بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

حكاية وطن

مهما كان انت مصر

شاهدت مباراة السوبر على مقهى بإحدى المناطق الشعبية بدعوة من صديق للاستمتاع بالتشجيع على طريقة أولاد البلد، حيث المتعة والإثارة والتعليقات بعد كل هدف وعقب ضياع فرصة تسجيل. ذهبت قبل بدء المباراة بحوالى ساعة، وحصلت على كرسى بالواسطة لأن المقهى كان مكتظًا بالمشاهدين. قبل المباراة، وبين الشوطين استمتعت بصوت الفنان الإماراتى الذى أحبه وأحب فيه حبه لبلده الثانى مصر. وحب المصريين الأصلاء له، وهو الفنان حسين الجسمى وهو يغنى لمصر بصوته الجميل، يغنى الجسمى: يا أغلى اسم فى الوجود يا مصر، يا اسم مخلوق للخلود يا مصر، نعيش لمصر ونموت لمصر، تفوت عليكى المحن ويمر بيكى الزمان وانت أغلى وطن وانت أعلى مكان، ومهما كان إنت مصر.

المشاهدون يغنون مع الجسمى: كلك شهامة وكرامة ورايا فوق كل رايا، انت لحبيبك سلامة وانت لعدوك نهاية، انت بلادى الجميلة حصن السلام والأمان انت الحضارة الأصيلة قبل التاريخ والزمان.

فعلًا مصر مهد الحضارات وأرض السلام تحترم ضيوفها المحترمين وتضعهم فى نن العين، وتتحول إلى مقبرة للغزاة وللأشرار والخائنين والقوادين.

انتهت مباراة السوبر فى ليلة سوبر. آلاف المواطنين من شباب وكبار شاهدوها فى المقاهى والكافيهات المنتشرة فى أرجاء المعمورة، وغيرهم شاهدها فى البيوت، وآخرون ذهبوا إلى برج العرب تابعوا المباراة من مقاعد مدرجات استاد الجيش بعد المباراة احتفل أنصار فريق النادى الأهلى بالكأس بعد تغلبه على غريمه التقليدى الزمالك فى سهرة كروية ممتعة، وانتشر مشجعو الأهلى في الشوارع لممارسة طقوسهم التقليدية فى التعبير عن فرحتهم يرددون: فريق كبير فريق عظيم أفديه بروحى وبرضه قليل.

فى الشارع كانت تجلس سيدة تبيع الفطير المشلتت جعلتها الفرحة باحتفالات الشباب توزع الفطير مجانًا ووقفت تقول: وطن كبير، وطن عظيم أفديه بعمرى وبرضه قليل، بائعة المشلتت قلبت الاحتفال بفوز الأهلى إلى سياسة، وجعلتنى أنصت إليها بتركيز شديد، وأتساءل كيف لهذه السيدة البسيطة التى تنفق على أسرتها من بيع الفطير الذى تحصل عليه من أحد الأفران فى منطقة نائية وتضعه فى المشنة، وتعرضه فى الشارع فى عز الشمس لتأكل لقمتها بالحلال هى وأطفالها تملك كل هذا الحس الوطنى وهذا الإخلاص للقيادة السياسية وللجيش المصرى، قلت فى نفسى إنها القناعة، وإنه الحب، فالحب ليس له كبير ولا يقاس بالغنى ولا بالفقير، عندما يدخل  الحب إلى القلب لا بد أن تتركه ليأخذ دورته ويعبر عن نفسه.

بائعة المشلتت سرقت الكاميرا من جماهير الأهلى كما يقولون فى السينما، قالت: افرحوا يا شباب، وحبوا بلدكم، ولا تسمعوا لكلام الإرهابيين الذين يحرّضونكم على التخريب، فالتخريب يا أولادى سهل، أما التعمير صعب. قالت السيدة: الولد اللى مش فاكره اسمه الهارب بره البلد اللي بيطالب بالتظاهر متسمعوش كلامه لو ليه مشكلة مع البلد ييجى بنفسه يبحث لها عن حل، ويورينا طوله، ويسمع مننا: ناكلها بدقة ولا نقبض من الخارج لتهدم بلدنا.

والد المقاول قال فى حوار صحفى: ابنى خائن وهددنى بضربى بالجزمة لو نزل مصر تستاهل يا كابتن، لأنك معرفتش تربيه!.

صوت السوبر كان أعلى من صوت الرعاع، المصريون عاشوا ليلة فى حب مصر واستمتعوا بكلاسيكو الكرة المصرية بين الأهلى والزمالك، الولاد احتفلوا وفى الصباح توجّهوا إلى مدارسهم وجامعاتهم.

وستظل مصر على قلب رجل واحد، هى لأحبابها سلامة، ولأعدائها مقبرة، لأنها مصر الحضارة الأصيلة تفوت عليها المحن ويمر بيها الزمان، وهى أغلى وطن، ومهما تكالب  عليها الذئاب، فهى مصر الصامدة.