بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

عصام دراز‮‮:‬هيكل‮ ‬مهندس تخريب مصر


تبدأ قصة محمد حسنين هيكل عملياً‮ ‬منذ عمله في‮ ‬جريدة إيجيبسان جازيت‮. ‬تلك الجريدة التي‮ ‬تكتب بالإنجليزية وتصدرها وكالة الإعلانات الشرقية وكان معظم قرائها من جنود وضباط جيش الاحتلال البريطاني‮ . ‬وأيضاً‮ ‬الجاليات الأجنبية في‮ ‬مصر‮. ‬وكان هيكل قد حصل علي‮ ‬دبلوم التجارة المتوسطة‮. ‬وحصل علي‮ ‬دبلوم في‮ ‬الإعلان‮. ‬ودراسات حرة لمدة عامين في‮ ‬معهد بالمراسلة‮. ‬وكان عمله الأول في‮ ‬هذه الجريدة هو عملاً‮ ‬إدارياً‮ ‬صرفا‮. ‬وأهمها بالطبع كتابة الأخبار والمقالات الي‮ ‬ان واتته الفرصة بغياب أحد المندوبين الصحفيين‮. ‬وبالتالي‮ ‬بدأ عمله كمندوب أو مخبر صحفي‮ ‬لفترة من الوقت‮. ‬ولكنه نجح في‮ ‬عمله المؤقت الجديد واستمر به‮. ‬إذن بدايته أعطته مميزات نادرة دفعته للأمام دون أن‮ ‬يدري‮. ‬أولاً‮ ‬العمل في‮ ‬جريدة‮ ‬يرأس تحريرها صحفي‮ ‬أيرلندي‮ ‬محترف بريطاني‮. ‬وهو‮ »‬هارولد إيرل‮«. ‬وهي‮ ‬جريدة تخاطب قارئاً‮ ‬أجنبيًّا من المؤكد ان لها أسلوباً‮ ‬ورؤية مختلفة‮. ‬نقلت إليه دون أن‮ ‬يدري‮ ‬أفقاً‮ ‬جديداً‮ ‬للعمل الصحفي‮. ‬ونظام عمل من الصعب أن نجده في‮ ‬البيئة الصحفية العربية بصفة عامة‮. ‬حيث الالتزام‮. ‬والدقة المتناهية في‮ ‬العمل‮. ‬ومن خلال هذا المكان اتسعت رؤيته علي‮ ‬أقصاها في‮ ‬فترة الحرب العالمية الثانية وما حملت من تطورات‮. ‬ومفاهيم سياسية وعسكرية تأثر العالم كله بها‮. ‬إن الموقع‮. ‬وزاوية الرؤية كانت هدية من السماء‮. ‬ومن المحتمل ان لو أحداً‮ ‬غير هيكل ما استطاع ان‮ ‬يستفيد منها كما استفاد هيكل‮. ‬فهو شخص موهوب‮. ‬وعنده طموح فطري‮. ‬ثم ذكاء حاد لا‮ ‬يخفي‮ ‬علي‮ ‬أحد‮. ‬وكلها لحسن حظه أنها صفاته الشخصية وليست عوامل مكتسبة‮. ‬لهذا كان طموحه‮ ‬يتفق مع إمكانياته‮. ‬ثم زادت خبرته مع اتساع الرؤية‮. ‬واتساع العالم وأحداثه في‮ ‬الحرب العالمية الثانية تحديدا‮. ‬إن أسلوب العمل مع الأجانب والمنظمات الدولية‮ ‬يعطي‮ ‬طابعاً‮ ‬متميزاً‮ ‬من الانضباط الشديد والمنهجية في‮ ‬العمل‮.‬

استطاع هيكل الشاب أن‮ ‬يطوع كل عامل من العوامل المحيطة حوله إلي‮ ‬مصلحته ولذكائه ولطموحه الكامن،‮ ‬استطاع أن‮ ‬يتحول من إداري‮ ‬بشهادة دبلوم تجارة متوسطة‮. ‬إلي‮ ‬محرر في‮ ‬جريدة تكتب بالإنجليزية وتخاطب جمهوراً‮ ‬مميزاً‮ ‬له صفات مميزة‮. ‬وهذه المميزات أضافت إلي‮ ‬هيكل قدرات إضافية كان من المستحيل أن‮ ‬يحصل عليها في‮ ‬أي‮ ‬مكان آخر في‮ ‬مصر‮.‬

ومن إجيبسيان جازيت‮. ‬إلي‮ ‬آخر ساعة عبر روزاليوسف‮. ‬وفي‮ ‬آخر ساعة بدأت الطموحات تتفتح وتأخذ شكلاً‮ ‬واقعياً‮. ‬فهو لم‮ ‬يصعد بعد إلي‮ ‬أول درجة في‮ ‬سلم الاحتراف‮.‬

إنسان موهوب‮. ‬بدأ‮ ‬يحدد ملامحه الشخصية مبكراً‮. ‬حدد أهدافه بالتدريج لم تبهره الدنيا‮. ‬ولكن بهره النجاح ذاته‮. ‬والانتقال من خطوة إلي‮ ‬أخري‮ ‬بشيء واحد‮. ‬وهو العمل الجاد‮. ‬فتعلم من تجربته في‮ ‬الإجيبسيان ان العمل الجاد هو سلاحه الوحيد‮.. ‬ومن آخر ساعة إلي‮ ‬أخبار اليوم‮. ‬حيث بدأ الانطلاق الأول إلي‮ ‬أن وصل الأهرام‮.‬

إن الموهبة لك أو عليك‮. ‬وكلما كان القدر سخياً‮. ‬كانت المسئولية أيضا كبيرة‮. ‬وكان‮ ‬يعلم انه لن‮ ‬يحاسب أبداً‮. ‬فمن‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يحاسب،‮ ‬ومن‮ ‬يؤكد أنه كاتب كل خطب عبدالناصر‮. ‬وأنه مؤلف كتاب‮ »‬فلسفة الثورة‮« ‬لعبدالناصر‮. ‬ومؤلف‮ »‬الميثاق‮«. ‬وبيان‮ »‬30‮ ‬مارس‮ ‬1968‮«. ‬أي‮ ‬أنه مصمم ومؤلف أفكار عبدالناصر وواضع المنهج الفكري‮ ‬لثورة‮ ‬يوليو كنظام‮. ‬ثم بعد وفاة عبدالناصر أعلن في‮ ‬كتابه‮ »‬عبدالناصر والعالم‮« ‬أن صداقته بعبدالناصر صداقة الحظ والشرف‮. ‬ففتح لنفسه في‮ ‬العالم العربي‮ ‬والعالم كله بابا هائلا لمزيد من الشهرة والرزق الوفير وهيكل ظاهرة لم تحدث من قبل في‮ ‬العالم‮. ‬فلم‮ ‬يكن دوره أبداً‮ ‬صحفياً‮ ‬بالمعني‮ ‬المهني‮. ‬ولكن كان دوره أكبر من ذلك فقد وضع‮ ‬يده علي‮ ‬مفاتيح وأزرار فكر رأس النظام للأسف‮. ‬فرأس النظام كان‮ ‬يحتاج إلي‮ ‬فني‮ ‬تشغيل للمفاتيح والأزرار لوضع البرامج والإيحاء بالتنفيذ وكله كان همسا ومن وراء الستار‮. ‬فكان‮ ‬يبدو وكأنه الملقن المسرحي‮ ‬للنجم الأوحد الساطع علي‮ ‬خشبة المسرح‮.‬

إن الدور الذي‮ ‬قام به‮ »‬هيكل‮« ‬كان علي‮ ‬وجه التأكيد نفس الدور الذي‮ ‬يلعبه الكاهن الأكبر في‮ ‬مصر الفرعونية‮. ‬فالكاهن هو الذي‮ ‬يوحي‮ ‬بالأفكار‮. ‬ويعطي‮ ‬التعليمات في‮ ‬صورة نصائح‮. ‬ويأمر بأسلوب النصح الهامس من وراء ستار بداية من قطع الرقاب حتي‮ ‬أخطر القرارات الشخصية‮.‬

هيكل‮ ‬يكذب علينا إذا حاول ان‮ ‬يقنعنا بأنه كان صحفياً‮ ‬فقط،‮ ‬لقد استخدم الصحافة والصحفيين‮. ‬والمؤسسة الصحفية التي‮ ‬كان‮ ‬يرأسها لتحقيق أهداف خاصة به تماماً‮. ‬إذا كان هيكل صحفيا أهدافه وطنية حقيقية‮. ‬فأين كان عندما دفع عبدالناصر مبلغاً‮ ‬من المال‮ »‬شهادة خالد محيي‮ ‬الدين‮« ‬لكي‮ ‬يقوم عمال النقل البري‮ ‬بالإضراب العام‮. ‬لتصاب العاصمة بالشلل التام‮. ‬وأين كان عندما خرجت المظاهرات التي‮ ‬حركها نقيب عمال النقل البري‮ ‬لتهتف علناً‮ ‬ولأول مرة في‮ ‬تاريخ البشرية‮ »‬تسقط الديمقراطية‮«.‬

أين كان عندما تم اعتقال محمد نجيب بالصورة التي‮ ‬حدثت والتي‮ ‬جرت علناً‮ ‬من إهانة وتحقير لقائد الثورة المعلن وأول رئيس للجمهورية حسب قرار الثورة ذاتها‮.‬

إنه الآن‮ ‬يعطينا الدروس في‮ ‬الديمقراطية‮. ‬وكان كاتم الأسرار‮. ‬والموحي‮ ‬بالأفكار‮. ‬والمؤيد من خلف ستار‮. ‬لماذا سكت عن اغتيال محمد نجيب المعنوي‮. ‬الذي‮ ‬يدعي‮ ‬ويحكي‮ ‬لنا عن علاقته الشخصية القوية به‮. ‬ويدعي‮ ‬أن قائد الثورة اللواء نجيب صحب هيكل صباح الثورة في‮ ‬سيارته الي‮ ‬مركز قيادة الجيش‮. »‬اللواء جمال حماد‮ ‬يكذب هذه القصة تماماً‮«. ‬لماذا؟ ولمصلحة من حدثت هذه الجريمة‮. ‬بأن‮ ‬يدعموا عبدالناصر ضد نجيب‮. ‬لماذا لم تذكر هذه الصفقة التي‮ ‬كنت أحد المطلعين عليها‮. ‬بين عبدالناصر والولايات المتحدة‮. ‬لقد كانت الصفقة أن‮ ‬يوافق عبدالناصر علي‮ ‬معاهدة الجلاء المصرية البريطانية والتي‮ ‬رفضتها كل فئات الشعب من كل الاتجاهات‮. ‬ولأهداف خاصة فإنه قد استباح كل شيء‮. ‬فقد عرف هيكل قواعد اللعبة‮. ‬وكلمة سر النظام‮. ‬فتلاعب بكل شيء بلا حدود حتي‮ ‬بالزعيم نفسه‮. ‬بعيداً‮ ‬عن ادعاءات الوطنية والثورية تماماً‮. ‬تماماً‮.‬

كان بهذه الاتفاقية تنازلات خطيرة للبريطانيين تعطيهم الحق في‮ ‬العودة مرة أخري‮ ‬لاحتلال مصر والوجود في‮ ‬قاعدة قناة السويس‮. ‬رفضها الشعب كله‮. ‬من شيوعيين‮. ‬ووطنيين‮. ‬وإسلاميين‮. ‬إجماع كامل علي‮ ‬الرفض‮. ‬ولأن الصفقة كانت تعني‮ ‬تنازل عبدالناصر عن حقوق وطنه في‮ ‬اتفاقية الجلاء مقابل قيام أمريكا بدعم سري‮.‬

عبدالناصر وجماعته في‮ ‬مواجهة نجيب والشعب‮. ‬وبالفعل وقع عبدالناصر الاتفاقية‮. ‬وأطاح بمحمد نجيب‮. ‬وسحق الشعب المعارض كله‮. ‬وأدخل كل قيادات المعارضة السجون‮. ‬من كان‮ ‬يخطط من وراء الستار‮. ‬من كان همزة الوصل‮. ‬من كان‮ ‬يدعم ويبارك ويتجسس علي‮ ‬الجميع ضد الجميع ويجمع المعلومات عن كل الأطراف باسم الصحافة وتحت ستار العمل الصحفي‮ ‬ليقدمه لعبدالناصر ولآخرين لا نعرفهم‮.‬

أريد أن أسأل هيكل‮: ‬أين كنت في‮ ‬56‭.‬‮ ‬ماذا كان دورك‮. ‬إن كتابك عن حرب‮ ‬56‮ ‬يحوي‮ ‬أخطر وثيقة تهدم إمبراطوريتك التي‮ ‬أنشأتها في‮ ‬ظل المجد الوهمي‮ ‬الذي‮ ‬صنعته لعبدالناصر‮. ‬الوثيقة هي‮ ‬وثيقة تقدير الموقف لعبدالناصر بعد تأميم القناة‮. ‬إنها لا تدين فقط عبدالناصر المسئول‮. ‬ولكن تدينك وتدين كل من حوله‮. ‬ولقد أدار عبدالناصر هذه الحرب برؤية رائد‮ ‬يقود سرية في‮ ‬الفالوجا عام‮ ‬48‭.‬‮ ‬وليس حرباً‮ ‬متوقعة ضد قوي‮ ‬عالمية تحتاج إلي‮ ‬رؤية استراتيجية لتقدير الموقف وجهاز عسكري‮ ‬معاون علي‮ ‬أعلي‮ ‬مستوي‮. ‬لقد كان تقديره الذي‮ ‬نشرته في‮ ‬كتابك‮. ‬إنه لا حرب متوقعة مع بريطانيا وفرنسا‮. ‬يدلان دلالة قاطعة علي‮ ‬محدودية ثقافته وتفكيره‮.‬

ماذا كان رأيك؟ وأنت الهامس الوحيد في‮ ‬أذنه،‮ ‬ثم لماذا لم تنشر ذلك حتي‮ ‬الآن في‮ ‬جريدتك عندما كنت ترأس تحريرها‮. ‬أو في‮ ‬كتبك بعد ذلك‮. ‬نص الاتفاق السري‮ ‬الذي‮ ‬انسحبت بناء عليه القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية من مصر عام‮ ‬1956‭.‬‮ ‬هذا الاتفاق السري‮ ‬الذي‮ ‬أعطي‮ ‬لإسرائيل حق المرور في‮ ‬مضايق تيران وسفنها تحمل أعلامها‮. ‬ما هي‮ ‬بنوده السرية التي‮ ‬لا‮ ‬يعرفها أحد؟

ومن الذي‮ ‬أعطي‮ ‬لإسرائيل حق المرور أيضا من قناة السويس تحت أعلام دول أخري‮ »‬لخداع الشعب المصري‮ ‬والعربي‮« ‬وما حجم التنازلات لقوات الطوارئ الدولية علي‮ ‬بعض نقاط الحدود المهمة التي‮ ‬تنازل عنها عبدالناصر‮. ‬بالإضافة إلي‮ ‬شرم الشيخ وما حولها حتي‮ ‬الحدود الإسرائيلية‮. ‬بحيث أصبح جنوب سيناء كله تحت السيطرة الإسرائيلية الفعلية‮. ‬لماذا لم تنشر هذه الاتفاقية وتفصيلاتها؟‮. ‬وما رأيك في‮ ‬حجم التنازلات الهائلة التي‮ ‬يقدمها قائد‮ ‬يقول إنه‮ ‬ينتصر؟ ثم لصالح من كانت هذه الاتفاقية السرية؟ ماذا كان رأيك في‮ ‬قرارات حشد القوات المسلحة عام‮ ‬67‭.‬‮ ‬فهذا القرار سياسي‮. ‬والقوات المسلحة المصرية وقياداتها عليها التنفيذ فقط‮. ‬لقد كان لك حق الحوار‮. ‬وأنت المسيطر الفعلي‮ ‬علي‮ ‬عقل عبدالناصر‮. ‬ماذا كان رأيك عند قراره بإغلاقه لمضايق تيران في‮ ‬وجه الملاحة البحرية‮. ‬أي‮ ‬خنق إسرائيل‮. ‬أي‮ ‬أنه في‮ ‬علوم الاستراتيجية عمل عدواني‮ ‬ومرحلة من مراحل الحرب الفعلية لماذا لم توجه إليه النصيحة؟ لماذا شجعته علي‮ ‬دفع بلاده إلي‮ ‬الهاوية؟

عبدالناصر كان‮ ‬يعلم أن جيشه‮ ‬غير مستعد للحرب‮. ‬وكل قادة الجيش أعلنوا ذلك عند اجتماعه بهم‮. ‬ولكن قيل لهم همساً‮ ‬إنها مظاهرة عسكرية وسوف تحل سياسياً‮. ‬لماذا لا تعلن ذلك؟

إن الأحداث والوقائع تؤكد أنها كانت مظاهرة عسكرية‮. ‬وهل‮ ‬يا‮ »‬رجل‮« ‬هناك شيء اسمه مظاهرة عسكرية؟

لقد حضرت‮ ‬يا هيكل لقاء عبدالناصر بالطيارين في‮ ‬قاعدة أبوصوير الجوية‮. ‬وشاهدت وسمعت‮. ‬ألم تسمع بقرار عدم قيام مصر بالضربة الجوية الأولي‮. ‬ألم تنشر ذلك في‮ ‬جريدتك‮. ‬أليس ذلك سراً‮ ‬عسكرياً‮ ‬خطيراً‮ ‬تم إرساله لإسرائيل علناً‮ ‬كضوء أخضر لتنفيذ ضربتها‮. ‬لقد رفض الطيارون الشبان هذا القرار وطلبوا القيام بالضربة الأولي‮. ‬رفض أيضاً‮ ‬قائد القوات الجوية وأعلن ان القوات الجوية ستتحطم‮. ‬رفض ذلك علناً‮ ‬وفي‮ ‬اجتماع القادة بعبدالناصر‮. ‬واتخاذ إجراءات لها صفة الحرب‮. ‬ثم إعطاء الفرصة للعدو لتوجيه الضربة الأولي‮. ‬وفي‮ ‬هذه الحالة ستكون الأولي‮ ‬والأخيرة‮. ‬كما حذره قادته‮. ‬ومنهم المشير عامر‮.‬

هل رأيت وسمعت الرائد طيار عوض حمدي‮ ‬وهو‮ ‬يرجو الرئيس عبدالناصر أن‮ ‬يكون للقوات الجوية المصرية شرف توجيه الضربة الأولي‮. ‬ألم‮ ‬يقل لعبدالناصر علناً‮. ‬إننا جاهزون والطائرات بها الذخيرة والوقود‮. ‬وإذا لم نقم بالضربة الأولي‮ ‬فسوف تتحطم طائراتنا علي‮ ‬الأرض‮..«.‬

ألم تسمع هذا الطيار‮. ‬انظر إلي‮ ‬التزييف‮. ‬لقد أمر عبدالناصر بتسجيل هذا اللقاء‮. ‬وعندما استدعي‮ ‬الطيار عوض حمدي‮ ‬للإدلاء بشهادته في‮ ‬لجنة التحقيق في‮ ‬أحداث‮ ‬يونيو‮ ‬67‭.‬‮ ‬وعندما طلب السماع إلي‮ ‬الشريط‮. ‬تم تشغيل الشريط وفوجئت اللجنة بصوت عبدالناصر في‮ ‬بداية الشريط‮ ‬يأمر‮ »‬تسجيل صوت وصورة‮« ‬وللأسف بعد هذه الكلمات لم‮ ‬يسمعوا أي‮ ‬شيء لأن المجرمين الذين أذلوا هذا الشعب وحكموه بالحديد والنار‮. ‬عرفوا جريمتهم فمسحوا الشريط تماماً‮ ‬لكيلا‮ ‬يعرف الناس ماذا دار في‮ ‬هذا اللقاء الخطير الحاسم‮. ‬الذي‮ ‬أعطي‮ ‬لإسرائيل الفرصة كاملة لتوجيه ضربتها وتحقيق نصرها بتدمير القوات الجوية المصرية‮. ‬وبالتالي‮ ‬تدمير الجيش المصري‮ ‬في‮ ‬سيناء‮.‬

من كان المستفيد من هذه القرارات؟ إذا راجعت قرارات حرب‮ ‬67‮ ‬يا هيكل فستفاجأ بأنها تأخذ خطاً‮ ‬تصاعدياً‮ ‬الي‮ ‬نقطة الذروة‮. ‬أي‮ ‬النقطة التي‮ ‬تستطيع إسرائيل ان توجه ضربتها وهي‮ ‬مطمئنة الي‮ ‬النصر‮. ‬فالقرارات التي‮ ‬اتخذها عبدالناصر كلها كان لصالحها وضد مصلحة وطنه وجيشه هذا وأنت بجانبه وناصحه الأمين؟

1‮- ‬حشد الجيش وهو‮ ‬غير مستعد‮. ‬ونصفه في‮ ‬اليمن‮.‬

2‮- ‬طرد قوات الطوارئ الدولية‮. ‬بمعني‮ ‬أن الحرب‮ ‬يمكن أن تبدأ بخطأ بسيط من جندي‮. ‬والجيش المصري‮ ‬لم‮ ‬يحشد بعد ولا‮ ‬يزال علي‮ ‬الطرق‮ ‬يبحث عن مواقعه‮.‬

3‮- ‬إغلاق مضايق تيران‮. ‬وهو بداية للحرب فعلياً‮. ‬والجيش المصري‮ ‬لم‮ ‬يحتل مواقعه في‮ ‬سيناء بعد‮.‬

4‮- ‬الإعلان عن عدم القيام بالضربة الأولي‮. ‬أي‮ ‬إرسال رسالة إلي‮ ‬إسرائيل بأننا ندعوكم لتدميرنا‮ »‬تفضلوا‮«.‬

5‮- ‬إصدار أمر الانسحاب من القائد الأعلي‮ ‬أي‮ ‬عبدالناصر‮ ‬يوم‮ ‬5‮ ‬يونيو الساعة الواحدة ظهراً‮. ‬والذي‮ ‬أعلنه المشير عامر نيابة عن القائد العام فتم اختصار زمن الحرب لصالح إسرائيل وتم تدمير الجيش المصري‮ ‬وهو علي‮ ‬الطرق‮.‬

6‮- ‬تخلي‮ ‬عبدالناصر عن موقعه في‮ ‬القيادة العليا العسكرية وذهابه إلي‮ ‬المنزل من ظهر‮ ‬5‮ ‬يونيو إلي‮ ‬ظهر‮ ‬8‮ ‬يونيو‮.. ‬ومصر تواجه أخطر مرحلة في‮ ‬تاريخها‮.‬

أين أنت‮ ‬يا هيكل؟ ما رأيك؟ وماذا حدث في‮ ‬هذه الأيام الثلاثة؟

ما دورك؟ وما طبيعة الاتفاق السري‮ ‬مع الولايات المتحدة والغرب الذي‮ ‬أدي‮ ‬إلي‮ ‬مسرحية التنحي؟

هل كنت تعمل لصالح العدو أم صالح وطنك‮ ‬يا

سيد هيكل؟

صالح العدو‮ ‬يعني‮ ‬أنك وافقت ودعمت القرارات السابقة التي‮ ‬أهدت إسرائيل نصراً‮ ‬لا تحلم به وهذا ما حدث‮.‬

صالح مصر وطنك‮. ‬وشعبك وجيشك أن تعلن وقتها‮. ‬أن في‮ ‬الأمر شيئاً‮ ‬ما‮. ‬وأنك لا‮ ‬يمكن أن تشارك في‮ ‬إنزال الهزيمة بوطنك‮.. ‬عامداً‮ ‬متعمداً‮ ‬وأن تنصح القائد الأعلي‮ ‬بما تراه في‮ ‬الساحة العالمية في‮ ‬الوقت المناسب‮. ‬دعني‮ ‬أسأل‮. ‬صمتك‮. ‬ودعمك‮. ‬وتأييدك للقرارات التي‮ ‬دمرت مصر‮. ‬ألم‮ ‬يكن لك دور سري‮ ‬فيها؟ وأسألك وأعرف أنك لن تجيب‮. ‬ألم تكن كل هذه القرارات كلها‮. ‬لصالح العدو وحده والدليل ما نعيشه الآن؟

ألم تكن أنت مهندس ليلة التنحي‮. ‬وأن اتصالاتك واتصالات رئيسك كلها كانت تدور من خلف كل الأجهزة المصرية الرسمية‮. ‬وكلها تؤدي‮ ‬لأن‮ ‬يبقي‮ ‬عبدالناصر في‮ ‬الحكم مقابل التضحية بالقضية الفلسطينية كلها‮. ‬وأن تكتفي‮ ‬مصر فقط‮ »‬بإزالة آثار العدوان‮« ‬أي‮ ‬عودة سيناء فقط وأن تتعهد القيادة المصرية‮ »‬عبدالناصر‮« ‬بألا‮ ‬يتدخل أبدا في‮ ‬القضية الفلسطينية أو أي‮ ‬قضية عربية أخري‮. ‬وبناء علي‮ ‬هذا التعهد من خلال أطراف دولية وسيطة وافقت الولايات المتحدة وإسرائيل أولاً‮ ‬والغرب عموماً‮ ‬علي‮ ‬بقاء عبدالناصر في‮ ‬السلطة‮.. ‬لأنه الضمان الوحيد لعدم تولي‮ ‬حكم مصر قيادة قوية حقيقية توحد العرب وتستطيع القتال جدياً‮ ‬ضد إسرائيل دون أي‮ ‬أطماع في‮ ‬الزعامة‮. ‬أو أن‮ ‬يتولي‮ ‬حكم مصر قيادات إسلامية تكون قادرة أن تحشد الشعب المصري‮ ‬والشعوب الإسلامية في‮ ‬حرب حقيقية ضد الوجود الصهيوني‮ ‬كله‮. ‬ألم‮ ‬يحدث هذا التعهد سراً‮ ‬ومن وراء الشعب المصري‮. ‬وقد رصدت هذه الاتصالات السرية لأنها لم تكن بين العملاء‮. ‬والوسطاء الصغار‮. ‬بل كانت علي‮ ‬أعلي‮ ‬مستوي‮ ‬في‮ ‬الولايات المتحدة والغرب بالاتفاق مع الاتحاد السوفيتي‮ ‬علي‮ ‬مستوي‮ ‬رؤساء الدول‮. ‬لقد كان طلب الاتحاد السوفيتي‮ ‬من عبدالناصر مقابل الموافقة علي‮ ‬استمراره رئيسا لمصر‮. ‬هو القواعد العسكرية وقد قبل عبدالناصر إعطاء الاتحاد السوفيتي‮ ‬قواعد عسكرية علي‮ ‬أرض مصر‮.‬

كان لابد أن‮ ‬يبقي‮ ‬عبدالناصر لكي‮ ‬يطمئن العالم علي‮ ‬أن إسرائيل مستقبلاً‮ ‬لن تتعرض للخطر‮. ‬وحدثت مهزلة التنحي‮ ‬التي‮ ‬تعرفها أنت‮. ‬لأنك كاتب خطاب التنحي‮ ‬الذي‮ ‬يعتبر جريمة في‮ ‬حق المواطن عندما‮ ‬يقول القائد الأعلي‮ ‬المنوط به قيادة الدولة وصاحب كل القرارات عندما‮ ‬يقول‮: »‬انتظرناهم من الشرق فجاءوا من الغرب‮«. ‬نحن لسنا في‮ ‬عصر عرابي‮ ‬يا هيكل‮. ‬هذا تضليل للشعب ولا‮ ‬يليق بقائد حتي‮ ‬لو كان منهزماً‮ ‬أن‮ ‬يهرب من المسئولية بهذه الطريقة الوضيعة‮. ‬فأنت واضع الكلمات واللحن‮. ‬لمصلحة من كل هذا.؟

أرجع لفقرتك التي‮ ‬قمت بدسها في‮ ‬كتاب فلسفة الثورة لتعرف لصالح من الصهيونية العالمية‮.‬

وهذا سر عداء عبد الناصر‮ ‬غير المبرر لأي‮ ‬اتجاه اسلامي‮ ‬بعد حرب‮ ‬48‮ ‬فقد كان العداء للاتجاه الاسلامي‮ ‬الورقة الرابحة في‮ ‬يد كل الديكتاتوريات العسكرية تلك الورقة الرابحة التي‮ ‬اكتشفها عبد الناصر مبكراً‮ ‬وقلده في‮ ‬ذلك الجميع حتي‮ ‬الآن‮.‬

أين كنت؟ ولماذا وافقت؟ وشجعت‮. ‬بل كنت احياناً‮ ‬الهامس بالافكار المدمرة لوطنك وشعبك كما تفتخر الآن‮.‬

‮❊❊❊‬

وثائق وشهادات‮..‬

يتساءل الدكتور فؤاد زكريا عن سلاح الارشيف لدي‮ ‬هيكل في‮ ‬كتابه‮ »‬كم عمر الغضب‮« ‬ويقول‮:‬

‮».. ‬ولكن علي‮ ‬الرغم من كل هذه الفرص الاستثنائية التي‮ ‬اتيحت لهيكل وحده،‮ ‬في‮ ‬ظل اسلوب حكم فردي‮ ‬مطلق،‮ ‬وكشفت له عن القوة الهائلة التي‮ ‬تكمن في‮ »‬سلاح الارشيف‮«.. ‬فإن المرء لا‮ ‬يملك الا ان‮ ‬يشعر بوجود سر خفي‮ ‬في‮ ‬تلك المقدرة الهائلة علي‮ ‬جمع المعلومات واختزانها وإعادة استخدامها واستثمارها في‮ ‬الوقت المناسب‮.‬

لقد سخر هيكل من الضباط الذين قلبوا بيته الريفي،‮ ‬وقت اعتقاله الأخير،‮ ‬بحثاً‮ ‬عن اوراقه السياسية،‮ ‬مؤكداً‮ ‬لهم ان الرئيس ذاته‮ ‬يعلم أنه‮ »‬اي‮ ‬هيكل‮« ‬لا‮ ‬يحتفظ بشيء من اوراقه في‮ ‬بيته،‮ ‬وأنه‮ ‬يبعث بها اولاً‮ ‬بأول الي‮ ‬خارج البلاد‮. ‬وهكذا كان الارشيف بالنسبة إلي‮ ‬هيكل،‮ ‬بالاضافة الي‮ ‬كونه مصدر قوة،‮ ‬تأميناً‮ ‬علي‮ ‬الحياة،‮ ‬وضماناً‮ ‬ضد اي‮ ‬شكل من اشكال الاضطهاد‮: ‬فهو‮ ‬يحمل معه اسرار الجميع،‮ ‬بالوثائق،‮ ‬ويوم‮ ‬يمسه سوء فستعلن هذه الاسرار وتفضح كل شيء،‮ ‬ومن هنا كان الحرص علي‮ ‬ان تظل خارج البلاد‮. ‬ولكن‮ ‬يظل السؤال قائماً‮: ‬هل‮ ‬يستطيع فرد واحد،‮ ‬مهما كان ذكاؤه وتشعب قدراته،‮ ‬ان‮ ‬يجمع كل هذه المعلومات،‮ ‬ويرتبها بهذه الدقة،‮ ‬ويبعث بها اولاً‮ ‬بأول الي‮ ‬الخارج؟ لست ادري‮ ‬ولكنني‮ ‬كلما امعنت الفكر في‮ ‬هذه الظاهرة بدا لي‮ ‬انها اعقد واوسع نطاقاً‮ ‬من امكانات اي‮ ‬فرد،‮ ‬بل من امكانات اي‮ ‬جهاز في‮ ‬دولة مختلفة،‮ ‬وخيل الي‮ ‬اننا نجد انفسنا هنا علي‮ ‬مستوي‮ ‬يكاد‮ ‬يصل الي‮ ‬مستوي‮ ‬اجهزة المخابرات في‮ ‬الدول الكبري‮«.‬

هل هيكل صفحة سوداء في‮ ‬تاريخ مصر؟

ويكمل الدكتور فؤاد زكريا شهادته‮..‬

‮»... ‬علي‮ ‬أن الأمر الملفت للنظر،‮ ‬والذي‮ ‬تتجلي‮ ‬فيه سخرية الأقدار بحق،‮ ‬هو أن‮ »‬سلاح الأرشيف‮« ‬مثلما هو مصدر قوة هيكل،‮ ‬فإنه أيضا مكمن الضعف فيه‮. ‬ذلك لأن من‮ ‬يستخدم هذا السلاح‮ ‬يستطيع بأكثر الإمكانات تواضعا،‮ ‬أن‮ ‬يصيب هيكل في‮ ‬مقتل‮. ‬ويكفي‮ ‬أن‮ ‬يرجع بانتظام إلي‮ ‬قائمة كتاباته في‮ ‬أواخر الأربعينيات،‮ ‬ثم في‮ ‬مختلف مراحل الخمسينيات والستينيات،‮ ‬وأخيراً‮ ‬في‮ ‬أوائل السبعينيات،‮ ‬ويكفي‮ ‬أن‮ ‬يقارن هذه الكتابات بعضها ببعض،‮ ‬أو بما‮ ‬يظهر منها في‮ ‬المرحلة الراهنة،‮ ‬لكي‮ ‬يجد لديه مادة هائلة تستخدم ضد هيكل بسهولة تامة‮. ‬وحسبنا أن نضرب لذلك مثلا واحدا مما نشر في‮ ‬الصحف المصرية أخيراً‮. ‬فها هو ذا كاتب‮ ‬يتجاسر فيقول‮:‬

‮(‬إن تاريخ الأستاذ محمد حسنين هيكل صفحة سوداء في‮ ‬تاريخ مصر‮. ‬لقد اتهمه الرئيس محمد نجيب بالخيانة لحساب دولة أجنبية،‮ ‬وكتب ذلك في‮ ‬كتاب‮ »‬كلمتي‮ ‬للتاريخ‮«‬،‮ ‬كما اتهمه مايلز كوبلاند في‮ ‬كتابه‮ »‬بغير عباءة أو خنجر‮« ‬بأنه كان عميلاً‮ ‬مخلصاً‮. ‬كما اتهمه خروشوف بنفس التهمة وذكر له قيمة المبالغ‮ ‬والشيكات التي‮ ‬تسلمها من وكالة المخابرات المركزية،‮ ‬وكان ذلك عندما سافر سيده‮ »‬يقصد عبدالناصر‮« ‬إلي‮ ‬روسيا واصطحبه معه في‮ ‬هذه السفرة،‮ ‬فلما واجهه نيكيتا خروشوف بهذه الفضيحة المرة اضطر ان‮ ‬يسافر في‮ ‬اليوم التالي‮ ‬عائدا إلي‮ ‬مصر‮«.‬

‮>>>‬

علاقة هيكل بالمخابرات الأمريكية‮..‬

وهنا نستشهد بشهادة في‮ ‬غاية الأهمية عن علاقة هيكل برجال المخابرات الأمريكية‮..‬

يقول الأستاذ‮ »‬مصطفي‮ ‬أمين‮« ‬في‮ ‬رسالته‮ »‬لعبدالناصر‮« ‬التي‮ ‬نشرها الأستاذ‮ »‬محمد حسنين هيكل‮« ‬في‮ ‬كتابه‮..‬

‮»‬ثم قامت ثورة‮ ‬23‮ ‬يوليو‮ ‬1952،‮ ‬وحضر كيم إلي‮ ‬القاهرة أيضا في‮ ‬مهمة للاتصال بقائد الثورة،‮ ‬ولم أقابله في‮ ‬هذه المرة،‮ ‬ولكني‮ ‬عرفت بحضوره من بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة‮.‬

وزاد تردده علي‮ ‬القاهرة بعد ذلك في‮ ‬مهام كثيرة،‮ ‬وقد قابلته في‮ ‬أغلب المرات،‮ ‬وسيادتكم تعلمون إنني‮ ‬قابلته كثيراً‮ ‬في‮ ‬هذه المرحلة‮.‬

والحقيقة إنني‮ ‬كنت أسعي‮ ‬إلي‮ ‬لقائه عندما أعلم بحضوره،‮ ‬وكنت أجتمع به في‮ ‬حضور الأستاذ محمد حسنين هيكل،‮ ‬وكنا نتغدي‮ ‬معاً‮ ‬في‮ ‬بيتي،‮ ‬وقد توطدت علاقتنا به‮.‬

ويؤكد الأستاذ‮ »‬مصطفي‮ ‬أمين‮« ‬في‮ ‬رسالته‮..‬

‮»‬وكان كيم روزفلت علي‮ ‬اتصال وثيق بالثورة،‮ ‬وكان‮ ‬يقوم بنشاط واسع في‮ ‬هذا المجال لدرجة أنه كان في‮ ‬ذلك الوقت الأمريكي‮ ‬صاحب أقوي‮ ‬نفوذ من الأمريكيين في‮ ‬مصر،‮ ‬بمن فيهم السفير الأمريكي‮«.‬

ويعتبر كيم روزفلت من أهم ضباط المخابرات الأمريكية الذين عملوا في‮ ‬مصر‮.‬

فقد كان‮ ‬يعمل كمستشار لعبدالناصر في‮ ‬بداية الثورة‮..‬

ويقول الأستاذ‮ »‬مصطفي‮ ‬أمين‮« ‬في‮ ‬رسالته لعبدالناصر عن علاقة هيكل برجال المخابرات الأمريكية‮..‬

‮"‬وفي‮ ‬سنة‮ ‬1956‮ ‬قدمني‮ ‬الأستاذ محمد حسنين هيكل إلي‮ ‬مستر وليم دورات ميلر الملحق السياسي‮ ‬بالسفارة الأمريكية،‮ ‬وهو كما علمنا فيما أن أحد ضباط المخابرات الأمريكية‮. ‬وكان اتصالي‮ ‬به خلال فترة تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي‮ ‬وما بعدها‮. ‬

ومكث في‮ ‬مصر لفترة طويلة كنت أتقابل معه خلالها باستمرار إما في‮ ‬مكتبي‮ ‬بالجريدة،‮ ‬وفي‮ ‬بعض الأحيان في‮ ‬منزلي،‮ ‬حيث كنا نناقش كالعادة الموضوعات السياسية والعلاقات المصرية الأمريكية وسياسة مصر بصفة عامة،‮ ‬وكنت أطلع سيادتكم‮ ‬يومياً‮ ‬علي‮ ‬هذه الاتصالات‮.. ‬إن هذا الوقائع التي‮ ‬كتبها محمد حسنين هيكل في‮ ‬كتابه بين الصحافة والسياسة‮. ‬هي‮ ‬شهادة دافعة علي‮ ‬أن هيكل كان أيضا علي‮ ‬اتصال برجال المخابرات الأمريكية والبريطانية‮. ‬بل وصلت قوة علاقته برجال المخابرات الأمريكية إلي‮ ‬أنه كان‮ ‬يقدم مصطفي‮ ‬أمين إليهم ويعرفهم عليه‮.‬