بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

أرواحنا باتت معذبة

إحدى الظواهر الدخيلة على مجتمعنا المصرى ، والتى باتت تهدد كل بيت فى أمنه وأمانه ، هى القتل فلا نكاد نفيق من هول جريمة  ، حتى نروع  بأحداث جريمة قتل أبشع من سابقتها ، فما الذى أصاب النوازع الوجدانية والروحية ؟ ماالذى أصاب مفاهيم القيم والمبادئ التى بدأت فى الإنحسار ،

  حتى أصبح الإحترام والتقدير والرضا عن الذات فى انهيار ، فعمت الفوضى وزاد الإنحراف ، مفرداتنا وحواراتنا حتى أشعارنا تتسم بالسواد والألم ، فالغيوم زائفة والسماء معكوسة ،وتظل الروح قلقة معذبة  ، بين التمزيق والضياع  ، لم يعد القتل مقصورا على السلاح الأبيض ، بل تعداه الى السلاح الآلى لحصد أكبر عدد من الأرواح ، المجرم لم يعد البلطجى أرباب السوابق ، بل أصبح شخصا عاديا ، سجله التاريخى لايبعث على الإجرام ، نتابع بشكل يومى قتل الآباء لفلذات الأكباد ، قتل  الوالدين ، والسطو المسلح المقترن بالقتل ، حوادث الإغتصاب ثم قتل الضحية  ، القاتل ممكن أن يكون طفلا فى عمر المراهقة ومادونها ، فهذا طفل يشق بطن طفل آخر فتخرج أحشاؤه بدافع من أمه ، طالب يقتل زميله بسلاح يحمله بين طيات كتب الدين وكراسة التاريخ  ، لأنه رفض أن يغششه فى الإمتحان ،القسوة والوحشية تمزق أوصالنا ، تفجر الدموع فى مآقينا ، كيف كنا وكيف أصبحنا عشوائية وفوضى ؟ لماذا أصبح القتل شيئا عاديا ، لم نعد ننتفض أو نرتعد لبشاعته ، هل أصبح المصرى كل هذا الجبروت ؟ تنازعه أهواؤه فيسير فى مسلك الضلالة يلطخ يداه بدماء الأحبة ،  دون أن يحرك ساكنا ؟ هل كان المصرى مخلصا وفيا كالنيل ، يمنح كرما طيبا والآن لم يعد المصرى الأصيل ؟ الذى أنبتت يديه سنابل الخير والرحمة ، فيزيل دبيب الخوف ، ويبدد ظلمة الدرب ، هل تهدمت صورة المصرى العظيم ذى الحضارة والتاريخ ؟ إنه الإنهيار الأخلاقى والتدهور الثقافى ، وغياب الضمير بفعل الفقر والجوع والبطالة ، جميعها أسباب قادرة على تشويه القيم وأصبح الخطف والسرقة من سمات العصر ، الفضائيات  أصبحت تشكل جزءا أساسيا من مكونات النسيج الثقافى للمجتمع ، تستنفذ وقت الجمهور خاصة الشباب ، بما تبثه من مواد وبرامج

تافهه خالية من الموضوعية  لتشغل الأذهان على مدار الساعة ، فما تقدمه يتسم  بالصخب والإيقاع السريع ،  ووسائل الإبهار لجذب الإنتباه ، هذه السطحية تبعث على التخلف والتأخر ، المفردات أصبحت تخلو من الذوق والرقى ، والبديل التمرد والإنحطاط سوقية وصراخ ، وأصبحت الشتائم بين كبار المسئولين طوفانا يتهددنا ، بعض القنوات الدينية تتبارى فى إستخدام المفردات التى يعف اللسان عن ذكرها متجاهلة دورها الرئيسى فى الموعظة الحسنة مما يسقطنا فى هوة الإنحدار الفكرى والعقلى ، أما عزوف الشباب عن القراءة ،  وتغييبه عن واقعه بسبب الإنترنت يؤثر بشكل خطير فى تشكيل وعيه ،  فاذدادت معاول الهدم للإنسان المصرى وارتكبت الجرائم ضد الوطن وضد الإنسانية ،هناك داع للقلق والخوف على مصير أبنائنا وأحفادنا
قمنا بثورة عظيمة ، لكن كيف يعود الإنضباط الى الشارع المصرى ؟ فليطبق القانون بكل حزم وقوة ، على الإعلام أن يسعى لدعم العوامل الثقافية البناءة ، وأن ينفى موروثنا الثقافى المرتبط بالخرافات والشعوذة ، وبث برامج تكرس القيم الإنسانية بيننا وبين دول العالم ، دون المساس بهويتنا العربية والإسلامية ،تطوير التعليم كخطوة أولى ، وتدعيم الفكر الإيجابى والسلوك المتطور الهادف، مما يساهم فى بناء الوعى السياسى ، خاصة ونحن نتطلع الى مستقبل يعيد الينا التوازن فى الحياة من أجل نهضة تنموية وفكرية ،بدون ذلك لن نتخلص من مشاعر الكراهية والحقد والجشع ، تلك المشاعر السلبية التى مبعثها عدم الرضا عن الذات ، والخوف من مجهول آت