بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

ما تفسير قوله تعالى فى سورة الرحمن {كل يوم هو فى شأن } ؟

بوابة الوفد الإلكترونية

التدبر فى القرآن الكريم من صفات المؤمنين ومن اسباب زيادة الايمان ويقول الله تعالى{يسأله من فى السموات والأرض كل يوم هو فى شأن } الرحمن : 29،.

 

هذه الآية فيها جملتان ، الأولى " يسأله من فى السموات والأرض " ومعناها أن كل المخلوقات محتاجة إليه ، تطلب منه بلسان حالها أو مقالها كل ما تريده من رزق ورحمة ومغفرة وما إلى ذلك ، والجملة الثانية هى {كل يوم هو فى شأن } والكلام فى تفسيرها كثير، ولكن يجب أن نعلم أن الله سبحانه علم كل شيء قبل أن يخلقه ، وكتب فى اللوح المحفوظ ما سيكون عليه كل مخلوق وما يجرى على العالم كله ، فعلمه سبحانه لا يتغير فى أى يوم من الأيام ، أى مطلقا ، سواء أردنا بالأيام أيام الدنيا ، أو أردنا أنها يومان ، يوم للدنيا ويوم للآخرة، وهو بقدرته سبحانه ينفذ مضمون علمه ، وذلك يقتضى إشرافه الدائم على شئون خلقه ، لا يشغله شأن عن شأن ، فهو ليس مثلنا إذا شغلنا بشيء شغلنا عن الآخر فى اللحظة الواحدة، على حد قوله تعالى{ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه }الأحزاب : 4 .

 

وهو بوجوده الدائم وألوهيته المستمرة حاضر لا يغيب ، مسيطر على الكون كله ، ومنصرف فيه بقدرته حسب علمه وإرادته ، يولج الليل فى النهار و يولج النهار فى الليل ، ويخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ويشفى سقيما ويسقم سليما ، ويبتلى معافى ويعافى مبتلى ويعز ذليلا ويذل عزيزا ، ويفقر غنيا ويغنى فقيرا إلى غير ذلك من سائر التصرفات ، وهى كلها -كما عبر بعض الكاتبين - أمور يبديها ولا

يبتديها ، أى يظهرها للناس وهى معلومة له من قبل ، فلا يبدأ عملها عند وجودها .


والإله الذى بهذا الوصف لا يمكن حصر أفعاله ولا أوامره التى ينفذ بها مقاديره ، قال تعالى {ولو أنما فى الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم }لقمان : 27،وقال {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا}الكهف : 109 ،وهو وحده القادر على السيطرة على العالم كله ، كما قال سبحانه : {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعد5} فاطر: 41 .


وبعد، فإن قوله تعالى {يسأله من فى السموات والأرض كل يوم هو فى شأن } يقوى فينا الإيمان بالحاجة الدائمة إليه ، فلا نرجو أحدا سواه ، لأنه حاضر لا يغيب ، يجيب المضطر إذا دعاه ، ويستجيب لمن ناداه {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد} فاطر:15،{فسبحان الذى بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون } يس 83.