بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

إنشاء بورصة حبوب مصرية تنافس " ECX " الأثيوبية

منذ فترة أنشأت بورصة حبوب في أثيوبيا بمساعدة بعض الدول والهيئات الغير حكومية والمنظمات اليهودية الأمريكية والإسرائيلية ، لتكون مركزا تجاريا أفريقيا وسحب مركز التجارة من الشرق الأوسط وخاصة من مصر، على الرغم أن معظم الدول الأفريقية مستوردة للحبوب من الخارج

، وقامت بعض الجهات اليهودية غير الحكومية وخاصة منظمة الأراضي اليهودية بتأجير ملايين الأفدنة بنظام الانتفاع أو التأجير لفترات طويلة تصل إلى مائة عام في العديد من الدول الأفريقية خاصة أثيوبيا وجنوب السودان وبالاتجاه إلى دول الشمال الشرقي الأفريقية وذلك في تخطيط للمستقبل بعد التقارير التي أفادت بتناقص الأراضي الزراعية عالميا ،وحدوث تناقص وعدم استقرار في الكميات المعروضة عالميا من الحبوب خاصة القمح والذرة في الدول الرئيسية مثل روسيا وأوكرانيا وأستراليا، كما انه سوف تتعامل تلك البورصة التي تسمى بــ" ECX" في بعض المنتجات الزراعية الأخرى والتي تتميز فيها الدول الأفريقية بميزة نسبية وتنافسية عالمية وتحتكر إنتاجها لأنها تزرع فقط في تلك الدول نظرا لمتطلبات ظروف جوية معينة مثل " البن والشاي والتبغ والكاكاو "، بلغ حجم تعاملات تلك البورصة تجاريا في العام السابق نحو المليار دولار ، ومن المتوقع أن تقفز حجم تعاملاتها في السنوات القادمة ،حيث الاتجاه العالمي سوف يكون التركيز على أفريقيا لامتلاكها الأراضي الزراعية والمياه والعمالة، وينقصها فقط الأموال التي يقوم عليها تلك المشروعات ،ويعتبر تغلغل إسرائيل والمنظمات اليهودية في تلك الدول خطير بالنسبة لمصر والدول العربية حيث تسعى إلى الاستيلاء على مساحات ضخمة من الأراضي والتحكم في السلع الغذائية والمحاصيل الرئيسية، والتي يعتمد على استيرادها لسد العجز في الطلب عليها، وعدم إمكانية زيادة الإنتاج لمحدودية المساحة والمياه بما يتلاءم مع زيادة السكان.
واذا كانت مصر ومنطقة الشرق الأوسط لا تنتج الحبوب للتصدير فهذا لا يمنع إنشاء تلك البورصة، حيث أن وظيفة البورصة تحديد الأسعار ومحطة للتجارة، على غرار بورصة الدواجن والأسماك في مصر، وتفيد في محاولة تحديد السعر وفقا للعرض والطلب، وأيضاً توفير المعلومات التسويقية عن الكميات المنتجة والمستهلكة في الدول والتنبؤ باحتياجاتها مستقبلا والدخول إلى السوق الأفريقي والعالمي حيث تتمتع مصر بعوامل افضل بكثير من أثيوبيا مثل الموقع الذى يربط بين القارات ومعبر لسير حركة التجارة وإمكانية إنشاء قواعد بيانات، علاوة على امتلاك مصر للعقول التي تستطيع التخطيط وتنشيط تلك البورصة لتحظى بسمعه عالمية ،كما أن مصر لديها قدرات عالية في مجال الاتصالات تفوق غيرها، ولديها استقرار سياسيي عن الدول الأفريقية، عوامل كثيرة سوف تكون السبيل لنجاح تلك البورصة اذا توفرت لدى مصر النية في إنشائها للاستفادة من مميزاتها العديدة، وإنشاء تلك البورصة لا يكلف كثيرا للدولة، -" وهناك تجارب دولية يمكن الاستفادة منها مثل تركيا واليونان" - لكن يحتاج للتخطيط والتعاون مع الدول الأفريقية بشكل يحقق مصالح مصر ومصالح تلك الدول.
إن السوق الحر والنظام العالمي الجديد واتفاقية التجارة العالمية عوامل سوف لا تجعل أي دولة تفكر في الانغلاق أو الاكتفاء الذاتي بالأسلوب القديم يفيد اقتصادها أو توفير احتياجات شعبها، لان

المنافسة وفقا للمزايا النسبية والتنافسية للسلع المنتجة هي التي سوف تكون العامل الرئيسي في الإنتاج والا سوف تصبح الدولة مستورده وينعكس ذلك على الميزان التجاري للدولة والاقتصاد الكلى في النهاية، ولمواكبة النظام العالمي الجديد يتطلب تطوير الإدارة واستخدام التقنية الحديثة في الإنتاج لتقليل التكاليف وتحسين الجودة وتوفير المعلومات وتسهيل حركة التجارة وعقد الصفقات والدعاية الدولية وفتح الأسواق والإنتاج من اجل التصدير وفقا لمتطلبات السوق العالمي، وتنشيط الصادرات ليس بالأموال وإنما بإتاحة الفرص وفتح الأسواق التجارية وعقد اتفاقيات مع الدول الأفريقية خاصة حيث أن تلك الدول لا تتطلب مواصفات جودة عالية مثل الدول الأوروبية والعربية ،وبالتالي تستطيع مصر وبجهد قليل أن يكون لها حصة في تلك الأسواق خاصة في بعض المحاصيل والمنتجات مثل البصل والبطاطس والبرتقال والأرز وبعض السلع النصف مصنعة.
كما أن للتمثيل التجاري المصري دور كبير في تنشيط التجارة بين مصر والدول الأفريقية، واستحداث أسلوب جديد يتمشى مع الظروف الحالية وتغيير نظرة مصر لتلك الدول بان تلك الدول هي التي تحتاج مساعدة مصر ، والحقيقة أن مصر في اشد مساعدة تلك الدول، والتي تعتبر كنزا حيث تستفيد مصر من استيراد السلع والمواد الأولية بأسعار اقل من الأسعار العالمية، وتصدير بعض المنتجات سوف يوفر لها أموالاً ضخما في النهاية افضل بكثير من التركيز على الدول الأوروبية أو بالسير فلى الاتجاهين وعدم تجاهل السوق الأفريقي، ويساعد مصر فى ذلك أنها عضوا فى منظمة الكوميسا وبعض المنظمات الأفريقية، والتي يمكن أن تزيد فاعليتها فى الفترة القادمة ، وينعكس أيضاً على قضية المياه والتعامل مع دول حوض النيل .
يجب علينا أن نستفيد من تجارب بعض الدول في أفريقيا مثل الصين والهند وإسرائيل وجنوب أفريقيا ، ومحاولة الدخول إلى هذه الأسواق مرة أخرى وفقا لاستراتيجيات وخطط جديدة تتوافق مع النظام العالمي الجديد ولاستفادة المتبادلة بين الدول وهى أساس قيام التجارة ، وإنشاء بورصة في مصر سوف يساعد كثيرا في هذا الاتجاه .
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والاقتصادي
[email protected]