بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

أنا‮.. ‬ومأمور الأزبكية

لو كنت موجوداً‮ ‬وشاهدت السائق‮ ‬يضرب مأمور الأزبكية بالقلم وسط جنوده وضباطه‮.. ‬لاشتركت مع المواطنين الذين انهالوا بالضرب علي‮ ‬السائق المعتدي‮.. ‬ضرباً‮ ‬حتي‮ ‬الموت،‮ ‬وتكسير العظام‮!!‬

فهذا السائق أهان الدولة المصرية‮.. ‬وأهان الحكومة المصرية‮.. ‬وأهان وزارة الداخلية،‮ ‬وكل جهاز الشرطة‮.. ‬والحمد لله ان الجماهير هي‮ ‬التي‮ ‬ردت اعتبار سيادة المأمور‮.. ‬وقتلت السائق ضرباً‮..‬

فهذه الجماهير‮ - ‬وبعفوية شديدة‮ - ‬عبرت عما‮ ‬يجول بخاطر كل مصري،‮ ‬عندما رأت إهانة رمز السلطة‮.. ‬وهو أعلي‮ ‬رتبة عسكرية تعود المصري‮ ‬ان‮ ‬يتعامل معها‮.. ‬سيادة المأمور‮.. ‬ويبدو ان هذا السائق نسي‮ ‬المقولة المشهورة في‮ ‬الادب الشعبي‮ ‬المصري‮: ‬أنا عبد المأمور‮..‬

‮** ‬ولي‮ ‬رأي‮ ‬في‮ ‬رد فعل الجمهور الذي‮ ‬رد اعتداء السائق علي‮ ‬المأمور فهذا الجمهور‮ ‬يعاني‮ ‬منذ شهور من فوضي‮ ‬أمنية عارمة‮.. ‬ومن تجبر وتسلط البلطجية‮.. ‬ومن تكرار اعتدائهم علي‮ ‬رجال الشرطة،‮ ‬وأقسام الشرطة‮.. ‬رحبوا بعودة الشرطة وان كانت ببطء للقيام بواجبها في‮ ‬اقرار الأمن‮.. ‬ومازال رجال الشرطة‮ ‬يشعرون بالمهانة من اقتحام البلطجية لاقسام الشرطة‮.. ‬حتي‮ ‬اننا لم نأخذ بثأرهم من البلطجية‮..‬

وبسبب تسلط البلطجية علي‮ ‬الناس‮.. ‬وتهديدهم لأمن المواطنين وجرائمهم التي‮ ‬تتمثل في‮ ‬السرقة بالإكراه اي‮ ‬تحت تهديد السلاح وعمليات الخطف والاغتصاب،‮ ‬ولم‮ ‬يعد الناس أمنين حتي‮ ‬وهم داخل مساكنهم‮.. ‬هؤلاء الناس رحبوا بعودة الشرطة ولكنهم رأوا في‮ ‬اعتداء هذا السائق علي‮ ‬المأمور ما‮ ‬يجعل أي‮ ‬ضابط شرطة شريف‮ ‬يخشي‮ ‬أن‮ ‬يقوم بدوره الطبيعي‮ ‬وهو حماية المواطنين‮.. ‬فإذا كان هذا الضابط‮ ‬يعجز الآن عن حماية نفسه‮.. ‬فكيف‮ ‬يدافع عن الناس‮.. ‬فما بالكم بالمأمور نفسه؟‮! ‬والذين دافعوا عن المأمور رأوا فيما‮ ‬يفعلونه أمراً‮ ‬طبيعياً‮ ‬لأنهم‮ ‬يريدون من الشرطة أن تعود لحمايتهم‮.. ‬ومن هنا انفجر الناس‮ - ‬من الغضب‮ - ‬عندما رأوا الاعتداء علي‮ ‬المأمور‮..‬

واعتبر الناس ان هذا السائق البلطجي‮ ‬نموذجاً‮ ‬لكل البلطجية الذين‮ ‬يهددون أمن الناس وأمانهم‮.. ‬ولهذا جاء انفعالهم شديداً‮.. ‬ويصل إلي‮ ‬حد قتل المعتدي‮.. ‬بالضرب حتي‮ ‬الموت‮..‬

‮** ‬وأعترف وأنني‮ ‬صحفي‮ ‬عجوز‮ ‬يعمل بالصحافة منذ أكثر من نصف قرن ان الاعلام قد تجني‮ ‬كثيراً‮ ‬علي‮ ‬رجال الشرطة الشرفاء وبالذات الشرفاء الضباط،‮ ‬الذين فيهم أخي‮ ‬وابني‮ ‬وابن عمي‮ ‬وان هذا الاعلام كان‮ ‬يسلط الاضواء علي‮ ‬كل محاولة لاعتداء شرطي‮ ‬علي‮ ‬اي‮ ‬مواطن،‮ ‬داخل اقسام الشرطة وخارجها وإذا كان مطلوبا من الاعلام ان‮ ‬يسهم في‮ ‬حماية المواطن وحقه في‮ ‬أن‮ ‬يلقي‮ ‬معاملة طيبة داخل اقسام الشرطة إلا ان علي‮ ‬هذا الاعلام ان‮ ‬ينصف المظلوم‮.. ‬ولا‮ ‬يقف مع الظالم‮.. ‬وعليه‮ - ‬قبل ان‮ ‬يستمع لمواطن وقع عليه اعتداء من رجال الشرطة‮ - ‬ان‮ ‬يستمع أولاً‮ ‬إلي‮ ‬الطرف الاخر فالقاعدة تقول قبل ان تصدق إن مواطنا قد فقد عينه داخل القسم‮.. ‬ان تسأل‮.. ‬إذ ربما‮ ‬يكون هذا المواطن قد

فقأ كلتي‮ ‬عيني‮ ‬الطرف الآخر‮.. ‬وربما بسبب ترسبات قديمة كنا نصدق كل ما‮ ‬يقال عن رجال الشرطة وان الداخل إليها مفقود‮.. ‬والخارج منها سليم‮.. ‬مولود‮..‬

‮** ‬ولكن الوضع الآن تغير‮.. ‬وبسبب الهجوم المتوالي‮ ‬علي‮ ‬اقسام الشرطة أصبحت الشرطة‮: ‬ضابطا أم جندياً‮ ‬يخشي‮ ‬ان‮ ‬يمد‮ ‬يده بالضرب علي‮ ‬اي‮ ‬مواطن‮.. ‬وهذا بالطبع مرفوض تماماً‮ ‬فالضابط إما أمامه الآن مجموعة من البلطجية تحاول اقتحام قسم الشرطة ولا‮ ‬يعرف ماذا‮ ‬يفعل‮.. ‬وهل إذا رد هجومهم باطلاق الرصاص عليهم‮ ‬يعتبر مخطئاً‮.. ‬بل ماذا‮ ‬يفعل إذا كان هناك بالقسم كمية من الأسلحة والذخائر فهل‮ ‬يترك البلطجية‮ ‬يقتحمون القسم ويستولون علي‮ ‬هذه الأسلحة وماذا‮ ‬يفعل إذا كان هدف المهاجمين اطلاق سراح عدد من البلطجية‮..‬

‮** ‬لقد أصابت الحيرة كل ضباط الشرطة‮.. ‬هل‮ ‬يحمي‮ ‬قسم الشرطة وما به من سلاح‮.. ‬أم‮ ‬يتعرض للقتل إذا دافع عن القسم‮.. ‬ام‮ ‬يتهمه الاعلام بانه اطلق الرصاص علي‮ ‬البلطجية المهاجمة للقسم؟‮!.‬

‮** ‬والمواطنون الذين لقنوا السائق علقة الموت هذه واستعادوا سلاح الضابط كانوا‮ ‬يعبرون عن رأي‮ ‬كل المصريين الذين‮ ‬يحلمون بعودة الشرطة التي‮ ‬تعني‮ ‬عودة الأمان للشارع المصري‮.. ‬ويكفي‮ ‬ما نراه الآن من باعة العناب والسوبيا والحلبسة وسط‮ - ‬نعم وسط‮ - ‬شارع طلعت حرب بالقاهرة‮.. ‬وهم‮ ‬يتحركون بحرية وسط ضباط الشرطة الذين‮ ‬يعجزون تماما عن السيطرة علي‮ ‬الشارع وكذلك الباعة الذين لم‮ ‬يكتفوا باحتلال الارصفة‮.. ‬فنزلوا ببضاعتهم إلي‮ ‬عرض نفس الشارع‮.. ‬فهل هذا‮ ‬يرضي‮ ‬أي‮ ‬مصري‮ ‬أمين‮.. ‬وماذا‮ ‬يحدث لو تعرض بلطجي‮ ‬لرب أسرة مع زوجته وأولاده في‮ ‬الشارع بمطواة قرن‮ ‬غزال‮.. ‬اما‮ ‬يدافع أو‮ ‬يتلقي‮ ‬ضربة بقرن الغزال في‮ ‬بطنه‮..‬

‮** ‬مصر الآن‮ ‬يا سادة‮ ‬يتم الاعتداء عليها كلها علناً‮.. ‬وما فعله الناس امام قسم الازبكية جاء دفاعاً‮ ‬عن مصر‮.. ‬وعن حلم عودة الأمن والأمان إليها‮.. ‬هل وصلت الرسالة؟‮!‬