بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

هل مآذن المساجد بدعة لا يقرها الدين فهل هنا صحيح ؟

يسأل الكثير من الناس عن هل  المآذن الموجودة فى المساجد بدعة لا يقرها الدين فهل هنا صحيح ؟ فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله وقال 

من المعلوم أن الأذان شرع لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة وندائهم لشهود صلاة الجماعة فى المسجد ، وهو علامة على أن أهل هذا الحى الذى أذن فيه مسلمون ، وللمؤذن ثواب عظيم لأنه يدل الناس على الخير، والدال على الخير كفاعله كما صح فى الحديث ، ولقول النبى صلى الله عليه وسلم " لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شىء إلا شهد له يوم القيامة" رواه البخارى وأحمد والنسائى وابن ماجه .
ومن أجل كثرة من يستجيبون للأذان فيصلون ، وكثرة من يسمعون ليشهدوا للمؤذن كان من السنة رفع الصوت بأقصى ما يمكن ، ولهذا استعان الأولون عليه بأن يؤذن المؤذن على مكان مرتفع ، وحدث فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم أن بلالا كان يؤذن من فوق بناء مرتفع بجوار المسجد، روى أبو داود والبيهقى أن امرأة من بنى النجار قالت : كان بيتى من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، وجاء فى كتاب "خلاصة الوفا" للسمهودى "ص 192 " أن دار عبد الله بن عمر كان فيها اسطوانة فى قبلة المسجد يؤذن عليها بلال ، يرقى إليها بأقتاب .
والقتب هو رحل البعير الذى يوضع على ظهره ليركب الراكب .
فاتخاذ مكان عال للأذان عليه مشروع ومستحب ، وتبعا لسنة التطور بنيت أبراج عالية فى المساجد للأذان ، وهى التى تسمى بالمآذن أو المنارات ، لأن الأنوار كانت ترفع عليها فى مناسبات الأفراح ، أو لأنها منارات وعلامات تدل على المساجد أو إسلام أهلها ، كما أن للإسلام صُوًى ومنارات هى شرائعه التى تدل عليه كما قال ابن الأثير فى النهاية .
وجاء فى خلاصة الوفا للسفهودى "ص 191" أن عمر بن عبد العزيز جعل لمسجد النبى صلى الله عليه وسلم أربع منارات فى زواياه الأربع ، طول كل منها نحو ستين ذراعا ، وعرضها

ثمانية أذرع فى ثمانية ، وأن إحداها جددت سنة 706 هـ أيام الناصر محمد بن قلاوون ، وكان طول بعض المنارات فى بعض التجديدات قد بلغ مائة وعشرين ذراعا فى عهد الأشرف قايتباى 892 هـ .
وجاء فى خطط المقريزى "ج 4 ص 27" أن معاوية بن أبى سفيان أمر ببناء منار لمسجد الفسطاط "عمرو بن العاص " وإن كان عمر بن الخطاب نهى عَمْرًا عن اتخاذ المنابر والمآذن كما فى صبح الأعشى "ج 3 ص 341" لكن بعد وفاة عمر اتخذت "مساجد مصر ج 1 ص 64" .
وعلى مدى التاريخ بنيت المآذن وارتفعت شامخة ، وأذِّن من فوقها وامتلأت الأجواء بإعلان الشهادتين والدعوة للصلاة ، فأى ضرر فى ذلك ؟ ومهما يكن من شىء فإن لم تكن فيها فائدة فليس فيها ضرر، وإذا كانت للمشيدين لها نيات فالله يجزيهم بما نووا ، لكنها على كل حال مظهر من المظاهر الإسلامية ، وبخاصة فى هذه الأيام التى تحتاج إلى تكثيف للدعوة للإسلام بكل الوسائل الممكنة .
فالمآذن ليست بدعة منكرة ، وإذا كان المؤذن يرقى فوقها لإبلاغ صوته لأكبر عدد ممكن ، فإن مكبرات الصوت الآن ساعدت كثيرا على بلوغ الصوت مدى بعيدا، مع الرجاء ألا نقنع برفع المآذن ونقصر فى ارتياد المساجد ، بل ينبغى أن يكون هناك تناسب بين المظهر والمخبر، والإعلان والواقع.