 59 عاما.
25 يناير هو اليوم الذي تحتفل فيه
25 يناير أسقط جمهورية الحكم السلطوي غير الديمقراطي، وهو بصدد التأسيس لجمهورية جديدة تقوم على مبادئ الحرية والديمقراطية ليكون القرار فيها للشعب، وهذا جدير بأن يكون هذا اليوم عيدا وطنيا، بل يكون على رأس أعيادنا الوطنية، دون المساس بمناسبة 23 يوليو الوطنية.