بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

جلس القرفصاء مودعا

مازالت صور الأطفال الذين تمزقت أوصالهم ماثلة العيون ، مازالت بقاياهم على القطار والقضبان ، الكراسات والرسومات الملطخة بالدماء لن تجف مدى الدهر ، حادث أطفال أسيوط طغى على كل الكوارث التى تزامنت معه ، دموع الثكالى والمكلومين تشق عنان السماء ، أب جلس القرفصاء يضم بين جوانحه طفله يقبل وجنتيه ، يهمس إليه بقلب مهزوم

( بدونك أنا جسد بلا روح ، أعتذر ياولدى... ليتنى منعتك حين جاءت حافلة الموت ترجو الإسراع فى اللحاق بها ، فلحقت أنت بالدار الآخرة ، من سيأتى خلفى مناديا ، أبويا خذنى معك ؟ فتتعلق كفك بكفى ، نبتاع خبزا وحلوى ، ثم نعود لتكمل واجبك ، حفظت الكثير من الآيات الكريمة ، كم رددتها على مسامعنا فأبهجت أساريرنا ،  لست وحدك ياحبيبى ، زملاؤك الخمسين معك ، أدعوا لنا واشفعوا فينا يوم القيامة ، واطمئن فيوم الحساب العسير قادم لامحالة ، دمك غال وكل نقطة سالت منك ، سترتد خنجرا فى قلب المهمل والكاذب والمنافق والمتسلق ، هؤلاء الذين ماأن جلسوا على المقاعد حتى شوهوا زوايا الفرح فأهدونى غيابك ، تجاهلوا كل تقصير ، ورموا بالمسئولية على العهد البائد ، فإرثهم من الفساد أكبر من المئة يوم التى وعدوا بها ، لم تكن أنت الضحية وحدك ، كل يوم آلاف الضحايا الطيبين ، العيب فيهم أحلامهم فى العيش الكريم أحلام مجنونة ،
طلباتهم لاحدود لها ، الكرامة والعدالة ، دستور مدنى يقودنا للحروف الجديدة ، يدخلنا مدنا على الخرائط المتحضرة ،  ينحنى لنا

العالم إعزازا وتقديرا ،كنا نتوق للإستشفاء من أمراضنا المتوطنة ، الفقر والأمية  فإذا بهم يحاربون من أجل دفع العربة للخلف فننكفئ على وجوهنا ، فتختنق العصافير  ، وتجف السنابل على أعوادها ، نربح الظلام بقصف الأقلام ، يختبئ قاموس المعانى الحرة فيحول الشاشات إلى سواد حالك ، ننافس قندهار فى  الدجل والشعوذة ، القصائد كلها رثاء ، الآن مضى القطار وآه من وحشة الصفير ، لم يعد تفيد إستقالة الوزير ، ومال قارون فداء طلتك كل صباح ياوجه الفجر الندى ، قدر المصريين ألا ينعموا بالإستقرار ، خاب الرجاء مع اقتراب ذكرى العام الثانى للثورة ، يامن رسمت علم بلادك وأنشدت لها حبك وفؤادك ، إندسوا بين الثوار رافعين أسود العلم ، من أضاع أحلامك على جدران الوهم ، فتهنا بين الطرقات ، بلغوا الغاية فى التجريح والتشكيك والتخوين والتكفير ، سأمنحك قبلة الوداع ، يامن تركتنى فى دنيا اغترابى بشراع واهن ، لكن من سيمح عنى دمعتى وأنا أصرخ جف نبع الماء .