بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الحاكم بأمره!

 

ما معنى أن تصدر دولة قانونا أو قرارا، لكى تنفذه وتطبقه على إقليم دولة أخرى؟ هل أمريكا أصبحت الآن هى التى تحكم العالم، دون رقيب أو حسيب؟

أنا لم أسمع فى حياتى ولم أقرأ، عن دولة أصدرت قانونا فى حق دولة أخرى، ومن أجل أن ينفذ على أرض تلك الدولة. ما شأن أمريكا بالنزاع الفلسطينى الإسرائيلى؟ صحيح أنه طبقا للأعراف الدولية، أن أى دولة من حقها أن تعترف بأمر ما أو تغيير ما قد يحدث فى أى دولة فى العالم، لكن لا تستطيع أى دولة أن تفرض امرا ما على غيرها ما لم يكونا طرفا فى نزاع واحد. هذا الكلام لا يعرفه القانون الدولى، فلا يوجد بالقانون الدولى نص يسمح لدولة ما أن تصدر قانونا أو قرارا بحق دولة أخرى لا شأن لها بها.

كيف لأمريكا أن تصدر قانونا لكى تنفذه فى دولة ولصالح دولة أخرى؟ حدث منذ شهور أن اصدرت أمريكا قرارا باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وقامت بنقل سفارتها هناك، وهاجت الدول العربية ورفعت الأمر لهيئة الامم التى رفضته، وبالطبع فإن قرارات هيئة الامم ليس لها قوة تنفيذ جبرية، والذى يملك تلك القوة هو مجلس الأمن، ولكن مجلس الأمن به عقبة كبرى، أن الدول الخمس دائمة العضوية - أمريكا وروسيا وانجلترا وفرنسا والصين - لهم حق الفيتو، هذا الحق من شأنه عرقلة صدور أى قرار عن مجلس الأمن لا يوافق مصالح تلك الدول.

وبالفعل.. فحين رفعت هيئة الامم المتحدة قراراتها إلى مجلس الأمن، استعملت أمريكا حق الفيتو حين كان الاتجاه يسير نحو اقرار القرارات الصادرة عن هيئة الامم. وهكذا فقد أصبحت قرارات هيئة الامم لا تعدو أن تكون إلا مجرد توصيات هى والعدم سواء. ونفس الشىء حدث أيضاً بالنسبة للقرار الأمريكى الذى منح إسرائيل الحق فى ضم مرتفعات الجولان السورية، فحين رفع الأمر لهيئة الامم اصدرت القرار برفض الأمر، ثم احالت الموضوع لمجلس الأمن، وبالطبع استعملت أمريكا حق الفيتو من أجل عرقلة إصدار أى قرار بهذا الشأن.

إننى أتعجب، لقد تمادت أمريكا واصدرت أخيرا قرارا بحق إسرائيل فى إنشاء المستوطنات على الأراضى الفلسطينية المحتلة. كيف لأمريكا أن تصدر قرارا مثل هذا؟ ما شأن أمريكا بالنزاع الإسرائيلى الفلسطينى؟ اين الدول الكبرى الأخرى؟ اين مجالس حقوق الإنسان، التى تنظر حقوق الشعوب فى كافة دول العالم؟ كيف لأمريكا أن تسمح لدولة الاحتلال أن تضم جزءا من أراضى الدولة المحتلة إلى أراضيها؟ أى منطق يقول هذا؟!! القانون الدولى بطبيعة الحال لا يسمح اطلاقا لأى دولة أن تصدر قرارا بحق دولة أخرى، فعلى أى أساس اصدرت أمريكا مثل هذا القرار؟ هل هو استعراض للقوة الأمريكية؟

اجتمع أخيرا يوم الاثنين الماضى السادة وزراء خارجية الدول العربية واصدوا قرارا بعدم مشروعية القرار الأمريكى بحق إسرائيل فى إنشاء المستوطنات على الأراضى الفلسطينية المحتلة وعدم الاعتداد به، ورغم تقديرى واحترامى لوزراء الخارجية العرب جميعا وللجامعة العربية العريقة، إلا أنه فى تقديرى أن مثل هذا القرار لا يعدو أن يكون إلا مجرد حبر على ورق، حتى لو لجأت أى دولة سواء كانت فلسطين أم غيرها من الدول العربية الأخرى إلى هيئة الامم فسيكون القرار الذى ستصدره هيئة الامم مصيره العدم، بسبب استعمال أمريكا حق الفيتو مثلما حدث بشأن المخالفات السابقة التى ارتكبتها أمريكا.

البادى.. أنه فى حكم الرئيس الأمريكى ترامب، لا أمل على الاطلاق فى مطالبة فلسطين وباقى الدول العربية بحل القضية الفلسطينية على أساس الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وكذا حق عودة الفلسطينيين المهاجرين لديارهم، وانسحاب إسرائيل لما قبل حدود 1967. هذا الأمر أصبح الآن اشبه بحلم اليقظة، فلا أمل إلا أن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون فى دولة واحدة، لهم جميعا نفس الحقوق، وعليهم نفس الواجبات. رحم الله الرئيس الليبى معمر القذافى، الذى تنبأ بحل القضية الفلسطينية كدولة واحدة يعيش فيها الإسرائيليون والفلسطينيين، بل وقد تنبأ بأن يكون اسم تلك الدولة إسراطين، نسبة لإسرائيل وفلسطين.

وتحيا مصر.