بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

وفاة التليفزيون المصري‮ ‬بعد‮ ‬51‮ ‬عاماً


عاد التليفزيون المصري‮ ‬عشرات السنين الي الوراء لا فرق بينه وبين شاشة التليفزيون الصومالي‮ ‬او الموريتاني‮ ‬او الجيبوتي، ‮ ‬وربما نلتمس العذر لهذه الدول لأن هذه هي‮ ‬امكانياتهم وبالتالي‮ ‬لا نستطيع أن نقول ان شاشاتهم باهتة او رديئة المستوي،‮ ‬لكن ما‮ ‬يحدث الآن علي الشاشة المصرية هو قمة المهزلة،‮ ‬نعم كانت هناك سلبيات كثيرة وفساد اكثر خلال السنوات الاخيرة في‮ ‬ماسبيرو،‮ ‬والجاني‮ ‬سوف‮ ‬يحصل علي عقابه بالقانون،‮ ‬لكن لا احد‮ ‬يتصور أن‮ ‬يقوم ابناء ماسبيرو بهدم هذا الكيان الذي‮ ‬بنته اجيال سابقة وبالتحديد قبل‮ ‬60‮ ‬عاما عندما تم الاعلان عن بدء الارسال التليفزيوني‮ ‬ومنذ هذا التاريخ ونحن اصحاب الريادة الاعلامية في‮ ‬العالم العربي،‮ ‬ربما نتخلف بعض الوقت وتتقدم علينا بعض التليفزيونات العربية.

‬لكننا ابداً‮ ‬لم نكن متخلفين،‮ ‬الآن اصبحت الشاشة متخلفة وسيئة المستوي علي كافة المستويات،‮ ‬الاعداد سيئ مقدمون برامج اغلبهم لا‮ ‬يصلحون الا كمراسلين ومخرجين علي قد حالهم،‮ ‬هذه التوليفة لا تصنع شاشة جيدة،‮ ‬وهذا ليس دفاعاً‮ ‬عن الاسماء الاعلامية الذين تم طردهم بشكل جماعي‮ ‬من ماسبيرو بحجة ان هذا الكيان ملك لأبنائه فقط،‮ ‬وهذا امر خاطئ لأن هذا الكيان ملك لمصر والمصريين،‮ ‬ومن حق اي‮ ‬مبدع ان‮ ‬يقدم ابداعه طالما انه سوف‮ ‬يفيد الكيان الاعلامي‮ ‬المصري،‮ ‬وهذا‮ ‬يحدث في‮ ‬كل قنوات العالم،‮ ‬سوف نجد صحفيين واطباء وعلماء ورجال دين‮ ‬يقدمون برامج،‮ ‬والتليفزيون المصري‮ ‬شهد طفرة علي‮ ‬يد الصحفيين،‮ ‬منذ انشائه ومنهم الكاتب الكبير صبري‮ ‬موسي الذي‮ ‬وضع أول قواعد للاعداد التليفزيوني،‮ ‬وسعد الدين وهبة كأحد المحاورين،‮ ‬ومفيد فوزي‮ ‬وبهاء طاهر وفاروق خورشيد،‮ ‬ومحمود السعدني‮ ‬وعبدالرحمن الشرقاوي،‮ ‬ويوسف السباعي‮ ‬وانيس منصور واسماعيل البقري،‮ ‬وهناك مذيعات ومقدمون برامج كانوا‮ ‬يحرصون علي الذهاب الي بعض المؤسسات للجلوس مع الصحفيين لتعلم كيفية الحوار والاستفادة من طرحهم للأفكار والقضايا،‮ ‬ومؤخراً‮ ‬لا أحد‮ ‬يستطيع أن‮ ‬ينكر أن وجود اسماء مثل محمود سعد وخيري‮ ‬رمضان ولميس الحديدي‮ ‬وغيرهم حقق نجاحات كبيرة علي الشاشة المصرية.

‮ ‬سواء من خلال اسلوبهم الذي‮ ‬يطغي عليه الاسلوب الصحفي‮ ‬اللاذع والمبني‮ ‬علي النقد،‮ ‬وفي‮ ‬حقيقة الأمر ان برنامج‮ "‬البيت بيتك‮" ‬والذي‮ ‬تحول الي مصر النهاردة كان‮ ‬يحفظ ماء وجه التليفزيون المصري‮ ‬امام القنوات الاخري سواء العربية أو المصرية الخاصة وهو كان‮ ‬يقوم علي فريق عمل من الصحفيين،‮ ‬وبالتالي‮ ‬كانت المتابعة لشتي الاخبار موجودة،‮ ‬ومنذ إلغاء التعاقد مع هذه الشخصيات والتليفزيون لا وجود له وسط الاحداث،‮ ‬والغريب انه عندما تمت الاستعانة بشخصيات بديلة مثل حافظ المرازي‮ ‬وحمدي‮ ‬قنديل واللذين لهما باع طويل

علي الشاشات العربية الاخري ايضا تم طردهم بحجة أن التليفزيون ملك لأبنائه،‮ ‬النتيجة شاشة معتمة وباهتة ومتخلفة،‮ ‬والغريب اننا تصورنا ان اصحاب التليفزيون سوف‮ ‬يجتهدون لصنع شاشة تليق بالدوشة التي‮ ‬قاموا بها،‮ ‬لكننا وجدنا هذا التراجع‮ ‬الكبير في‮ ‬المستوي،‮ ‬والنتيجة هي‮ ‬ان التليفزيون سوف تتراجع حجم الاعلانات عليه ان لم تكن قد تراجعت بالفعل والخطر ان المشاهدين فروا من امام الشاشة المصرية كما‮ ‬يفر الانسان من الأسد‮.

‬من حق الاعلاميين داخل ماسبيرو ان‮ ‬يدافعوا عن حقوقهم المسلوبة منهم لكن طرد سعد وخيري‮ ‬والمرازي‮ ‬وقنديل والحديدي‮ ‬وغيرهم لن‮ ‬يفيد الشاشة خاصة ان الارسال التليفزيوني‮ ‬يمتد طوال‮ ‬24‮ ‬ساعة وهناك ما‮ ‬يقرب من‮ ‬23‮ ‬قناة تليفزيونية اي‮ ‬ان القماشة تكفي‮ ‬الجميع،‮ ‬ثم ان اغلب البرامج التي‮ ‬تم الاستغناء عن مقدميها كانت الوكالات الاعلانية هي‮ ‬التي‮ ‬تدفع رواتبهم،‮ ‬وبالتالي‮ ‬لم تمس ميزانية التليفزيون الأصلية المحددة من قبل الدولة،‮ ‬وأتصور ان التليفزيون كان‮ ‬يستفيد ايضا من عائد الاعلانات،‮ ‬نعم كانت هناك مجاملات تمثلت في‮ ‬ظهور بعض الصحفيين علي الشاشة كمقدمون برامج او كمعدين وهم لا‮ ‬يصلحون وهؤلاء هم الذين كانوا‮ ‬يستحقون البتر والكثير من الزملاء الصحفيين والنقاد هاجموا المسئولين في‮ ‬التليفزيون بسبب هؤلاء في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬صمت فيه أهل ماسبيرو،‮ ‬ما‮ ‬يحدث الآن هو بداية لإعلان خبر وفاة الاعلام المصري‮ ‬ممثلاً‮ ‬في‮ ‬التليفزيون،‮ ‬وكل ما نرجوه هو ان‮ ‬يبدأ العاملون بالتليفزيون بنقد انفسهم ومراجعة سياسة العنف التي‮ ‬انتهجوها ضد من اطلقوا عليهم ليسوا ابناء التليفزيون واتصور ان موافقة القيادات الاعلامية علي مطالب ابناء ماسبيرو هو عقاب للعاملين بهذا المبني وليس رضوخاً‮ ‬لمطالبهم،‮ ‬والنتيجة ظهرت مبكراً‮ ‬وهي‮ ‬انقطاع علاقة المصريين بتليفزيون الوطن‮.‬