بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

التعليم ضد التعليم

 

 

 

الدولة وعلى رأسها السيد رئيس الجمهورية الكل يحلم باليوم الذي تتخلص فيه مؤسساتها من الترهل والتضخم الوظيفي الذي يصنف في علوم الادارة بأنه العائق الأكبر أمام أي تنمية ترتجي، علاوة على أنه البوابة الأمامية والخلفية لألوان مختلفة من الفساد.. وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور طارق شوقي من العقليات الجديدة حين تفكر وتخطط وتنفذ ومازلنا نشجعه على المضي قدما في رؤيته الخاصة بتطوير التعليم.. لكن للأسف في مصر داء قديم أننا اذا لمسنا في مدير أو وزير اشارات نجاح نحمله بمسئوليات مضاعفة وننسى أن هناك طاقة بشرية وقوانين انسانية تنطبق على هذا المسئول مثلما تنطبق على أي شخص عادي.

المشكلة التي نحن بصددها أنه غير معروف حتى الآن هل حملت جهات عليا الدكتور طارق شوقي مسئوليات جديده أم هو الذي حملها لنفسه أم جذبه اليها نائبه للتعليم الفني الدكتور محمد مجاهد.. في مصر لمن لا يعلم هيئة قومية لضمان جودة التعليم والاعتماد أنشئت بموجب القانون رقم (82) لسنة 2006 برئاسة الجمهورية كهيئة تتبع مباشرة رئيس مجلس الوزراء وأنها المسئولة عن منح كل مؤسسات التعليم الجامعي وما قبل الجامعي ومؤسسات التعليم الأزهري والتعليم الفني شهادات الاعتماد والجودة وفق معايير تتفق في مجملها مع أعرق المعايير الدولية لأكبر هيئات الجودة والاعتماد في أوروبا وأمريكا.

وقد نجحت هذه الهيئة خلال ثلاثة عشر عاماً من نشأتها في توقيع عشرات الاتفاقيات مع مؤسسات دولية مرموقة ونالت أكثر من اعتراف دولي بها لفتح مجالات العمل أمام خريجينا من الشباب المصريين دون الحاجة لمعادلة شهاداتهم.. المهم انه فجأة وبلا أدني مبرر أعلن الدكتور محمد مجاهد نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني عن انشاء هيئة ضمان جودة واعتماد خاصة بالتعليم الفني بوزارة التربية والتعليم.. بدأ الدكتور مجاهد التمهيد للموضوع بأن الهيئة المرتقبة ستكون مسئولة عن اعتماد برامج التعليم الفني وليس اعتماد المدارس والمعاهد.

وبعد ذلك بدأ حديثه عن ان الهيئة المزمع انشاؤها ستعتمد على معايير الهيئة القومية الحالية لضمان الجودة والاعتماد في مؤسسات التعليم الفني.. الغريب في الأمر أن الدعوة الي انشاء هذه الهيئة التي تبدو كما لو كانت حملا خارج رحم المنطق والضمير الوطني المخلص، تتم تحت شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وفحوى هذه الشعارات أن الخطوة المزعومة تأتي استجابة لرغبة رئيس الجمهورية في تطوير التعليم الفني.. السؤال.. من منا ليس مع حتمية تطوير التعليم الفني، ومن منا لا يدعم توجه رئيس الجمهورية فيما يأمل ويتمنى للتعليم الفني - ولكن هل السبيل الي ذلك يكون بإنشاء هيئة موازية للهيئة القومية لضمان جودة التعليم التي تعتمد سلفا مؤسسات التعليم الفني مثلما تعتمد باقي مؤسسات التعليم الجامعي وما قبل الجامعي.. هل الحكاية أن الهيئة المزمع انشاؤها بوابة خلفية لاستنزاف أموال كان من الممكن توجيهها الي وجهات كثيرة تحتاجها مؤسسات التعليم في مصر.. هل المسألة أن هناك «كوتة» لتوزيع المناصب والمسئوليات بوزارة التربية والتعليم على قيادات ما أنزل الله بها من سلطان ؟ هل الحكاية أن مصر تحتمل المكايدات الوظيفية التي يصر عليها مسئول بوزارة التربية والتعليم حتى لو كان ثمن المكايدة ملايين الجنيهات التي ستهدر في أبنية وتأسيس وكتائب من الموظفين بلا أي سبب منطقي أو موضوعي. أتمنى على الدكتور محمد مجاهد أن يخرج للرأي العام ويعلن صراحة الأسباب الحقيقية التي تجعله متمسكا بإنشاء هيئة موازية للهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد.

أتمنى أن يصارحنا الرجل بالدوافع الحقيقية لحماسه المفتعل ويجيبنا عن سؤال واحد: هل علاج ظاهرة تسرب التلاميذ من التعليم الأساسي مثلا أن نهدم المدارس ونلغي التعليم الأساسي أم ندعم الجهود الحثيثة والعلمية للحد من الظاهرة؟ وللمرة الثانية أقول للدكتور طارق شوقي، يا سيادة الوزير حرام أن يتم اجهاض تجربتك وحماسك من داخل الوزارة وليس من خارجها.. المجتمع معك والقيادة العليا على حد علمي تقف بظهرك، ولكن عندما تتسرب من وزارة التربية والتعليم روائح ليست بريئة من شبهة الأغراض الشخصية فإنني أخشي أن يشدك البعض يا سيادة الوزير الي حيث لا تتمنى بكل تأكيد.