بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الرئاسية أولًا


 

حسنًا فعل الرئيس عدلى منصور بتعديل خارطة المستقبل، وإجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات البرلمانية، ففى ذلك استجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة، وما تفرضه من ضرورة المرونة ومواكبة الأحداث بما يتلاءم وصحيح مواجهتها.

فليس من شك أن حضورًا أقوى للدولة المصرية إنما يتجسد فى شخص رئيسها، لا يقلل ذلك من أهمية ودور المكونات الدستورية للدولة، بوصفها ركائز الدولة الديمقراطية الحديثة التى نسعى جميعًا نحو إقرارها، والعيش فى ظلها، ضمانًا لإنفاذ الإرادة الشعبية الحرة التى انطلقت فى الخامس والعشرين من يناير، وكررت الملايين النداء بها فى الثلاثين من يونيو.
ومع التقدير الكامل لدلالة نجاحنا فى إقرار دستور يعبر بصدق عن الهوية المصرية الجديدة التى أفرزتها الثورة المصرية، فإن الانتخابات الرئاسية خطوة واثقة على الطريق، من شأنها التأكيد على ما للثورة من قوة دفع هائلة، لابد وأنها بالغة بها أهدافها.
ولسوف تفرض الانتخابات الرئاسية المقبلة بعض المظاهر التى لا ينبغى تناولها باعتبارها انشقاقات فى الصف الوطني، قدر ما هى تعبير حى عن ممارسة ديمقراطية، تسمح لنا بالاختلاف، دون أن تتيح لأى منا احتكار الحقيقة، وصولًا إلى تأميم الوطنية وتشويه الآخر.
وإذا كانت قوة الصراع السياسى على كرسى الرئاسة من الظواهر الصحية، خاصة فى ظل ما يشهده المجتمع من ديمقراطية وليدة، فإن العملية الديمقراطية لا تتيح للصراع السياسى الاستعانة بأدوات وآليات لطالما عانت الحياة السياسية المصرية فى ظلها، حتى بات المواطن على ثقة من أنها لا تعبر عن إرادته، ولا تمثل طموحاته، وهو أمر لا يمكن تقبله بعد الثورة المصرية المجيدة.
فلا ينبغى أن تشهد الانتخابات الرئاسية الكثير من المظاهر السلبية التى شهدها السباق الرئاسى الذى أفرز حكم الإخوان، حيث حفل بالعديد من الممارسات التى لم تكن بالقطع مؤشرًا لحياة ديمقراطية حقيقية، وهو ما حدث بالفعل، واستوجب الأمر استئناف الثورة المصرية فى الثلاثين من يونيو.
وليس يعيب الانتخابات الرئاسية أن تشهد بعض الصفقات السياسية، فلا تخلو العملية السياسية، فى شتى دول العالم، من صفقات، شريطة أن تتبنى قيم الحكم الرشيد، من المساءلة إلى سيادة القانون إلى الشفافية، وغير ذلك من القواعد المعمول بها فى كافة النظم الديمقراطية التى نطمح فى الانضمام إليها.
غير أن حملات التشهير، ذائعة الانتشار فى ممارساتنا الانتخابية البالية، لا ينبغى أن تجد لها محلًا ونحن نضع لبنات مجتمع جديد، يتطلع كل منا فيه إلى أداء واجبه الوطني، لا يحكمه فى ذلك إلا ضميره الوطني، وقد استند إلى ما لديه من حس وطنى فى سبيل تحديد وجهته وأهدافه.
ولنضع فى المكان الصحيح، داخل الإطار الأمنى والقانوني، كل ما ستقوم به الجماعة الإرهابية وأعوانها من أعمال تهدف إلى إحداث انقطاع فى المسيرة الوطنية، فظلم لتجربتنا الديمقراطية الناشئة أن نحسب عليها جملة من الأعمال الإرهابية، التى أخطأت الجماعة بها الطريق فاتجهت بها نحو العمل السياسي.
ومن ثم، فكل الأمل أن يشهد المجتمع المصرى حالة سياسية صحية، ربما تترك صداها الطيب فيما هو قادم من انتخابات برلمانية، فنكون قد أسسنا لقيم لا ينبغى أن تغيب عن دولتنا الديمقراطية الحديثة التى لا يمكن اختزالها فى مؤسسات دستورية، بينما نفتقد لجوهر القيم الديمقراطية.
«الوفد»