بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

حماد‮:‬ تخلف العرب وراء استعلاء إسرائيل

وصف الأدب العبري‮ ‬بأنه بوابة التعرف علي‮ ‬هوية المجتمع الإسرائيلي من الداخل،‮ ‬وإسرائيل نفسها تترجم الأدب العربي‮ ‬للتعرف علي‮ ‬مجتمعنا؛

ونحن قد ترجمنا كل أعمال نجيب محفوظ،‮ ‬ويوسف إدريس،‮ ‬ومن الأعمال الفلسطينية،‮ ‬جميع أعمال إيميل حبيبي،‮ ‬محمود درويش،‮ ‬وسميح القاسم،‮ ‬ومن السعودية جميع دواوين الشاعر الراحل‮ ‬غازي‮ ‬القصيبي،‮ ‬بالإضافة إلي الشاعر العراقي‮ ‬أحمد مطر‮.‬
وذكر الدكتور أحمد حماد أستاذ الأدب العبري‮ ‬بجامعة عين شمس وصاحب ترجمة كتاب‮ »‬القدس في‮ ‬المفاوضات المصرية‮ - ‬الإسرائيلية‮« ‬مقولة نابليون بونابرت قبل أن‮ ‬يغزو الشعوب‮ »‬إذا أردت أن تعرف شعباً‮ ‬فاستمع إلي تراثه الشعبي،‮ ‬أو أغانيه‮«‬،‮ ‬مؤكداً‮ ‬أن إسرائيل تعرف عنا أكثر مما نعرفه‮.‬
ويري‮ »‬حماد‮« ‬أن الأعمال الأدبية تكشف المجتمع من الداخل لأنها تتخلي‮ ‬عن الحذر وضبط النفس الذي‮ ‬يحكم الدراسات السياسية،‮ ‬والعبرية هي‮ ‬إحدي‮ ‬اللغات السامية وتتفق كثيراً‮ ‬مع اللغة العربية،‮ ‬والمترجم العربي‮ ‬يكون أكثر كفاءة في‮ ‬التعامل مع النصوص العبرية عنه من أي‮ ‬مترجم أجنبي‮ ‬آخر‮.‬
كما أن الترجمات العربية للأعمال العبرية تدفع عنا ضرر الترجمات الإسرائيلية للأدب باللغة العربية لما فيها من أكاذيب لا‮ ‬يشير إليها المترجم‮.‬
وتساءل‮: ‬هل المجتمع المصري‮ ‬لايزال في‮ ‬مرحلة مراهقة نخشي‮ ‬عليه من معرفة الآخر وسبر أغواره؟،‮ ‬وأين المؤسسات الثقافية المعنية بترجمة الأدب؟
سألناه عن رأيه في‮ ‬الشخصية الإسرائيلية واختلافها أو اتفاقها مع حكامها،‮ ‬وعن صورة المواطن العربي‮ ‬في‮ ‬عيون الإسرائيليين،‮ ‬وعن كيفية توصيل الصورة الصحيحة،‮ ‬وأثرنا معه العديد من القضايا الشائكة‮.. ‬وإلي نص الحوار‮:‬

‮< ‬حلل="" لنا="" الشخصية="">

‮- ‬من المعروف أن الشخصية،‮ ‬أي‮ ‬شخصية،‮ ‬تتكون من عدة مدخلات تتنوع بين المدخلات الدينية والبيئية والاجتماعية والسياسية أيضاً،‮ ‬إضافة إلي‮ ‬مدخلات نفسية،‮ ‬تساهم كلها في‮ ‬تقديم مخرج نهائي نصطلح هنا علي‮ ‬تسميته باسم‮ »‬الشخصية‮« ‬المميزة لإنسان ما‮.. ‬وبالنسبة للشخصية الإسرائيلية،‮ ‬لابد أن نحدد أولاً‮ ‬حدود تعبير‮ »‬إسرائيلي‮«. ‬كلمة إسرائيلي في‮ ‬العصر الحديث لا تعني‮ ‬أكثر من المواطن المقيم داخل حدود دولة إسرائيل،‮ ‬هذا لتفرق بينه وبين تعبير الشخصية العبرية وتعبير الشخصية اليهودية‮. ‬لأنه لا وجود في‮ ‬العصر الحديث لما‮ ‬يسمي‮ ‬بالشخصية العبرية،‮ ‬لأن العبريين انتهوا من التاريخ بدخولهم إلي‮ ‬مصر في‮ ‬أعقاب‮ ‬يوسف عليه السلام‮. ‬أما‮ »‬اليهود‮« ‬فاليهودية ديانة وليست عرقاً‮. ‬وبالتالي‮ ‬إذا قلنا الشخصية اليهودية فلابد أن‮ ‬يكون معيار القياس هنا دينياً؛ كأن نقول مثلاً‮ ‬الشخصية الإسلامية أو الشخصية المسيحية‮. ‬وعود إلي الشخصية الإسرائيلية‮. ‬مكونات هذه الشخصية ترجع في‮ ‬المقام الأول إلي‮ ‬البعد الديني‮ ‬الذي‮ ‬رسخته مفاهيم التوراة في‮ ‬الشخص الإسرائيلي،‮ ‬فالمفاهيم التوراتية قائمة علي‮ ‬نظرية الاختيار التي‮ ‬تؤدي بالضرورة إلي الاستعلاء علي الآخر،‮ ‬وبالتالي‮ ‬الانفصال عنه والنظر إليه باعتباره مخلوقاً‮ ‬دونياً،‮ ‬لذا‮ ‬يمكن القول إن الشخصية الإسرائيلية لديها إحساس زائد‮ (‬زائف‮) ‬بالتفوق العربي‮ ‬وبالتالي‮ ‬بالتميز عن كل المخلوقات بما في‮ ‬ذلك الإنسان الغربي‮ ‬والأمريكي،‮ ‬لأن الضرورة الحالية تقتضي‮ ‬التعامل معهم من منظور مغاير فإن الشخصية الإسرائيلية ترجئ مؤقتاً‮ ‬أي‮ ‬تعامل استعلائي تجاه الإنسان الغربي‮ ‬أو الأمريكي‮.‬

والمكون الثاني‮ ‬لهذه الشخصية‮ ‬يرجع إلي البعد الحضاري،‮ ‬فبما أن هذا الإنسان هو في‮ ‬المقام الأول أوروبي‮ ‬يتمتع بكل السمات العرقية الأوروبية،‮ ‬لذا فهو علي‮ ‬قناعة بأنه متميز علي‮ ‬كل القاطنين في‮ ‬الشرق الأوسط،‮ ‬لذا نجد التشدق بالمفاهيم الديمقراطية واعتبار أن إسرائيل هي‮ ‬واحة الديمقراطية في‮ ‬مجتمع محيط‮ ‬يتسم أساساً‮ ‬بالتخلف،‮ ‬من وجهة نظرهم‮.‬

أما المكون الثالث فهو لا‮ ‬يرجع إلي‮ ‬الشخصية اليهودية نفسها بقدر ما‮ ‬يرجع إلي البيئة الشرق أوسطية المحيطة‮. ‬فالتخلف الحضاري‮ ‬والثقافي‮ ‬في‮ ‬المجتمع المحيط عزز لديهم النظرة الاستعلائية تجاه الآخر؛ أضف إلي‮ ‬ذلك أنهم في‮ ‬ذاكرتهم الجمعية‮ - ‬وهي‮ ‬مكون مهم من مكونات الشخصية الإسرائيلية‮ - ‬لديهم شعور بأنهم لا‮ ‬ينتمون فعلاً‮ ‬للمكان وأنهم نبت‮ ‬غريب في‮ ‬هذه المنطقة لكن قدرهم‮ (‬الديني‮) ‬يحتم عليهم أن‮ ‬يكونوا ضياء للشعوب وشموعاً‮ ‬تنير الطريق للآخرين،‮ ‬الأمر الي‮ ‬وضعهم مرة أخري‮ ‬في‮ ‬دائرة الاستعلاء والإحساس بالتفوق‮.‬

‮< ‬وهل="" تختلف="" طريقة="" تفكيرها="" عن="" طريقة="" تفكير="">

‮- ‬يجب هنا الفصل بين طريقة التفكير العامة التي‮ ‬يتسم بها الفرد الإسرائيلي،‮ ‬أياً‮ ‬كان،‮ ‬وبين المدخلات السياسية التي‮ ‬تتطلب بالضرورة من المشتغل بها مواءمة معاييره مع الواقع والمتغيرات السياسية،‮ ‬فالفرد الإسرائيلي العادي‮ ‬كما قلنا له معاييره الخاصة المستمدة من عدة مدخلات ويشاركه في‮ ‬هذا أيضاً‮ ‬السياسي،‮ ‬لكن السياسي‮ ‬يختلف عنه في‮ ‬تطويع هذه المدخلات وفقاً‮ ‬للتغييرات السياسية التي‮ ‬يجب عليه التعامل معها،‮ ‬لكن هذا لا‮ ‬يعني‮ ‬أن هناك قاسماً‮ ‬مشتركاً‮ ‬بينهم جميعاً‮ ‬وهو خط أحمر لا‮ ‬يجوز تجاوزه لا للسياسي‮ ‬ولا للرجل العادي‮.‬

وإذا كنا قد قلنا من قبل إن الشخصية الإسرائيلية تتسم بالاستعلائية تجاه الآخر فينسحب هذا أيضاً‮ ‬علي‮ ‬الشخصية العربية حال تعامل الشخصية الإسرائيلية معها،‮ ‬ويضاف هنا أن الشخصية العربية في‮ ‬المنظور الإسرائيلي‮ ‬شخصية معادية بحكم الخلافات التاريخية القديمة وكذلك الفروق الدينية،‮ ‬وهي‮ ‬كلها عوامل جعلت الشخصية الإسرائيلية تضع الشخصية العربية في‮ ‬الدرك الأسفل من التصنيف‮.‬

‮< ‬ومن="" المسئول="" عن="" توصيل="" الصورة="" الصحيحة="" للمواطن="">

‮- ‬لكي‮ ‬تصل الصورة الصحيحة إلي‮ ‬الإسرائيلي عله‮ ‬يعدل مفاهيمه ورؤيته للشخصية العربية،‮ ‬فهذا الدور‮ ‬يناط بالمثقفين العرب في‮ ‬المقام الأول،‮ ‬حيث‮ ‬يقع عليهم العبء الأكبر في‮ ‬تغيير مفاهيم المواطن الإسرائيلي تجاه العربي‮. ‬ولن‮ ‬يتأتي ذلك إلا من خلال الخطاب الثقافي‮ ‬العقلاني‮ ‬غير المتشنج‮. ‬كما‮ ‬يقع أيضاً‮ ‬جزء من المسئولية علي‮ ‬من‮ ‬يدرسون المجتمع الإسرائيلي،‮ ‬فدورهم هو عدم تبني‮ ‬أفكار الآخر وجلبها إلي‮ ‬القارئ العربي‮ ‬كما هي،‮ ‬بل‮ ‬يمتد دورهم إلي‮ ‬معالجة المعلومة ويصل أيضاً‮ ‬إلي‮ ‬إيصال الصورة السليمة بالطرق العلمية المنهجية إلي‮ ‬الآخر الإسرائيلي،‮ ‬لأنه كما سبق القول،‮ ‬هذا المواطن الإسرائيلي له تركيبة ثقافية وفكرية خاصة،‮ ‬لذا‮ ‬يجب التعامل معه والوصول إليه علي‮ ‬نفس مستوي‮ ‬طريقة تفكيره وثقافته لكن بطريقة علمية منهجية‮. ‬ويقع أيضاً‮ ‬جزء من العبء علي‮ ‬كاهل الإعلام العربي،‮ ‬الذي‮ ‬يجب عليه حينما‮ ‬يتصدي‮ ‬للتعامل مع الشخصية الإسرائيلية أن‮ ‬يكون مدركاً‮ ‬لجميع أبعادها ومكوناتها حتي‮ ‬يمكن الوصول إليها،‮ ‬لأنه بدون ذلك‮ ‬يكون الإعلام العربي‮ ‬وكأنه‮ ‬يؤذن في‮ ‬مالطة‮.‬

‮< ‬ترجمت‮="" ‬17‮="" ‬قصة="" عن="" اللغة="" العبرية‮..="" ‬كيف="" تري‮="" ‬أهمية="" الترجمة="" في‮="" ‬التعرف="" علي‮="" ‬الشعب="" الإسرائيلي="" من="">

‮- ‬قضية الترجمة قضية بالغة الخطورة،‮ ‬خاصة إذا كانت تتم من خلال لغة خصم‮. ‬وتحديداً‮ ‬هذا الخصم الذي‮ ‬يجيد توظيف اللغة لخدمة أهدافه السياسية والأيديولوجية‮. ‬وقد‮ ‬يكون هناك بعض الحق وليس كل الحق مع معسكر معادي‮ ‬الترجمة عن العبرية باعتبارها مظهراً‮ ‬من مظاهر التطبيع،‮ ‬فالحق معهم فقط في‮ ‬خطورة الدور الذي‮ ‬يمكن أن تلعبه الترجمة في‮ ‬نقل ثقافة الآخر إلي‮ ‬الأنا،‮ ‬والتوقف عند هذا الحد‮. ‬أما إذا تم تجاوز هذه المرحلة في‮ ‬الترجمة وتم وضعها في‮ ‬السياق السليم التعريفي‮ ‬بالآخر مع التركيز علي‮ ‬إبراز مناطق القوة والضعف فيه،‮ ‬فهذا أمر محمود وليس مستهجناً،‮ ‬لذا فمن الضروري‮ ‬الترجمة عن الآخر لنقل مكنونات أفكاره والوقوف من خلالها علي‮ ‬طريقة تفكيره لتحديد كيفية التعامل معه بعد ذلك بناء علي‮ ‬فهم الفعل ورد الفعل لديه عبر معرفة كل شيء عنه‮. ‬ولا ننسي‮ ‬هنا التركيز علي‮ ‬الدور المحارب الذي‮ ‬تلعبه الترجمة هنا وهي‮ ‬في‮ ‬أدائها لهذا الدور لا تقل بأي‮ ‬حال من الأحوال عن قوة السلاح التقليدي،‮ ‬فهي‮ ‬نمط آخر من الأسلحة،‮ ‬إذا أحسن استغلاله بوعي‮ ‬مطلق،‮ ‬كان تأثيره أكثر فعالية ربما من الأسلحة التقليدية‮.‬

‮< ‬اعترفت="" صحيفة‮="" ‬يديعوت="" أحرونوت="" في‮="" ‬عددها="" الصادر="" في‮="" ‬أغسطس‮="" ‬2009‮="" ‬بأن="" عدد="" المهاجرين="" من="" الأراضي‮="" ‬المحتلة="" أصبح‮="" ‬يفوق="" عدد="" المهاجرين="" إليها="" وذلك="" لأول="" مرة="" منذ="" نحو="" عشرين="" عاماً‮..="" ‬كيف="" تفسر="">

‮- ‬الهجرة أو النزوح عن إسرائيل‮. ‬هذا أمر طبيعي‮ ‬ومتوقع في‮ ‬مجتمع فقد مصداقيته بالنسبة لمواطنيه،‮ ‬فمن المعروف أن المجتمع الإسرائيلي حينما نشأ في‮ ‬بداياته اعتمد علي‮ ‬نظرية ما‮ ‬يسمي‮ ‬ببوتقة الصهر،‮ ‬أي‮ ‬أن المهاجرين وهم الركيزة الأساسية لهذا المجتمع في‮ ‬بداياته جاءوا من ثقافات وحضارات مختلفة وكان لابد للقائمين علي‮ ‬هذا الكيان أن‮ ‬يعملوا علي‮ ‬إزالة كل عوامل الفرقة بين هذه الأطياف المتعددة من المهاجرين،‮ ‬الذين لا‮ ‬يجمعهم إلا الإيمان بالفكرة الصهيونية‮. ‬لكن نظرية بوتقة الصهر هذه أثبتت فشلاً‮ ‬ذريعاً‮ ‬فمازالت الفروق العرقية والطائفية تعمل وبقوة داخل المجتمع الإسرائيلي وربما‮ ‬يمكن اعتبارها أحد أهم الأسباب في‮ ‬النزوح الحالي‮ ‬بنسبته المرتفعة‮. ‬أضف إلي‮ ‬ذلك أنه نشأ الآن في‮ ‬إسرائيل جيل جديد من اليهود لا‮ ‬يعرف لنفسه وطناً‮ ‬آخر‮ ‬غير إسرائيل‮. ‬لكنها مثلها مثل أي‮ ‬مجتمع آخر تملك من عوامل الجذب كما تملك من عوامل الطرد‮. ‬وأعتقد أن عوامل الطرد في‮ ‬المجتمع الإسرائيلي تفوق بكثير عوامل الجذب‮. ‬لذا فليس من المستغرب أن نري‮ ‬ظاهرة النزوح في‮ ‬هذا المجتمع‮. ‬أضف إلي‮ ‬ذلك أننا الآن فيما‮ ‬يمكن أن نطلق عليه عصر ما بعد الصهيونية‮. ‬فقد أدت الفكرة الصهيونية دورها ولم‮ ‬يعد هناك مجال لاستمرار عملها في‮ ‬الحياة الإسرائيلية،‮ ‬في‮ ‬ظل عصر العولمة الجديد وعصر ما بعد الحداثة،‮ ‬لذا فقد فقد المواطن الإسرائيلي،‮ ‬حتي‮ ‬ذاك

الذي‮ ‬ولد في‮ ‬إسرائيل مصداقية وجوده واستمرار حياته في‮ ‬ظل الحياة علي‮ ‬حافة الهاوية في‮ ‬مجتمع تملؤه الثغرات والفروق الاجتماعية بين مواطنيه،‮ ‬لذا فلا‮ ‬يعد هذا المجتمع مغرياً‮ ‬بالبقاء فيه‮.‬

‮< ‬هل‮="" ‬يمكن="" إقامة="" علاقة="" بين="" المواطن="" المصري‮="">

‮- ‬أعتقد أن مقومات إقامة العلاقات بين طرفين‮ ‬غير متوافرة الآن بين المواطن الإسرائيلي‮ ‬والمواطن المصري‮. ‬فكيف بعد كل ما قيل عن نظرية الاستعلاء‮ ‬يمكن أن نقيم علاقة سوية بين شخصية استعلائية في‮ ‬نظرتها تجاه الآخر‮. ‬حتما لابد أن تؤثر هذه النظرية علي‮ ‬نوع العلاقة‮. ‬وأعتقد أن الشخصية المصرية تملك من مقومات الإباء والشموخ ما‮ ‬يجعلها ترفض العلاقة‮ ‬غير المتكافئة،‮ ‬لذا إذا كان لابد من إقامة علاقة فلابد من العمل أولاً‮ ‬علي‮ ‬تغيير الثوابت في‮ ‬الشخصية الإسرائيلية،‮ ‬وليس هذا دورنا لكن دور الطرف الآخر أن‮ ‬يعمل علي‮ ‬تغيير المفاهيم الثابتة والمترسخة في‮ ‬ذهنه،‮ ‬وبعد ذلك ننظر في‮ ‬شأن العلاقة السورية القائمة علي‮ ‬المساواة في‮ ‬النظرة والاحترام المتبادل،‮ ‬فإذا نجحت الشخصية الإسرائيلية في‮ ‬التخلص من هذه الرواسب لديها وقتها‮ ‬يمكن القول بإمكان إقامة علاقة سوية بين المواطن المصري‮ ‬والمواطن الإسرائيلي ما مدي‮ ‬هذه العلاقة؟

‮< ‬هل="" هناك="" أصوات="" معتدلة="" في‮="" ‬إسرائيل؟="" وما="" نسبتها="" مقارنة="">

‮- ‬المجتمع الإسرائيلي مثله مثل أي‮ ‬مجتمع آخر بعد المتشدد والمعتدل والمتطرف‮... ‬إلخ،‮ ‬لذا فإنه‮ ‬يمكن القول إن هناك جماعات معتدلة في‮ ‬إسرائيل،‮ ‬لكن لابد من التعجيل هنا بطرح هذا السؤال حتي‮ ‬تستقيم الإجابة‮: ‬هل تملك هذه الجماعات قوة ضغط تأثيرية داخل المجتمع الإسرائيلي؟ وهل حجم هذه الجماعات‮ ‬يسمح لها بأن تلعب دوراً‮ ‬فعالاً؟ وإذا أتيح لها أن تلعب هذا الدور،‮ ‬فما حدود هذا الدور في‮ ‬مجتمع‮ ‬يعيش دائماً،‮ ‬أو هكذا‮ ‬يوهم أفراده،‮ ‬بأنه‮ ‬يعيش علي‮ ‬خط النهاية؟ أولاً‮: ‬هذه الجماعات لا تعد من الكثرة بحيث تملك القوة التأثيرية وذلك بحكم تكوينها وبحكم عددها علي‮ ‬مجتمع‮ ‬يعيش في‮ ‬حالة تجنيد دائم لأيديولوجيات خاصة،‮ ‬وإذا كان هناك من وسيلة لمخاطبة هذه الجماعات لتلعب دوراً‮ ‬في‮ ‬توضيح الصورة السلبية للعرب في‮ ‬المجتمع الإسرائيلي،‮ ‬فلا‮ ‬يجب تركها،‮ ‬لأنه لابد من طرق كل الأبواب حتي‮ ‬وإن كنا‮ ‬غير واثقين حتي‮ ‬الآن من إمكان إحراز نتيجة فقد‮ ‬يكون لهذه الجماعات فيما بعد دور تأثيري،‮ ‬لذا‮ ‬يجب أن نكون مستعدين للتعامل معها ومع‮ ‬غيرها في‮ ‬أي‮ ‬وقت،‮ ‬فهذه ضرورة وحتمية لحالة الصراع المتواصل والحياة مع آخر أو بجوار آخر‮ ‬يناصبك العداء بحكم تكوينه الديني‮ ‬والثقافي‮.‬

‮< ‬ما="" حقيقة="" المقولة="" التي‮="" ‬تؤكد="" أن="" اليهود="" هم="" شعب="" الله="">

‮- ‬فكرة‮ »‬الشعب المختار‮« ‬هي‮ ‬فكرة دينية في‮ ‬الأساس‮. ‬وترجع جذورها إلي‮ ‬التوراة،‮ ‬وتحديداً‮ ‬في‮ ‬سفر التكوين،‮ ‬حيث تكررت مع سيدنا إبراهيم ومع إسحاق ويعقوب،‮ ‬أو بمعني‮ ‬آخر مع القوم العبرانيين،‮ ‬ونشوء فكرة الاختيار هي‮ ‬فكرة إنسانية عامة،‮ ‬فكل إنسان‮ ‬يري‮ ‬دائماً‮ ‬في‮ ‬نفسه ما‮ ‬يجعله متميزاً‮ ‬عن الآخرين،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن مفهوم الاختيار مرتبط بمفهوم استبعاد الآخر أو نفيه أيضاً‮ ‬لصالح الأنا‮. ‬ومن هنا‮ ‬يمكن القول إن مفهوم الاختيار هو في‮ ‬حد ذاته نفي‮ ‬للآخر واستبعاد له واستعلاء عليه‮. ‬الأمر الذي‮ ‬أولد نوعاً‮ ‬من الشك والريبة في‮ ‬معتنقي‮ ‬هذه الديانة لأنهم‮ ‬ينظرون إلي‮ ‬الآخر دائماً‮ ‬بمنظور فوقي،‮ ‬وربما كان هذا الاختيار نقمة علي‮ ‬اليهود أكثر منه نعمة‮. ‬فقد جلب عليهم دائماً‮ ‬أينما حلوا المتاعب أينما حلوا من جانب الآخر الذي‮ ‬يعيشون في‮ ‬كنفه وتحت حمايته وفي‮ ‬نفس الوقت باستعلاء واحتقار له‮. ‬وهذه الازدواجية في‮ ‬الشخصية الإسرائيلية قد تكون سر معاناتهم دائماً‮ ‬وشعورهم بالتعالي‮ ‬علي‮ ‬الآخر وفي‮ ‬الوقت نفسه لا وجود لهذا التعالي‮ ‬علي‮ ‬أرض الواقع‮.‬

‮< ‬حدثنا="" عن="" صورة="" الآخر="" في‮="" ‬الأدب="">

‮- ‬صورة الآخر في‮ ‬الأدب الصهيوني،‮ ‬الآخر العربي‮ ‬تحديداً‮ ‬هو من‮ ‬يعنينا في‮ ‬هذا المقام،‮ ‬هناك عاملان أثرا في‮ ‬تصوير الأدب العبري‮ ‬للعرب‮. ‬العامل الأول‮: ‬الالتزام الأيديولوجي‮ ‬للكتاب‮. ‬والعامل الثاني‮: ‬الموطن الأصلي‮ ‬الذي‮ ‬قدموا منه‮. ‬حيث أثر ذلك علي‮ ‬تصويرهم للعرب علي‮ ‬المستوي‮ ‬الفردي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬والسياسي‮. ‬علي‮ ‬المستوي‮ ‬الشخصي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬كان هناك فرق بين الكتاب الذين ولدوا في‮ ‬فلسطين،‮ ‬والذين هاجروا إليها من أوروبا،‮ ‬فلقد تقبل مواليد فلسطين العقلية والبنية الاجتماعية العربية دون تساؤل لأنهم علي‮ ‬ألفة معها منذ الولادة،‮ ‬أما الكتاب الأوروبيون فقد رأوا ذلك‮ ‬غريباً،‮ ‬أما الالتزام الأيديولوجي‮ ‬فلا‮ ‬يبدو أنه أثر علي‮ ‬تصوير العرب كأفراد،‮ ‬فإن الكتاب المولودين في‮ ‬أوروبا كانوا متأثرين بذلك،‮ ‬في‮ ‬نظرتهم للمجتمع العربي،‮ ‬فقد كتبوا كنخبة،‮ ‬من وجهة نظرهم العقائدية الخاصة‮. ‬وكانوا جميعاً‮ ‬ملتزمين بالصهيونية،‮ ‬التي‮ ‬كانت حركة راديكالية،‮ ‬لذا فقد سعوا إلي‮ (‬تثوير‮) ‬اليهودية التقليدية‮. ‬وفي‮ ‬الوقت نفسه لممارسة مبادئهم الاشتراكية في‮ ‬فلسطين،‮ ‬فقد كانوا‮ ‬يعتقدون أن العرب سيستفيدون من وجودهم وسوف‮ ‬يتخلصون من تخلفهم الاجتماعي‮ ‬وتفككهم‮. ‬لقد رأوا أن تحسن الوضع الاقتصادي‮ ‬للعرب،‮ ‬والذي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يطلق شرارة الإصلاح العام لا‮ ‬يتم من خلال المجتمع العربي،‮ ‬وإنما‮ ‬يتم فرضه من قبل النخبة اليهودية الحديثة التي‮ ‬تشكل النخبة المسيطرة‮. ‬ويكاد‮ ‬يتطابق هذا مع مفهوم الاستشراق الغربي‮/ ‬الحلولي،‮ ‬الذي‮ ‬نزح إلي‮ ‬الشرق منطلقاً‮ ‬من منظور استعلائي سيادي‮.‬

‮< ‬أدباء="" إسرائيل‮="" ‬يحصلون="" علي‮="" ‬نصيب="" الأسد="" من="" جوائز="" نوبل‮..="" ‬هل="" هي‮="" ‬ظاهرة؟="" وإن="" كانت="" كذلك="" فما="">

‮- ‬جائزة نوبل،‮ ‬لابد أولاً‮ ‬أن نفرق بين اليهودي‮ ‬والإسرائيلي‮. ‬هذه الجائزة حصل عليها كثير من اليهود في‮ ‬جميع المجالات ولا‮ ‬يمكن اعتبارها ظاهرة‮. ‬لأن اليهود ليسوا عرقاً‮ ‬بل اليهودية ديانة وإذا حصل مسيحي‮ ‬أمريكي‮ ‬مثلاً‮ ‬علي‮ ‬جائزة فإنه حصل عليها لأنه أمريكي‮ ‬ولم‮ ‬يحصل عليها لأنه مسيحي‮. ‬ونفس الشيء أيضاً‮ ‬بالنسبة لليهودي،‮ ‬فجائزة نوبل أو أي‮ ‬جائزة أخري لا علاقة لها بديانة الحاصل عليها،‮ ‬بل بجنسيته وإمكاناته العلمية وإسهامه في‮ ‬تطوير الحياة البشرية‮. ‬وبالمناسبة فإنه لم‮ ‬يحصل علي‮ ‬جائزة نوبل من الأدباء الإسرائيليين إلا أديب واحد وكان آنذاك عام‮ ‬1968‮ ‬وهي‮ ‬الأديب شموئيل‮ ‬يوسف عجنون وحصل عليها مناصفة مع الأديبة اليهودية الألمانية نيلي‮ ‬زاكس‮.‬