بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

العدو الأمريكي يجاهرنا بالعداء

علينا أن نكون أمناء مع أنفسنا وصرحاء غاية الصراحة، ونحن نقف في هذا المفترق الخطير من الطرق بين أن نكون أو لا نكون، وكفانا رقصاً على أنغام امريكا وما يسمى بالحليف الاستراتيجي، وغير ذلك من الخزعبلات السياسية التي نخدر بها أنفسنا، حتى نسمع ما نريد أن نسمع، وليس صوت الحقيقة المؤلمة.

الحقيقة الواضحة الآن أمام أعيننا وضوح الشمس هى أن امريكا وخلفها كل دول غرب أوروبا خاصة الأعضاء منها في حلف الناتو، وطبعاً اسرائيل القائمة بدور كلب الحراسة للمصالح الغربية الاستعمارية في منطقتنا، كل هذه الدول أعداء يضمرون لنا كل سوء، ولا يسمحون لنا بالنمو والتطور والخروج من منطقة نفوذهم إلا ما نستطيع انتزاعه عنوة من حرية واستقلال قرار رغم أنوفهم.
وقد وضعت هذه المجموعة من الأعداء الذين يلبسون في تعاملهم معنا ثوب الأصدقاء وضعت منذ ثمانينيات القرن الماضي مخططاً شريراً للسيطرة على العالم، جندت له كل الأسلحة، وعلى رأسها طبعاً العملاء الإقليميون الذين ينفذون لها مخططها مقابل ما يتلقونه منها من تأييد مادي وعسكري، وتمكين لهم بالسيطرة الدكتاتورية على الشعوب التي يحكمونها لحساب مجموعة الأعداء الغربية ولحسابهم الخاص، وطبعاً تساندهم مجموعة الأعداء الغربية طالما كانوا ينفذون أوامرها ويرعون مصالحها، فإذا خرج أحدهم عن الخط المحدد له تحالفوا ضده حتى يدمروه تماما ويستبدلوه بعميل محلي جديد.
المخطط الغربي ببساطة هو إعادة رسم حدود دول المنطقة، بدلاً من الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس/بيكو السرية خلال الحرب العالمية الأولى سنة 1915 والتي قامت بموجبها دول العراق وسوريا ولبنان والأردن والسعودية بعد انتصار الغرب في تلك الحرب وتمزيق الإمبراطورية العثمانية التي كانت تسيطر على هذه المناطق، وطبعاً كان قيام دولة اسرائيل على أنقاض أرض فلسطين أهم إنجازات الغرب في هذه المرحلة حتى تكون كلب الحراسة الذي يحمي لها مصالحها، ولما ورثت امريكا مكان بريطانيا وفرنسا في هذه المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية.. وبالذات بعد العدوان الثلاثي على مصر 1956، والذي تسبب في إنهاء النفوذ البريطاني والفرنسي تماما من المنطقة، وحلول نفوذ الاستعمار الأمريكي منفردا محله، بدأ التفكير في إعادة صياغة حدود دول المنطقة، خصوصاً بعد ظهور تناقضات تكوين بعض هذه الدول من مجموعات عرقية ودينية مختلفة مما لا يسمح المجال هنا لتفصيله، وكان الحل الأمريكي الأمثل لهذا التخطيط الجديد للمنطقة، والذي بدأته أمريكا في ثمانينيات القرن الماضي، وحملت شركاءها الصغار في دول حلف الناتو على قبوله هو إعادة تركيب المنطقة من دويلات على أساس عرقي وديني وطائفي بعد تفتيت الدول القائمة الى هذه الوحدات الأصغر التي تسهل السيطرة عليها ويضمن الشرطي الاسرائيلي طاعتها لسادتها وسادته في واشنطن. وخرج الشكل النهائى الجديد للمنطقة الى الوجود في صورة خارطة تفصيلية نشرتها أمريكا دون خشية أو حياء في عدد يونية سنة 2006 من مجلة «الجيش الأمريكي» الرسمية، وقد نشرنا هذا المشروع وخارطته في جريدة «الوفد» في سبتمبر سنة 2006 واستصرخنا المسئولين العرب ليفيقوا من سبات أهل الكهف ويواجهوا الكارثة الزاحفة، ولكن كما يقول الشاعر العربي:
لقد أسمعت لو ناديت حيا/ ولكن لا حياة لمن تنادي
وقد وجدت أمريكا والمجموعة الغربية ضالتها في العميل المحلي المتميز الذي ينفذ لها مخططها في عصابات التيار المتأسلم الذي يخدر ملايين السذج براية زائفة باسم الدين، وقد كان أول اختبار لإمكانيات هذا التيار خلال حرب الاتحاد السوفيتي الاستعمارية في أفغانستان بين سنتي 1980 و1988، ونجحت أمريكا نجاحاً منقطع النظير في إحياء التطرف الاسلامي لمحاربة «الملحدين الشيوعيين» وقتها، وكان على رأس «الأبطال» المتأسلمين وقتها اسامة بن لادن وعبدالله عزام، وتدفقت مئات الملايين من الدولارات من السعودية على «المجاهدين» الذين زودتهم أمريكا بمئات الآلاف من أطنان الأسلحة التي دفع العرب ثمنها، وكانت أرض «مستعمرة» باكستان الأمريكية هى المعبر الى ميدان القتال في أفغانستان ومركز تدريب «المجاهدين» ضد «الكفرة» الشيوعيين، وهكذا انهزم الاتحاد السوفيتي وتفكك بعد ذلك بقليل بعد انسحابه من أفغانستان، وكسبت أمريكا الحرب الباردة دون فقدان جندي واحد من جنودها، أو إطلاق رصاصة واحدة، أو إنفاق دولار واحد على الحرب.
نأتي الآن للجزء الثاني من المخطط الغربي وتضطرنا المساحة المتاحة للتركيز على الجزء الخاص بمصر فيه، ويقتضي المخطط تقسيم مصر الى أربعة أقسام هي: ثلث سيناء الشمالي الشرقي يضم لقطاع غزة لتكون إمارة اسلامية به وبذلك ينتهي الصراع العربي - الاسرائيلي الى الأبد، ودويلة مسلمة بين المنيا والبحر الأبيض، ودويلة قبطية من شمال أسيوط الى شمال أسوان مع منحها ممراً صحراوياً ينتهي عن مرسى مطروح التي تكون ميناؤها على البحر الأبيض، والقسم الرابع والأخير أرض النوبة المصرية التي تضم الى نوبة شمال السودان في دولة نوبية موحدة.
أما العميل الأمريكي المحلي الذي سيشرف على تنفيذ هذا المخطط الشيطاني فليس الا جماعة الإخوان المسلمين التي تتمتع بالمزايا التالية:
1- هى جماعة فاشستية تحكم السيطرة على أتباعها، وبذلك فلا خطر من الانزلاق لديمقراطية حقة.
2- هى جماعة لا تؤمن بالوطنية المصرية كما نشأنا عليها، فالعبرة لديها بالرابطة الدينية وبذلك فالتنازل عن ثلث غزة «لمسلمي» حماس شىء طبيعي، فمصر لدى الاخواني سكن لا وطن، ولعلنا مازلنا نذكر قول مرشد اخواني سابق - قطع الله لسانه-

طظ في مصر.
وهكذا وجد الاستعمار الأمريكي ضالته المنشودة في هذه الفئة الضالة المضللة وأغدق عليها المليارات حتى يمكنها من الوصول للحكم عن طريق صندوق الانتخاب، بعد ألاعيب شيطانية مع المجلس العسكري الذي خلف مبارك في ظل مصر لفترة انتقال مؤقتة، وبعد التلاعب بانتخابات رئاسية قبل صدور دستور وطني توافقي يحدد سلطات الرئيس وباقي أجهزة الدولة التشريعية والقضائية، وهكذا قفز الإخوان الى السلطة في غفلة من الزمن، وبفارق تصويت لايزيد على 1.5٪ وكانت معظم الأصوات التي حصلوا عليها تصويتا عقابيا ضد المنافس لرغبة المصريين في انهاء الحكم العسكري وليس تصويتاً للإخوان.
وبمجرد وصول محمد مرسي لكرسي الرئاسة بدأ على الفور تنفيذ مخطط الاستعمار الامريكي لتقسيم المنطقة، فبدأ في مهاجمة كافة مؤسسات الدولة المدنية من قضاء وشرطة واعلام، وبدأ أخونة أجهزة الدولة من محافظات وحكم محلي، وبدأ التمهيد لتسليم جزء من سيناء لقطاع غزة بالضغط على حماس بإيقاف كافة أشكال مهاجمة اسرائيل تأكيداً لحسن النية مع أمريكا، وفي ضوء انقسام المجتمع والاستقطاب الشديد الذي ساده، وبدء استشراء نيران الفتنة الطائفية بالاعتداء على اخوتنا الأقباط وإحراق كنائسهم حتى ينشغل المجتمع بصراعاته الداخلية، فيخلو الجو لخفافيش الظلام لإخراج مخططاتهم الى حيز التنفيذ السريع، وفي هذه الأثناء كان قد دخل على خط المؤامرة الشريرة شريك إضافي هو أردوغان زعيم الإسلام السياسي في تركيا ورئيس حكومتها، فبعد أن فشل تماما في ادخال تركيا في عضوية الاتحاد الأوروبي، نقل أحلام زعامته الى أفق جيد هو أكذوبة ما يسمى بالخلافة الاسلامية، وتنصيب نفسه سلطانا جديداً لهذه الخلافة، بينما كان حلفاؤه الأشرار في مصر يديرون أسوأ ادارة حكومية في تاريخ مصر الحديث سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
وتكشفت الصورة السوداء تماماً أمام شعب مصر العظيم الذي كسر في ثورة يناير سنة 2011 حاجز الخوف والجهل التى الأبد، فهب في 30 يونية سنة 2013 في جولة ثورية عارمة يسترد بها ثورته الى اختطفها لصوص عصابات الأخونة، وبلغت حشوده أكثر من عشرين مليونا وهو أكبر عدد خرج في مظاهرة شعبية في التاريخ، وخرج ابن مصر البار وقائد جيشها عبدالفتاح السيسي على رأس جيشها الباسل لحماية ثورتها، وسقط حكم اللصوص والخونة، وأصيبت أمريكا وحلفاؤها الأشرار بالذهول والهلع للسرعة التي سقط بها المخطط الشيطاني الذي أنفقوا على إعداده ما يقرب من ربع قرن، وراحوا يحشدون رأيهم العام ضد مصر ويتهمون ثورتها الشعبية بأنها انقلاب عسكري اسقط سلطة شرعية منتخبة، وخرجت جرذان العصابات الاخوانية من جحورها تعيث في مصر فساداً وتدميراً، وتصرخ كلابها المسعورة علنا بانها إما أن تحكم مصر وإما أن تحرقها.
ولكن الوقت كان قد فات على أمريكا وحلفائها الأشرار وعملائها المحليين الصغار لانقاذ مخطط الشر الذي كاد ينجح لولا يقظة شعب مصر وتفاني جيشها الباسل.
ستكون هناك طبعاً ذيول للإجرام وتصفيات لبؤر الاجرام وسندفع ثمن حرية مصرنا الحبيبة من دماء شهداء أبرار، ومن خسائر مادية قد تكون كبيرة أحيانا، ولكن يهون في سبيل مصر أي ثمن ندفعه وسننتصر في النهاية بفضل اصرارنا وبفضل مساندة اشقائنا من العرب وكل الشعوب الحرة، وستهرب فلول الاستعمار في النهاية كما هربت من فوق سطح السفارة الأمريكية في سايجون يوم تحريرها في ربيع سنة 1975 وسنسجد للمولى شكراً على حماية كنانته في أرضه وسنقول لمصرنا الحبيبة:
حياتك يا مصر فوق الحياة/ وصوتك يا مصر وحي الإله
تعاليت يا مصر في موطن/ على الدهر يبقى وتفنى عداه


نائب رئيس حزب الوفد