بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

العاصمة الإدارية.. حلم أصبح حقيقة

بوابة الوفد الإلكترونية

إنشاء عاصمة إدارية جديدة بعيدا عن زحام القاهرة، كان حلما، وأصبح حقيقة، فبعد سنوات من التخطيط والتنفيذ صار بإمكان الحكومة أن تنتقل إلى العاصمة الإدارية خلال العام الجارى بشكل كامل.
جهود ضخمة بذلتها الدولة خلال السنوات القليلة الماضية لإنجاز هذا المشروع العملاق والذى كان الشك يحاصره من عدة جوانب وخاصة صعوبة التنفيذ، إلا أن سواعد العمال المصريين أثبتت العكس، وأصبح الانتقال للعاصمة الجديدة واقعا حقيقيا دون صعوبات.
50 مليار جنيه هى تكلفة إنشاء الحى الحكومى بالعاصمة بنسبة تنفيذ اقتربت من 100%، ويقع على مساحة 1.5 مليون متر بما يعادل 150 فدانًا ويشمل 10 مجمعات وزارية بإجمالى 34 وزارة، إضافة لمبنى رئاسة مجلس الوزراء ومبنى مجلس النواب ومحور رئيسى يتوسط المبانى الوزارية بمسطح 430 ألف متر.
وتم الانتهاء من العديد من المشروعات الرئيسية فى العاصمة أبرزها المشروعات الخاصة بمصادر المياه الرئيسية، ومشروعات الصرف الصحى، ومشروعات التغذية الرئيسية بالكهرباء، فضلا عن مشروع إنشاء البنية التحتية لشبكات الاتصالات داخل العاصمة.
ورغم تخوفات البعض سواء موظفين أو مواطنين من بعد المسافة بين القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة إلا أن الحكومة وفرت وسائل مواصلات للعاصمة الإدارية، كما أقامت مشروع سكنى لموظفى العاصمة الذين تقرر نقلهم للعمل فيها.
فى هذا الملف نرصد آخر مستجدات المشروعات فى العاصمة الإدارية وموقف الموظفين الذين سيتم نقلهم لها، وإعادة هيكلة الوزارات والجهات الحكومية، فضلا عن كيفية استغلال المبانى القديمة للوزارات والجهات الحكومية التى سيتم إخلاؤها بعد الانتقال نهاية العام الجارى.

 

مساكن ومدارس لـ 50 ألف موظف
منذ الإعلان عن انتقال الوزارات إلى العاصمة الإدارية ومعها أكثر من 50 ألف موظف، أثيرت الكثير من التساؤلات حول مصير وأحوال هذا العدد الكبير من الموظفين بعد الانتقال.
وكشفت الحكومة عن عدد من الحوافز التى سيتم منحها لهؤلاء الموظفين، ومن أبرزها توفير وحدات سكنية متوسطة فى مدينة بدر التى لا تبعد عن العاصمة الإدارية سوى عدة كيلومترات، وتوفير وسائل نقل من هذه المساكن إلى الوزارات تسهيلا على الموظفين، فضلا عن الوحدات فى الحى السكنى بالعاصمة، وصرف بدل انتقال للموظف يستخدمه لتغطية نفقات المواصلات اليومية، سواء كان سينتقل عن طريق استخدام سيارته الخاصة، أو عن طريق وسائل المواصلات العامة.
فى هذا الصدد، قال الدكتور هانى محمود، مستشار رئيس الوزراء للإصلاح الإدارى، إن أكثر من 50 ألف موظف سيتم نقلهم إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وسيكونون جاهزين للنقل نهاية يونيو المقبل.
وأضاف «محمود»، أن اختيار هؤلاء الموظفين كان بناء على ترشيحات الوزارات، مشيرا إلى أنه سيتم نقل دواوين الوزارات، ومعها مجلس النواب والشيوخ ورئاسة مجلس الوزراء.
وأوضح مستشار رئيس الوزراء للإصلاح الإدارى، أن كل وزارة اختارت العدد الذى سينتقل معها للعاصمة الجديدة، وتم حصر الموظفين من خلال جهاز التنظيم والإدارة، وعمل تقييم للقدرات فى 4 مجالات هي: «اللغات العربية والإنجليزية ومهارات الحاسب الآلى والمهارات الشخصية»، ثم ظهرت النتائج وبعدها تم إدخالها على برنامج آخر أظهر لكل موظف الدورات التدريبية التى سيحتاجها قبل الانتقال.
ولفت إلى أن العمل الإدارى فى العاصمة الجديدة سيكون كله من خلال سيستم رقمى بدون أوراق، ووزارة الاتصالات تقوم بدور كبير فى هذا الصدد، حيث يتم حاليا أرشفة جميع الأوراق والمستندات الحكومية إلكترونيا.
«تدريب الموظفين بدأ منذ شهر سبتمبر الماضى وجزء من التدريب انتهى والجزء الآخر سيستمر حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي»، هذا ما أكد عليه مستشار رئيس الوزراء، موضحا أن تعامل موظفى العاصمة الإدارية مع باقى الموظفين فى مختلف المحافظات سيكون من خلال ربط إلكترونى بين العاصمة وكل الأجهزة الحكومية فى المحافظات، تعمل عليه وزارة الاتصالات والقوات المسلحة حاليا، وهذا الربط سيؤدى إلى تحسن فى أداء الخدمات الحكومية للمواطنين فى النهاية خاصة مع زيادة الخدمات المقدمة على بوابة مصر الرقمية.
من جانبه، قال الدكتور صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، إنه تم الانتهاء من تدريب 18 ألفًا و694 موظفًا من المرشحين للانتقال للعاصمة الإدارية.
وأضاف «الشيخ»، أن الجهاز يواصل أعمال تدريب الموظفين على حزمة برامج أساسية، تنفذ بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، مع الالتزام بتطبيق جميع الاجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، حيث تم تدريب 13 ألفًا و428 موظفًا، بالتوازى مع مواصلة التدريب على حزم برامج الجدارات، حيث انتهى الجهاز من تدريب 5 آلاف و224 موظفا، وبدأ فى التدريب على حزم البرامج التخصصية، وينفذ حاليا تدريب الإدارة المالية للموظفين العاملين فى الشئون المالية، بالتعاون مع وزارة المالية وتم تدريب 42 موظفا.
وأوضح رئيس جهاز التنظيم والإدارة، أن الخطة التنفيذية لتدريب موظفى الجهاز الإدارى للدولة المرشحين للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، تشمل حزمة برامج أساسية تقدم لكل المرشحين، وتشمل تزويد الموظفين بالموضوعات المتعلقة برفع الوعى الوطنى وباللياقة الوظيفية، ومفاهيم وأبعاد الأمن القومى، وتحديات الأمن القومى المصرى، وشرح مفهوم حروب الجيل الرابع، ومقومات نجاح الدولة، ونطاقات الأمن القومى، والتوعية بمؤسسات الدولة المصرية والمشروعات الكبرى التى يتم تنفيذها فى المجالات المختلفة، ومفاهيم الحوكمة ومكافحة الفساد، فضلا عن أساسيات الكتابة الرسمية باللغة العربية والمهارات الأساسية لاستخدام الحاسب الآلى.
كما تضم الخطة تدريب الموظفين على حزمة برامج، وفى هذا الإطار تم الانتهاء من إعداد «كارت» تدريبى لكل موظف مرشح للانتقال، بحيث يكون المتدرب مستجيبا للاحتياجات من الجدارات السلوكية التى تم التقييم على أساسها، وعليه سيتم تدريب من يحتاج إلى جدارة معينة وفقا للتقييم، وتشمل هذه الجدارات السلوكية كلا من الدافعية للإنجاز، والاتزان الوجدانى، وفعالية الاتصال، وكفاءة التعامل مع الواقع، وكفاءة الأداء، والانفتاح على الخبرة، والثقة بالنفس، والعمل الجماعى، واتخاذ القرار، وإدارة الوقت.
وتشمل الخطة التدريبية أيضا حزمة البرامج التخصصية، حيث يتم تدريب كل مجموعة فى مجال عملها مثل استكمال تدريب الموارد البشرية، وتدريب العاملين بإدارة التعاقدات، وتدريب العاملين بالشئون القانونية، ويتم التنسيق فى هذه البرامج مع الوزارات والأجهزة المعنية كل فيما يخصه، كما تشمل حزمة برامج التطبيقات من خلال تدريب عملى على كيفية إجادة استعمال التطبيقات المقرر تعميمها فى العاصمة الإدارية الجديدة بحيث يكون الموظفون المنتقلون على دراية كاملة قبل الانتقال بكيفية تشغيل واستخدام هذه البرامج.
وكشف مجلس الوزراء، أنه سيتم تقديم مجموعة من الحوافز تتضمن بدل انتقال للموظف يستخدمه لتغطية نفقات المواصلات اليومية، سواء كان سينتقل عن طريق استخدام سيارته الخاصة، أو عن طريق وسائل المواصلات العامة.
وتشمل الحوافز توفير وحدات سكنية إسكان متوسط فى مدينة بدر، للموظفين الذين يرغبون فى الانتقال للإقامة بجوار العاصمة الإدارية، مع تيسيرات فى السداد تمتد على مدار 10 سنوات، حيث إن قيمة الوحدة مخصوم منه قيمة الأرض، وتكاليف المرافق، من أجل تخفيض قيمتها كنوع من التحفيز للموظفين المنتقلين للعمل بالعاصمة، بخلاف الوحدات السكنية المتوفرة بتيسيرات سداد فى الحى السكنى R3 وعدد من أحياء العاصمة الإدارية.
وحول مشروع سكن العاملين بالعاصمة، قال المهندس عمرو خطاب، المتحدث الرسمى باسم وزارة الإسكان، إن المشروع سيتم تسليمه بشكل كامل خلال شهر مارس المقبل، مؤكدا أن العمل جار بشكل مكثف لإنهاء المشروع فى موعده، خاصة أن نسب التنفيذ لعدد من المبانى الخدمية وصلت إلى 100%. ويبعد مكان سكن الموظفين عن العاصمة حوالى 15 كيلومترا، ويتكون من 376 عمارة تضم أكثر من 9 آلاف وحدة سكنية، وتتكون كل عمارة من 6 أدوار، بواقع 4 شقق بكل دور.
كما تم الانتهاء من تنفيذ مدرسة تعليم أساسى بموقع المشروع بجانب حضانة ومدرسة ثانوية، ويجرى العمل حاليا لتنفيذ ملاعب وأسواق ووحدات صحية وغيرها من الخدمات.
ومن المقرر ربط المشروع بالعاصمة الإدارية من خلال مشروع القطار المكهرب، حيث تم تنفيذ محطة صممت خصيصا لخدمة الموقع وسكانه ونقلهم من مكان سكنهم إلى مكان عملهم والعكس.

 

هيكلة المؤسسات وتأهيل الشباب قبل عملية النقل
فى خطوة تستهدف التجهيز للانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، أعلن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، يتولى بالتعاون مع إحدى المؤسسات العالمية، إعادة هيكلة الوزارات والهيئات والجهات التابعة لها.
وأكد «مدبولى»، ضرورة متابعة كل وزير بنفسه لهذه الإجراءات، وحضور الاجتماعات مع رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، لمراجعة المقترحات الخاصة بهذا الشأن، واعتماد الهياكل الجديدة لكل الوزارات.
من جانبها، قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن الوزارة تعمل على إعادة هيكلة الوزارات والهيئات الحكومية، من خلال إضافة وحدات للمراجعة الداخلية والتدقيق، لمساعدة الموظفين على عدم ارتكاب أخطاء.
وأضافت «السعيد»، أن هناك تأهيلًا وإعدادًا لعدد كبير من الشباب لتولى مناصب قيادية، من خلال وحدات الموارد البشرية بالهيئات الحكومية، والأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، موضحة أن نقل الوزارات إلى العاصمة الإدارية سيكون بشكلى مرحلى، بداية من منتصف العام المقبل، وينتهى بنهاية عام 2021.
وقال الدكتور صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، إن إجمالى عدد الجهات المنتقلة للعاصمة الإدارية الجديدة يبلغ 119 جهة، سواء كانت هذه الجهات سيتم انتقالها بشكل كلى، أو تمثيل جزئى، أو من خلال تمثيل قيادات فقط، موضحا أنه سيتم انتقال رئاسة مجلس الوزراء، إلى جانب انتقال 31 وزارة، كما أن هناك جهات تابعة للوزارات ستنتقل بشكل كامل ويصل عددها إلى 45 جهة، فضلا عن جهات تابعة للوزارات وستنتقل من خلال التمثيل الجزئى ويبلغ عددها 4 جهات، بينما يصل عدد الجهات التى ستنتقل كتمثيل قيادات فقط إلى 17 جهة، إلى جانب جهات (تحت الإنشاء) ويبلغ عددها 4 جهات.أما الجهات المستقلة المنتقلة بشكل كامل فيصل عددها إلى 13 جهة، وهناك جهة واحدة مستقلة سيتم انتقالها كتمثيل قيادات فقط، و3 جهات مستقلة أخرى سيتم انتقالها كتمثيل جزئى.
ولفت «الشيخ»، إلى أن العاصمة الإدارية ستحدث نقلة نوعية للجهاز الإدارى للدولة، حيث إن الخدمات الحكومية ستقدم من خلال البوابات الإلكترونية المعدة من قبل كافة الجهات، أو من خلال الخدمات المباشرة والتى ستكون من خلال مقر الوزارات بالقاهرة للتيسير على المواطنين.
وأضاف رئيس جهاز التنظيم والإدارة، أن منظومة العمل الإلكترونية سهلة وتم إعادة هيكلة الخطوات والربط مع 50% من الجهات المختلفة، إضافة إلى الربط مع كافة الوزارات لربط المشروع بمشروع الذاكرة المؤسسية الذى يعد جزءًا من استراتيجية الجهاز للتحول الرقمى.
وأشار إلى أن الحكومة المصرية عملت على إنشاء وحدات للتحول الرقمى فى كافة الوزارات ويتم التوسع فى إنشائها فى كافة المحافظات للتيسير على المواطنين، منوها بأن خطة الإصلاح الإدارى تتضمن عددًا من المحاور أبرزها الإصلاح التشريعى وبناء وتنمية القدرات لكى يتم تقديم الخدمات بشكل يسير، ورفع كفاءة الخدمات العامة.
وأوضح أن هناك ربطًا لقواعد البيانات، إضافة إلى مشروع ضخم تديره الدولة المصرية ويتم تحديث الملف الوظيفى لكافة الموظفين فى الدولة، حيث تم جمع بيانات أكثر من 2 مليون موظف بالدولة.
وقال الدكتور على الإدريسى، أستاذ الاقتصاد ونائب الرئيس التنفيذى بمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن إعادة الهيكلة تعنى تطوير الخدمات الحكومية وتقديمها للمواطنين والمستثمرين بشكل غير تقليدى إلكترونى، وبالتالى التحول إلى العاصمة الذكية.
وأضاف الإدريسى، أن تكليف الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة مع مؤسسة عالمية بإعادة الهيكلة جاء للاستفادة من الخبرات العالمية المختلفة فى هذا المجال، حتى لا تؤثر عملية الانتقال للحكومة الرقمية بالسلب على المواطنين والمستثمرين، مشيرا إلى أن هذا الأمر سوف يؤدى إلى محاربة الفساد الإدارى وتسهيل الإجراءات وتوفير الوقت والجهد على الجميع، قائلا: «نحن نغير مفهوم وأداء الجهاز الإدارى للأفضل».

 

مقرات الوزارات القديمة تتحول إلى فنادق ومتاحف
عقب انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية، سيتم إخلاء عشرات المبانى التى كانت تتخذها كمقرات فى القاهرة.. والسؤال: ما هو مصير تلك المقرات؟.. الحكومة أجابت عن السؤال بإعلانها تحويل ملكية أصولها فى القاهرة إلى الصندوق السيادى المصرى من أجل استغلالها الاستغلال الأمثل لتدر عائدا اقتصاديا واستثماريا للدولة.
وتشمل المقرات الحكومية مجموعة من المبانى التاريخية الأثرية، التى قد تكون عقبة أمام المسئولين عند التفكير فى مصيرها عقب الإخلاء، فهل سيتم طرحها على المستثمرين مثل باقى المقرات ؟ أم يتم الاحتفاظ بها ملكًا للدولة والتعامل معها بشكل آخر، وأبرز هذه الوزارات الأثرية التربية والتعليم والإسكان والإنتاج الحربى.
وكانت الحكومة تتجه إلى تأسيس شركة تابعة للعاصمة الادارية تؤول إليها جميع المبانى والوزارات التى لها نظير فى الحى الحكومى بالعاصمة الجديدة، إلا أنها تراجعت عن الفكرة وقررت نقل هذه الأصول إلى صندوق مصر السيادى لصالح شركة العاصمة الادارية.
وقال اللواء أحمد زكى عابدين، رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية، إن الشركة ستمتلك أسهمًا فى الصندوق السيادى بما يعادل قيمة هذه المقار، والمقدرة بحوالى 50 مليار جنيه، مع حصولها على عائد استغلال هذه الأصول بما يعادل الأسهم.
ووضعت الحكومة برنامجا متكاملا لتنفيذ رؤية شاملة للاستفادة من أصول الدولة غير المستغلة، من خلال توفير مقرات لهيئات وأجهزة تابعة للدولة، وبالتالى تحقيق وفر للموازنة العامة، إضافة إلى التنسيق مع لجنة الانتقال إلى العاصمة الإدارية لدراسة الاستغلال الأمثل للعقارات التى سيتم إخلاؤها والتنسيق مع لجنة الحفاظ على القاهرة التراثية لحسن استغلال المبانى ضمن المناطق التراثية واستغلالها بمخطط أكثر شمولية.
ويرتكز صندوق مصر السيادى بشكل رئيسى على الاستثمار المحلى، من خلال الاستثمار فى الأصول والشركات القائمة حاليا أو فى مشاريع ومناطق جديدة، بهدف استغلال كافة الفرص الاستثمارية المتاحة، بما فى ذلك الأراضى والمبانى لخلق شراكة مع المستثمرين من القطاع الخاص من أجل ضخ رؤوس الأموال ووضع استراتيجيات الإدارة المتقدمة لتحقيق عوائد أعلى وخلق مزيد من فرص العمل للمواطنين.
وبجانب الوزارات، كشف أيمن سليمان، المدير التنفيذى لصندوق مصر السيادى، أنه سيجرى طرح مجمع التحرير على المستثمرين، لإقامة غرف فندقية وخدمات طبية وإدارية، مع تطوير المنطقة، وكذلك طرح أرض الحزب الوطنى التى يتكالب عليها المستثمرون.
فى هذا السياق، قال الدكتور على الإدريسى، أستاذ الاقتصاد ونائب الرئيس التنفيذى لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن التعامل مع المبانى القديمة للوزارات والجهات الحكومية بعد الانتقال للعاصمة الإدارية سيكون من خلال الصندوق السيادى الذى ستنتقل إليه هذه الأصول التى ستصبح غير مستغلة بعد إخلائها.
وأضاف «الإدريسى» أن الصندوق سيبحث أوجه الاستثمار والاستغلال الأمثل لهذه الأصول حسب كل حالة، وغالبا ما سيتم الاستفادة منها فى قطاع السياحة وتحويل معظمها إلى فنادق أو متاحف، خاصة وأن موقعها استراتيجى فى قلب القاهرة، فالمبانى القديمة للوزارات غير الأثرية مثل الخارجية والجهات الحكومية مثل مجمع التحرير من الممكن تحويلها إلى فنادق، بينما المبانى الأثرية ستتحول إلى متاحف ومزارات سياحية.
وأوضح أن عددا كبيرا من عواصم

دول العالم حاليا بهذا الشكل ويتم استغلالها فى الجذب السياحى، مثل باريس الفرنسية ومدريد الاسبانية وطوكيو اليابانية وغيرها، قائلا، «اللى هيحصل فى مبانى الوزارات شيء طبيعى وإحنا تأخرنا فى تنفيذه».
ولفت «الإدريسى» إلى أن استغلال واستثمار هذه المبانى سيكون من خلال مفهوم الشراكة مع القطاع الخاص، وبالتالى ضمان أرباح وإيرادات كبيرة للموازنة العامة للدولة لسنوات طويلة، فالدولة ستكون شريكا بالأرض والمبانى، والقطاع الخاص سيقوم بدوره فى التطوير والتسويق للخدمات التى سيتم تقديمها، كما يمكن أن يكون الاستثمار بنظام حق الانتفاع لمدة 25 عاما ثم تعود المبانى للدولة.
وتابع: «هذا نوع من أنواع الاستثمار المشترك الذى يحافظ على أصول الدولة، وفكرة البيع بشكل نهائى مستحيلة لأنها تقع فى مناطق حيوية جدا، وستدر مليارات للدولة بشكل سنوي».
وقال الدكتور سامح العلايلى، عميد كلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة الأسبق، إن مبانى الوزارات تاريخية يجب الحفاظ عليها وعدم الاقتراب من فكرة هدمها إطلاقا.
وأضاف «العلايلى»، أنه من الممكن استغلال هذه المبانى فى تحويلها إلى مراكز ثقافية وسياحية، لأنها مبانٍ تاريخية وكثافتها منخفضة فمعظمها دوران أو ثلاثة، وبالتالى فهى لا تُحمل على المدينة بأى شيء ضار، مقارنة بمبانٍ أخرى عشوائية تؤثر على البنية التحتية والخدمات المقدمة.
وعن مبنى مجمع التحرير، طالب العلايلىب بأن يتم استغلاله بالشكل الأمثل، وإذا أرادت الدولة تحويله إلى فندق، فمن الأفضل تعديل تصميماته الداخلية ليكون من الفنادق ذات الثلاث نجوم، لأن السياحة ليست فنادق 5 أو 7 نجوم المنتشرة فى العاصمة فقط، وإنما هناك سائحون ومواطنون يريدون حجز الفندق من أجل النوم والأكل فقط، ونحن نحتاج إلى هذا النوع من الفنادق حاليا إضافة إلى أنه سيحقق أرباحا أكيدة بتكلفة أقل.
من جانبه قال سامح الزهار، الباحث المتخصص فى الآثار الإسلامية والقبطية، إن القاهرة مليئة بالمبانى الأثرية التى تشغلها الجهات الحكومية، والتى يجب استغلالها بشكل جيد عقب الانتقال للعاصمة الإدارية.
وطالب «الزهار»، بالاستفادة من تلك الأبنية وتحويلها إلى مزارات أثرية وتاريخية، تفتح أبوابها أمام الزوار للاستمتاع بها والتعرف على تاريخ مصر من خلالها، إلى جانب فتحها لتكون دروبا جديدة للباحثين من الأثريين والمعماريين والمؤرخين حول ماهية تلك الأبنية وإمكانية تطبيق الدراسات العلمية الحديثة عليها.
وأوضح «الزهار» أن أهم المبانى الحكومية الأثرية تقع فى منطقة المنيرة، وكان اسمها القديم (الإنشاء) فى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، والتى اشتهرت فى ذلك الوقت بوجود عدد من القصور الفخمة الثرية معماريا وفنيا. وبنى فيها الخديوى إسماعيل 3 قصور لبناته، وكان كل قصر على مساحة حوالى 9 أفدنة، الأول منها كان لابنته بالتبنى «فائقة» وتشغله حاليا وزارة التربية والتعليم، ويعود تاريخ القصر إلى سنة 1874، واستخدمته الحكومة فيما بعد فى عام 1931 عندما استأجرته نظارة المعارف ليكون مقرا لها، ثم وزارة التربية والتعليم ليستمر حتى اليوم.
وعن وصف القصر، قال «الزهار» إنه يتكون من طابقين يربط بينهما سلم رخامى كبير ذو فرعين ويضم العديد من القاعات منها قاعة بالطابق الأرضى يطلق عليها القاعة العربية، لأن الزخارف متأثرة بالطراز الأندلسى، والجدران تحتوى على زخارف نباتية وهندسية منفذة على الخشب، أما السقف فهو عبارة عن براطيم خشبية تتخللها أيضا زخارف نباتية وهندسية ملونة ويحيط بالسقف إزار يشتمل على زخارف كتابية تتخللها آيات قرآنية.
أما القصر الثانى، فقد بناه الخديو إسماعيل لابنته الأميرة جميلة، وهى زوجة محرم باشا بن كينج شاهين، ناظر الجهادية سنة 1879م، ويشغل الآن موقعه 3 وزارات هى «الإسكان» فى مبنى القصر نفسه، ووزارتا «البحث العلمى» و«التموين» على أرض حديقته.
وبنى القصر الخديو الثالث للأميرة توحيدة زوجة منصور باشا، وشغلته لفترة وزارة الدفاع، ولكن بعد نهاية حكمه صادرت الدولة هذه القصور وتم تخصيصها إلى وزارات «التربية والتعليم والبحث العلمى والتموين والإنتاج الحربي».
وكشف «الزهار» عن أن حى المنيرة يضم أيضا ثلاثة قصور لإسماعيل المفتش الأول والذى توجد بموقعه الآن وزارة الداخلية، والثانى المبنى السابق لوزارة العدل، والثالث يطل على ميدان لاظوغلى وكانت تشغله لفترة رئاسة الوزراء ووزارة المالية والآن يتم ترميمه وتجديده.
وأوضح أن تاريخ هذه القصور يرجع إلى أنه أثناء تولى إسماعيل صديق نظارة المالية 1868–1876 ظل حائزا على رضا الخديوى اسماعيل وعطفه، لدرجة أنه قد أنعم عليه فى 25 أغسطس 1871 بأربعة منازل بمنطقة عابدين قيمتها 30000 جنيه كانت مشتراة لإعادة تخطيط منطقة عابدين.
وتابع: «من المبانى التاريخية المهمة التى تضمها منطقة وسط البلد، مبنى وزارة الأوقاف الذى يقع فى شارع صبرى أبو علم وهو عبارة عن مبنى تاريخى على طراز العمارة المملوكية، وتم بناء المبنى على 3 مراحل عام 1898، 1911 و1929 للمعمارى محمود فهمى كبير مهندسى الأوقاف».
وأضاف أن وزارة الأوقاف تحتفظ كذلك بعشرات المبانى التاريخية والأثرية الفخمة تستغلها مقرات لهيئاتها وإداراتها، مطالبا بتحويلها لمتاحف مفتوحة.


خبراء يضعون «روشتة» تخفيف الزحام فى القاهرة
منذ وضع القائد جوهر الصقلى حجر الأساس لبناء القاهرة فى عام 969م بأوامر من الخليفة الفاطمى المعز لدين الله الفاطمى، أصبحت القاهرة هى عاصمة مصر الإدارية والسياسية والثقافية، وقد استمر هذا الوضع خلال العصور المختلفة التى مرت على البلاد حتى يومنا هذا.
أكثر من 1050 عاما، كانت القاهرة فيها مركزا للسلطة والحكم، وقد أدى ذلك إلى الاهتمام بها اهتماما كبيرا من جانب مختلف الحكام والملوك، وأصبحت من أكثر المدن تنوعا ثقافيا وحضاريا، ومن أهم المدن العربية والأفريقية.
وقد ظل تمركز الحكم والإدارة فى القاهرة قرونا طويلة حتى عهد محمد على باشا، الذى كان ينتقل بكافة مصالح وهيئات الدولة ليقضى الصيف فى الإسكندرية، ثم جاء عام 1913، عندما قررت الحكومة المصرية برئاسة محمد سعيد باشا، شراء مقر صيفي لاجتماعات مجلس الوزراء فى الإسكندرية التى كانت عاصمة مصر لسنوات طويلة قبل القاهرة.
وفى ذلك يذكر على باشا مبارك فى كتاب الخطط التوفيقية، أن «الحكومة الخديوية فى زمن الخديوى توفيق وكذا من سبقهم من العائلة العلوية سارت على نفس سنة محمد على باشا من الانتقال إلى مدينة الإسكندرية، ويتبع ذلك انتقال الدواوين فيقيمون 3 أشهر فى رأس التين، ثم يعودون إلى القاهرة، وهذا ما كان متبعًا فى تلك الفترة».
ومع بداية عهد النظارات فى عصر الخديوى إسماعيل كانت المشكلة فى تحديد مقر الاجتماعات الصيفية لمجلس النظار، وذلك منذ نظارة نوبار باشا فى أغسطس عام 1878 وحتى تم شراء المقر الصيفى بمنطقة بولكلى، ليصبح مقرا للوزارات المصرية المتعاقبة فى الصيف حتى قيام ثورة يوليو عام 1952.
وفى أعقاب الثورة ألغى مصيف الوزارة فى الإسكندرية لأول مرة منذ نشأة النظارات والوزارات المصرية، وفى ذلك يذكر عبدالرحمن الرافعى، «أن وزارة على ماهر قررت بجلسة 24 يوليو، إلغاء تصييف الحكومة فى الإسكندرية وانتقالها إلى القاهرة ابتداء من يوم الاثنين 28 يوليو، وعقد أول اجتماع لمجلس الوزراء بالقاهرة صيفا يوم 30 يوليو سنة 1952م، وألغى مصيف الوزارة فى الإسكندرية من يومها».
ورغم الاهتمام الكبير بالقاهرة، إلا أن تواجد الوزارات والجهات الحكومية الإدارية بها طوال السنوات الماضية أدى إلى حدوث أزمة كبيرة فى الحركة المرورية والزحام فى الشوارع، نتيجة تردد المواطنين على هذه الجهات لقضاء مصالحهم، مما أدى إلى تشوه وجه القاهرة بالزحام وصعوبة الحركة فيها، وهو ما كان سببا– مع أسباب أخرى- فى التفكير فى بناء عاصمة إدارية جديدة لمصر، سوف تنتقل إليها الحكومة رسميا بنهاية العام الجارى، لتبقى المعضلة الأهم، وهى كيف سيتم استغلال المبانى الحكومية الموجودة فى قلب القاهرة؟
فى هذا الصدد، قال الدكتور مصطفى صبرى، أستاذ تصميم النقل وهندسة المرور بجامعة عين شمس، إن طبيعة الأنشطة التى ستتحول إليها مبانى الوزارات القديمة والجهات الحكومية هى العامل الرئيسى فى تحديد شكل القاهرة بعد الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
وأضاف صبرى، أنه فى حالة تحويل المبانى القديمة إلى أنشطة يتولد عنها قيام المواطنين بمزيد من الرحلات إلى القاهرة، فإن حركة المرور والزحام سيستمر، وإذا حدث العكس ولم تتولد رحلات عن الأنشطة الجديدة للمبانى فإن الوضع سيتحسن بشكل جيد.
وأوضح أستاذ تصميم النقل وهندسة المرور بجامعة عين شمس، أن تخفيض الرحلات والضغط على وسائل النقل سيكون مفيدا جدا لقلب القاهرة، أما إذا زادت الرحلات فيجب على المسئولين تغيير وإعادة طريقة التفكير والتخطيط لحركة المرور فى المدينة، ولكن المؤكد أن نقل الوزارات إلى العاصمة الإدارية سيؤدى إلى تخفيف الزحام الناتج عن انتقال وتردد المواطنين على الجهات الحكومية يوميا.
وتابع صبرى: «بجانب نقل الوزارات هناك عدد من المشروعات الضخمة للنقل الجماعى يتم تنفيذها الآن أبرزها المونوريل والقطار المكهرب، والتى ستؤدى بلا شك إلى تخفيف الزحام داخل القاهرة، لأنه ليس من المنطقى تشغيل هذه الوسائل الجديدة مع الوسائل القديمة من الاتوبيسات والمركبات الخاصة بنفس حجم التشغيل، وبالتالى حركة المرور ستكون أفضل».
وقال الدكتور سامح العلايلى، عميد كلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة الأسبق، إن انتقال الوزارات والموظفين إلى العاصمة الإدارية الجديدة لن يؤثر كثيرا على أزمة المرور والزحام التى تعانى منها القاهرة.
وأضاف العلايلى أن عدد الموظفين فى القاهرة يبلغ نحو مليون أو مليون و500 ألف موظف، سينتقل منهم إلى العاصمة الجديدة نحو 50 ألف موظف، أى أن العدد صغير بالنسبة للعدد الكلى للموظفين، وهذا العدد لن يؤثر كثيرا على الحركة المرورية والزحام.
وأوضح عميد كلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة الأسبق، أن السبب الرئيسى فى أزمة المرور والزحام فى القاهرة هو العشوائيات وزيادة عدد السكان، لأن القاهرة مدينة مترامية الأطراف وكبيرة جدا، ولذلك فإن الشكل العام للمدينة لن يتغير كثيرا بانتقال الوزارات والموظفين إلى العاصمة الإدارية الجديدة.