بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

قراءة في‮ ‬ملف الانتخابات‮!‬

بحلوها ومرها انتهت انتخابات مجلس الشعب وفاز فيها من فاز‮.. ‬وربح البيعة من خرج من تشكيل هذا المجلس الذي‮ ‬يتشكك في‮ ‬شرعيته الكثيرون‮. ‬لكن إذا أردنا أن نقيم النتائج بشكل موضوعي‮ ‬وبأمانة وحيادية تامة ودون انسياق وراء الزوابع التي‮ ‬خلفتها هذه الانتخابات وعلي‮ ‬وجه الخصوص الخروج‮ ‬غير المتوقع لبعض الرموز البرلمانية‮. ‬وبعضها لم‮ ‬يكن متوقعا حتي‮ ‬لقيادات الحزب الوطني‮ ‬لو جرت الانتخابات في‮ ‬ظروف طبيعية‮. ‬ولكن علينا أن ندرك ان الحزب الوطني‮ ‬خطط ليخوض هذه الانتخابات مستخدما كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة بما فيها أسلحة التدمير الشامل لكل القوي‮ ‬الحزبية الشرعية أو‮ ‬غيرها من المستقلين انطلاقاً‮ ‬منه أنه‮ ‬يخوض انتخابات ويخطط للفوز بها‮.‬

 

وانطلاقا من أن كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة‮ ‬يجري‮ ‬استخدامها لدينا في‮ ‬مصر في‮ ‬كل الدوائر الانتخابية وخاصة لمن‮ ‬يملك عناصر القوة ويجيد فن استخدامها ولديه كتائب التنفيذ‮. ‬لذلك‮ ‬يجدر بنا جميعا أن ندرك ونعي‮ ‬مأثور القول ان من‮ ‬يدخل الغابة فعليه ألا‮ ‬يخشي‮ ‬زئير الأسد ومن‮ ‬ينزل البحر فلابد أن‮ ‬يكون مجيدا لفن العوم وإلا فعليه أن‮ ‬يتحمل العاقبة‮.‬

وفي‮ ‬البلدان المتقدمة ديمقراطيا تلعب البرامج الانتخابية للأحزاب والمرشحين دورا أساسياً‮ ‬في‮ ‬توجيه أصوات الكتلة التصويتية الحرجة والأكبر حجما وتأثيرا وترجيحا لتلعب دورها الفاعل والمرجح شريطة أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وبعيدة عن كل الشبهات والتلاعبات‮. ‬لكن عندنا فالأمر مختلف وحدث ولا حرج ولا‮ ‬يكفي‮ ‬ما قاله مالك لوصف ما أقرته هذه الانتخابات التي‮ ‬جرت وفق معايير ليس من بينها كامل معايير الشفافية أو النزاهة أو الحيادية‮. ‬ورغم المعايير التي‮ ‬أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات والإشراف القضائي‮ ‬الذي‮ ‬أصابه ما أصابه وصدرت عنه اتهامات تدين العديد من النتائج وتشكل شهادة دامغة علي‮ ‬وجود بعض وقائع الفساد التي‮ ‬تلقي‮ ‬بظلالها علي‮ ‬النتائج‮.‬

ووفق دفتر أحوال الانتخابات فقد لعبت القدرة المالية والعصبيات بأشكالها المختلفة الدور الفاعل والحاسم في‮ ‬نتائج العديد من الدوائر بل وأفرزت نتائج مقبولة في‮ ‬العديد من الدوائر لكنها تحكمت بكل أشكال التحكم والتلاعب في‮ ‬نتائج العديد من الدوائر حيث سيطرت علي‮ ‬العملية من بدايتها وحتي‮ ‬نهايتها مرورا علي‮ ‬استخدام الفتوات والبلطجية ومحترفي‮ ‬تقفيل الصناديق والتصويت نيابة عن الأحياء وكذا الأموات الذين لا‮ ‬يوالون سوي‮ ‬مرشحي‮ ‬الحزب الوطني‮.‬

وأحسب أن ما حدث مع المستشار الشافعي‮ ‬كان أمراً‮ ‬رمزياً‮ ‬وكاشفا لقدرة الحزب الوطني‮ ‬في‮ ‬توجيه دفة الأمور عبر موظفي‮ ‬المحليات والشرطة وبعض رجال القضاء الذين آثروا الصمت وأدركوا أن الأمر فوق طاقتهم‮. ‬ورغم هذا ورغم كل ما قيل إلا أنه لابد من القول إن هناك من الرجال الأمناء والشرفاء كثيرين وفي‮ ‬كل المواقع من رجال القضاء والشرطة والمحليات وهم من تعقد عليهم مصر آمالها في‮ ‬إمكانية إجراء انتخابات تتصف بالنزاهة والشفافية والحيادية لأنهم جزء من نسيج مصر بكل ما له وما عليه وفيهم ما في‮ ‬مصر من كمال وعيوب وفي‮ ‬الانتخابات عادة تستخدم كل الأسلحة والأساليب ومن‮ ‬يترك الانتخابات‮ ‬يعرف ألاعيبها وعليه تقبل النتائج والتعامل معها بقوانين الانتخابات التي‮ ‬خاضها وقبل بها‮.‬

ولذلك وكما ذكرت في‮ ‬البداية عندما نحاول بموضوعية تحليل نتائج هذه الانتخابات فإن الأمر‮ ‬يحتم سرد هذه المقدمة للترابط الشديد بينها وبين نتائج الانتخابات‮. ‬لذلك سوف أبدأ بالتحليل الرقمي‮ ‬لنتائج هذه الانتخابات وما كان متوقعا لها قبل بدايتها وربط ذلك بعناصر القوة والضعف للأحزاب وكذلك المرشحين وأدوات وأساليب اللعب في‮ ‬هذه المباراة الانتخابية الأحادية‮. ‬وأحسب أن الأهرام كان قد أجري‮ ‬استقصاء لم تكن نتائجه بعيدة عن الحيادية وصدق التحليل العلمي‮. ‬ولذلك ومن حيث الأرقام ودلالاتها والتوقعات القبلية كان هناك في‮ ‬المتوسط عشرة مرشحين لكل مقعد وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن احتمال الفوز لكل مرشح هو‮ ‬10٪‮. ‬وإذا أخذ في‮ ‬الاعتبار عناصر القوة والتميز لعدد من المرشحين وخاصة تأثير عنصر القوة المالية والعصبية

العائلية وبإضافة حرفية التعامل والقبول لدي‮ ‬الناخبين والمساندة الحزبية وسيطرة الحزب الوطني‮ ‬علي‮ ‬كل مفاتيح اللعبة نجد أن فرصة الحزب الوطني‮ ‬للفوز بنسبة في‮ ‬حدود‮ ‬80٪‮ ‬عادية‮. ‬ولذلك كان متوقعا وأنا أتحدث عن رؤية تحليلية لواقع كان أمام الجميع أن‮ ‬يفوز الحزب الوطني‮ ‬بعدد في‮ ‬حدود أربعمائة مقعد علي‮ ‬أن تكون المقاعد الباقية موزعة بين جماعة الإخوان المسلمين والوفد وما في‮ ‬حدود خمسين مقعداً‮ ‬ربما مناصفة وباقي‮ ‬المقاعد في‮ ‬حدود ستين مقعداً‮ ‬للمستقلين والأحزاب الأخري‮ ‬ومنها الغد والناصري‮ ‬والتجمع ويحصل كل حزب علي‮ ‬عدد من المقاعد‮ ‬يتراوح بين مقعدين وخمسة مقاعد‮.

‬وهذا ما ذكرته في‮ ‬عدد من اللقاءات والمشاركات والحوارات التي‮ ‬شاركت فيها وكان من بينها حوار الأحزاب حيث كان لي‮ ‬شرف تمثيل حزب الغد فيها‮. ‬لكن وهذه شهادة أمام الله أن الحزب الوطني‮ ‬استخدم كل الأدوات والأساليب ليس فقط للسيطرة القابضة علي‮ ‬الأغلبية الكاسحة في‮ ‬المجلس بل الأهم من ذلك لإسقاط مرشحي‮ ‬الإخوان المسلمين والعديد من رموز المعارضة‮. ‬وكان للحزب الوطني‮ ‬ما أراد انطلاقا من سيطرته علي‮ ‬كل أدوات المباراة سواء الحكم أو مراقبي‮ ‬الخطوط أو مذيع المباراة والمعلقين عليها أو السيطرة الأمنية ولهذا حصل علي‮ ‬النتيجة المرغوبة والمطلوبة‮. ‬ولا أحداً‮ ‬يلوم أحد خاصة بعد أن تحكمت لقمة العيش في‮ ‬رقاب العباد علي‮ ‬طول وعرض البلاد ورحمة الله علي‮ ‬النزاهة والشفافية‮. ‬ولذلك فإن مجلس الشعب في‮ ‬هذه الدورة هو المجلس الوطني‮ ‬للشعب لأنه‮ ‬يحتوي‮ ‬علي‮ ‬420‮ ‬مقعداً‮ ‬وطني‮ ‬صريح والمستقلون علي‮ ‬مبادئ الوطني،‮ ‬أما المعارضة والمستقلون بحق فلا‮ ‬يتجاوز عددهم ثلاثين‮. ‬ومن المتوقع استبقاء المستقلين علي‮ ‬مبادئ الوطني‮ ‬مرتدين زي‮ ‬المستقلين ذرا للرماد‮.‬

أما ظاهرة العنف والبلطجة وحرفية تقفيل الصناديق والقري‮ ‬واستدعاء الموتي‮ ‬للتصويت فكلها أمور عادية ومتوقعة لكن ما لم‮ ‬يكن متوقعا فهو البجاحة والإفراط في‮ ‬ذلك في‮ ‬العديد من الدوائر‮. ‬وأحسب أن القضاء العادل أصدر أحكامه ببطلان الانتخابات في‮ ‬العديد من الدوائر بسبب ما شابها من إجراءات باطلة وبأدلة دامغة وقبل أن‮ ‬يصبح المجلس سيد قراره بالحق والباطل‮.‬

وأحسب أن هذه الأحكام وغيرها هي‮ ‬ما سوف‮ ‬يستند عليها الكثيرون في‮ ‬الطعن بعدم شرعية المجلس الذي‮ ‬يتوقع الكثيرون أن أجله قريب ولن‮ ‬يتعدي‮ ‬عاما ونصف العام ليصدر قرار حله إما لعدم الشرعية والدستورية وإما لإعادة ترتيب الأوراق خاصة أنه فيما‮ ‬يبدو أن عزرائيل‮ ‬يسعي‮ ‬الآن وراء أعضاء المجلس الطيبين‮. ‬ويبدو أن الله سبحانه وتعالي‮ ‬هو صاحب قرار حل هذا المجلس الذي‮ ‬غدا سيد قراره بعد أداء اليمين‮.‬