بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

المصلون رهائن.. والمتسولون برخصة!

ظاهرتان اعتبرهما قمة التخلف في مصر، يشينون حاضرها وينسفون أي ادعاء بتحسن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية فيها، الظاهرة الأولي موجودة وتتزايد وتنتشر انتشاراً سرطانياً أصبح يتطلب التدخل الجراحي بالبتر وتسهم في زيادة تخلف الناس وجهلهم

ويقوم بها مجموعة ذوي هدف واحد ومصلحة شخصية عليا وتستميت لكي تصبح الظاهرة أمراً واقعاً يستحيل تغييره ويستغلون الفوضي الدينية التي نعيشها وغياب أي جهة مسئولة تنظم وتحاسب وتضبط رغم وجود وزارة للأوقاف المفروض أن تتبعها كل مساجد مصر وزواياها ولكنها يعمها الفساد والتناحر بين قياداتها الذين - لو صح ما يتداول عنهم لوجب أن يحجز لهم عنبر كامل في طره علي غرار أمثالهم من المنحرفين والأفاقين ومدعي التدين - وانحسار دور الأزهر وكفاحه المجيد والشرس لكي يظل مجرد رمز وشعار يرفعه أهله للتباهي بتاريخه وعلمائه دون أن يكون له دور فعلي في ضبط إيقاع ومسار الإسلام وما يمارس باسمه في مصر علي أرض الواقع ويكتفي بين الحين والحين بإصدار بيان أو إعلان موقف من قضية هامشية مطروحة، إلي جانب المجاملات التقليدية في الأعياد والمناسبات الدينية وينتهي الأمر عند هذا الحد.
المجموعات التي أتحدث عنها من «مختطفي المصلين» هم من الجهال وأنصاف المتعلمين وبعض موظفي المساجد من أئمة ومقيمي شعائر يحتلون المساجد والزوايا باتفاق ودي بينهم لا تعلم عنه وزارة الأوقاف شيئاً، ويستغلون المناسبات الدينية مثل شهر رمضان ليكثفوا وجودهم بتنظيم وتقسيم العمل بينهم ويمثلون إرهاباً للمصلين الذين يؤخذون رهائن لاضطرارهم للذهاب إلي تلك المساجد لأداء شعائرهم.. أدواتهم في الإرهاب الديني أن يظلوا يصرخون هستيرياً في الميكروفونات المنتشرة علي أسطح العمارات وفي الشوارع المحيطة بتلك المساجد والزوايا ليل نهار بكلام غث سطحي ساذج لا يفيد الناس شيئاً ويبتدعون أفعالاً وأقوالاً لا تمت للإسلام الصحيح بصلة مثل الخطبة التي يلقيها أحدهم بين ركعات التراويح والقصائد الدينية في مدح الرسول.. كل همهم أن يبقي المصلون «محتجزين» لا يفرجون عنهم لأطول مدة ممكنة، بينما يتبادلون الأدوار ويتفننون في إجهادهم نظير مكافآت يحصلون عليها من صناديق الزكاة بتلك المساجد والجمعيات الخيرية التي من المفروض أن تصرف ما تجمعه من أموال علي الفقراء والمساكين ومستحقي الزكاة.. لقد صعقت حين عرفت أن أحد هؤلاء يؤم المصلين نصف الوقت ويتقاضي 6000 جنيه من المسجد، أي عن 30 ساعة عمل بافتراض أنه يؤم الناس ساعة كل يوم خلال شهر رمضان، أي أن ساعة سيادته بمائتي جنيه مثله مثل أي خبير عالمي في أي فرع من فروع العلم، واللافت للنظر أن أئمة المساجد المعينين من قبل وزارة الأوقاف يختفون أثناء رمضان ليظهروا في مساجد أخري نظير مكافأة ويتركون مساجدهم لغيرهم في إطار خطة متفق عليها - كما قلت لتبادل المنفعة - ويقال إن ذلك يتم بالاتفاق مع مديري الأوقاف الموزعين من قبل وزارة الأوقاف علي الأحياء نظير حصولهم علي جزء من الكعكة، ويقال إن بعضهم يتقاضي رواتب شهرية من الأئمة لكي يخصصوا لهم أكبر المساجد ذات الموارد المجزية، حيث إن هؤلاء الأئمة يتقاضون كذلك رواتب من تلك المساجد إلي جانب رواتبهم من وزارة الأوقاف، إلي هذا الحد

بلغ الفساد في الوزارة المسئولة عن الدين في مصر التي ينبغي أن يحيل النائب العام المسئولين فيها للتحقيق إذا لم يبادر الوزير الجديد بذلك من تلقاء نفسه.
الظاهرة الثانية هي جيوش جامعي القمامة الذين يقطعون الطريق علي كل رائح وغاد يحملون مقشات ويجرون عربات لا يفعلون بها شيئاً ويرتدون زياً عليه اسم الجهة التي يتبعونها وهي إما «هيئة نظافة القاهرة» أو أحد الشركات الخاصة التي تعاقدت معها الحكومة، هؤلاء تحولوا إلي متسولين برخصة ويزداد عددهم ويتكاثرون دون أن يلفت ذلك نظر المسئولين عنهم فيتدخل ليمنع تلك المهزلة التي تسيء إلي سمعة مصر واسمها وتنغص علي الناس حياتها وتمثل إهمالاً جسيماً في أداء الواجبات الوظيفية في الإشراف علي جيوش من العمال يتقاضون أجوراً عن عمل لا يؤدونه، ويفضلون عليه التسول والبلطجة وقطع الطريق.. أصبح رمضان والعيد مناسبات لابتزاز الناس والإساءة للإسلام ولشعب بأكمله تسبب فيه عدم أداء المسئولين عن انتشار تلك الظواهر المسيئة لعملهم وعدم تعرضهم لأي حساب أو جزاء واستمرارهم في أعمالهم وتقاضيهم رواتب لا يستحقونها.
سوف اعتبر ذلك رسالة موجهة لرئيس وزراء مصر الذي يعلم صحة ما أقول من واقع معايشته للناس في الشارع وذلك شيء يحسب له، وبلاغ للنائب العام للتحقيق مع المسئولين في الجهتين: مديريات الأوقاف التابعة لوزارة الأوقاف والذين تتبعهم المساجد في الأساس التي يتم علي أساسها تعيين الدعاة أو «تدويرهم» بين المساجد والمؤهلات المطلوب توافرها فيهم، وعما إذا كانوا جميعاً موظفين يتبعون وزارة الأوقاف ونظام الأجور والمكافآت التي تصرف لهم نظير عملهم ونوع الرقابة التي تمارسه تلك المديريات علي أداء تلك المساجد، ثم المسئولون بهيئة نظافة القاهرة وهي الجهة المسئولة عن جامعي القمامة الذين تحولوا إلي متسولين يلبسون زي الهيئة ويستغلون الأدوات التي تصرفها لهم لقطع الطريق علي المارة للتسول وليس لأداء عملهم، وعما إذا كان هؤلاء معينين بالهيئة علي كوادر وظيفية ونوع الرقابة المفروضة علي أدائهم لعملهم والوسائل المتبعة لتوقيع الجزاء علي المخالفين وذلك حتي لا تتحول مصر تدريجياً إلي «مشحتة» كبيرة تسيء إلي شعب بأكمله.