بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

عواء الذئاب .. وعويل الثوار

عندما يتحول الحلم إلى كابوس، وتنقلب صيحات الحرية إلى نحيب وعويل، فتش دائما عن الذئاب، خاصة بعدما أصبح عواء هذه الذئاب يطاردنا سياسيا واجتماعيا وأمنيا واقتصاديا، ولعل ما أثير مؤخرا حول تبادل المكالمات التليفونية السرية بين قيادات في حماس وجماعة الاخوان إبان ثورة 25 يناير وتجهيز «مقاليع» الحمساويين خلف المتحف المصري، هذه الواقعة التي تعرف باسم «الشاطر جيت» هي بمثابة خنجر مسموم في ظهر الثورة والكرامة المصرية.

والسؤال الذي يتردد على لسان أغلب المصريين قبل الكشف عن هذه المكالمات: هل ما حدث في مصر وليبيا ويجري حاليا في سوريا يمكن أن نطلق عليه ثورة أم خديعة ومؤامرة إقليمية؟ سبب هذا السؤال هو أن دول الربيع العربي لم يطرأ عليها أي تحسن يفيد أنها قامت بثورات تصحيحية، نعم شهدت عواصم هذه البلدان انتفاضات شبابية وشعبية مبكرة ضد الظلم والاستبداد ولكنها سرعان ما اختطفتها الذئاب المتربصة على الحدود والوافدة إلينا من الخارج.
وأتصور أن ما يشغل النشطاء والقوى السياسية في مصر الآن هو تصحيح مسار الثورة، وعلى الإخوان أن يغسلوا أيديهم ويتبرأوا من الاستقواء بالخارج، سواء في واقعة اقتحام السجون أو موقعة «مقاليع» المتحف، فالمصريون لم يقوموا بثورة ليصبحوا فريسة للذئاب، ولا يعقل أن تغتصب حقوق المرأة بعد الثورةِ، وبدلا من أن تحصل المصريات على حقوقهن في عصر الحرية زادت حالات الاغتصاب التى نقرأ عنها يوميا فى الصحف، خلافا لحالات أخرى تبقى مستورة خوفا من الفضيحة.
والنساء المغتصبات في مجتمعاتنا هن بمثابة أحياء أموات، والظلم الذي يلحق بهن لا يضارعه أي ظلم، فغالبا ما تغتصب حقوقهن بعدما تغتصب اجسادهن ولا يتردد البعض في استباحة دمهن وحتى هدره.
وبعيدا عن الاغتصاب الثوري الذي جرى خلف المتحف المصري تحول ميدان التحرير بعد أكثر من عامين على الثورة إلى مسرح للتحرش الجنسي وعمليات الاغتصاب الجماعي من قبل عصابات مدربة اتخذت من الميدان الثوري مكاناً للقيام بالممارسات المشينة.
وتكشفت روايات الضحايا عن أن هناك فتيات تعرضن لاستئصال الرحم؛ بسبب قسوة عمليات الاغتصاب، كما أن هناك من يواجهن شبح الموت بالمستشفيات إثر

تعرضهن لعملية اغتصاب غير مسبوقة في ميدان التحرير. وتقدر منظمات حقوقية أن عدد ضحايا حالات الاغتصاب بلغ حتى الآن أكثر من 20 حالة اغتصاب جماعى بالتحرير، وأن هذه الجرائم لم تستهدف فقط الفتيات صغار السن بل امتدت إلى من فوق الستين.
وإذا كانت أصابع حماس حاضرة في المشهد الثوري المصري فأصابع إيران وحزب الله وتركيا حاضرة بقوة في العنف الدائر داخل سوريا حتى وصل الأمر أن تطرق المسلسل التركي الشهير «وادي الذئاب» إلى العنف الذي تشهده سوريا حيث ظهر بطل المسلسل في أحد المشاهد مع كتيبة تابعة للجيش الحر.
ومعروف أن سوريا اشتهرت، قبيل الاحتجاجات التي سادت البلاد منتصف مارس 2011، بدبلجة المسلسلات والأفلام التركية التي حظيت بمتابعة عربية واسعة، لكنها اليوم تشهد تراجعا كبيرا بسبب الأحوال الأمنية المتردية.
للأسف ما يجري في بلدان الربيع العربي أبعد ما يكون عن الثورات الشعبية التي عرفها العالم وتقترب بذئابها الوافدة من الخارج أكثر إلى الأساطير التاريخية وفي مقدمتها اسطورة المؤرخ اليوناني الشهير «هيرودتس» الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد وورد فيها أن المستكشفين في عصره الذين سافروا إلى منطقة البحر الأسود جاءوا يروون حكايات ومشاهدات غريبة ومفزعة عن بشر يتحولون إلى ذئاب بشرية بفعل اللعنات والسحر الأسود، ويعلمنا التاريخ أن أساطير الذئاب والوحوش الكاسرة كانت تستخدم دائما لاستعباد الشعوب وانتهاك حريتها وليس لصيانة كرامتها وعزتها.

[email protected]