بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

كل واحد مع نفسه

 

 

تكملة لمقالى الأسبوع الماضى ، الذى طالبت فيه بضرورة التعايش مع وباء كورونا اللعين ، وبضرورة عودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها ، سواء المحلات العامة والتجارية أم كافة الأنشطة الأخرى . فقد زارنى بالأمس القريب عامل من أحد المطاعم التى كنت أتردد عليها سابقا ، واثناء تلك الزيارة دار بيننا حديث شيق ، أحببت ان أعيده عليك عزيزى القارئ .

بدأ هذا الزائر الكريم حديثه مستغربا ، فسألنى السؤال الذى يشغل عامة الشعب قائلا : هل يرضيك هذا الحال الذى وصلنا اليه الان ؟ ( قاصدا غلق المطاعم والمحال بصفة عامة ، وما ترتب على ذلك من بطالة لدى بعض فئات المجتمع ) ، فسألته وهل انت ما زلت تحصل على اجرك ؟ فأجابنى ، حتى الآن نحصل على نصف الآجر ، ولكن صاحب العمل استغنى عن بعض عمال المطعم ، وأبقى البعض الاخر ، ثم أردف القول ، ( احنا تعبنا خالص ) .

وأثناء الحديث وجدت من واجبى أن أوضح لهذا الزائر ، أن الدولة حريصة على صحة الشعب ، فهى تحاول الحد من انتشار وباء كورونا اللعين ، فإذا أغلقت المحال العامة والتجارية لبعض الوقت أو كل الوقت ، فذلك حرصا منها على رواد تلك المحال والعاملين ايضا . وهنا عقب الزائر بقوله : ( وما ذنبنا نحن ؟ كيف نعيش نحن وأسرنا ؟) ثم استطرد القول : ( أفضل شيء الحكومة تعمل اللى عليها وتنبه الناس بخطورة هذا المرض ، وأن توفير سبل الحماية ، وبعد ذلك كل واحد مسئول عن نفسه ) .

وبعد تأمل تلك الكلمات ، أحسست أن هذا العامل - رغم بساطته – ربما يكون لديه حل لمواجهة هذا المرض اللعين ، فسألته وماذا تقصد بقولك ( كل واحد مسئول عن نفسه ) ؟ فقال : إن كل انسان حر ، فاذا اتبع تعليمات الوقاية التى تفرضها الحكومة سيحمى نفسه وأهله ، اما اذا أهمل ومرض فهذا ذنبه . ثم أسهب فى الحديث قائلا : ( الاسعار نار والواحد حاليا عايش بالعافية ، لازم يكون فى حل ، لازم نرجع المحلات تانى تشتغل عشان العمال يكلوا عيش ، اذا استمر الحال كدا هنموت من الجوع ، فكدا ميتين وكدا ميتين ) .

وأمام هذه الكلمات الرنانة قلت للزائر الكريم : انت بالفعل محق فى طلب إعادة الانشطة الاقتصادية للعمل مرة اخرى ، ولكن أخشى ما أخشاه أن أغلب شعبنا مهمل ، فهم يتواكلون على الدولة فى كل شيء دون أن يبالوا او يحتاطوا او ينفذوا ما تقوله او تطلبه الحكومة من احتياطات صحية ، أغلب العاملين لن ينفذوا تعليمات الحكومة والنتيجة ستكون خطيرة للغاية ، وتعداد المرض سيرتفع اضعاف العدد الحالى ، وسيقع على الحكومة عبء معالجة هذا العدد الضخم ، ومع الاسف لن تستطيع الدولة ان تتحمل كل هذه النفقات .

وهنا .. توقف الحديث للحظات ، ثم عاود الزائر القول ، ( الشخص المهمل يتحمل مسئولية إهماله ، ولكن مش معقول كلنا نتحمل المسئولية ، فى ناس كتير ملتزمة بتعليمات الحكومة ، اما اذا كان هناك واحد او اثنين او حتى عشر لا تنفذ التعليمات فهم المسئولون عن انفسهم . المهم ، تعمل الحكومة اللى عليها بنشر تعليمات الوقاية وتوفر الادوات اللازمة للحماية الصحية ، سواء الكمامات او المطهرات وبالأسعار المعقولة ، وبعدين اللى ما ينفذش التعليمات هو حر ، عاوز يموت هو حر ، ولكن كلنا نموت مش معقول ) .

وهنا بادرت الزائر البشرى ، بأن الحكومة فى سبيل تخفيف اجراءات الحظر المفروضة بشكل تدريجى ، لان الحكومة نفسها ستضار من توقف عجلة الاقتصاد ، فالمشكلة تعم الجميع سواء الحكومة أم الشعب ، ولهذا أعلن رئيس الوزراء مؤخرا أن الحياة سوف تبدأ فى العودة لطبيعتها تدريجيا بعد العيد . ثم أردفت القول ( الصبر مفتاح الفرج اسبوع واحد - ان شاء الله – وكل شيء يبقى كويس ) . فرد بقوله والله سيادتك كلامك جميل ( بس على الله الحكومة تنفذ وتفتح المحال عشان نأكل عيش ، احنا تعبنا ) .

العيد باقى عليه يوم أو يومان وكل عام وحضراتكم جميعا بخير ، أعاده الله علينا وعليكم بالصحة والعافية ، وندعو الله جميعا ان يرفع عنا هذه الغمة ، وأن يزيل البلاء الذى حل ليس بمصر وحدها ولكن بالعالم كله .

وكل عام وأنتم بخير .... وتحيا مصر .