بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الأفعى والشيطان

القاتل والقاتلة
القاتل والقاتلة

تنكرت لسنوات العِشرة مع زوجها، فقد رأتها سنوات عجافا، أبدا لم تشعر بأنها أصبحت أما لثلاثة بنات فى عمر الزهور، ولم تقنع بما قسمه الله لها،

بل ظلت ثائرة على عيشتها، تندب حظها، فقد خرجت من بيت أبيها الفقير لتذهب إلى بيت زوجها الأشد فقرا، لقد خارت قوى الزوج بعد أن أنهكه العمل فى الحقول كعامل بسيط يتقاضى أجرا يوميا لا يكاد يكفى لقمة العيش، لكن زوجته كانت ترى أن لقمة العيش لم تكن كافية وحدها للعيش مع رجل ضعيف البنيان لا يستطيع الوفاء بمتطلبات النساء، فتركته فى أول محطة يدق فيها قلبها، فقد وجدت ضالتها المنشودة فى ابن الخالة الطالب بالثانوية، فتمرغا فى الوحل، بعد أن تشابكت الأيدى وتفككت العادات والتقاليد، وأصبح المكان البسيط الطاهر خرابة موحشة هجرها الملائكة وحل محلها الأفاعى والشياطين، ولم يكتف العاشقان بذلك بل قررا التخلص من الزوج لينهلا من الحرام ما استطاعا إليه سبيلا.
نشأت «كريمة» فى منزل بسيط يحتضنه نهر النيل فى قرية مزاتا شرق التابعة لمركز دار السلام، مع والدها العامل الأجرى وأشقائها الصغار، وكان كل همها أن تتزوج، لتستريح من الحياة الكئيبة فى منزل أسرتها، ولم تكن بالجميلة التى يتهافت عليها الشبان، ولم تكن أيضا من عائلة كبيرة يسارع إليها العرسان، بل كانت فتاة عادية، ولم يكن «على» بالعريس المغرى أو الشاب الوسيم، بل إنه كان عريسا والسلام، وقد وافقت عليه الأسرة نظرا لأنه إنسان بسيط وقريب للعائلة، وتم الفرح المتواضع، وانتقلت كريمة من بيت أبيها إلى بيت زوجها، ولم تشعر بأن هناك تغييرا قد حدث، ولم يمض عام حتى رزقها الله بأول مولودة «دعاء» ثم أعقبتها «فريال» ثم كانت «نعمة».
وقد شاءت إرادة الله أن تصاب ابنتها دعاء بثقب فى القلب، فترددت هى وزوجها بها على المستشفيات العامة، ولكنها لم تبرأ من سقمها، فقررا الذهاب بها إلى القاهرة بعد أن اقترض الأب مبلغا من المال يعينه على الذهاب إلى أطباء مصر الذين يحصلون على مبالغ كبيرة فى الكشف والتحاليل والاستشارات الطبية، وأخذ الزوجان الابنة المريضة إلى القاهرة حيث التقدم الطبى وخلافه من دور الاستشفاء، وفى الطريق أخبرت كريمة زوجها بأن خالتها تقيم فى منطقة شبرا فلماذا لا يذهبون إليها للإقامة هناك ليوفروا مصاريف الفندق؟ ووافق الزوج على مضض بهذه الفكرة، ثم توجهوا إلى سكن الخالة، فاستقبلتهم بكرم أهل الصعيد المعهود، وخاصة أنها لم تكن قد رأت ابنة أختها منذ عشر سنوات.
ترك «السيد» ابن الخالة مذاكرته وذهب للترحيب بالضيوف الذين حضروا إليهم لأول مرة من الصعيد، وما هى إلا دقائق والتقت عيون كريمة والسيد وكأن الأيام قد خبأت فى طياتها شيئا، ولم يكن الأمر صعبا فى تكهنه، فقد وجدت هى ضالتها المنشودة، ولم يعارض هو ذلك الأمر فقد كان شابا مراهقا يبحث عن ذاته فوجدها فى ابنة الخالة، وما هى إلا أيام حتى كانت الخلوة، التى أثمرت عن الخطيئة المتوقعة فى مثل هذه الظروف، ولكن الزوج أو الخالة لم يلاحظا شيئا، وبعد أسبوع من الإقامة بشقة الخالة قرر الزوج أن يأخذ زوجته وابنته ليعودوا من حيث أتوا، بعد أن أجرى الفحوصات

اللازمة على الطفلة المريضة.
أيام معدودات ولم تطق الزوجة فراق العشيق، فاتصلت به وأخبرته برغبتها فى رؤيته، وبادلها كلمات الحب، فاتفقا على اللقاء فى أثناء فترة إعادة كشف الصغيرة فى الشهر المقبل بالقاهرة، وكان اللقاء الثانى بينهما، ثم تعددت اللقاءات المحرمة، وأكد لها العشيق بأنه لا يستطيع العيش بعيدا عنها، بل إنه قال لها إنه يريد أن يتزوجها، فضحكت وقالت له كيف ذلك؟ هل نسيت أنى متزوجة؟ فأخبرها بأنه سوف يتزوجها بعد موت زوجها، فأبدت تعجبها من كلامه، وسألته متى يموت الزوج؟ فقال لها عندما أحضر إليكم فى سوهاج، ثم استقل أول قطار، وذهب إلى منزل ابنة خالته، ولم يتأخر الزوج المخدوع فى رد الجميل فقد كان السيد وأمه فى غاية الكرم مع أسرته أثناء وجودها فى الشهر الماضى بمنزلهم بشبرا، ولكن ابن الخالة أضمر فى نفسه أمرا ما، ثم أخبر به عشيقته، فوافقت دون تردد على أن تقوم باستدراج زوجها إلى الزراعات المتاخمة للمنزل بحجة البحث عن تليفون ابن الخالة الذى فقده فى النهار، فذهب الزوجان إلى المكان ليلا، ثم خرج العشيق من الزراعات وعاجل الزوج بطعنات نافذة فى الصدر والرقبة وتركه ينزف بقايا الحياة، وقام بدفعه إلى الترعة المجاورة، وراح يحتفل مع عشيقته بالتخلص من حجر العثرة الذى كان يقف فى طريقهما، ولكن شاءت إرادة السماء ألا تغرق الجثة بل ظلت على الشط، ليكتشفها أول عابر للطريق فى الصباح الباكر، فسارع لإبلاغ اللواء إبراهيم صابر مدير أمن سوهاج، فأمر بتشكيل فريق بحث بإشراف العميد حسين حامد مدير المباحث وقيادة العقيد أحمد الراوى رئيس فرع البحث بقطاع الشرق لكشف غموض الجريمة، حيث توصلت التحريات إلى أن الزوجة وابن خالتها من وراء الجريمة.
تمكن الرائد مصطفى التهامى معاون أول مباحث دار السلام من القبض على الزوجة وعشيقها واعترفا بجريمتها تفصيليا وقاما بتمثيلها أمام النيابة العامة فأمرت بحبسهما أربعة أيام على ذمة التحقيقات، وصرحت بدفن جثة الزوج بعد تشريحها لبيان سبب الوفاة، وكلفت المباحث بالتحرى عن الواقعة وتولت التحقيق بإشراف المستشار معتز بريرى المحامى العام لنيابات جنوب سوهاج.