الاعتكاف: الحكمة منه وشروطه
إنَّ الاعتكافَ في اللغة يعني: لزوم الشيء وحبس النفس عليه، وفي الشرع يعني: لزوم المسلم المميز مسجدًا لطاعة الله عزوجل.
ولقد أجمع العلماء على مشروعيته، وأنه سُنة لا يجب على المرء إلا أن يوجبه على نفسه كأن يُنذر، والدليل على ذلك:" أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود"، وحديث عائشة - رضي الله عنها - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله.
إذا انتقلنا إلى الحكمة من الاعتكاف نجد أن الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان تدريبًا على التقوى، ورغبة في أن يكون الصائم في تمام الصفاء؛ لإن صيام رمضان فيه تدريب الإنسان على الحرمان من أشياء كانت حلالًا، فيخرج إلى المسجد تاركًا الألفة مع الأهل والناس، ذاهبًا إلى بيت من بيوت الله" المسجد"، وفي ذلك تعويدًا للإنسان بأن يخلص أيامًا لله عزوجل يتدرب فيها على الصفاء الروحي الذي يرقي بالنفس والروح معًا.
أما شروط الاعتكاف فهي:
1-أن يكون المعتكف مميزًا عاقلًا فلا يصح الاعتكاف من الكافر ولا المجنون ولا الصبي غير المميز، أما البلوغ والذكورية فلا يشترطان؛ فيصح الاعتكاف من غير البالغ إذا كان مميزًا وكذلك الأنثى.
2-النية لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" إنما الأعمال بالنيات..."، فينوي المعتكف الاعتكاف؛ قربة وتعبدًا لله عزوجل.
3-أن يكون العتكاف في المسجد" وأنتم عاكفون في المسجد".
4-أن يكون المسجد الذي يعتكف فيه تُقام فيه صلاة الجماعة؛
5-الطهارة من الحدث الأكبر، فلا يصح اعتكاف الجنب ولا الحائض ولا النفساء؛ لعدم جواز مكث هؤلاء في المسجد.
أما الصوم فليس بشرط في الاعتكاف حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم – لابن عمر- رضي الله عنه - عندما قال له:" إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام"، فقال الرسول- صلى الله عليه وسلم -:" أوفِ بنذرك"؛ فلو كان الصوم شرطًا لم صح اعتكافه في الليل؛ لإنه لا صيام فيه، ولأنهما عبادتان منفصلتان فلا تشترط لإحداهما وجود الأخرى. والحمد لله فاتحة كل خير وتمام كل نعمة.