بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الرئيس‮ ‬يتحدث اليوم عن أوروبا‮!!‬

بعد الانتصار الساحق لحزب الحكومة في‮ ‬الانتخابات البرلمانية اتصل الرئيس الأمريكي‮ ‬أوباما بالرئيس مبارك،‮ ‬وقدم له التهنئة وأبدي‮ ‬اعجابه بهذا النصر الساحق وطلب منه ارسال وفد من الحزب الوطني‮ ‬الحاكم إلي‮ ‬واشنطن بغرض تعليم الامريكان كيفية ادارة العملية الانتخابية بنجاح كبير،‮ ‬ووافق رئيسنا علي‮ ‬طلب الرئيس الامريكي‮ ‬وسافر وفد مصري‮ ‬برئاسة احمد عز إلي‮ ‬بلاد العم سام‮! ‬وبعد فترة من الوقت اتصل‮ »‬الباشمهندس عز‮« ‬بالرئيس مبارك قائلاً‮: ‬مبروك‮ ‬يا ريس‮.. ‬حزبنا‮.. ‬الحزب الوطني‮ ‬الديمقراطي‮ ‬فاز في‮ ‬الانتخابات الامريكية واكتسح الحزبين الجمهوري‮ ‬والديمقراطي‮!! ‬إنها نكتة متداولة في‮ ‬الشارع المصري‮ ‬تعبر عن سخرية المصريين من أحمد عز وحزب الحكومة والنظام الحاكم كله احتجاجا علي‮ ‬الانتخابات المهزلة التي‮ ‬جرت ببلادنا مؤخراً‮.. ‬وطرق الاحتجاج عند اهل بلدنا متنوعة بما فيها النكتة ذات الهدف‮.‬

وهناك دعابة أخري‮ ‬لكنها حقيقية هذه المرة‮! ‬فمنذ أيام قليلة زار بلادنا مسئول كبير بدولة‮ »‬بوروندي‮« ‬وهي‮ ‬بلد صغير‮ ‬يقع في‮ ‬قلب افريقيا،‮ ‬وأبدي‮ ‬اعجابه بالتجربة المصرية،‮ ‬وقال إن هناك تشابهاً‮ ‬في‮ ‬الاوضاع السياسية بين الدولتين،‮ ‬فالنظام الحاكم في‮ »‬بوروندي‮« ‬اكتسح الانتخابات هو الاخر،‮ ‬وحاز علي‮ ‬الاغلبية الساحقة واستطاع السيطرة علي‮ ‬البرلمان تماما‮! ‬وياقلبي‮ ‬لا تحزن اذا كان حال بلادي‮ ‬يشبه ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬دولة افريقية مجهولة،‮ ‬وبدلا من ان نرتقي‮ ‬إلي‮ ‬مقام الكبار أصبحنا قدوة للصغار‮!‬

ومن حقك أن تسألني‮ ‬عن علاقة تلك المداعبات التي‮ ‬ذكرتها مع عنوان مقالي‮: ‬الرئيس‮ ‬يتحدث اليوم عن أوروبا‮!! ‬وأقول إن من علامات النهاية أن الحاكم لايدري‮ ‬شيئاً‮ ‬عما‮ ‬يحدث في‮ ‬بلده‮!! ‬وأراهن أن الرئيس مقتنع بالفعل أن حزبه حزب عملاق اكتسح بالفعل الانتخابات التي‮ ‬كانت حرة ونزيهة حتي‮ ‬ولو شابتها بعض الشوائب علي‮ ‬حد قوله‮! ‬وقد استمعت إلي‮ ‬خطابه قبل أيام عند لقائه مع الفائزين من أعضاء حزبه في‮ ‬تلك الانتخابات الباطلة‮! ‬وبدا لي‮ ‬أنه‮ ‬يتكلم عن أوروبا وليس عن مصر‮! ‬فهو‮ ‬يتحدث عن الانجازات العملاقة التي‮ ‬تمت وكيف استطاعت تغيير وجه الحياة في‮ ‬مصر خلال الخمس سنوات الاخيرة،‮ ‬واليوم سيكرر ذات الكلام عند افتتاح الدورة الجديدة

للبرلمان‮..‬

ولا‮ ‬يدري‮ ‬أن الحياة في‮ ‬بلدنا ازدادت صعوبة خلال تلك الفترة التي‮ ‬سيطر فيها نجله جمال ورفيقه أحمد عز علي‮ ‬مقاليد مصر المنكوبة بتحالف الاستبداد السياسي‮ ‬ورأس المال لتعود بلادي‮ ‬من جديد‮ »‬للخلف در‮«.. ‬إلي‮ ‬أوضاع ما قبل الثورة بطريقة أكثر سوءاً‮ ‬وربنا‮ ‬يرحم بشوات زمان فلا وجه للمقارنة بينهم وبين الاثرياء الجدد الذين التفوا حول ولي‮ ‬العهد جمال مبارك وهو‮ ‬يتطلع إلي‮ ‬عرش مصر خلفا لوالده‮!!‬

و»الأوهام‮« ‬التي‮ ‬يعيش فيها الرئيس مبارك نراها شائعة عند معظم العاملين معه‮!! ‬وقد قرأت تصريحا لرئىس الوزراء احمد نظيف‮ ‬يقول فيه إن نجاح وزرائه التسعة الذين خاضوا انتخابات مجلس الشعب دليل علي‮ ‬شعبية الحكومة‮!! ‬وهكذا‮ ‬يتأكد لك الهوة الواسعة التي‮ ‬تفصل بين هؤلاء الذين‮ ‬يحكموننا والناس العاديين الذي‮ ‬يعانون صعوبات حادة في‮ ‬حياتهم اليومية بسبب الاوضاع المتردية والطريقة التي‮ ‬يتم بها حكم بلادنا،‮ ‬والمشكلة أنه لا‮ ‬يوجد أمل في‮ ‬تحسن أحوالنا في‮ ‬ظل ما هو قائم حاليا وكل الطرق مسدودة‮.. ‬واليوم اسوأ من الأمس،‮ ‬وربنا‮ ‬يستر علي‮ ‬بكرة‮! ‬ولم‮ ‬يستطع مبارك بعدما‮ ‬يقرب من ثلاثين سنة من الحكم أن‮ ‬ينهض بأحوال البلد ويدخل تحسنا ملموسا في‮ ‬حياة المواطن العادي‮! ‬بل فشل بجدارة في‮ ‬ذلك وبدلا من أن‮ ‬يرحل نجده‮ ‬يصر علي‮ ‬البقاء،‮ ‬ويجري‮ ‬انتخابات هي‮ ‬الأسوأ من نوعها في‮ ‬تاريخ مصر كلها‮.. ‬يارب متي‮ ‬الخلاص‮..‬؟