بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

دليل المرشح الذكي‮ ‬لعضوية مجلس الشعب

يبدو أن الوقت قد حان ـ أو‮ ‬تأخر كثيرا ـ لإصدار كتاب بعنوان‮ »‬دليل المرشح لكي‮ ‬يصبح عضوا في‮ ‬مجلس الشعب‮« ‬وهذا الكتاب‮ ‬يحتوي‮ ‬علي‮ ‬خلاصة تجارب عديدة للانتخابات النيابية في‮ ‬بلادنا‮.‬

ولكي‮ ‬تكون لهذا الكتاب فائدة،‮ ‬فإنه‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يشتمل علي‮ ‬نصائح هامة لكل من‮ ‬يريد أن‮ ‬يرشح نفسه في‮ ‬الانتخابات‮.‬

ومن هذه النصائح‮:‬

‮١‬ـ القوة هي‮ ‬الوسيلة الناجعة لكي‮ ‬تفرض نفسك وتتغلب علي‮ ‬باقي‮ ‬المرشحين‮. ‬ولا أهمية علي‮ ‬الاطلاق لعواقب استخدام العنف،‮ ‬فإن هناك من‮ ‬يحميك من العواقب‮. ‬والبلطجة أصبحت مهنة معترفًا بها ومصدرًا للربح‮. ‬لأنها مطلوبة‮.‬

‮٢‬ـ سلاح المال سيكون أداة فعالة لتحقيق أغراضك وشراء الأصوات ويجعلك في‮ ‬مركز المتفوق‮.‬

3‮ ‬ـ لا معني‮ ‬ولا قيمة لأي‮ ‬دستور أو قانون أو احكام قضائية وعليك أن تفعل ما تشاء دون النظر الي‮ ‬أي‮ ‬اعتبارات أخري‮.‬

‮٤‬ـ لا أهمية علي‮ ‬الاطلاق لما‮ ‬يسمي‮ ‬البرامج الانتخابية ودراسة مشكلات الوطن والاجتهاد في‮ ‬البحث عن حلول لها‮.. ‬فلا توجد سياسة في‮ ‬الانتخابات،‮ ‬وانما مجرد وعود لن تكلف شيئاً،‮ ‬بإجراء بعض التحسينات في‮ ‬الدائرة الانتخابية سرعان ما‮ ‬ينساها الناخبون فور اعلان النتائج،‮ ‬وربما‮ ‬يختفي‮ ‬المرشح عن الأنظار بعد فوزه‮.‬

5ـ الكلمات المعسولة والعبارات الانشائية‮ ‬يمكن أن تسهل أموراً‮ ‬كثيرة وتهيئ الفرص للفوز والتربيطات العائلية والقبلية والجهوية مفتاح النجاح‮.‬

6ـ‮ ‬يجب أن تحرص علي‮ ‬اقامة علامات وثيقة‮ ‬مع أجهزة الدولة الادارية والأمنية‮.‬

7ـ ضع في‮ ‬اعتبارك أنه لا قيمة للعلم أو التعليم أو الثقافة أو الموهبة والتميز ولا تتصور أن التاريخ الوطني‮ ‬أو النضال السياسي‮ ‬السابق علي‮ ‬ترشيحك إذا كان له وجود‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون له أي‮ ‬تأثير‮.. ‬المهم أن تكون علاقاتك وطيدة بأصحاب النفوذ في‮ ‬الحزب الحاكم‮.‬

‮٨‬ـ كلما كنت أكثر تعصباً‮ ‬في‮ ‬مواجهة الآخر،‮ ‬وأكثر بغضا لمن‮ ‬يخالفونك في‮ ‬الرأي‮.. ‬ترتفع أسهمك لدي‮ ‬الكبار الذين‮ ‬يعتبرون التشنج في‮ ‬الدفاع عن كل ما‮ ‬يفعلونه جواز مرور الي‮ ‬مجلس الشعب‮. ‬كما أن النفاق والتزلف والتملق‮.. ‬خير ضمان للوصول‮ ‬الي‮ ‬هدفك‮.‬

‮٩‬ـ حذار من أن تقيم حساباتك علي‮ ‬أن صوت الناخب هو العنصر الحاسم،‮ ‬وعليك أن تراهن علي‮ ‬أساليب أخري‮ ‬تكفل حشو صناديق الاقتراع بالبطاقات التي‮ ‬تريدها‮.‬

10ـ لا تناقش أو تجادل أصحاب النفوذ حول من‮ ‬يقولون أو‮ ‬يفعلون،‮ ‬فهم الأقدر علي‮ ‬معرفة ما‮ ‬يتفق مع‮ »‬مصالح الوطن‮« ‬ومصالحك‮. ‬وعليك أن تنقل إليهم اشارات ورسائل تؤكد أنك مستعد للتصفيق لهم والإشادة بإنجازاتهم‮. ‬ولابد أن تتذكر أن قاعدة‮ »‬السمع والطاعة‮« ‬لا تقتصر علي‮ ‬جماعة الاخوان‮. ‬ومن هنا،‮ ‬فإن واجبك ـ اذا كنت تريد الفوز ـ أن تتذكر ما حدث مع الدكتور حمدي‮ ‬السيد،‮ ‬نقيب الأطباء،‮ ‬وتتفادي‮ ‬تكرار ما فعلوه معه،‮ ‬فقد أسقطوا هذا‮ ‬الرجل الذي‮ ‬رفض أن‮ ‬يقف في‮ ‬الطابور،‮ ‬وكانوا‮ ‬يطلبون منه عدم الحضور الي‮ ‬المجلس السابق في‮ ‬بعض القضايا التي‮ ‬يعرفون رأيه مسبقاً‮ ‬حولها مثل التمديد لحالة الطوارئ‮.‬

وحذار أن تصدر منك كلمة واحدة توحي‮ ‬بأنك تعتزم ملاحقة الحكومة بوابل من الاستجوابات أو طلبات الإحاطة أو مشروعات القوانين،‮ ‬فقد عوقب‮ ‬غيرك علي‮ ‬هذا‮ »‬الانحراف‮« ‬وتم اسقاطه‮. ‬وعليك أن تتجنب هذا المصير،‮ ‬ولا تفكر‮ ‬يوما في‮ ‬توجيه كلمة نقد إلي‮ ‬واحد من أصحاب السطوة،‮ ‬فإن مثل هذه‮ »‬الخطيئة‮« ‬ستضع اسمك في‮ ‬قائمة المغضوب عليهم والضالين،‮ ‬وسوف تدفع الثمن‮ ‬غاليا‮.‬

‮١١‬ـ أن‮ ‬يكون مفهوماً‮ ‬ـ علي‮ ‬نحو لا‮ ‬يحتمل أي‮ ‬غموض أو لبس ـ انك ستكون جاهزاً‮ ‬للموافقة علي‮ ‬أي‮ ‬شىء تعرضه الحكومة أو حزبها علي‮ ‬المجلس ـ في‮ ‬حالة التحاقك بعضويته‮. ‬وإذا فكرت في‮ ‬طلب الكلمة،‮ ‬فإن عليك أن تضع نصب عينيك أن توجه‮ ‬التحية‮ ‬والشكر والتقدير للحكومة وأقطاب الحزب الحاكم،‮ ‬وأن تهاجم كل من‮ ‬ينتقد أيا منهما باعتباره من المارقين والجاحدين وأن تقرر أن كل شئ في‮ ‬بلادنا رائع وجميل ووردي‮ ‬بفضل سياسة حكومة الحزب وحزب الحكومة،‮ ‬وأن كل ما‮ ‬يقال عن الفقر والبطالة والعشوائيات واتساع الفوارق بين الطبقات ومافيا الأراضي‮ ‬والفساد وزواج المال والسلطة‮.. ‬ما هو إلا دعايات مغرضة‮ ‬يروج لها المعارضون الحاقدون‮.. ‬واذا كانت هناك سلبيات أو جوانب قصور‮.. ‬فإن حكمة وقدرات الحزب الحاكم كفيلة بإصلاح أي‮ ‬خلل بلا إبطاء‮.‬

12ـ أكبر خطر‮ ‬يهددك هو أن‮ ‬يتصور أحد الكبار انك من النوع الذي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يخرج على النص‮. ‬وأمامك رأس الذئب الطائر،‮ ‬وهو‮ ‬الوزير والنائب السابق الدكتور مصطفي‮ ‬السعيد،‮ ‬رئيس اللجنة الاقتصادية في‮ ‬المجلس السابق،‮ ‬الذي‮ ‬تقرر اسقاطه لأنه‮ »‬كان دائم الخروج علي‮ ‬النص في‮ ‬توجيه اللوم للحكومة في‮ ‬المناقشات المختلفة،‮ ‬ولم‮ ‬يمنعه التزامه الحزبي‮ ‬ـ كعضو بأمانة السياسات في‮ ‬الحزب الوطني‮ ‬من توجيه النقد اللاذع لبعض السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي‮ ‬تنتهجها الحكومة‮«.‬

وتلك هي‮ ‬حيثيات اسقاطه كما وردت بالحرف الواحد في‮ ‬مجلة حكومية‮. ‬وتضيف نفس المجلة إلي‮ ‬ما سبق‮.. ‬قولها إن الدكتور مصطفي‮ ‬السعيد‮ »‬كان‮ ‬يري‮ ‬أن تدخل الدولة في‮ ‬النشاط الاقتصادي‮ ‬بات ضروريا لتحقيق النمو وعدالة التوزيع،‮ ‬كما كان‮ ‬يري‮ ‬أن الحصول علي‮ ‬فرصة تعليم جيدة أصبح مقصورا علي‮ ‬الطبقات الغنية،‮ ‬وأن الطبقات المتوسطة ليس في‮ ‬استطاعتها الحصول علي‮ ‬تعليم جيد‮«.‬

ومرة أخري،‮ ‬أكرر أن تلك هي‮ ‬الأسباب التي‮ ‬نشرتها المجلة الحكومية لتبرير إسقاط الدكتور مصطفي‮ ‬السعيد،‮ ‬أي‮ ‬أن الرجل عوقب،‮ ‬لأنه قال الحقيقة التي‮ ‬يعرفها كل الناس‮.‬

13‮- ‬ولكي‮ ‬يتعلم المرشح من تجارب الآخرين،‮ ‬فإن عليه أن‮ ‬يردد ما ذكرته المجلة الحكومية،‮ ‬وهو تحذير الناخبين من التصويت لمرشح معارض،‮ ‬لأنه‮ »‬لا أحد‮ ‬يستجيب

لمطالبه ولا‮ ‬يقدم خدمات‮«. ‬ولم تفسر المجلة السبب في‮ ‬عدم الاستجابة إلي‮ ‬مطالبه،‮ ‬إذا تمكن من دخول مجلس الشعب وطرح مطالب منطقية ومعقولة ولصالح المواطنين‮. ‬لماذا‮- ‬إذن‮- ‬لن‮ ‬يستطيع قضاء حوائج الناخبين؟

هناك أسباب أخري‮ ‬تعترض طريق أي‮ ‬مرشح‮- ‬وفقا لما تقوله المجلة الحكومية،‮ ‬منها‮ »‬أن‮ ‬يتحدث كثيرا في‮ ‬الفضائيات‮«! ‬أو أن‮ ‬يكون‮ »‬صداميا‮«- ‬أي‮ ‬يثير المشاكل للحزب الحاكم ويصطدم به‮- ‬أو‮ »‬لديه معارك طول الوقت مع المحافظ‮«! ‬أو‮ ‬يكون من النوع الذي‮ »‬يتقن فن الإثارة وتضخيم‮« ‬الأحداث‮« ! ‬أو أن‮ ‬يكون‮ »‬الأداء البرلماني‮ ‬لهذا الشخص انفعاليا‮«!!‬

14‮- ‬وإذا كان كل ما سبق‮ ‬يدخل في‮ ‬إطار‮ »‬المحاذير‮« ‬و»السقطات‮«‬،‮ ‬التي‮ ‬ينبغي‮ ‬علي‮ ‬المرشح ان‮ ‬يتحاشاها،‮ ‬فإن علي‮ ‬هذا المرشح أن‮ ‬يراقب نفسه بنفسه حتي‮ ‬لا‮ ‬يقع في‮ ‬أي‮ ‬خطأ أو هفوة أو زلة لسان‮ ‬يمكن أن‮ ‬يؤاخذ عليها وتؤدي‮ ‬إلي‮ ‬حرمانه من فرصة دخول مجلس الشعب‮. ‬وعليه ألا‮ ‬ينسي‮ ‬أن تليفوناته تحت المراقبة،‮ ‬وأن وزير الداخلية سبق أن صرح،‮ ‬في‮ ‬حديث تليفزيوني‮ ‬مع المحاور مفيد فوزي،‮ ‬بأن من‮ ‬يخاف من الكلام عليه أن‮ ‬يتجنب الحديث في‮ ‬التليفونات‮!!‬

15‮- ‬قد‮ ‬ينزلق المرشح في‮ ‬طريق الخطأ إذا خدعته التعددية الشكلية القائمة الآن وتوهم أنه في‮ ‬نظام ديمقراطي‮. ‬ولكي‮ ‬يضمن لنفسه سلوك طريق آمن‮ ‬غير محفوف بالمخاطر،‮ ‬فإن عليه أن‮ ‬يتصرف علي‮ ‬أساس أن في‮ ‬مصر حزبًا واحدًا‮ ‬يمارس الهيمنة المنفردة والمطلقة علي‮ ‬مقادير المصريين ومجمل الحياة العامة،‮ ‬وأن كل ما‮ ‬يقوله هو عين الصواب والحكمة‮.‬

16‮- ‬ولمزيد من ضمانات النجاح للمرشح،‮ ‬فإن عليه أن‮ ‬يحذف من المفردات التي‮ ‬يستخدمها كلمات‮: »‬الجماهير‮« ‬و»الشعب‮« ‬و»الرأي‮ ‬العام‮« ‬و»إرادة الناس‮« ‬و»الديمقراطية‮« ‬و»الشرعية‮«.. ‬فهي‮ ‬قد تجلب المتاعب إذا لم توضع في‮ ‬سياقها الانشائي‮ ‬الذي‮ ‬تضعه فيه أمانة السياسات في‮ ‬الحزب الحاكم،‮ ‬وخاصة إذا كان المرشح من الهواة أو المبتدئين‮.‬

17‮- ‬المرشح المفضل لدي‮ ‬الحزب الحاكم هو الذي‮ ‬يعرف أن الحزب لا‮ ‬يبالي‮ ‬كثيرا حتي‮ ‬بـ‮ »‬الديكور‮« ‬الديمقراطي‮ ‬والرتوش وعمليات التجميل والاخراج المسرحي‮ ‬ولا‮ ‬يكترث بسمعة مصر الدولية ويسخر من المحذرين من الفوضي‮ ‬وانهيار الدولة،‮ ‬ولا‮ ‬يشعر بقلق من خلو مجلس الشعب من معارضة قوية،‮ ‬ذلك ان الحزب الحاكم‮ »‬في‮ ‬ثوبه الجديد‮« ‬يمكن أن‮ ‬يلعب كل الأدوار بما في‮ ‬ذلك إسناد مهمة تمثيل دور المعارضة إلي‮ ‬بعض أعضائه‮!!‬

المهم أن تعرف أن الحزب الحاكم‮ ‬يفعل ما‮ ‬يريد،‮ ‬وان مفهومه للتغيير هو تغيير بعض الوجوه،‮ ‬وان السلطة التشريعية ملحقة بالسلطة التنفيذية،‮ ‬وان رئيس الجمهورية‮ ‬يستطيع حل مجلس الشعب في‮ ‬أي‮ ‬لحظة‮. ‬وعليك أن تكون علي‮ ‬يقين من أن الحزب الوطني‮ ‬هو‮.. ‬وحده علي‮ ‬الساحة ولا أحد‮ ‬ينافسه علي‮ ‬السلطة أو النفوذ أو في‮ ‬الانتخابات،‮ ‬كما أنه لا‮ ‬يعتد إلا بنفسه ولا‮ ‬يحسب حسابا لأية أطراف أخري‮ ‬علي‮ ‬المسرح السياسي‮. ‬ولا تصدق أن هناك ما‮ ‬يسمي‮ ‬بتكافؤ الفرص بين الأحزاب علي‮ ‬أرض الواقع‮. ‬وإذا كنت ذكيا‮.. ‬فإنك لابد أن تدرك أن إبعاد جماعة الإخوان‮- ‬في‮ ‬مفهوم عناصر قيادية متهورة في‮ ‬الحزب الحاكم‮- ‬يستلزم ضرب فكرة الانتخابات ذاتها‮.‬

غير ان كتاب‮ »‬دليل المرشح الذكي‮ ‬لدخول مجلس الشعب‮« ‬يتطلب إصدار كتاب آخر حول انعكاس الأساليب التي‮ ‬اتبعت في‮ ‬الانتخابات الأخيرة علي‮ ‬أخلاقيات المصريين وسلوكياتهم ونظرتهم إلي‮ ‬الحياة وإلي‮ ‬شركائهم في‮ ‬الوطن‮.. ‬وحتي‮ ‬في‮ ‬معاملاتهم الشخصية مع عائلاتهم وأقرانهم‮.‬

لا نتوقع تسامحا ومودة‮.. ‬ولا نتوقع ذلك الإحساس الرائع بالإخاء والتراحم والشهامة والرقة والتعامل الحضاري‮. ‬ولكننا نتوقع الخشونة والفظاظة والروح العدائية والنزعة إلي‮ ‬العنف وانتشار البلطجة‮.. ‬فقد كانت الانتخابات هي‮ ‬مدرسة تخريج نماذج من البشر تختلف في‮ ‬طباعها وميولها عن المصريين الذين نعرفهم،‮ ‬وأقاموا أول حضارة في‮ ‬التاريخ‮.‬