ميزان المحبة
في عيد ميلاد السيد المسيح له المجد أنشد الملائكة قائلين: «المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة». وجاء السيد المسيح برسالة الحب والسلام، ودعا وعلم بالسلام وقال «طوبي لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون». وقال «أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم وأحسنوا إلي مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم»، وقال أيضا «وإن جاع عدوك فأطعمه
وإن عطش فأسقه»، وعلي ذلك فالمحبة هي الميزان الذي يوزن به الله أعمالنا في اليوم الأخير ولذلك لا تقاس أعمالنا الخيرة بكثرتها ولكن بمقدار ما فيها من حب –لا تقل لله تبارك اسمه إني قد وقفت وصليت وركعت ثلاث ساعات أو أنفقت من أموالي علي وجوه الخير عشرة آلاف من الجنيهات.. يجيبك الله قائلا «ليس المهم في عدد الساعات أو الآلافات بل في مقدار الحب في عطائك وفي مشاعرك أثناء صلاتك»، فقد يصلي الناس رياء ويقدمون من أموالهم حباً في الظهور والمجد الباطل أو مجاملة أو لكي ينالوا مديحاً من الناس أو مقابل خدمات.. وقد يصلي الناس لله خوفا من جهنم أو طمعاً في الجنة وهذه ليست محبة لله علي الإطلاق، لأن العبادة إذا كانت مبنية علي الخوف والرهبة أو علي الطمع والرغبة فلا تعد بالحقيقة عبادة. إنما العبادة الحقيقية هي أن يقوم الناس بأعمال العبادات والطاعات والمروءات محبة لله في عمل الخير لأن الله سبق وأحبنا ومن فيض حبه شاء فخلقنا من العدم، ولم يمنحنا فقط نعمة الوجود بل وهب لنا أيضا نعمة الخلود في الحياة الأخرى بعد الموت والموت هنا محبة من الله للناس لأنه لولا الموت لتهالك الناس علي ملاذ الحياة الدنيا وتعلقوا بالحياة الأرضية، وبالموت يستريح الناس من الأمراض ومن الشيخوخة ومن وهن الجسد وينتقلون لعالم الروح في السماء ويقومون في اليوم الأخير بأجساد روحانية ونورانية لا تجوع ولا تعطش ولا تمرض ولا تتزاوج ولا تتكاثر ولا تمارس الشهوات التي كانت علي الأرض.
إن كل عمل يعمله الإنسان يخلو من الحب فإنما يخلو من قيمته ومن أهميته ولا يكون هو عمل الله في الإنسان. والله يريد قلباً عامراً
إننا في عيد الميلاد المجيد نصلي إلي الله أن ينعم علي مصرنا الغالية بالأمن والسلام وأن يحل بسلامه في كل ربوع الأرض وأن يوفق كل وطني مخلص يعمل من أجل رفعه مصر ورفاهية شعبها وأن يحفظ مصر سماءها وأرضها ونيلها وزرعها ووحدتها الوطنية.
المحامي
سوهاج – ساقلتة