بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

ع الهامش

قلوبنا «اتوجعت»

مشاهد انتحار شاب من برج القاهرة أوجعت قلوبنا، وإصراره على الموت حتى بعد أن لاحت له فرصه للتراجع عقب انحشار ملابسه فى الحاجز الحديدى، إلا أنه انتزعها سريعًا وواصل طريقه للهاوية، فما الذى يدفع شابًا فى مقتبل العمر للانتحار؟ تعددت الروايات وغالبها إجابات محفوظة دون تثبت من الوقائع، والتى يروق لنا سماعها فمن قائل قلة الوعى الدينى، وآخر يرجعه لمرض نفسى، وبذلك نريح أنفسنا من عناء بلوغ الحقيقة،علنا ننقذ آخرين قبل أن يصلوا لذلك المصير المؤلم.

الطالب نادر محمد جميل، والذى تخرج فى قسم الهندسة الطبية بجامعة حلوان هذا العام بتقدير امتياز ومشروع تخرجه حصل على درجه إمتياز، وصفه أحد أستاذته بأنه كان من المتفوقين، ودائم الابتسام، ولم يرسب قط، وأن مشروع تخرجه كان عبارة عن جهاز لمساعدة ضعاف النظر، والذى يتيح لهم الرؤية بوضوح، وكان من أفضل مشروعات التخرج، وأن نادر يعد من أفضل 5 طلاب فى دفعته الذين قام بالتدريس لهم، مؤكدًا أنه يتمتع بسمات شخصية وذهنية تؤهله للعمل فى كبرى الشركات.

.إذن هذا الشاب متحقق فى دراسته وأنهاها منذ بضعة شهور ولم يبدأ بعد حياته العملية، وهو ما يوحى بأنه تعرض لأزمه ما مفاجئة أصابته بانهيار نفسى ولم يجد من يحنو عليه؟ زملاء نادر حكوا، أنه كان يمر بأزمة نفسية وأسرية بسبب وفاة والده وحبس أخيه بعد تعرضه للظلم، وسفر أخته خارج البلاد، وعيشه وحيدًا مع والدته، مما دفعه للانتحار.

تلك لم تكن حالة فريدة للانتحار بل تعددت الحالات واختلفت الوسائل منا ماهو تحت عجلات المترو وماهو باستخدام حبة حفظ الغلال مثل طالبة طب أسنان المنصورة، أو القفز فى النيل، وغيرها، ومع اختلاف الأسباب التى لم نر أى رصد علمى لها وسبل معالجة تلك الظاهرة المتفاقمة، فالمرضى منهم يجب عدم التوانى عن علاجهم طبيا، أما من لم يحتمل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية وانصراف الأهل والأقارب لتأمين حياتهم وتناسوا الترابط الاجتماعى الذى يحثنا الدين عليه وكنا قديمًا نتباهى به عن الآخرين، ذلك كله أصبح ماضيًا، وأصبح التواصل عبر السوشيال ميديا بـ «اللايك» و»الشير» هو سمة عصر التيك أوى. ومن يتعرض لأزمة نتركه وحيدًا يعانى من الاكتئاب إلى أن يصل الهاوية ونصمه بأنه مريض نفسى أو نتساءل هل يدخل الجنه أم النار؟

وأين بحوث المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، التى ترصد ظاهرة الانتحار وكيف أصبحت شخصية الشباب هشة لا تحتمل الضغوط وتهرب منها بالانتحار؟

منظمة الصحة العالمية، صنفت مصر فى المركز الأول عربيًا فى حالات الانتحار، فطبقًا لإحصائها عن عام 2016 تم تسجيل 3799 حالة انتحار نصفهم فى فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا، يأتى الانتحار فى المرتبة الثانية بعد حوادث الطرق كسبب رئيسى للوفاة.

ولنذكر أنفسنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «تبسمك فى وجه أخيك صدقة»، وفى مجتمع تملؤه الابتسامة والرحمة، وجبر الخواطر لن تجد فيه منتحرًا، وعندما ينتحر شاب يدمى قلوب أسرته، ولن يفارقها الألم ما حيت، ومهما بدت الضغوط هائلة يمكن تجاوزها بالترابط.

[email protected]