بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

أمريكا دعمت مبارك وسعت لتقسيم مصر

لا‮ ‬يمكن لأحد أن‮ ‬ينزع عن ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير في‮ ‬مصر أو بقية الثورات العربية صفة الثورة الشعبية،‮

‬ففي‮ ‬مصر بشكل خاص،‮ ‬شاركت كل فئات الشعب في‮ ‬تلاحم رائع من أجل القضاء علي نظام فاسد استمر‮ ‬30‮ ‬عاما،‮ ‬استحل خيرات البلاد وقهر العباد،‮ ‬وأغرقهم في‮ ‬الفقر والجوع والجهل،‮ ‬فقط من أجل أن‮ ‬يحافظ علي وجوده‮.‬
ولكن هل كان الغرب الحليف للنظام المصري‮ ‬السابق بعيدا عن الأحداث التي‮ ‬وقعت في‮ ‬مصر؟،‮ ‬هل فوجئت واشنطن والعواصم الأوروبية بالثورة ونزلت علي رؤوس قادة تلك الدول كالصاعقة؟ أم أنها كانت تعلم بوجود بوادر للثورات العربية عامة والثورة المصرية بشكل خاص؟‮.‬
تلك تساؤلات‮ ‬يصعب الإجابة عنها بصورة قاطعة،‮ ‬فعلي سبيل المثال ذكر كاتب أمريكي‮ ‬يدعي‮ "‬ديفيد اجناتيوس‮" ‬في‮ ‬مقال نشرته صحيفة‮ "‬الواشنطن بوست‮" ‬الأمريكية في‮ ‬مارس الماضي‮ ‬أن الرئيس الأمريكي‮ ‬باراك أوباما توقع المد الثوري‮ ‬العربي،‮ ‬وأمر الوكالات الأمريكية بالاستعداد لحدوث تغير في‮ ‬الأنظمة العربية وذلك في‮ ‬أغسطس‮ ‬2010‭ ‬أي‮ ‬قبل اندلاع الثورة التونسية،‮ ‬باكورة الثورات العربية بـ5‮ ‬أشهر تقريبا‮.‬
ربما‮ ‬يكون ما ذكره الكاتب الأمريكي‮ ‬الشهير محاولة لحفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية،‮ ‬التي‮ ‬بدت مرتبكة وغير قادرة علي التعامل مع تصاعد أحداث الثورة في‮ ‬مصر،‮ ‬والتي‮ ‬أدت إلي سقوط نظام مبارك الحليف الطويل لواشنطن،‮ ‬وربما‮ ‬يكون العكس هو الصحيح،‮ ‬وأن واشنطن كانت علي علم أو دراية بوجود مقدمات للثورة المصرية‮.‬
التقرير الذي‮ ‬نستعرضه في‮ ‬السطور المقبلة مهم وخطير للغاية،‮ ‬وتنبع خطورته من أن واشنطن اخترقت الداخل المصري‮ ‬منذ سنوات،‮ ‬وأنها قامت بإعداد ما‮ ‬يطلق عليهم الجيل الجديد للقادة الديمقراطيين علي مدار أكثر من‮ ‬5‮ ‬سنوات،‮ ‬والغريب أن من شاركوا في‮ ‬تلك البرامج الأمريكية اعترفوا في‮ ‬هذا التقرير بالدور الأمريكي‮ ‬في‮ ‬إعدادهم،‮ ‬ولكنهم في‮ ‬نفس الوقت أكدوا أن الثورة لم تكن وليدة الخارج‮.‬
فقد أكدت وكالة‮ "‬الأسوشيتدبرس‮" ‬الأمريكية،‮ ‬في‮ ‬احد التقارير التي‮ ‬تناولت خلالها الثورة المصرية،‮ ‬أن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا مزدوجا في‮ ‬الشرق الأوسط من خلال تأييد الأنظمة الديكتاتورية في‮ ‬المنطقة من أجل مصالحها،‮ ‬ثم إعداد جيل من الشباب العربي‮ ‬لقيادة التحرك نحو الديمقراطية في‮ ‬تلك الدول‮. ‬وأضافت بقولها إن عدد من شباب الثورة في‮ ‬مصر والعالم العربي‮ ‬تدربوا في‮ ‬أمريكا منذ عام‮ ‬2005‮ ‬علي برامج الديمقراطية ومهارات التنظيم السياسي‮ ‬ووسائل الاتصال الاجتماعي‮. ‬
وأشارت إلي أن عددا ممن شاركوا في‮ ‬تلك البرامج سبق لهم مراقبة الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي‮ ‬أقيمت في‮ ‬مصر عام‮ ‬2005‮ ‬حيث شاهدوا بأنفسهم عمليات التزوير الفاضحة خلال تلك الانتخابات‮. ‬وقالت‮: "‬أكد المشاركون في‮ ‬تلك البرامج أن الثورات العربية اندلعت نتيجة الأوضاع الظالمة التي‮ ‬شهدها العالم العربي‮ ‬علي‮ ‬مدار عقود،‮ ‬وأن الثورات لم تكن مستلهمة من الخارج،‮ ‬إلا أنهم أشاروا أيضا إلي تدريبات بناء الثقة التي‮ ‬تلقوها علي أيدي‮ ‬مدربين أمريكيين وأوروبيين أيضا كانت عاملا محفزا للنجاح‮ ". ‬
وأشارت إلي أن أحد نشطاء المعارضة الذين ساهموا في‮ ‬الثورة المصرية ويدعي‮ "‬بلال دياب‮" ‬كان أحد المشاركين في‮ "‬مدرسة القادة الجدد‮" ‬بأمريكا،‮ ‬حيث تدرب هناك لمدة‮ ‬6‮ ‬شهور وقطع دراسته لينضم للثورة‮. ‬ونقلت عن بلال دياب قوله‮: "‬لقد ساعدنا التدريب الأمريكي‮ ‬علي تنظيم الثورة،‮ ‬الناس كانوا مشتتين ولكننا تعلمنا كيف نقوم بتجميعهم ونجحنا بالفعل في‮ ‬ذلك‮". ‬
وعلقت الوكالة علي تصريحات بلال بقولها‮ :"‬إنه أمر‮ ‬يثير تناقضا كبيرا،‮ ‬وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد حسني‮ ‬مبارك وحلفاء عرب آخرين،‮ ‬وفي‮ ‬نفس الوقت ساهمت في‮ ‬برامج لعبت دورا في‮ ‬إسقاط هؤلاء الحلفاء وهناك قائمة أخري منهم في‮ ‬الانتظار‮". ‬ونقلت عن المعارض المصري‮ "‬عبد الله حلمي‮" ‬قوله إنه استفاد من التدريب الذي‮ ‬استمر مئات الساعات في‮ ‬إدارة الحملات الانتخابية واستخدام مواقع مثل فيس بوك وتويتر في‮ ‬التواصل السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬مع الآخرين‮.‬
وقالت إن المدون المصري‮ "‬باسم سمير‮" ‬راقب أيضا الانتخابات في‮ ‬2005‭ ‬وتلقي تدريبا مكثفا في‮ ‬منظمة‮ "‬فريدم هاوس‮" ‬الأمريكية علي التواصل الاجتماعي‮ ‬وزار مكاتب جوجل،‮ ‬واطلع بواسطة متخصصين علي الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي‮ ‬باراك أوباما عام‮ ‬2008‭.‬‮ ‬
وأشارت الوكالة إلي أن ما‮ ‬يقرب من‮ ‬10‮ ‬آلاف مصري‮ ‬شارك في‮ ‬برامج الديمقرطية والحكم التي‮ ‬رعتها الوكالة الأمريكية للتنمية‮ ‬‭ ‬USAIDوأكدت أن واشنطن خصصت ما‮ ‬يقرب من‮ ‬800‮ ‬مليون دولار من أجل برامج المنافسة السياسية والمجتمع المدني‮ ‬في‮ ‬67‮ ‬دولة علي مستوي العالم‮.‬
من جانبه أكد المعهد الديمقراطي‮ ‬الوطني‮ ‬الأمريكي‮ ‬أن سياسة الرئيس الأمريكي‮ ‬جورج بوش الابن في‮ ‬دعم الديمقراطية في‮ ‬مصر مهدت الطريق أمام ثورة‮ ‬يناير‮.‬
وقال المعهد في‮ ‬تقرير نشره في‮ ‬أعقاب تنحي‮ ‬مبارك إن البرنامج أرسل ما‮ ‬يقرب من‮ ‬13‮ ‬ألف مراقب للانتخابات البرلمانية في‮ ‬مصر في‮ ‬ديسمبر الماضي،‮ ‬وأن المراقبين أصيبوا بخيبة أمل عارمة نتيجة عمليات التزوير الفاضحة التي‮ ‬شهدته الانتخابات،‮ ‬وأشار إلي أن بعض هؤلاء أصبحوا قادة في‮ ‬الثورة،‮ ‬واستخدموا مهارات الاتصال التي‮ ‬تعلموها في‮ ‬واشنطن في‮ ‬تنسيق وتنظيم المسيرات التي‮ ‬شهدتها الأيام الـ18‮ ‬للثورة‮.‬
وأشار تقرير المعهد إلي أن تلك المعلومات ربما تعزز ادعاءات نظام مبارك بأن أيادي‮ ‬خارجية لعبت دورا في‮ ‬الثورة المصرية‮. ‬من جانبه قال‮ "‬ستيفن ماك اينرني‮" ‬المدير التنفيذي‮ ‬لمشروع ديمقراطية الشرق الأوسط إن الحركة الاحتجاجية دون شك كانت نشطة حتي دون الدعم الأمريكي،‮ ‬ولكنها لم تكن لتصبح علي هذا القدر من التنظيم‮.‬
وأضاف بقوله‮ "‬نحن لم نمولهم كي‮ ‬يبدأوا المظاهرات،‮ ‬ولكننا ساعدناهم علي تطوير مهاراتهم واتصالاتهم بالآخرين‮".‬
الغريب في‮ ‬الأمر أن بعضا ممن‮ ‬يحصلون علي التمويل الأمريكي‮ ‬يعترفون بدور واشنطن في‮ ‬الثورة،‮ ‬فقد نقل التقرير الذي‮ ‬نشره موقع المعهد الديمقراطي‮ ‬الوطني‮ ‬الأمريكي‮ ‬عن أحد المنظمات المصرية المطالبة بالديمقراطية والتي‮ ‬تتلقي دعما أمريكيا قوله‮ "‬لقد ساعد البرنامج الأمريكي‮ ‬للديمقراطية بصورة أو أخري علي حدوث الثورة في‮ ‬مصر‮".‬
وبعد نجاح الثورة،‮ ‬بدأ الإعلام الأمريكي‮ ‬نفسه في‮ ‬كشف بعض الأمور،‮ ‬ومن بينها ما ذكرته صحيفة‮ "‬النيويورك تايمز‮" ‬الأمريكية بأن جماعة‮ ‬6‮ ‬إبريل حصلت علي دعم مالي‮ ‬أمريكي،‮ ‬إضافة إلي اختيار مجلة‮ "‬التايم‮" ‬الأمريكية للناشط وائل‮ ‬غنيم في‮ ‬قائمة الشخصيات الأكثر تأثيرا في‮ ‬العالم،‮ ‬بل ووصل الأمر إلي قيام الرئيس الأمريكي‮ ‬باراك أوباما بترشيح‮ "‬فتي جوجل‮" ‬وائل‮ ‬غنيم ليكون رئيسا مستقبليا لمصر‮.‬
من جانبه فقد كشف الرئيس الكوبي‮ ‬السابق فيدل كاسترو عن حقيقة السياسة الأمريكية،‮ ‬وقال كاسترو‮: ‬الولايات المتحدة تتلاعب بخبث في‮ ‬الأوضاع المصرية،‮ ‬الأجهزة الرسمية الأمريكية كانت تمد الحكومة المصرية بالسلاح،‮ ‬وفي‮ ‬الوقت نفسه تساعد المعارضة بالمال،‮ ‬المكيافيللية الأمريكية قامت علي تزويد الحكومة المصرية بالأسلحة،‮ ‬وفي‮ ‬الوقت نفسه طلبت من الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةUSAID‭ ‬‮ ‬تمويل المعارضة‮."‬
ربما‮ ‬يفتح ذلك الباب أمام ملف أكثر اتساعا،‮ ‬وهو المتمثل في‮ ‬مشروع الشرق الأوسط الكبير‮.‬
ظهر مشروع الشرق الأوسط الكبير للمرة الأولي في‮ ‬عهد الرئيس الأمريكي‮ ‬السابق جورج بوش الابن عام‮ ‬2003‭ ‬إلا أن المصطلح نفسه‮ ‬يعود إلي الثمانينيات من القرن الماضي،‮ ‬حيث نشر الكونجرس الأمريكي‮ ‬دراسة تهدف إلي العمل علي إلغاء الخرائط
الاستعمارية القديمة التي‮ ‬أنشأها الاستعمار الفرنسي‮ ‬والبريطاني‮ ‬في‮ ‬بداية القرن العشرين لانتفاء الحاجة إليها بسبب المتغيرات القومية والطائفية الجديدة للبلدان المعنية بالتقسيم‮.‬
مصطلح الشرق الاوسط الجديد لم‮ ‬يكن أمريكيا فقط،‮ ‬بل تحدث عنه أيضا الرئيس الإسرائيلي‮ ‬الحالي‮ ‬شيمون بيريز،‮ ‬الذي‮ ‬قال إن علي المنطقة العربية أن تجرب نموذج القيادة الإسرائيلي‮ ‬بدلا من النموذج المصري‮ ‬الذي‮ ‬سيطر علي الشعوب والدول العربية منذ عقود‮.‬
التقسيم المفترض في‮ ‬مشروع الشرق الأوسط الكبير‮ ‬يقوم علي تقسيم الدول العربية إلي دويلات علي أسس طائفية ومذهبية،‮ ‬ووفقا للوضع الذي‮ ‬تشهده منطقة شبه الجزيرة العربية،‮ ‬كانت العراق هي‮ ‬العائق الأساسي‮ ‬الذي‮ ‬يمنع هذا التقسيم،‮ ‬وبالتالي‮ ‬كان الغزو الذي‮ ‬قادته الولايات المتحدة الأمريكية علي العراق في‮ ‬عام‮ ‬2003‭ ‬والذي‮ ‬بني‮ ‬علي أسس وادعاءات باطلة لا داعي‮ ‬لسردها حاليا الآن‮.‬
وفي‮ ‬عام‮ ‬2006‭ ‬نشرت مجلة‮ "‬القوة العسكرية‮" ‬الأمريكية خريطة جديدة للشرق الاوسط في‮ ‬تقرير تحت عنوان‮ "‬حدود الدم‮"‬،‮ ‬حددت ملامح جديدة لخريطة شرق أوسطية جديدة‮.‬
ووفقا للتقرير الأمريكي،‮ ‬فإن الدول المستهدفة بالتقسيم والاستقطاع هي‮ ‬إيران،‮ ‬تركيا،‭ ‬العراق،‮ ‬السعودية وباكستان وسوريا والإمارات‮.‬
ووفقا لتقسيم العراق،‮ ‬فستكون هناك‮ ‬3‮ ‬دويلات من تقسيم العراق تنشأ ثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية،‮ ‬ويشمل المخطط أيضا السعودية،‮ ‬حيث ستعاني‮ ‬من التقسيم إلي دولتين،‮ ‬دولة دينية‮ (‬الدولة الإسلامية المقدسة‮) ‬علي‮ ‬غرار الفاتيكان،‭ ‬تشمل علي كل المواقع الدينية المهمة لمسلمي‮ ‬العالم،‮ ‬ودولة سياسية وسيقتطع منها أجزاء لتمنح إلي دول أخري مثل اليمن والأردن‮.‬
ووفقا للتقرير فإن هناك دولة أخري ستنشأ علي الأردن القديم بعد أن تقتطع أراض لها من السعودية وربما من فلسطين المحتلة لتشمل كل فلسطينيي‮ ‬الداخل وفلسطينيي‮ ‬الشتات وهو ما‮ ‬يسمي بـ"الأردن الكبير‮".‬
هذا المخطط ربما لا‮ ‬يبدو بعيدا عن الاضطرابات التي‮ ‬تشهدها منطقة الشرق الأوسط،‮ ‬ففي‮ ‬البحرين خرج الشيعة الذين‮ ‬يمثلون ثلثي‮ ‬السكان في‮ ‬احتجاجات ضد أسرة آل خليفة السنية الحاكمة،‮ ‬وهو ما استدعي السعودية والإمارات للتدخل من أجل وقف المد الشيعي‮ ‬في‮ ‬شبه الجزيرة العربية،‮ ‬وهو ما أدي إلي توتر العلاقات بين الدول العربية السنية في‮ ‬الخليج وبين إيران الشيعية‮.‬
وهناك أيضا الاضطرابات التي‮ ‬تشهدها سوريا،‮ ‬وتهدد استمرار نظام الرئيس السوري‮ ‬بشار الأسد،‮ ‬حيث توجد تقارير وخرائط معدة تشير إلي مخططات تهدف إلي تقسيم سوريا لـ4‮ ‬دويلات،‮ ‬سنية وشيعية وعلوية ودرزية‮.‬
ولا تقف اليمن بعيدة أيضا عن مخططات التقسيم في‮ ‬ظل الانتفاضة الشعبية التي‮ ‬تشهدها ضد نظام الرئيس علي‮ ‬عبد الله صالح المستمر في‮ ‬الحكم منذ‮ ‬32‮ ‬عاما‮.‬
تلك التطورات والمخططات الاستعمارية تقودنا إلي مصر،‮ ‬التي‮ ‬وصفها نائب الرئيس الأمريكي‮ ‬السابق ديك تشيني‮ ‬بأنها الجائزة الكبري،‮ ‬في‮ ‬تصريحه الشهير بأن‮ "‬العراق هدف تكتيكي،‮ ‬والسعودية هدف استراتيجي،‮ ‬ومصر هي‮ ‬الجائزة الكبري‮".‬
ولكن مصر لها وضع خاص،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن تقسيمها وفقا للمخططات التقليدية،‮ ‬التي‮ ‬أسفرت عن تقسيم السودان إلي دولتين شمالية جنوبية،‮ ‬وفي‮ ‬الطريق دولة دارفور،‮ ‬وليبيا التي‮ ‬تحولت إلي دولتين إحداهما في‮ ‬أيدي‮ ‬الثوار والأخري في‮ ‬أيدي‮ ‬نظام معمر القذافي،‮ ‬ثم المغرب التي‮ ‬يمكن أن تشهد انفصال الصحراء الغربية وهي‮ ‬الدولة التي‮ ‬تطالب بها جبهة البوليساريو،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فكان مخطط التقسيم في‮ ‬مصر‮ ‬يجب ان‮ ‬يقوم علي أساس طائفي‮.‬
لاحظوا مثلا أن الأحداث الطائفية في‮ ‬مصر،‮ ‬التي‮ ‬حاولت وسائل الإعلام المحلية والعالمية إلقاء اللوم فيها علي عاتق التيار الإسلامي،‮ ‬سواء كان سلفيا أو إخوانيا أو أصوليا،‮ ‬لم تحدث في‮ ‬الفترة التي‮ ‬أعقبت ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير،‮ ‬بل بدأت قبلها بشهرين‮.‬
في‮ ‬نوفمبر الماضي،‮ ‬وقعت اشتباكات بين مسيحيين والشرطة في‮ ‬منطقة العمرانية بالجيزة،‮ ‬نتيجة نزاع حول مبني تم ترخيصه علي أنه مبني خدمي‮ ‬وقرر المسيحيون تحويله إلي كنيسة‮.‬
وفي‮ ‬ليلة رأس السنة شهدت مدينة الإسكندرية اعتداء إرهابيا لم تشهده مصر من قبل،‮ ‬عندما فجر مجهولون كنيسة القديسين،‮ ‬وهو ما أوقع مجزرة حقيقية بحق أبرياء،‮ ‬وأدي إلي حالة من التوتر والاحتقان الطائفي‮ ‬في‮ ‬البلاد‮.‬
قامت الثورة،‮ ‬وبعد نجاحها كانت أحداث كنيسة صول،‮ ‬وما تبعها من صدامات بين مسلمين ومسيحيين في‮ ‬طريق الاوتوستراد،‮ ‬ثم أحداث إمبابة،‮ ‬واشتباكات ماسبيرو،‮ ‬وأخيرا وليس آخرا أحداث كنيسة عين شمس‮.‬
هذه الفتنة الطائفية لا تخدم مصر بأي‮ ‬حال من الأحوال،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن قاعدة‮ "‬فتش عن المستفيد‮" ‬ستقودنا إلي مخطط تقسيم مصر طائفيا،‮ ‬خاصة في‮ ‬ظل دعوات بعض المتشددين للتدخل الأمريكي‮ ‬والغربي‮ ‬لحماية الأقباط المسيحيين في‮ ‬مصر تحت شعار حماية الأقليات،‮ ‬وهي‮ ‬دعوة خطيرة تتماشي تماما مع مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي‮ ‬يهدف إلي تقسيم الدول العربية طائفيا ومذهبيا،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن المخطط الذي‮ ‬يستهدف مصر من خلال إشعالها طائفيا‮ ‬يجب ألا‮ ‬يخفي علي أي‮ ‬عاقل محب لهذه الأرض‮.‬