بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

نصيحة جمال مبارك‮!‬

نصح جمال مبارك الشباب ذات مرة،‮ ‬أن يسألوا المعارضين‮: ‬من أين سيحصلون علي مصادر لتمويل مشروعاتهم‮.. ‬وقال لابد أن يحدد صاحب أي مشروع مصادر تمويله‮.. ‬وإلا فإن الشعب هو الذي سيدفع ذلك‮.. ‬وأظن أن جمال مبارك كان يريد أن يقول‮ »‬اتركونا في حالنا نحكم‮.. ‬واحمدوا ربنا‮«.. ‬فنحن نفكر ونقدم الحلول،‮ ‬ونعرف مصادر التمويل‮.. ‬أما أنتم فلا تعرفون شيئاً،‮ ‬وتريدون أن تحكموا دون علم‮.. ‬ولذلك ضرب‮ »‬جمال‮« ‬مثلاً‮ ‬بزيادة المرتبات‮.. ‬وقال إن الحكومة عندما ضاعفت المرتبات للجهاز الإداري للدولة،‮ ‬مولتها من زيادة أسعار الكهرباء،‮ ‬في المصانع كثيفة العمالة،‮ ‬وزيادة رسوم تراخيص السيارات،‮ ‬ورفع أسعار البنزين عالي الجودة‮.. ‬وأعتقد أن الشباب لم يفهم النصيحة في حينها،‮ ‬منذ شهور،‮ ‬إلا حينما أجريت الانتخابات وتم استبعاد المعارضين جملة وقطاعي‮.. ‬وأعتقد أيضاً‮ ‬أنه لم يجد في كلام أمين السياسات حلاً‮ ‬منطقياً‮.. ‬لأنه مثلاً‮ ‬قام بتمويل الزيادة،‮ ‬من خلال رسوم أو ضرائب أو بيع أصول‮.. ‬وليس بزيادة الانتاج،‮ ‬وهو التمويل الحقيقي في مواجهة التمويل الوهمي‮.. ‬الذي لجأت إليه الحكومة‮!‬

الجانب الوحيد في هذه النصيحة الذي فهمناه،‮ ‬أن جمال مبارك يكره المعارضة،‮ ‬ولا يتسع صدره للنقد‮.. ‬ولا يتصور فكرة تداول السلطة‮.. ‬كما أنه في المقابل لا يتصور نفسه بعيداً‮ ‬عن دائرة الحكم‮.. ‬سواء لأنه نجل الرئيس،‮ ‬أو لأنه باحث عن فرصة للرئاسة‮.. ‬أو حتي كأمين للسياسات‮.. ‬وإن لم يكن عنده ما يقدمه‮ ‬غير الرسوم والضرائب وبيع الأصول‮.. ‬وهو يستوي في ذلك مع المعارضة التي لا يريدها‮.. ‬لأنها لا تقدم أفكاراً‮ ‬جادة،‮ ‬أو لأنها لا تعرف مصادر التمويل،‮ ‬لما تطرحه من مشروعات‮.. ‬لا يختلف جمال عن المعارضة التي ينتقدها في شيء‮.. ‬غير أن أحداً‮ ‬من الشباب المشارك في معسكر إعداد القادة،‮ ‬لم يسأل جمال‮: ‬وما هو الجديد إذا كنتم تقدمون بديلاً‮ ‬وهمياً؟‮.. ‬لا

هو بديل يتعلق بزيادة الانتاج،‮ ‬ولا بمزيد من التنمية،‮ ‬وإنما هو البديل الأسهل‮.. ‬كما يبيع مواطن‮ ‬غرفة نومه‮.. ‬ثم‮ ‬غرفة الأطفال‮.. ‬ثم يتسلي كل يوم بجهاز من الأجهزة‮.. ‬حتي ينام علي البلاطة‮.. ‬وهو هنا لم يقدم شيئاً‮ ‬ملموساً‮.. ‬وإنما باع عفشه‮!‬

الأصل أن يذوق جمال مبارك مرارة المعارضة‮.. ‬كما ذاق حلاوة الحكم‮.. ‬حتي يعرف الفارق جيداً‮.. ‬وحتي يعرف أن المعارضة لا تملك‮ ‬غير طرح الأفكار والمشروعات‮.. ‬وهي مسألة في حد ذاتها تحتاج إلي التقدير،‮ ‬أكثر من النقد،‮ ‬وأكثر من التضييق،‮ ‬وأكثر من المطاردة في كل الساحات‮.. ‬وربما يعرف الشباب الآن أن النية كانت مبيتة لتصفية الجميع‮.. ‬ومطاردة الجميع‮.. ‬حتي سقطت المعارضة وسقطت مصر في الانتخابات البرلمانية الأخيرة‮.. ‬وأصبحت أضحوكة العالم‮.. ‬واصبحت الانتخابات مطعونة في شرعيتها،‮ ‬وأصبح النظام يفتقد للشرعية،‮ ‬ويفتقد للدعم الدولي في أي مناسبة‮.. ‬وهذه هي الكارثة التي لا يعرفها،‮ ‬الذين يديرون شئون البلاد‮.. ‬فهم فقط يريدون أن يحكموا‮.. ‬وهم فقط يريدون أن يكونوا وحدهم‮.. ‬بلا معارضة‮.. ‬إن لم تقدم أفكاراً‮ ‬انتقدوها وإن قدمت أفكارها ضحكوا عليها‮.. ‬واعتبروها لا تملك تمويل المشروعات،‮ ‬ولا تعرف مصادرها‮.. ‬بينما جمال وشركاه يملكون التمويل من اللحم الحي‮.. ‬ويقدمون ذلك علي أنه نصيحة‮!!‬