بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

‮"‬الأمن الوطني‮".. ‬استنساخ أمن الدولة


هل تواجه قيادات وزارة الداخلية صعوبات في التخلص من جلدها القديم؟‮..‬

أم تواجهنا بحيل وألاعيب طالما تعلمتها في سنوات عملها مع النظام السابق للالتفاف علي الثورة ومكتسباتها‮.. ‬وإعادة الأمور إلي ما كانت عليه قبل‮ ‬25‮ ‬يناير‮..‬

منصور العيسوي وزير الداخلية أصدر القرار رقم‮ ‬445‮ ‬لسنة‮ ‬2011‮ ‬بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة وإنشاء قطاع الامن الوطني والذي‮ ‬يختص بالحفاظ علي الأمن الوطني والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية لحماية وسلامة الجبهة الداخلية وجمع المعلومات ومكافحة الإرهاب،‮ ‬وفقاً‮ ‬لأحكام الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان وحرياته،‮ ‬علي أن‮ ‬ينهض بالعمل به ضباط‮ ‬يتم اختيارهم بناء علي ترشيح القطاع‮.‬

كلام جميل‮.. ‬وإن لم‮ ‬يكن محددا حسب آراء خبراء أمن وسياسيين وقانونيين،‮ ‬اتهموا وزير الداخلية صراحة بالتحايل علي إبقاء مراكز نفوذ‮ "‬أمن الدولة‮" ‬المنحل في أماكنهم،‮ ‬والاحتفاظ بطريقة العمل القديمة‮ "‬اللي تعرفه أحسن من اللي ماتعرفوش‮".‬

لكن الأخطر من الكلمات المنمقة وعدم تحديد المهام بدقة،‮ ‬هو الاستعانة بضباط من أصحاب السمعة السيئة في التعذيب والتنصت والفساد في الجهاز القديم للعمل في القطاع الجديد‮.. ‬وكأن شيئا لم‮ ‬يكن‮.‬

هنا نفتح صفحة هذا الجهاز الجديد‮ "‬القديم‮" ‬قبل أن نصرخ من جديد‮ "‬يا حرية فينك فينك الأمن الوطني بينا وبينك‮"‬

خبراء الأمن‮: »‬الداخلية‮ « ‬تتحايل لإعادة أمن الدولة من جديد

محمود قطري‮: ‬قيادات الداخلية تتآمر علي‮ ‬الثورة وتلتف علي‮ »‬حل أمن الدولة‮« ‬وحسن ناجي‮ : ‬القطاع‮ ‬يحمل نفس مهام الجهاز المنحل

اتهم بعض خبراء الأمن منصور العيسوي‮ ‬وزير الداخلية بإنشاء جهاز لا‮ ‬يختلف عن‮ »‬أمن الدولة‮« ‬سوي‮ ‬في‮ ‬الاسم وأكدوا ان‮ »‬الأمن الوطني‮« ‬سيتحول بعد عامين لنسخة من جهاز أمن الدولة سيئ السمعة‮. ‬وقال الخبير الأمني‮ ‬والضابط السابق محمود قطري‮: ‬إن وزارة الداخلية تتحايل لإعادة‮ »‬أمن الدولة‮« ‬مرة أخري،‮ ‬قائلا‮: ‬الهيكل التنظيمي‮ ‬لقطاع الأمن الوطني‮ ‬تحايل لإعادة أمن الدولة اعتمادا علي‮ ‬اللعب بالألفاظ والعبارات والتذاكي‮ ‬علي‮ ‬الناس،‮ ‬علي‮ ‬الرغم من كونه‮ ‬يحمل نفس اختصاصات الجهاز السابق ونفس ا لأيديولوجية والاستراتيجية وطريقة التفكير القديمة،‮ ‬وأوضح أن وزارة الداخلية تسعي‮ ‬للالتفاف علي‮ ‬الثورة والتآمر عليها،‮ ‬للسيطرة علي‮ ‬الأوضاع والوطن والشعب كما كان الحال سابقا‮. ‬وشدد علي‮ ‬ان ولاءات قيادات الوزارة السابقة مازالت تمنعها من التفكير بشكل جديد والتحرر من أفكارها القديمة،‮ ‬لذا فهم‮ ‬يحرصون علي‮ ‬الالتفاف علي‮ ‬مطالب الثورة واستمرار إمساك البلاد بقبضة من حديد ليعودوا أحرارا‮ ‬يتصرفون كمايشاءون وهو ما لن‮ ‬يحققه له سوي‮ ‬جهاز أمن الدولة باعتباره الجهاز الأهم لإرهاب المواطنين‮. ‬

وحذر‮ »‬قطري‮« ‬من تحول القطاع بعد عامين لنسخة كربونية من جهاز أمن الدولة‮ ‬،‮ ‬ولجوئه للتجسس علي‮ ‬الأحزاب والمعارضة والإسلاميين باعتبار النشاط الديني‮ ‬جزءا من الإرهاب الذي‮ ‬يختص القطاع بمكافحته،‮ ‬مشيرا إلي‮ ‬ان جهاز أمن الدولة نفسه لو استمر بثوبه القديم كان سيتوقف عن العمل بالطريقة القديمة لمدة عامين،‮ ‬حتي‮ ‬تهدأ الأوضاع فيعاود عمله بطريقته المعروفة‮. ‬

ورسم‮ »‬قطري‮« ‬سيناريو عمل القطاع في‮ ‬الفترة المقبلة والذي‮ ‬يبدأ بالالتفاف حول الجماعات الإسلامية واعتقالهم من خلال تلفيق القضايا إرضاء لأمريكا والاتحاد الأوروبي‮ ‬ـ علي‮ ‬حد قوله‮. ‬واستنكر‮ »‬قطري‮« ‬المهام التي‮ ‬أوكلت للقطاع قائلا‮: ‬كيف سيكافح الإرهاب وقد فشل سابقا في‮ ‬مكافحته في‮ ‬الثمانينيات،‮ ‬كما أن واجبات القطاع الجديد جزء من واجبات المخابرات العامة،‮ ‬ولو كان هذا القطاع بديلا عنه فلن‮ ‬يوقف الإرهاب‮. ‬في‮ ‬حين‮ ‬يري‮ ‬الخبير الأمني‮ ‬اللواء حسن ناجي‮ ‬أنه لا‮ ‬يوجد اختلاف في‮ ‬قراري‮ ‬تأسيس أمن الدولة والأمن الوطني،‮ ‬ولكن الاختلاف سيكون في‮ ‬التطبيق،‮ ‬فالجهاز أنشئ لمكافحة الإرهاب وهو نفس الاختصاص الاساسي‮ ‬للقطاع،‮ ‬إلا ان أمن الدولة تحولت بعد فترة إلي‮ ‬جهاز‮ ‬يتدخل في‮ ‬كل صغيرة وكبيرة،‮ ‬وأسندت إليها الاعمال الإدارية للوزارات المختلفة،‮ ‬بحيث تصبح حلقة الوصل والمنسق بين الوزارات والداخلية وتتولي‮ ‬الكشف السياسي‮ ‬والجنائي‮ ‬علي‮ ‬المتقدمين للعمل بأي‮ ‬وزارة‮.. ‬موضحا أن فساد أمن الدولة تم بسبب حيدتها عن مهامها الاصلية وتخويلها سلطات بعيدة عن قرار إنشائها،‮ ‬وهو ما‮ ‬يستبعد ان‮ ‬يحدث في‮ ‬القطاع الجديد فقد بدأ نظيفا بعدما تخلي‮ ‬عن عناصره المسئولة عن الفساد السياسي‮ ‬والتعذيب،‮ ‬وإحالتهم للمحاكمة،‮ ‬مشيرا إلي‮ ‬ان الضمانة الوحيدة لانضباط الأمن الوطني‮ ‬هي‮ ‬المحاسبة المستمرة لكل من‮ ‬يخالف المنصوص عليه في‮ ‬قرار تشكيله‮. ‬

وقال الخبير الأمني‮ ‬اللواء فاروق حمدان مساعد وزير الداخلية الأسبق إن القطاع الجديد مهامه محددة ويحظي‮ ‬بإشراف القضاء ما‮ ‬يمنعه من التدخل في‮ ‬الأمور السياسية للمؤسسات المختلفة ومراقبتها والتنصت عليها إلا بإذن من القضاء‮.‬

وشدد‮ »‬حمدان‮« ‬علي‮ ‬أن الضمانة الوحيدة لعدم حيدة الجهاز عن مهامه هي‮ ‬مراقبة المجتمع له قائلاً‮: ‬الشعب أصبح أكثر جرأة ومطالبة بحقوقه وهذه ضمانة كافية لإجبار الجهاز عن الحيدة عن الطريق المرسوم له‮. ‬

وقال الخبير اللواء عبدالفتاح عمر إن الاختلاف بين الجهازين‮ ‬ينبع من تغير السياسة،‮ ‬ويجب إزالة المآخذ علي‮ ‬الجهاز السابق من كونه مسئولا عن كل شيء في‮ ‬البلاد،‮ ‬كأن ما فيش مجلس وزراء،‮ ‬مؤكدا أن القطاع تحت التجربة ويمكن تقييم ادائه بعد عام من الآن‮.‬

في‮ ‬المقابل أشاد اللواء حمدان البطران بالهيكل التنظيمي‮ ‬للقطاع،‮ ‬معربا عن تفاؤله لعدم وجود احتكاك مباشر مع المواطنين وتحديد اختصاصاته،‮ ‬عكس ما كان‮ ‬يحدث سابقا من الاحتكاك بالأفراد والتحكم في‮ ‬البلاد من خلال تشعب الاختصاصات دون سند من القانون واداء اعمال بناء علي‮ ‬تكليفات من رئيس الجمهورية ووزير الداخلية مباشرة‮.‬

سياسيون‮: ‬تشغيل‮ "‬أمن الدولة‮" ‬من الباطن مغامرة ستفجر ثورة أخري

صلاح عيسي‮: »‬أمن الدولة‮« ‬كان جهاز جمع شائعات‮.. ‬ومحمد العمدة‮: "‬الداخلية‮" ‬ستضطر للالتزام‮.. ‬وأحمد أبوبركة‮ : ‬لابد من إلغائه نهائياً‮ ‬لأنه الثوب الجديد لأمن الدولة

أجمع سياسيون ومفكرون علي ضرورة التزام الجهاز الجديد للامن الوطني بالمهام المحددة في الهيكل التنظيمي لقرار إصداره،‮ ‬مشددين علي ضرورة توفير أحدث التقنيات المستخدمة في هذا المجال للضباط لتأدية مهمتهم بدقة،‮ ‬بينما ذهب البعض الي ضرورة الغائه باعتباره الثوب الجديد لجهاز امن الدولة السابق‮.‬

وأوضح الكاتب الصحفي صلاح عيسي ان المهم ليس فقط تحديد المهام وقصرها علي مقاومة الإرهاب وجمع المعلومات عن الشئون المحلية،‮ ‬وانما توفير وسائل جمع هذه المعلومات والتثبت من صحتها وتحقق القائمين علي أمر الجهاز منها قبل رفعها للمسئولين‮.‬

وانتقد‮ "‬عيسي‮" ‬اعتماد الجهاز السابق علي الشائعات قائلا‮ " ‬الاوراق التي سربت عن الجهاز كان بعضها‮ ‬يبدأ بكلمتين‮ "‬يقال ويتردد‮" ‬ما‮ ‬يعني أنه كان جهاز جمع شائعات وليس معلومات،‮ ‬مشددا علي ضرورة توفر الكفاءة في جمع المعلومات،‮ ‬فضلا عن مراعاة الرأي العام والحرص علي التعرف عليه‮.‬

وأثني‮ "‬عيسي‮" ‬علي الهيكل التنظيمي للقطاع الجديد،‮ ‬مشددا علي اهمية الممارسة والالتزام اثناء التطبيق واختيار العناصر صاحبة الضمير الحي لتخدم فكرة الامن الوطني وليس ضمان امن الحزب الحاكم او اي تيارات سياسية أخري،‮ ‬مدللا علي ذلك بأن الدول الديمقراطية تملك جهازا لجمع المعلومات،‭ ‬يكون ولاؤه للوطن وللمصلحة العامة ولا‮ ‬ينحاز لأي شخص أو حزب أو تيار ديني معين‮.‬

لكنه تساءل عن كيفية ضمان استقلالية ومهنية هذا الجهاز بحيث‮ ‬يعمل في نطاق القانون وتكفل له الدولة الادوات الفنية التي تمكنه من الوصول للحقيقة،‭ ‬معتبرا أن أجهزة الأمن المصرية تعاني من مشكلة التبعية للسلطة التنفيذية،‮ ‬مطالبا بضرورة الفصل بين هذا القطاع كجهاز مهمته جمع المعلومات،‮ ‬وجهاز للتحقيق والقبض والتفتيش،‮ ‬مشيرا إلي ضرورة ان‮ ‬يقوم بالمهمة الأخيرة رجل الشرطة العادي وليس الافراد التابعون لهذا الجهاز‮. ‬

وابدي عصام سلطان عضو الجمعية الوطنية للتغيير ووكيل مؤسسي حزب الوسط تفاؤله بالجهاز الجديد وقدرته علي حصر اختصاصاته في محاربة الارهاب ورصد حركة الأجانب في مصر والابتعاد عن كل ما‮ ‬يتعلق بالعمل العام والسياسي،‮ ‬مشيرا الي صعوبة الحيدة عن الخط المرسوم له قائلا‮: ‬بعد الثورة صعب ان الجهاز‮ ‬يخالف الاختصاصات المحددة له،‮ ‬وسيلتزم بها‮.‬

ورأي النائب الوفدي السابق محمد العمدة أن الجهاز الجديد‮ ‬يجب أن‮ ‬يدرك ضرورة رفع‮ ‬يده عن الأدوار الإضافية التي كان‮ ‬يقوم بها في السابق والالتزام بالمهام الموكلة اليه فقط،‮ ‬لتنحصر اعماله في الحفاظ علي امن الشارع،‭ ‬والتصدي لأي عمليات تخريب أو تعطيل للمرافق العامة للدولة‮.‬

وقال‮ "‬العمدة‮" ‬اعتقد أن وزارة الداخلية سوف تضطر للالتزام بهذه الحدود فالمهام السابقة لأمن الدولة كانت من أهم اسباب قيام الثورة لمسئولية الجهاز عن اعمال التعذيب والاهانة التي كان‮ ‬يتعرض لها المواطنون،‮ ‬فضلا عن الاعتقالات العشوائية والتي كانت تستمر لفترت طويلة دون مبرر حقيقي وحكم قضائي بذلك،‮ ‬ودون ان‮ ‬يملك القضاء نفسه الإفراج عن المعتقلين‮.‬

وحذر‮ "‬العمدة‮ " ‬من مغبة اقدام‮ "‬الداخلية‮" ‬علي تبني سياساتها السابقة فيما‮ ‬يتعلق بأداء ضباط الامن الوطني قائلا‮: ‬إذا اقدمت الداخلية علي تبني سياساتها السابقة فهذا‮ ‬يعني انها تخوض مغامرة‮ ‬يمكن

ان تعيد الينا ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير من جديد‮".‬

في حين قال أبوالعلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط‮: ‬لو خرج الجهاز عن قضايا التجسس والارهاب سأعترض عليه‮.. ‬مضيفا‮: ‬يجب علي القطاع الجديد ان‮ ‬يفعل ما أوكل اليه بشكل رسمي فقط،‮ ‬وعلي البرلمان المقبل ان‮ ‬يقنن عمل الجهاز ولا‮ ‬يسمح بغير ما ذكر بقرار تشكيله،‮ ‬معتبرا وجود حكومة ديمقراطية وبرلمان منتخب وقضاة مستقلين ادوات التزام افراد الجهاز الجديد بمهامهم المحددة لهم‮.‬

واعرب النائب السابق محمد انور عصمت السادات عن تفاؤله بتغيير شكل ومضمون هذا الجهاز،‮ ‬وقال‮: ‬علي المواطنين رفض اي ممارسات للجهاز الجديد من‮ ‬غير المنصوص عليها بقرار تشكيله،‮ ‬ليقتصر دوره علي مكافحة الارهاب والجاسوسية كباقي الاجهزة المتواجدة بالعالم،‮ ‬ونضمن ألا تتكرر تجربة امن الدولة المريرة‮.. ‬مشيرا الي موافقته علي الاستعانة ببعض ضباط النظام السابق من الأكفاء وغير المتورطين بأعمال فساد سياسي وتعذيب للمواطنين‮.‬

بينما ذهب النائب السابق أحمد أبوبركة عضو مجلس الشعب السابق الي ضرورة الغاء هذا الجهاز نهائيا باعتباره الثوب الجديد لجهاز أمن الدولة،‮ ‬قائلاً‮: "‬لابد من نسفه،‮ ‬فالدكتاتوريات المتخصصة هي التي تتعدد فيها الاجهزة الامنية بهدف واحد مع اختلاف مسمياتها،‮ ‬فتعصف بالحريات وتضيق علي الحقوق العامة للمواطنين‮".‬

واضاف ان الشرطة بأجهزتها المعروفة قادرة علي القيام بوظائف الجهاز الجديد،‮ ‬مشددا علي ضرورة الغائه قبل تحوله لنفس شكل الجهاز السابق،‭ ‬وتسريح كل العاملين به وإحالتهم للمعاش ورفض عودتهم للعمل بأي جهاز آخر للشرطة‮.‬

وطالب بضرورة الغاء الفكرة من الاساس من داخل وزارة الداخلية،‮ ‬مع مراعاة اعادة هيكلتها لتنقسم لجزءين مثل باقي دول العالم،‮ ‬إدارة مدنية مسئولة عن تسيير اعمال المواطنين المتعلقة بالوزارة،‮ ‬علي ان‮ ‬يكون العنصر الامني داخلها عنصر‮ - ‬فني‮ - ‬فقط،‮ ‬وإدارة شرطية تتعلق بتنفيذ القانون كالشرطة الجنائية مثلا،‭ ‬تخضع للإشراف القضائي‮.‬

حقوقيون‮: ‬ ‬لا توجد آلية لتنفيذ مهمة القطاع الجديد‮.. ‬وحافظ أبوسعدة‮: ‬مصطلح الإرهاب فضفاض

أعرب حقوقيون عن تخوفهم من تحول قطاع الأمن الوطني إلي جهاز امن دولة جديد،‮ ‬وانتقدوا‮ ‬غموض العبارات التي وردت بقرار إنشاء وتشكيل الجهاز ووصفوها‮" ‬بـ»المطاطة‮«.. ‬موضحين ان القرار لم‮ ‬يوضح آلية عمل الجهاز‮.‬

جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان أبدي خشيته من أن‮ ‬يكون قطاع الامن الوطني بديلاً‮ ‬لجهاز‮ "‬أمن الدولة‮".. ‬قائلا‮: ‬نحاول الاستمرار في تفاؤلنا بوزير الداخلية الجديد ومحاولات إصلاحه،‮ ‬إلا أننا نخشي ان‮ ‬يصبح الجهاز بديلاً‮ ‬لأمن الدولة مع اختلاف المسمي‮.‬

وأوضح أن تخوفاته منبعها عدم تنظيم حوار وطني موسع مع المهتمين بهذا الأمر لوضع تشكيل للجهاز،‮ ‬كما ان بعض ضباط امن الدولة اصحاب السمعة السيئة تم تعيينهم بالقطاع الجديد،‮ ‬ما‮ ‬يعني ان حسن النية ليس كافياً‮ ‬وعلي وزير الداخلية إعلان معايير اختيار الضباط بوضوح‮.‬

وقال عيد‮: ‬القرار احتوي علي صياغات‮ ‬غامضة ومطاطة وشعارات عامة لم توضح آلية تطبيقها،‮ ‬ورغم أنه ولأول مرة توضع تعديلات طالبنا بها من قبل كشكاوي المواطنين واحترام حقوق الانسان،‮ ‬إلا أنه لم توضع آلية لمتابعة ذلك وتطبيقه،‮ ‬خاصة وان الوزارة في عهد‮ "‬العادلي‮" ‬زعمت احترام حقوق الانسان وعملت دورات حقوقية للضباط الا انها كانت تصرفات شكلية بحيث استخدموا محاضرين معادين لحقوق الانسان،‮ ‬ومن مصلحة الوزارة والمجتمع تحويل هذه البنود لممارسة حقيقية‮.. ‬مقترحا تقديم وزير الداخلية رؤيته للجهاز الجديد وكيفية عمله،‭ ‬بأحد البرامج التليفزيونية،‮ ‬خاصة وانه بديل الجهاز الذي كان‮ ‬يحكم البلاد فعليا،‮ ‬ضمانا لطمأنة المواطنين والاستماع لملاحظاتهم‮.‬

وانتقد الناشط الحقوقي‮ ‬نجاد البرعي‮ ‬رئيس جماعة تنمية الديمقرطية عدم وجود تغيير جوهري بين الجهاز الجديد وسابقه،‮ ‬قائلا‮: ‬الجهاز الجديد مش بعيد عن امن الدولة،‮ ‬هم‮ ‬غيروا الأسماء فقط ولكن لم‮ ‬يحدث تغيير جوهري بينهما،‭ ‬وبغض النظر عن المسميات فنحن بحاجة إلي جهاز تكون مهمته جمع المعلومات وإعطاؤها لصناع القرار بعيدا عن التحقيقات ولا‮ ‬يتدخل في مجري سيرها‮.‬

وقال حافظ أبوسعدة مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن قرار تشكيل الجهاز الجديد‮ ‬يحمل مصطلحات فضفاضة كمصطلح الإرهاب‮ ‬غير المحدد في قانون العقوبات‮.. ‬واستبعد‮ "‬سعدة‮" ‬حيدة الجهاز عن طريقه بالتضييق علي الحريات العامة،‮ ‬مشيرا الي ان خضوعه للقضاء‮ ‬يحول دون ذلك وقال‮: "‬لا‮ ‬يجب أن نخاف‮".‬

بينما اعتبر أيمن عقيل مدير مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية أن مصطلح مكافحة الإرهاب الوارد في القرار مطاط،‮ ‬كما أنه لا‮ ‬يوجد أي معيار واضح لتحديده،‮ ‬مشيرا إلي وجود‮ ‬103‮ ‬تعريفات لمصطلح الإرهاب علي مستوي العالم،‮ ‬مؤكدا أن عدم وجود تعريف واضح لهذا المصطلح هو السبب وراء تعطيل صدور قانون مكافحة الإرهاب بالبلاد حتي الآن‮.‬

ولكنه أضاف أنها بداية جيدة والنصوص مقبولة شكلا،‮ ‬ولكن العبرة بالتطبيق،‮ ‬والرهان الآن عدم خروج القائمين علي القطاع عن النطاق المقبول وإساءة استخدام السلطة‮.‬

وقال‮ "‬عقيل‮" ‬في اي دولة ديمقراطية فإن هناك قيودا علي الحريات العامة بنسب متفاوتة،‮ ‬ولكن في المقابل توجد هناك منظمات حقوقية قوية تدافع عن المجتمع،‮ ‬وهو ما لم‮ ‬يكن متوفراً‮ ‬بالبلاد قبل الثورة،‮ ‬ولكن الآن لم‮ ‬يعد كذلك،‮ ‬‭ ‬وسوف‮ ‬يزداد دورها من حيث المتابعة والتقييم‮.‬

في حين اعرب محسن بهنسي رئيس مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان عن حزنه لعدم حل جهاز أمن الدولة بشكل كلي قائلا‮: ‬كنت آمل ان‮ ‬يحدث نوع من انواع الحل الكلي لأمن الدولة لأنها كثفت جهودها علي مدار سنوات حكم‮ "‬مبارك‮" ‬علي قضايا محددة‮: ‬التعذيب والاعتقال والاختفاء والاحتجاز القسري‮"‬،‮ ‬معتبرا الإبقاء علي بعض من اشخاصها هو استبقاء لنفس المنهجية في التفكير في العمل حتي لو اختلق جهاز جديد بمسمي آخر‮.‬

وشدد‮ "‬بهنسي‮" ‬علي ضرورة توافر الصدق والأداء المبني علي اسس علمية في العاملين بهذا القطاع،‮ ‬مشيرا الي ضرورة عقد وزارة الداخلية مؤتمرا عاما تشارك فيه منظمات المجتمع المدني والاحزاب والقضاة والاعلام والهيئات التعليمية لدراسة خلق منظومة أمنية بمقتضي معايير محددة‮.‬