بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

كلنا في‮ ‬الهم شرق‮.. ‬وتزوير‮!‬

يبدو أننا لسنا وحدنا،‮ ‬الذين أصابهم وباء تزوير الانتخابات‮.. ‬وأن هناك‮ ‬غيرنا في‮ ‬هذا العالم الذي‮ ‬تأكله الآن العواصف والزلازل وتكاد تخنقه الثلوج‮.‬ ولكن الواضح أن وباء التزوير‮ ‬يضرب أكثر دول المشرق‮.. ‬وكذلك معظم الدول التي‮ ‬تعاني‮ ‬فقرًا في‮ ‬الضمير العام‮.. ‬وان كانت‮ ‬غنية في‮ ‬مصادر الثروة،‮ ‬وأن اختلف معني‮ ‬كلمة الثروة‮.‬

وعندما نشكو‮- ‬في‮ ‬مصر‮- ‬من تزوير الانتخابات فإن علينا أن ننظر إلي‮ ‬ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬بلاد‮ ‬غيرنا،‮ ‬فربما كانت بلادنا أحسن حالاً‮ ‬ولكنني‮ ‬أقول ذلك تخفيفاً‮ ‬من مرارة ما وقع لنا نحن كل المصريين‮.. ‬وقديماً‮ ‬قالوا من‮ ‬يشاهد مصائب الآخرين‮.. ‬تهون عليه بلاويه‮.. ‬والمصائب والبلاوي‮ ‬عندنا تتساوي‮!!‬

‮** ‬وقد شهد العالم العديد من البلاوي‮ ‬والهزائم‮- ‬في‮ ‬الأيام الأخيرة‮- ‬العديد من البلاوي‮ ‬الانتخابية،‮ ‬نقصد عمليات التزوير الانتخابي‮ ‬الفاضح‮.. ‬بعضها حدث مواكباً‮ ‬لما جري‮ ‬عندنا‮.. ‬والبعض وقع بعدنا بأيام قلائل‮.‬

ففي‮ ‬ساحل العاج كما نطلق عليها،‮ ‬أو كوت ديفوار لمن‮ ‬يتمسحون بالنظم الغربية جرت انتخابات رئاسية‮. ‬ولكن نتائجها لم تعجب الرئيس الجالس علي‮ ‬العرش فقرر الا‮ ‬يعترف بها‮. ‬فرفض النتيجة التي‮ ‬جاءت برئيس‮ ‬غيره‮.. ‬وتمسك بالكرسي‮ ‬رغم أن كل العالم وقف ضد هذا الموقف‮.. ‬وطالب الرئيس الطامع في‮ ‬البقاء علي‮ ‬كرسي‮ ‬الحكم بالاعتراف بالأمر الواقع‮.. ‬وتسليم السياسي‮ ‬الذي‮ ‬اختارته الأغلبية مقاليد الحكم‮.. ‬ولكنه أبي‮ ‬وتجبر‮.. ‬وصمم علي‮ ‬التمسك بكرسي‮ ‬العرش ولو علي‮ ‬جماجم أبناء شعبه‮.. ‬ومازالت المشكلة قائمة وكل طرف‮ ‬يتمسك برأيه‮: ‬الرئيس الذي‮ ‬لم‮ ‬يفز‮ ‬يتمسك ويهدد باستخدام قوة الدولة التي‮ ‬مازالت تحت امرته‮.. ‬والرئيس المنتخب الذي‮ ‬يملك قوة الشارع‮.. ‬وقوة الاضراب والعصيان المدني‮.. ‬وقد لا‮ ‬ينتهي‮ ‬هذا الصراع الا بانقلاب عسكري‮ ‬يطيح بالاثنين‮: ‬الشرعي‮ ‬وغير الشرعي‮.. ‬ولكن هذا الانقلاب سيوجد علي‮ ‬الساحة السياسية قوة جديدة هي‮ ‬قوة الانقلاب‮.. ‬وقوة قائد هذا الانقلاب‮.. ‬وبذلك تدخل ساحل العاج في‮ ‬متاهة رهيبة من الفوضي‮.. ‬ليستمر جوع الشعب الذي‮ ‬ترقد تحت أرضه وتحت مياهه مصادر عظيمة من الثروة التي‮ ‬هي‮ ‬مطمع كل حاكم‮ ‬يجثم علي‮ ‬صدور أبنائه‮.. ‬ولا أحد‮ ‬يعرف كم سرق الرئيس الذي‮ ‬يتمسك بكرسي‮ ‬العرش‮.. ‬ولا من سبقوه‮. ‬ذلك أن ثروات الشعوب كلأ مستباح لكل واحد منهم‮.. ‬وربما أمامنا مثال رئيس دولة نصفها عربي‮ ‬مسلم ونصفها زنجي‮ ‬غير مسلم قالت عنه وثائق موقع ويكيليكس انه أودع باسمه‮ ‬9000‮ ‬مليون دولار في‮ ‬بنوك بريطانيا‮.. ‬من عائدات بترول بلاده المتنازع عليه بين الشمال والجنوب‮.. ‬بعد أن ظل هذا الرئيس‮ ‬يحكم بلاده باسم‮ »‬ثورة الانقاذ‮« ‬أكثر من عشرين عاماً‮!! ‬يعني‮ ‬كل سنتين بألف مليون دولار‮.. ‬يا بلاش‮!!‬

‮** ‬وهذه دولة شرقية أخري‮.. ‬كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي‮ ‬السابق‮.. ‬استقلت عن هذا الاتحاد،‮ ‬بعد أن تحول إلي‮ ‬رجل العالم المريض‮.. ‬ثم ابتلاها الله بسياسي‮ ‬جثم علي‮ ‬أنفاسها منذ تم انتخابه عام‮ ‬1994‮ ‬في‮ ‬أول انتخابات رئاسية جرت عام‮ ‬1994‮ ‬ولكنه استمرأ كرسي‮ ‬العرش وتمسك بالجلوس عليه‮.. ‬وأعيد انتخابه مرة عام‮ ‬2001‭.‬‮. ‬ثم مرة أخري‮ ‬عام‮ ‬2006‮ ‬ويبدو أنه صمم ألا‮ ‬يترك العرش وكرسي‮ ‬العرش فأراد أن‮

‬يعاد انتخابه لمرة رابعة هذه الأيام‮.. ‬وبالطبع ليس ذلك حبًا في‮ ‬العمل السياسي‮ ‬العام أو في‮ ‬خدمة بلاده‮.. ‬بل حبًا في‮ ‬أشياء أخري‮ ‬تعرفونها جيدًا أنتم معشر شعوب الشرق‮.‬

انها روسيا البيضاء‮- ‬أو بيلو روسيا‮- ‬التي‮ ‬لم تعد بيضاء بل هي‮ ‬روسيا الحمراء‮.. ‬فقد زور رئيسها ألكسندر لوكا شينكو الانتخابات،‮ ‬وأعلن إعادة انتخابه رئيسًا للبلاد بعد ما أعلنه من انه فاز بحوالي‮ ‬80٪‮ ‬من أصوات الناخبين‮.. ‬والطريف ان نسبة الذين شاركوا في‮ ‬هذه الانتخابات زادت علي‮ ‬90٪‮ ‬أي‮ ‬نفس النغمة الشرقية‮- ‬المصرية المشتركة سواء في‮ ‬نسبة المشاركين‮.. ‬أو في‮ ‬نسبة الذين أعطوه أصواتهم‮.. ‬بالتزوير طبعاً‮.‬

‮** ‬فهل‮ ‬يا تري‮ ‬مازال ألكسندر هذا‮ ‬يعيش في‮ ‬عصر قياصرة الروس القدامي‮ ‬أم هو نسخة عصرية من النظم الدكتاتورية التي‮ ‬عرفها العالم؟

والطريف ان هذا الدكتاتور‮- ‬شرقي‮ ‬السلوك‮- ‬عاقب المعترضين بعلقة ساخنة شملت منافسيه في‮ ‬الانتخابات‮.. ‬وشملت أيضا مؤيديهم‮.. ‬ومنهم من دخل المستشفي‮.. ‬ومنهم من‮ ‬ينتظر بينما نددت الدول الديمقراطية بالقوة المفرطة التي‮ ‬استخدمها ألكسندر ضد المتظاهرين،‮ ‬الذين حاولوا اقتحام بعض المباني‮ ‬الحكومية‮.‬

‮** ‬ويبدو أن رئيس روسيا الحمراء‮- ‬البيضاء سابقاً‮- ‬لم‮ ‬يتعلم من كبيرهم فلاديمير بوتين‮- ‬رجل روسيا الأم القوي‮- ‬عندما ترك كرسي‮ ‬العرش القيصري‮ ‬القديم ليصبح رئيساً‮ ‬للوزراء‮.. ‬ولكن بعد أن عدل الدستور بما‮ ‬يعطي‮ ‬لرئيس الوزراء سلطات أكبر مما كانت له‮.. ‬تمهيدًا لعودته من جديد بعد فترة رئاسية‮- ‬كما‮ ‬يسمح الدستور‮- ‬إلي‮ ‬كرسي‮ ‬القياصرة‮.. ‬وساعتها سوف‮ ‬يسترد بوتين لكرسي‮ ‬الرئاسة كل السلطات التي‮ ‬كانت له في‮ ‬السابق‮.‬

‮** ‬إن أحدًا لا‮ ‬يتعلم‮.. ‬لأن بريق السلطة والمال‮ ‬يفوق كل شيء وليس أفضل في‮ ‬رأيهم من كرسي‮ ‬العرش،‮ ‬ولو كان علي‮ ‬جماجم الشعب‮.. ‬فالحصيلة دائمًا رائعة‮.. ‬وهي‮ ‬بمليارات الدولارات ولكن أحدًا لا‮ ‬يتعظ لا من كل القياصرة القدامي‮ ‬ولا مما حدث لصدام حسين‮.. ‬وما سيحدث للرئيس البشير‮.‬

‮** ‬ولكن تبقي‮ ‬الحكمة المصرية الأزلية التي‮ ‬تقول إن‮: ‬الكفن ليس له جيوب‮.. ‬يا تري‮ ‬مين‮ ‬يتعظ‮.. ‬ومين‮ ‬يتعلم‮.. ‬ومين‮ ‬يعرف أن الله أحق‮!!‬