بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

لعل وعسى

الغزل والنسيج المصرى بين المد والجزر

مما لا شك فيه، إن صناعة الغزل والنسيج كانت أيقونة حضارة مصر القديمة ونهضة مصر الحديثة اشتهرت بها مصر، منذ عصر الفراعنة بالتطور المذهل فى صناعة الكتان مرورا بالعصر اليونانى إلى أن أدخل الرومان زراعة القطن فى مصر، ترنحت مصر بعدها بين المد والجزر إلى أن قام محمد على والى مصر بإدخال زراعة القطن طويل التيلة فى مصر تقبل المصريون الهدية وأصبحوا أحد عمالقة صناعة الغزل والنسيج فى العالم بفضل تميزهم بزراعة القطن طويل التيلة الأشهر من القطن الأمريكى بفضل التميز فى المناخ والرطوبة النسبية والمياه حتى أصبحت مصر تمتلك أقوى بورصتين للقطن فى العالم بورصة القاهرة وبورصة الإسكندرية شفعتا لمصر ألا تتأثر بالزلزال الاقتصادى والمالى المدمر عام 1929، لكن بعد عام 1952 لم ندرك أن استكمال البناء الاقتصادى اهم من التوجه نحو بناء القدرات العسكرية والمجد الشخصى وعلى الرغم من النجاح غير المسبوق لمصر فى خطتها الخمسية الأولى من 1961 حتى 1966 وتحقيق معدل نمو اقتصادى حقيقى غير مسبوق 8.6% إلا انه كان بمثابة الفخ الذى وقعنا فيه بإعلاننا للعالم اننا دولة غير زراعية وأننا فى سبيلنا لصناعة الإبرة حتى الصاروخ فلم نصل لهذا أو ذاك ودخلنا فى حروب فرضت علينا وأخرى وجبت علينا لندخل بعد ذلك فى دائرة جهنمية خطيرة تم التعبير عنها بالانتقال من عصر فساد الإدارة المسيطر فى الخمسينيات والستينيات الى عصر إدارة الفساد فى السبعينيات والثمانينيات الذى مهد الأرض لعصر الخصخصة فى التسعينيات من القرن الماضى. هذا العصر الذى شهد تحويل 23 شركة غزل ونسيج من اصل 32  شركة تحت سيطرة وزارة قطاع الأعمال العام 23 شركة القاسم المشترك بينهم نقص وضعف الأيدى العاملة الماهرة وضعف مستوى إدارة هذه الشركات بسبب سوء الاختيار المرتكز على الواسطة والمحسوبية وأهل الثقة يكبدنا خسائر 3 مليارات جنيه سنويا واقتصاديا قتل روح المنافسة وفرص التملك، بسبب امتلاك وسيطرة الدولة على 75% من الشركات الكبرى العاملة فى صناعة الغزل والنسيج ..نحن الآن على اعتاب حقبة جديدة من عملية اعادة هيكلة وتطوير هذا القطاع الحيوي تلخصت فى الاستعانة بـ 5 مكاتب استشارية عالمية من بينها مكتب وارنر الأمريكى توصلت إلى تقليص عدد هذه الشركات من 23 إلى 9 فقط وبيع 60% من المساحة اى بيع 6 ملايين متر مربع من أجل تطبيق مبدأ استغلال الأصول غير المستغلة فى التطوير الذى تبلغ تكلفته 27 مليار جنيه مع نقل هذه الشركات خارج المناطق السكنية. استراتيجية طموحة لتحقيق نقلة نوعية ضخمة فى قطاع اشتهرت به مصر استغلته دول كثيرة منها سويسرا التى تبيع قميصا مكتوبا عليه قطن مصرى بـ1200 يورو أى أن بيع 10 آلاف قميص فقط يكفى لإعادة الهيكلة المرجوة، اضمحلت هذه الشهرة بسبب أمور كثيرة منها عدم تطوير وتحديث الآلات المستخدمة لدرجة قول البعض إنها لم تتغير من الثلاثينيات وهو أمر صادم يتطلب منا جميعا ضرورة اتباع المنهج العلمى الفنى السليم القائم على ربط المنهج العلمى باحتياجات سوق العمل وتكوين وحدات للبحث العلمى فى كل شركة تعتمد على الدعم المالى من رجال الأعمال وتخصيص نسبة 10% من حصيلة بيع الأصول غير المستغلة والتي يقدرها البعض فى المتوسط بـ120 مليار جنيه مع إمكانية النظر فى تكرار بعض نماذج المدن الصناعية الناجحة كمدينة الأثاث بدمياط لنرى مدن غزل ونسيج بمحافظات أخرى لعل ذلك يكون بداية إصلاح حقيقى لشرايين الاقتصاد المصرى تبدأ بإدخال حصيلة بيع هذه الاراضى ضمن الصندوق السيادى المصرى عسى أن ندخل مرحلة الإفاقة التى تبعد عنا قاب قوسين أو أدنى.

 رئيس المنتدى الاستراتيجي للتنمية والسلام