بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الثورة تعيد الأصوات الجادة إلي المقدمة

يتصور الكثير أن خريطة مصر السياسية فقط هي‮ ‬التي‮ ‬طالها التغيير بعد ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير التي‮ ‬قادها شباب مصر،‮ ‬لكن الواقع والحقيقة تقول إن التغيير سوف‮ ‬يطول كل فروع الحياة في‮ ‬مصر،‮ ‬

ومنها ساحة الغناء لأن هناك أسماء حذفت نفسها خلال الثورة وهناك أصوات أعادت لها الثورة الروح والبريق والمكانة التي‮ ‬يستحقونها،‮ ‬الثورة كشفت أن البقاء دائما للأفضل والأصلح وأن الأسماء التي‮ ‬كانت تتصور أنها علي‮ ‬قمة هرم الغناء سقطت أمام أول زلزال،‮ ‬وهو ما‮ ‬يؤكد هشاشتها أو عدم مصداقيتها‮.‬

سوق الغناء رغم حالة الانهيار التي‮ ‬يمر بها منذ سنوات إلا أنه سيكون المستفيد الأول من ثورة‮ ‬25‮ ‬لأسباب كثيرة‮: ‬الأول أن نجومية العديد من الأسماء قد اهتزت وأبرزهم‮: ‬تامر حسني‮ ‬نتيجة وجهة نظره المؤيدة للنظام السابق في‮ ‬بداية الثورة،‮ ‬ورغم أنه سرعان ما قام بتغييرها أملا في‮ ‬اللحاق بركب الثورة لكن قراره كان بعد فوات الأوان ولم تفلح معه كل الأغاني‮ ‬و الوعود التي‮ ‬قدمها أو التي‮ ‬وعد بتقديمها وآخرها‮: ‬ما أعلنه من تبني‮ ‬فكرة سفر بعض أمهات شهداء الثورة لأداء العمرة،‮ ‬وربما‮ ‬يكون أحد المستفيدين من هبوط أسهم تامر هي‮ ‬شركات الإنتاج باعتباره‮ ‬يحصل علي‮ ‬ثاني‮ ‬أعلي‮ ‬أجر بين المطربين العرب وهو ما‮ ‬يجعل الشركات عندما تدخل في‮ ‬مفاوضات معه تتحدث وهي‮ ‬مدعومة بعوامل انهيار نجوميته في‮ ‬سوق الغناء،‮ ‬وبالتالي‮ ‬لن تمنحه الأرقام التي‮ ‬كان‮ ‬يحصل عليها،‮ ‬والسبب الثاني‮ ‬لحالة‮ »‬الفوقان‮« ‬التي‮ ‬قد تحدث في‮ ‬سوق الغناء‮: ‬أن كل نجوم التأليف والتلحين والتوزيع سوف‮ ‬يخفضون أجورهم بالتبعية خاصة أن النجوم من المطربين سبقوهم لذلك،‮ ‬حتي‮ ‬الذين سوف ترتفع أسهمهم لن‮ ‬يصلوا بأي‮ ‬شكل من الأشكال الي‮ ‬الأرقام التي‮ ‬كان‮ ‬يحصل عليها عمرو دياب وتامر حسني‮ ‬ومحمد حماقي،‮ ‬وبالتالي‮ ‬سوف تكون الشركات أكثر المستفيدين حتي‮ ‬وإن كان رأي‮ ‬بعض المنتجين أن الحالة الآن لا تسر عدو ولا حبيب نظرا لتوقف الإنتاج تماما خلال الفترة الحالية واقتصاره علي‮ ‬بعض الأغاني‮ ‬الوطنية الداعمة للثورة والتي‮ ‬تعد محاولات فردية من النجوم أنفسهم مثل‮: ‬محمد منير وعلي‮ ‬الحجار وهاني‮ ‬شاكر وإيمان البحر درويش‮.‬

السبب الثالث الذي‮ ‬يؤكد أن خريطة الغناء سوف تتغير هو‮: ‬أن هناك خطوات جادة سوف تتخذ تجاه القرصنة علي‮ ‬المصنفات الفنية ومنها الأغاني‮ ‬لأن الحكومات السابقة كانت تنظر الي‮ ‬القرصنة علي‮ ‬الغناء بفتور شديد وحتي‮ ‬الخطوات التي‮ ‬اتخذها فاروق حسني‮ ‬وزير الثقافة الأسبق حيال هذا الخطر لم تفعل،‮ ‬لذلك من المتوقع أن تكون نظرة المسئولين القادمين لإدارة شئون الوطن لديهم فكر مختلف تجاه هذه القضية التي‮ ‬تهدد صناعة الأغنية المصرية،‮ ‬والتي‮ ‬أدت الي‮ ‬انهيارها طوال عقدين من الزمن‮. ‬انتهاء عصر القرصنة‮ ‬يعني‮ ‬مزيدا من المكاسب للشركات التي‮ ‬بدورها سوف تعيد ضخ الأموال في‮ ‬صورة إنتاج‮ ‬غنائي‮ ‬ينعش هذه الصناعة التي‮ ‬كانت في‮ ‬فترة من الفترات ثاني‮ ‬دخل لمصر بعد القطن‮.‬

السبب الرابع الذي‮ ‬يؤكد تغير الخريطة هو‮: ‬أن الثورة كشفت أن النجوم الكبار مازالوا هم الذين‮ ‬يتمتعون بمصداقية لدي‮ ‬الجماهير ومن هذه الأسماء النجم الكبير محمد منير صاحب ضربة البداية بأغنية‮ »‬إزاي‮« ‬وهو العمل الذي‮ ‬هز عرش الغناء في‮ ‬مصر خلال فترة الثورة لأن منير خاطب الناس بمفردات جريئة تدعم الفكر الجاد المنادي‮ ‬بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية،‮ ‬وهذا‮ ‬يؤكد أن منير لخص ما‮ ‬يحدث في‮ ‬مصر في‮ ‬هذه الأغنية وبالتالي‮ ‬حدث هذا الصدي‮ ‬الكبير،‮ ‬وجاء علي‮ ‬الحجار أحد قادة الثورة الغنائية في‮ ‬مصر منذ‮ ‬30‮ ‬عاما وأحد أكثر المطربين الذين منعت لهم أغان خلال الفترة الماضية ومنها‮: »‬هنا القاهرة‮« ‬وجميع أغاني‮ ‬ألبوم‮ »‬لم الشمل‮« ‬الذي‮ ‬كتبه الشاعرالكبير جمال بخيت لكي‮ ‬يحتل مكانته التي‮ ‬يستحقها من خلال ما قدمه وآخرها أغنيته التي‮ ‬أهداها لمصر بمناسبة الثورة‮ »‬والاسم مصر‮«.‬

أيضا المطرب الكبير هاني‮ ‬شاكر أحد نجوم

جيل الوسط وهو من المهمومين بقضايا وطنه خاصة ما‮ ‬يتعلق بدور مصر علي‮ ‬الساحة الغنائية وضرورة احتلالها موقع الصدارة،‮ ‬لذلك ظل‮ ‬يكافح ضد كل التيارات الخليجية التي‮ ‬أرادت احتلال موقع مصر واختراق المؤسسات الفنية ورغم أن نجومية شاكر لم تتأثر كثيرا بظهور التيارات الغنائية المختلفة إلا أن الزحمة لم تمنحه حقه كاملا‮.‬

ويأتي‮ ‬إيمان البحر درويش الذي‮ ‬قدم مؤخرا أغنية‮ »‬صاحبني‮ ‬في‮ ‬الوطن‮« ‬أحد أبرز الأسماء المرشحة بقوة لكي‮ ‬يحتل المكانة البارزة التي‮ ‬يستحقها كأحسن وأبرز الأصوات التي‮ ‬كان لها تأثير لدي‮ ‬كل الأجيال منذ ظهوره‮.‬

وهناك محمد الحلو أبرز الأسماء التي‮ ‬ظلمت علي‮ ‬الإطلاق،‮ ‬لأنه‮ ‬يتمتع بمقومات هائلة لم تستغل حتي‮ ‬وإن كان قد حقق الكثير من النجاحات من خلال مجموعة الأغاني‮ ‬التي‮ ‬قدمها مثل‮: »‬يا حبيبي‮« ‬و»أهيم شوقا‮« ‬و»قلبي‮ ‬علي‮ ‬طيري‮« ‬و»لا كنت‮ ‬يوم بنكسر‮« ‬و»حنيت‮« ‬ولكن الحلو‮ ‬يمكنه أن‮ ‬يقدم ما هو أهم لو أننا في‮ ‬دولة تحترم الأسماء الكبيرة بما لديها من امكانيات‮.‬

أما مدحت صالح فهو من الأسماء التي‮ ‬يجب أن توضع في‮ ‬مقدمة الصفوف وليس من المقبول أن‮ ‬يكون بعيدا عن بؤرة اهتمام شركات الإنتاج،‮ ‬وكذلك المؤسسات الفنية‮. ‬قائمة الأسماء المظلومة التي‮ ‬من المتوقع أن تحصل علي‮ ‬كامل حقوقها خلال الفترة القادمة طويلة منها‮: ‬مطرب بحجم طارق فؤاد،‮ ‬وهو‮ ‬يتمتع بخامة صوت قريبة من القلب،‮ ‬لكن المسئولين في‮ ‬مصر‮ ‬يتعاملون مع هز الوسط لذلك ظل طارق بعيدا عن المشهد الغنائي‮ ‬ونفس الحال تعرضت له موهبة بحجم‮ ‬غادة رجب التي‮ ‬تتمتع بكل مقومات النجومية إلا رضا المسئولين‮.‬

لذلك جاءت الثورة لتعيد لهذه الأسماء بريقها مكانتها وبالتالي‮ ‬سوف تتغير الخريطة،‮ ‬هناك من الأسماء الشابة حمادة هلال بأغنيته‮ »‬شهداء‮ ‬25‮ ‬يناير‮« ‬وإن كانت الكلمات ليس بها العمق المطلوب لكنها في‮ ‬النهاية جعلته من الأسماء المتوقع لها الانتقال الي‮ ‬مرتبة أفضل لأن رأي‮ ‬الشباب وإقباله علي‮ ‬الألبومات سوف‮ ‬يتأثر بما حدث في‮ ‬الثورة‮.‬

خريطة الغناء خلال الفترة القادمة لن تستوعب أسماء كثيرة ممن دخلوا هذه الساحة من خلال أغاني‮ ‬هز الوسط مثل‮: ‬هيفاء وهبي‮ ‬وروبي‮ ‬وكل من هن علي‮ ‬نفس الشاكلة،‮ ‬لأن الأحداث التي‮ ‬تمر بها المنطقة العربية لن تستوعب أغاني‮ ‬الرقص علي‮ ‬واحدة ونص،‮ ‬الأغنية الجادة سوف تعود وتستقطب كل الفئات العمرية،‮ ‬لأن هناك أغاني‮ ‬جادة كثيرة عادت مرة أخري‮ ‬الي‮ ‬الوجود بعد أن تم التعتيم عليها لسنوات طويلة لأنها كانت تحمل وجهة نظر،‮ ‬وتتبني‮ ‬فكرا مضادا للحالة السياسية والاجتماعية التي‮ ‬كنا نعيشها عبر أكثر من عقدين من الزمن‮.‬