بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

السلع المدعمة‮.. ‬خدعة للغلابة‮!‬

في‮ ‬الماضي،‮ ‬كانت الأسرة المصرية،‮ ‬تنعم بأكثر من ‮٨ ‬سلع أساسية مدعمة،‮ ‬تصرفها شهرياً‮ ‬علي‮ ‬البطاقة التموينية‮.. ‬هذه السلع كانت تتمتع بجودة عالية من جهة،‮ ‬وبأسعار منخفضة جداً،‮ ‬ وكانت هذه الحصة تكفي‮ ‬الأسرة طوال الشهر،‮ ‬عندما كانت الدولة تهتم بالمواطنين،‮ ‬خاصة الفقراء ومحدودي‮ ‬الدخل‮.. ‬ورغم أن البلاد‮ - ‬وقتها‮ - ‬كانت في‮ ‬ظروف أصعب مما هي‮ ‬عليه الآن،‮ ‬لكنها كانت حريصة علي‮ ‬دعم المواطن،‮ ‬والتكفل بتوفير احتياجاته من جميع السلع الأساسية‮.‬

وفي‮ ‬ظل حكومات الحزب الوطني،‮ ‬تقلصت هذه الحصة من السلع،‮ ‬إلي‮ ٣ ‬سلع فقط،‮ ‬بدون جودة،‮ ‬وبأسعار مرتفعة،‮ ‬وقد تتوفر لدي‮ ‬البقال التمويني،‮ ‬أو تدعي‮ ‬الحكومة‮ - ‬ممثلة في‮ ‬وزارة التضامن‮ - ‬أن هناك أزمة،‮ ‬ويظل المستحقون بدون سلع لشهور متتالية،‮ ‬حتي‮ ‬إن الموزعين التموينيين اكتشفوا ألاعيب الحكومة،‮ ‬التي‮ ‬تستهدف إلغاء الدعم‮ ‬عن السلع التموينية‮.‬

هذا التحقيق‮ ‬يطرح القضية علي‮ ‬المواطنين‮.. ‬وموزعي‮ ‬السلع التموينية‮.. ‬فماذا قالوا؟

البطاقات التموينية حافظة سلع الفقراء ومحدودي‮ ‬الدخل‮.. ‬حائرة مع سياسات الحكومة‮.. ‬فتارة تقوم بتقليص عدد السلع المسجلة عليها،‮ ‬وتارة أخري‮ ‬تسعي‮ ‬لزيادة أسعارها‮.. ‬وأمام الواقع الأليم الذي‮ ‬يعيشه أكثر من نصف المواطنين،‮ ‬تحت خط الفقر‮.. ‬هؤلاء‮ ‬يعانون من ألاعيب الحكومة،‮ ‬في‮ ‬نوعية وأسعار السلع التموينية المدعومة‮.‬

وكانت هذه السلع‮ - ‬إلي‮ ‬وقت ليس ببعيد‮ - ‬يصل عددها إلي‮ ٨ ‬سلع أساسية،‮ ‬حصة كل مواطن علي‮ ‬بطاقة التموين،‮ ‬كانت تضم الفول والعدس والمكرونة والصابون والأرز والشاي‮ ‬والسكر والزيت،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬صرف كوبونات‮ »‬الكيروسين‮« ‬التزاماً‮ ‬من الدولة بدعم‮ ‬غير القادرين،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن صرف حصص من القماش والدقيق علي‮ ‬البطاقات التموينية أيضاً‮.‬

لكن في‮ ‬ظل حكومات الحزب الوطني‮ ‬الحالية،‮ ‬تفنن وزير التضامن الاجتماعي‮ ‬في‮ ‬تخفيض عدد سلع هذه البطاقات،‮ ‬سلعة وراء أخري،‮ ‬حتي‮ ‬تقلصت إلي‮ ٣ ‬سلع فقط،‮ ‬هي‮: ‬الأرز والسكروالزيت،‮ ‬ولم‮ ‬يكتف بذلك،‮ ‬لكنه رفع أسعار أهم سلعتين‮ ‬يعتمد عليهما الفقراء وهما السكر والزيت،‮ ‬وذلك منذ شهر مايو الماضي،‮ ‬حيث قامت بتوحيد سعر‮ »‬الزيت‮« ‬الأساسي‮ ‬والإضافي‮ ‬بواقع ‮٣ ‬جنيهات للكيلو،‮ ‬بدلاً‮ ‬من جنيه واحد،‮ ‬وكذلك توحيد سعر صرف السكر الأساسي‮ ‬والإضافي‮ ‬بـ ‮٥٢.١ ‬جنيه،‮ ‬بدلاً‮ ‬من ‮٠٦ ‬قرشاً،‮ ‬مع العلم بأن سعر السكر الأساسي‮ ‬كان ‮٠٦ ‬قرشاً،‮ ‬بينما الإضافي‮ ٥٧١ ‬قرشاً،‮ ‬وسعر كيلو الزيت الأساسي‮ ‬كان جنيهاً‮ ‬واحداً،‮ ‬والإضافي‮ ‬كان ‮٥٢.٤ ‬جنيه،‮ ‬فيما تصرف حصة الأرز من أردأ الأنواع،‮ ‬التي‮ ‬لا تصلح إلا علناً‮ ‬للطيور،‮ ‬حتي‮ ‬هناك تفكير باستبداله بالمكرونة‮.‬

وقد بررت الحكومة توحيد الأسعار بزعم القضاء علي‮ ‬تسريب السلع المدعومة وحماية المواطنين من مغالطات البقالين،‮ ‬التموينية في‮ ‬الأسعار والكميات التي‮ ‬يرفض المواطنون استلامها‮.‬

خداع المستفيدين

الواقع والإحصاءات كشفت أن عدداً‮ ‬كبيراً‮ ‬من المواطنين لا‮ ‬يحصلون علي‮ ‬السلع الإضافية،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يدفعون أسعاراً‮ ‬كبيرة في‮ ‬السلع القليلة الأساسية التي‮ ‬يكتفون بها‮.‬

وقد أوضح استطلاع رأي‮ ‬لمركز معلومات مجلس الوزراء،‮ ‬أن ‮٤٩‬٪‮ ‬من المبحوثين لا‮ ‬يستطيعون الاستغناء عن البطاقات التموينية،‮ ‬وأن ‮٢٥‬٪‮ ‬لا‮ ‬يحصلون علي‮ ‬السلع في‮ ‬البطاقة،‮ ‬بينما ‮٨٤‬٪‮ ‬يحصلون علي‮ ‬بعض السلع خاصة السكر والزيت‮.‬

وإحصاءات أخري‮ ‬ذكرت أن ‮٥٢‬٪‮ ‬من أصحاب البطاقات التموينية لا‮ ‬يحصلون علي‮ ‬السلع الإضافية‮.‬

هذا فضلاً‮ ‬عن سوء ورداءة السلع التموينية الثلاث،‮ ‬التي‮ ‬تنعم بها الحكومة علي‮ ‬الفقراء،‮ ‬فالأرز‮ - ‬كما وصفه مواطنون‮ - ‬درجة رداءته تصل إلي‮ ‬أنه لا‮ ‬يصلح إلا علفاً‮ ‬للحيوانات‮ - ‬وليس‮ ‬غذاء للبشر،‮ ‬والسكر معرض للرطوبة والحبيبات متماسكة ومتلاصقة ببعضها وفيه شوائب،‮ ‬أما الزيت فرائحته كريهة‮.‬

فإلي‮ ‬هذا الحد‮ ‬يصل استهتار الحكومة بالغلابة ومحدودي‮ ‬الدخل،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تتحدث فيه عن الحفاظ علي‮ ‬دعم السلع التموينية الذي‮ ‬ارتفعت قيمته من ‮٤ ‬إلي‮ ٠١ ‬مليارات جنيه،‮ ‬في‮ ‬حين زاد عدد المستفيدين من دعم السلع التموينية من ‮٥.٨٣ ‬إلي ‮٤٦ ‬مليون مواطن،‮ ‬بعد إضافة المواليد الجديدة للبطاقات‮.‬

ومن المتوقع أن‮ ‬يزيد العدد إلي‮ ‬أكثر من ‮٧٦ ‬مليون مواطن،‮ ‬بعد استخراج البطاقات التموينية الجديدة‮.‬

‮»‬الوفد‮« ‬قامت بجولة علي‮ ‬منافذ صرف الحصص التموينية للتعرف علي‮ ‬مدي‮ ‬معاناة المواطنين ورأيهم في‮ ‬السلع المخصصة لهم،‮ ‬وسياسات الحكومة تجاهها‮.‬

سلع رديئة

عبدالحكيم رباح‮ - ‬علي‮ ‬المعاش‮ - ‬قال‮: ‬إن السلع التموينية أصبحت الآن رديئة للغاية،‮ ‬ما بين الأرز المكسر،‮ ‬والسكر المليء بالشوائب،‮ ‬والزيت ذي الرائحة‮ ‬غير المستساغة،‮ ‬فالتجار‮ ‬يقومون بتوريد أسوأ ما لديهم لمنافذ توزيع السلع التموينية‮.‬

وأضاف أنه لا‮ ‬يوجد وجه من المقارنة بين ما كان‮ ‬يصرفه المواطن في‮ ‬الزمن الماضي،‮ ‬وما‮ ‬يصرفه الآن،‮ ‬فقد كنا زمان نصرف علي‮ ‬البطاقة التموينية ما‮ ‬يكفينا ويسد احتياجاتنا،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن أن السلع كانت جيدة،‮ ‬كنا نستلم ما‮ ‬يزيد علي‮ ٨ ‬سلع،‮ ‬ما بين الفول والعدس بنوعيه،‮ ‬والمكرونة والصابون والسكر والشاي‮ ‬والزيت والأرز والدقيق والقماش،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬كوبونات الكيروسين‮.‬

محمد عبدالرحمن‮ - ‬موظف‮ - ‬قال‮: ‬إننا نعاني‮ ‬كثيراً‮ ‬للحصول علي‮ ‬الحصة التموينية،‮ ‬إما أن تكون السلع‮ ‬غير متوفرة عند البقال،‮ ‬وإما أن نكون ماكينة البطاقة الذكية عطلانة،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬يجعلني‮ ‬أذهب ‮٣ ‬أيام لصرف الحصة،‮ ‬وهذا‮ ‬يسبب لي‮ ‬مشاكل في‮ ‬عملي‮ ‬كل شهر‮.‬

إذلال للناس

عبدالتواب توفيق‮ - ‬علي‮ ‬المعاش‮ - ‬أكد أن الحكومة تسعي‮ ‬جاهدة لتضييق الخناق علي‮ ‬أفراد الشعب وإذلالهم،‮ ‬فلم‮

‬يكفيها تقليص عدد السلع المنصرفة علي‮ ‬البطاقة،‮ ‬بل أيضاً‮ ‬تصرف لهم سلعاً‮ ‬سيئة جداً،‮ ‬ونجبر علي‮ ‬استلامها،‮ ‬لأنه ليس هناك مفر،‮ ‬فالأسعار نار في‮ ‬الأسواق،‮ ‬والمعاش لا‮ ‬يكفي‮ ‬التزامات الأولاد،‮ ‬وقد علمنا مؤخراً‮ ‬أنه سوف‮ ‬يتم استبدال الأرز بالمكرونة،‮ ‬وهذا الأمر‮ ‬غير منطقي،‮ ‬فالأسرة لا‮ ‬غني‮ ‬لها عن الأرز،‮ ‬مع العلم بأن المكرونة كانت تصرف إلي جانب الأرز فيما سبق،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬عدم توفر كل السلع التموينية لدي‮ ‬الموزع،‮ ‬فبعد المعاناة والطوابير انتظاراً‮ ‬لاستسلام الحصة،‮ ‬والقيام بسداد المبلغ‮ ‬المقرر،‮ ‬لم أحصل إلا علي‮ ‬سلعة واحدة،‮ ‬أو اثنتين،‮ ‬مما‮ ‬يجعلني‮ ‬أحضر عدة مرات،‮ ‬وهذا‮ ‬يرهقني‮ ‬وأنا مريض‮.‬

رجب عبدالحميد‮ - ‬بواب‮ - ‬قال إنني‮ ‬أقوم بصرف حصتي‮ ‬لعدد ‮٦ ‬أفراد،‮ ‬والمفروض أن أدفع ‮٥.٥٤ ‬جنيه،‮ ‬إلا أن البقال‮ ‬يحصل مني‮ ‬علي‮ ٨٤ ‬جنيهاً،‮ ‬بحجة أن ذلك مقابل النقل والمشال،‮ ‬فهل‮ ‬يعقل أن‮ ‬يتحمل المواطن مقابل نقل السلع للبقال‮.‬

وأضاف أن الكمية المنصرفة لا تكفي‮ ‬شيئاً،‮ ‬وتنفد بعد أيام قليلة من صرفها،‮ ‬ونحرم أنفسنا من شرب الشاي‮ ‬بسبب‮ ‬غلاء السكر الذي‮ ‬وصل سعره إلي‮ ٧ ‬جنيهات‮.‬

تعسف وحرمان

روبي‮ ‬فاروق‮ - ‬موظف‮ - ‬قال إن الحكومة تنظر للمواطن بشيء من الدونية،‮ ‬وتصرف له سلعاً‮ ‬تموينية تنفع لأن تكون علفاً‮ ‬للحيوانات،‮ ‬لأنها لا تصلح للإنسان،‮ ‬ورغم رداءتها نضطر لصرفها،‮ ‬بسبب الغلاء الفاحش في‮ ‬الأسعار،‮ ‬ولا نعلم لماذا حرمتنا الحكومة من الفول والعدس علي‮ ‬البطاقة التموينية؟‮! ‬فهما سلعتان تساهمان في‮ ‬سد احتياجات وميزانية الأسرة‮.‬

حتي‮ ‬عندما شرعت الحكومة في تحديث البطاقات الورقية،‮ ‬واستبدالها بالذكية،‮ ‬لم تراع أشياء كثيرة،‮ ‬أهمها‮: ‬إذا لم‮ ‬يحضر المواطن للحصول علي‮ ‬حصته التموينية حيت‮ ‬يوم ‮٠٣ ‬في‮ ‬الشهر،‮ ‬تسقط حصته،‮ ‬مع العلم أننا وقت البطاقة الورقية،‮ ‬كان‮ ‬يمكننا الحصول علي‮ ‬حصة الشهرين معاً،‮ ‬إذا تعذر الحصول علي‮ ‬إحداها في‮ ‬كل الشهور،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن أعطال ماكينة البطاقة الذكية التي‮ ‬تتكرر كثيراً،‮ ‬مما‮ ‬يجعلنا نتردد كثيراً‮ ‬علي‮ ‬البقال التمويني‮ ‬لصرف الحصة الشهرية،‮ ‬وذلك‮ ‬يثقل المواطن لأعباء كثيرة‮.‬

غير متوفرة

أحمد محمود‮ - ‬أحد موزعي‮ ‬السلع التموينية‮ - ‬قال إن السلع التموينية في‮ ‬الغالب‮ ‬غير متوفرة،‮ ‬فلو توفر السكر،‮ ‬يكون هناك أزمة في‮ ‬الأرز،‮ ‬والعكس،‮ ‬كما أن البطاقة الذكية لها مشاكل عديدة،‮ ‬منها أنه في‮ ‬أوقات كثيرة تتعرض لعمل محاضر من مفتش التموين،‮ ‬بسبب عشوائية الجرد،‮ ‬فهناك عدد كبير من المواطنين ليس لديهم البطاقة الذكية،‮ ‬ولازالوا‮ ‬يصرفون حصصهم بالبطاقة الورقية‮.‬

وأضاف أن سبب تردد بعض المستحقين عن صرف حصصهم إلي‮ ‬أسباب عديدة،‮ ‬منها أنه في‮ ‬بعض الأوقات نحتاج الماكينة لإعادة شحن فيصعب صرف السلع للمواطنين‮. ‬وسبب آخر هو عدم توفر جميع السلع التموينية في‮ ‬وقت واحد‮.‬

وبالنسبة لتقليص عدد السلع التموينية علي‮ ‬البطاقات،‮ ‬فهذا صحيح وتقلصت إلي‮ ٣ ‬سلع فقط،‮ ‬حتي‮ ‬الأرز والسكر والزيت،‮ ‬وكان فيما سبق‮ ‬يتم صرف سلع عديدة،‮ ‬مثل السمن والمكرونة والفول والعدس والدقيق،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬الأرز والسكر والزيت والشاي،‮ ‬وكانت جودتها أعلي‮ ‬من الآن،‮ ‬ولكن هذه الجودة تراجعت،‮ ‬وصارت السلع المنصرفة سيئة،‮ ‬حتي‮ ‬إن بعض المستحقين‮ ‬يرفضون استلام بعضها مثل المكرونة والسمن والفول والعدس،‮ ‬فتم إلغاؤها تماماً‮ ‬من الحصص التموينية‮.‬

ويبدو أن الحكومة عندما تريد أن ترفع الدعم من سلعة تموينية،‮ ‬تلجأ إلي‮ ‬صرفها للمواطن من أردأ الأنواع،‮ ‬كي‮ ‬يرفضها،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يتم تقليص السلع التموينية‮ - ‬كما هو حاصل الآن‮ - ‬ثم تدعي‮ ‬أن المواطن رفض استلامها‮.‬