بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الوفد تكشف مافيا تهريب السولار بالمنزلة


أصبح للبلطجية والخارجين علي‮ ‬القانون الكلمة الأولي‮ ‬في‮ ‬تحديد مصير العديد من المؤسسات وجهات العمل في‮ ‬مصر،‮ ‬وخاصة بعد حالة الانفلات الامني‮ ‬التي‮ ‬ضربت مصر بعد اندلاع ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير وما صاحبها من انسحاب لقوات الشرطة،‮ ‬حتي‮ ‬المناطق الطبيعية لم تسلم منها،‮ ‬وراحوا‮ ‬يضربون فيها بكل قوتهم،‮ ‬من اجل الحصول علي‮ ‬المال دون أن‮ ‬ينظروا إلي‮ ‬مخاطر وجرم ما‮ ‬يرتكبون لتكون النتيجة اتلاف شيء لا‮ ‬يقدر احد علي‮ ‬اعادة اصلاحه،‮ ‬ويبقي‮ ‬الجميع في‮ ‬انتظار النظرة الإلهية لاعادتها إلي‮ ‬ما كانت عليه‮.‬

‮»‬بحيرة المنزلة‮« ‬من هذه المناطق التي‮ ‬يعبث بها البلطجية حيث حولوها إلي‮ ‬ما‮ ‬يشبه الانفاق الواصلة بين مدينتي‮ »‬رفح المصرية والفلسطينية‮« ‬حيث استخدموها في‮ ‬تهريب السولار المدعم والمواد التموينية المخصصة لمكاتب التموين لأهالي‮ ‬محافظة الدقهلية ولكن ليس لمساعدة أشقائنا الذين‮ ‬يواجهون الاحتلال الصهيوني‮ ‬ولكن تنفيذاً‮ ‬لاوامر مجموعة من اصحاب الاجندات الخارجية الذين‮ ‬يسعون إلي‮ ‬احداث فتنة وأزمة داخلية‮.‬

وتهريب السولار عن طريق‮ »‬بحيرة المنزلة‮« ‬بدأ منذ عدة سنوات ولكنه ازداد خلال الاشهر الماضية وبالتحديد في‮ ‬أعقاب ثورة‮ ‬يناير،‮ ‬في‮ ‬ظل الانفلات الامني‮ ‬الذي‮ ‬ضرب أرجاء مصر كلها،‮ ‬مما دعا بعض أصحاب النفوذ ورجال الاعمال‮ - ‬بعد الاستعانة بالبلطجية واصحاب السوابق‮ - ‬لاستغلال الموقف والاتجار في‮ ‬السولار المدعم الذي‮ ‬توفره وزارة البترول لبنزينات محافظة الدقهلية وقاموا بانشاء العديد من الاكشاك بطول شاطئ البحيرة لتخزين جراكن السولار فيها،‮ ‬ولتكون قريبة من اللانشات التي‮ ‬تقوم بنقلها إلي‮ ‬السفن الموجودة في‮ ‬منطقة‮ »‬بوغازي‮ ‬الجميل‮« ‬وعند وصولها إلي‮ ‬عزبة البرج في‮ ‬دمياط‮ ‬يتم نقلها إلي‮ ‬مراكب الصيد الموجودة في‮ ‬البحر الابيض ليتم تهريبه إلي‮ ‬خارج القناة ويتم ذلك بنوع من التفاهم بين أصحاب السفن ووكلاء السفن الموجودين في‮ ‬مصر الذين‮ ‬يقومون بالتربيط مع التجار في‮ ‬عزبة البرج،‮ ‬الاخطر من ذلك أن التهريب لم‮ ‬يعد‮ ‬يقتصر علي‮ ‬السولار فقط،‮ ‬ولكنهم اتجهوا لتهريب المواد التموينية المدعمة‮ »‬الأرز والزيت والدقيق‮« ‬والتي‮ ‬يتم صرفها لأهالي‮ ‬المحافظة،‮ ‬ثم‮ ‬يقوم ربان هذه السفن بالقاء هذه المواد في‮ ‬مياه البحيرة لاسباب‮ ‬غير معلومة،‮ ‬وهو ما جعل البعض من أهالي‮ ‬المحافظة‮ ‬يتهمون الموساد بالوقوف وراء هذا التهريب لخلق أزمة داخلية في‮ ‬السولار والمواد التموينية‮.‬

الغريب في‮ ‬الأمر أن بعض أهالي‮ »‬الدقهلية‮« ‬طرقوا أبواب العديد من المسئولين ولكن دون فائدة وهو ما جعلهم‮ ‬يتوجهون بشكواهم إلي‮ ‬المجلس العسكري،‮ ‬وإرسال العديد من الفاكسات إلي‮ ‬مجلس الوزراء وانتهي‮ ‬بهم المطاف إلي‮ ‬التنسيق مع شيوخ وائمة المساجد لحث ابناء المحافظة لترك العمل في‮ ‬مثل هذا النوع من التجارة،‮ ‬وبالفعل استطاع أبناء المحافظة القبض علي‮ ‬عدد من السيارات المحملة بالسولار والمواد التموينية أثناء توجهها إلي‮ ‬الاكشاك وقاموا بتسليمها إلي‮ ‬أقسام الشرطة‮.‬

‮»‬الوفد‮« ‬رصدت خط تهريب السولار في‮ ‬بحيرة‮ »‬المنزلة‮« ‬في‮ ‬رحلة بدأت من الثانية بعد الظهر وحتي‮ ‬الثامنة مساء،‮ ‬علي‮ ‬متن لنش في‮ ‬صحبة أحد الذين كانوا‮ ‬يعملون في‮ ‬تهريب السولار والسلع التموينية والذي‮ ‬علي‮ ‬دراية كبيرة بطرق سير اللنشات وجهات سفرها،‮ ‬وسط انتباه العديد من اصحاب‮ »‬المواتير‮« ‬الذين سارعوا بالتحدث إلينا عن مشاكلهم التي‮ ‬تبحث عن حلول منذ سنوات طويلة دون أي‮ ‬نتيجة،‮ ‬وانتهاء المطاف بهم إلي‮ ‬الوقوع في‮ ‬دائرة البطالة والفقر بسبب سيطرة عدد من البلطجية والسوابق علي‮ ‬البحيرة واخيرا كارثة تهريب السولار التي‮ ‬تسببت في‮ ‬توقف الحياة في‮ ‬المحافظة‮.‬

الرحلة بدأت من مجلس مدينة المطرية للاستفسار عن الاسباب الخفية وراء انتشار الظاهرة والخطة المقترحة لمعالجتها والقضاء عليها ولكن المسئولين داخل المجلس رفضوا التحدث إلينا بحجة أن اللواء‮ »‬محسن حفظي‮« ‬محافظ الدقهلية قد أصدر تعليماته بمنعهم من التحدث إلي‮ ‬أي‮ ‬جهة اعلامية إلا بعد الرجوع إليه‮.‬

نصحنا‮ »‬الدليل‮« ‬ببدء الرحلة من منطقة‮ »‬المجاير‮« ‬التي‮ ‬يسيطر عليها مجموعة مكونة من خمسة أفراد من البلطجية وارباب السوابق‮ ‬أربعة منهم هاربون من حكم بالسجن المؤبد والخامس هارب من حكم الاعدام وهؤلاء‮ ‬يتولون مهمة الدفاع عن الكبار الذي‮ ‬يتاجرون في‮ ‬تهريب السولار،‮ ‬وتنتشر علي‮ ‬شاطئها العديد من الاكشاك التي‮ ‬تضع بجوار جدرانها جراكن عملاقة تستخدم في‮ ‬نقل السولار،‮ ‬الغريب أن جميع الصيادين واصحاب المواتير رفضوا التحدث معنا،‮ ‬وسط تهديد البعض لنا بمنع تصوير الاكشاك والجراكن المحيطة،‮ ‬بها بخلاف شخص اطمأن لنا وقرر أن‮ ‬يضع حياته وراء ظهره ويتحدث إلينا عن عمليات التهريب التي‮ ‬لا تنتهي،‮ ‬والتي‮ ‬قلت هذه الايام بعد أزمة السولار التي‮ ‬تتعرض لها المحافظة هذه الايام،‮ ‬مؤكداً‮ ‬مشاهدته لسيارات وزارة البترول وهي‮ ‬تأتي‮ ‬مباشرة إلي‮ ‬هذه الاكشاك لتفريغ‮ ‬ما بها من سولار،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬كان‮ ‬يقف فيه مئات المواطنين علي‮ ‬البنزينات ليل نهار للحصول علي‮ ‬عدت ليترات‮.‬

ومن المجاير إلي‮ ‬وسط البحيرة عند منطقة‮ »‬ابن سلام‮« ‬نصحنا الدليل بسرعة الانصراف منها وعدم التوقف عندها بسبب سيطرة البلطجية عليها،‮ ‬حيث قاموا بعمل العديد من المراسي‮ ‬الطينية والتي‮ ‬تستخدم في‮ ‬نقل جراكين السولار من اللنشات الصغيرة إلي‮ ‬المراكب الكبيرة انتهاء بمنطقة‮ »‬تنيس‮« ‬الاثرية والتي‮ ‬يشتعل بالقرب منها نار وسط المياه‮ ‬يصل دخانها الي‮ ‬عنان السماء وعن الاستفسار عن سببها أخبرنا بأنها مشتعلة منذ أكثر من‮ ‬يومين وهي‮ ‬عبارة عن مركب صغير كانت تحمل عدداً‮ ‬من الجراكن بداخلها ورجح بأن تكون جراكن سولار‮.‬

المهندس أحمد عميرة أحد أبناء مدينة المطرية ـ قال‮: ‬تهريب السولار لن‮ ‬يكون الاخير في‮ ‬مسلسل التعديات علي‮ ‬بحيرة المنزلة وخاصة انه موجود منذ سنوات ولكنه ازداد في‮ ‬الشهور الاخيرة بسبب حالة الانفلات الامني‮.‬

وأضاف‮: ‬لا بديل عن تسليم البحيرة للقوات المسلحة كجهة اشراف وحماية أسوة ببحيرة‮ »‬البرلس‮« ‬وتطبيق الاحكام العسكرية علي‮ ‬الخارجين عن القانون‮.‬

واتفق المهندس‮ »‬محمد فرج‮« ‬مع سابقه في‮ ‬ضرورة تسليم البحيرة لقوات الجيش وفرض حماية أمنية عليها لحمايتها والصيادين العاملين فيها،‮ ‬وأضاف‮: ‬عمليات التهريب تتم علي‮ ‬مسمع ومرأي‮ ‬من جميع المسئولين في‮ ‬المحافظة دون أن‮ ‬يقوموا بعمل أي‮ ‬شيء‮ ‬يكون من شأنها إيقاف هذه التعديات والمهازل التي‮ ‬تتم فيها‮.‬

أما الشيخ محمد عبدالرحمن ـ إمام وخطيب ـ قال‮: ‬لجأنا الي‮ ‬المنابر لحث الاهالي‮ ‬علي‮

‬عمل لجان شعبية للتصدي‮ ‬للبلطجية الذين فرضوا سطوتهم علي‮ ‬البحيرة واستخدموها في‮ ‬تحقيق مصالحهم دون النظر الي‮ ‬مئات الآلاف من المواطنين في‮ ‬المحافظة،‮ ‬وطالب‮: ‬بسرعة تطهير البحيرة من البلطجية الذين‮ ‬يفرضون سطوتهم عليها بالاضافة الي‮ ‬تطهير البواغير التي‮ ‬تصل بين البحيرة والبحر الابيض لإعادتها الي‮ ‬ما كانت عليه‮.‬

وعبدالحميد السيد ـ قال‮: ‬عمليات التهريب تتم ليل نهار وجميع قيادات المحافظة‮ ‬يعلمون ذلك وعلي‮ ‬صوته وهو‮ ‬يقسم انه شاهد ربان سفينة مشهور بملازمته لرجل أعمال شهير في‮ ‬مدينة المطرية وهو‮ ‬يأمر العمال برمي‮ ‬السولار والمواد التموينية في‮ ‬مياه البحيرة ويعطيهم ضعف ثمنها‮.‬

‮"صيادو المطرية‮" ‬أسرعوا بتركيب المواتير أملاً‮ ‬في الربح السريع‮

كان لتهريب السولار عن طريق بحيرة‮ »‬المنزلة‮« ‬العديد من الآثار السلبية علي المناطق التي‮ ‬يعيش أهلها علي ما‮ ‬يربحونة من العمل فيها وخاصة‮ ( ‬المطرية والنسايمة والجمالية والثبول‮) ‬حيث‮ ‬يعمل أبناؤها بمهنة الصيد في البحيرة‮ ‬،‮ ‬وبناء المراكب الصغيرة‮ ‬،‮ ‬وبمجرد ظهور تجارة تهريب السولار والمواد التموينية والتي تتطلب وجود مراكب تعمل بالمواتير‮ ‬،‮ ‬راجت صناعة المواتير‮ ‬،‮ ‬وسارع الصيادون بتركيبها واستدانوا من بعضهم أملا في تحقيق عائد أكبر وخاصة بعد تحديد قيمة إيجار المركب بـ‮ »‬ألف جنيه‮« ‬في الساعة الواحدة أي بما‮ ‬يعادل عمله طوال شهر كامل‮ ‬،‮ ‬وتركوا مهنة الصيد وخاصة أن مراكب‮ ( ‬المواتير‮ ) ‬لا تصلح‮ ‬نظرا لسرعتها وعلو صوتها‮ ‬،‮ ‬وما هي الا ايام معدودة حتي اضمحلت عمليات التهريب والتي شارك فيها عدد كبير من صيادي‮ ‬البحيرة والآن لا‮ ‬يجدون ما‮ ‬يعملون به بعد سيطرة عدد من بلطجية رجال الأعمال علي البحيرة وتحويلها الي مزارع خاصة لهم‮.. »‬الوفد‮« ‬زارت مدينة المطرية ورصدت حالة الفقر الذي تعاني منه بعد‮ ‬غلق مصدر رزقهم الوحيد وتحويلة الي‮ (‬أنفاق‮) ‬لتهريب السلع‮ ‬،‮ ‬ولم‮ ‬يكتف المهربون بالقضاء علي البحيرة فحسب‮ ‬،‮ ‬وانما اتجهوا لحرمان الأهالي من مخصصاتهم التموينية التي‮ ‬يعتمدون عليها في تدبير ظروفهم المعيشيةـ‮ " ‬محمد عبدالمرضي‮ " ‬شاب في العقد الثالث من عمره‮ (‬صياد‮) ‬من‮ "‬المطرية‮" ‬لم‮ ‬يجد حرجا في الاعتراف بأنه من الذين شاركوا في تهريب السولار،‮ ‬استنكرت في حديثي معه اشتراكه في هذا العمل فأجاب‮ : ‬لم أكن مصير السولار والسلع المهربة ولا الجهة التي‮ ‬يذهب اليها‮ ‬،‮ ‬وكل ما كان‮ ‬يقال لنا إنه ذاهب الي سفن مصرية وأن التجار‮ ‬يلجأون لتهريبة لتفادي دفع الضرائب التي لا تنتهي‮ ‬،‮ ‬سألتة‮ : ‬وهل اكتشفت‮ ‬غير ذلك فقال‮ : ‬كنت علي متن لانش متوسط الحجم مملوء بالزيت والسكر والأرز وبعد سيرنا ما‮ ‬يقرب من ساعتين في البحيرة أمرنا‮ ( ‬ريس المركب‮ ) ‬ـ وهو أحد أبناء المنطقة ويمتلك عددا من المراكب ـ‮ ‬بالتوقف ورمي ما معنا من بضائع في البحيرة وأعطانا أجرنا كاملا دون أن‮ ‬ينقص منه شيئاً‮ ‬،‮ ‬فأدركنا أن هناك أسباب‮ ‬غير واضحة بالنسبة لنا فقررت ومجموعة من الصيادين التوقف ـ‮ ‬

ـ سألت‮ " ‬أحمدعبدالستار‮" (‬صياد‮ ) ‬من أبناء المطرية التقيته وهو مسترخيا علي مركبه الصغير ـ الذي‮ ‬يعول أسرة مكونة من خمسة أبناء والزوجة‮ ‬ـ عن سبب نومه ساعة العصاري‮ ‬،‮ ‬فأجاب بنبرة صوت مملوءة بالكسل والحزن في نفس الوقت‮ : ( ‬العصر ذي الظهر‮ ) ‬،‮ ‬وأضاف‮ : ‬البلطجية سيطروا علي مداخل البحيرة ولا نجد مكانا نقف فيه،‮ ‬وأكشاك الجاز الموجودة هنا ترفض البيع بحجة عدم توافره‮ ‬،‮ ‬حتي المنازل خلت من السلع بعد تهريبها‮.‬

ـ أما‮ " ‬منعم الجوهري‮ " ‬صاحب محل لبيع الجاز بالقرب من بحيرة‮ "‬المنزلة‮ " ‬فأشتكي بشدة من الحالة الاقتصادية السيئة التي‮ ‬يتعرض لها بسبب فشله في الحصول علي حصته من السولار‮ ‬،‮ ‬وتأخر وصول سيارة البترول لمدة تزيد علي‮ ‬الشهر وغلاء أسعاره،‮ ‬وأضاف‮ : ‬عندما اسأل العمال عن سبب الـتأخير،‮ ‬دائما ما‮ ‬يرددون‮ ‬بأن القادم أسوأ‮ ‬،‮ ‬والنتيجة‮: ‬خراب البيوت الذي لحق بنا واسرنا‮.‬