بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

قطاع الطرق

هناك أساليب كثيرة معروفة فى العالم للتظاهر ولفت الانتباه‮.. ‬من هذه الأساليب أحياناً‮ ‬قطع الطرق‮. ‬وأنا أقول أحياناً‮ ‬لأن كل دول العالم التى تحترم نفسها وتحترم الديمقراطية تحرص على السماح للمواطن بالتعبير عن رأيه،‮ ‬لكنها وبنفس الإصرار تحرص أيضاً‮ ‬على أن‮ ‬يكون ذلك فى إطار حضاري،‮ ‬الإطار الحضارى معناه أن تذهب كسائح الى البيت الأبيض فتقف آمناً‮ ‬لتلتقط الصور بينما‮ ‬يقف المئات أو الآلاف فى مظاهرة حاشدة على الرصيف على بعد خطوات منك‮. ‬الإطار الحضارى معناه أن ترى الشرطة وهى تحيط بمظاهرة تضم مئات الآلاف وهى تتحرك دون أن تمنع المرور أو تضرب سائقى السيارات أو تعطل العمل،‮ ‬هذه هى ثقافة التعبير عن الرأى التى نراها فى كل دول العالم لسبب أو آخر‮.. ‬أما عندنا فلقد اختلف الأمر،‮ ‬وأصبح البعض‮ ‬يعتقد أن التظاهر موضة وأن هذه الموضة معناها البلطجة الجماعية وترويع الآمنين وقطع الطرق لإصابة المواصلات بالشلل التام‮.‬

الأيام الماضية شهدت مصر عدة اعتصامات أو تظاهرات مختلفة فى المطالب والأماكن،‮ ‬ولكنها جميعاً‮ ‬اتفقت فى فكرة واحدة هى أهمية العكننة على الجميع وقطع الطرق،‮ ‬فى شارع فيصل قرر سائقو الميكروباص الاضراب لأن المخالفات المسجلة ضدهم كبيرة،‮ ‬ولكنهم أيضاً‮ ‬قرروا قطع الطريق حتى لايتحرك أحد إلى عمله أو إلى المدارس أوالمستشفيات‮. ‬وأصبح المواطن رهينة مزاج البيه سائق الميكروباص الذى قرر أن‮ ‬يحيل حياة الجميع الى جحيم‮. ‬ليس هذا فقط بل إن السائقين هددوا أى سائق‮ ‬يقرر أن‮ ‬يعمل فى هذا اليوم‮. ‬قبلها بساعات كان شوية موظفين فى برج المراقبة فى مطار القاهرة قد أعلنوا أنهم‮ ‬يفكرون فى ايقاف المجال الجوى المصرى أمام الطائرات الدولية‮... ‬ليه‮.. ‬لأنهم لديهم شوية مطالب منها إقالة المدير‮. ‬ووصل بهم الأمر الى الخيانة فى حق مصر بالتهديد بقطع المجال الجوى المصرى،‮ ‬وعلى الجانب الآخر من العاصمة وفى قلب القاهرة قرر عدد من المعتصمين والمتظاهرين أمام مجلس الوزراء قطع شارع قصر العينى

ومنع المرور فيه حتى‮ ‬يستجيب لهم المسئولون،‮ ‬ومن هناك الى ماسبيرو حيث قررت مجموعة أخرى الاعتصام أمام مبنى التليفزيون فى خيام لحين تدبير سكن لهم،‮ ‬ثم قرروا قطع الطريق على الكورنيش‮. ‬وطز فى أى إنسان عنده مصلحة،‮ ‬وتم ضرب المارة والسيارات التى اعترض قائدها فى حالة من التأديب لكل مصر‮.‬

أما قرية العياط فالقصة هناك كانت واسعة حبتين بدأت بخناقة على تركيب برج محمول أعلى أحد المنازل،‮ ‬واعترض الأهالى بينما أصر صاحب البيت فخرجوا جميعاً‮ ‬لقطع خط السكة الحديد وهى الموضة التى اخترعها أهالى قنا منذ أسابيع،‮ ‬ووقف أهالى العياط‮ ‬يدفعهم الجهل وعدم الدراية ليصيبوا مصر بشلل أضر بمصالح ربع مليون مواطن وجعل السائحين‮ ‬ينسحبون من الرحلات التى حجزوها لزيارة صعيد مصر‮.. ‬كل ذلك حتى‮ ‬ينبسط أهل العياط والعمدة الذى دفعهم للتظاهر لفرض قوته‮..‬

أنا من أنصار حرية الرأى،‮ ‬ومن أكبر أنصار حرية التعبير‮.. ‬لكن وبالتأكيد لا أقبل أبداً‮ ‬هذا الجهل بالحقوق وهذا الشلل الذى‮ ‬يدمر حياتنا من أجل حفنة من المعترضين أو المتظاهرين،‮ ‬ولفت النظر الى حقوق فئة ليس معناه التعدى على حقوق بقية الشعب،‮ ‬نحن نحتاج ان نتعلم كيف نختلف وكيف نتحاور وكيف نعترض‮.. ‬ونحتاج قبل كل هذا ان نتعلم كيف نحب مصر وكيف نحافظ عليها‮.. ‬ارحموا مصر‮.‬