بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

هموم وطن

المعاشات أزمة وطن

كلما تلقيت شكوى عن مشاكل المعاشات فى بريد صفحة متاعب الناس أو من خلال مقابلة شخصية لأحد المسنين أو المرضى أشعر بخيبة أمل وفتور ذاتى لعلمى المسبق أن شكواه ليس لها حل أمام الجمود واللوائح الجامدة التى مر عليها عشرات السنين دون تعديل أو مراجعة.

فعلى سبيل المثال المهن الحرة كالزراعة والصيد والنجارة والباعة الجائلون وغيرها من المهن الأخرى تظهر عليهم علامات الشيخوخة والاجهاد فى الخمسينيات من أعمارهم ويصبحون غير قادرين على العمل فى نفس التوقيت الذى يعانى فيه الكثير من الأمراض وارتفاع سقف مطالب الأسرة وهو يظن أن الحكومة ممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى لن تنساه وأن كل شىء مدروس وأن الأمر لا يعدو أكثر من لقاء بأحد الموظفين بأقرب فرع للتأمينات والمعاشات بالمنطقة التى يعيش بها وبمجرد لقاء المسئول تسود الدنيا بين عينيه خصوصا اذا كان المسئول على شاكلة الممثل الراحل رأفت فهيم الذى يجسد صورة الموظف العقدة الذى يضع العراقيل ويختتمها بكلمة «فوت علينا بكرة يا سيد» وعندما أستمع للشكوى خصوصا عند ما يؤكد لى أن عمره اقترب من الستين عاما ويريد صرف المعاش وأن لوائح الوزارة تقف حجر عثرة دون ذلك وعليه أن ينتظر خمس سنوات أخرى ليستحق صرف معاش استثنائى عند عمر 65 عاما تصيبنى حالة من الضيق والضجر وعدم الرضا لفشلى فى ايجاد رد لصاحب الشكوى المسكين الذى عاش طوال حياته بلا استقرار وبلا أمان فى مهن يغلب عليها طابع «الأرزقية» يوم عمل وعشرة أيام بدون عمل ودائما ما يختم حديثه معى بعبارة «موت يا حمار» أو هو «أنا هاعيش كمان خمس سنين» وبعد كل لقاء وبعد كل فشل فى توصيل صوته أجلس مع نفسى وأبحث عن أجوبة لعشرات الاسئلة دون جدوى، من عيّنة لماذا مهنة الفلاح والصياد والبياع وعمال التراحيل والفواعلية الذين يطبق عليهم الانتظار لعمر 65 عاما رغم أنهم الأحوج للمعاش بالمقارنة بموظفى الحكومة والقطاعين العام والخاص الذين يتقاضون رواتبهم حتى آخر يوم عمل ثم بعدها يصرف معاشه دون أية مشكلة والسؤال الأكثر بحثا عن جواب هو: لماذا المزارع البسيط بالذات ومن هم على شاكلته الذى اذا مرض لا يجد تأمينا صحيا واذا مات لا يجد معاشا وإذا اقترب من الستين عاما عليه أن ينتظر خمس سنوات أخرى لتفكر الحكومة فى الرد عليه ومنحه معاشا لا يغنى ولا يسمن من جوع.. هذا إن كتب له طول العمر ولم ترث الحكومة معاشه.

أقول هذا الكلام والحكومة تجرى تعديلات فى قانون المعاشات هذه الأيام وأضع أمام الجهابذة هذا الشرط العنصرى الذى حرم الملايين ولا يزال من العيش بكرامة فى أواخر أعمارهم ودفعهم الى التسول للبحث عن لقمة العيش أو علبة الدواء ونتمنى أن تخلو هذه التعديلات من الفخاخ والثغرات التى تجعل أصحاب المعاشات فى حيرة لا يخلصهم منها إلا يد عزرائيل وهى تقبض على أرواحهم.