بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

أغيرُ من صديقتي

هي صداقة بدأت منذ الصغر و قد تستمر فترة طويلة من الزمن , و لكن ما  ينغص الحياة بينهم شيء ليس بيد احداهما , فبعد هذه المدة من الزمن و التي تتعدي العشرون عاما , اكتشفت أن صديقتها تغارُ منها و لكن لم يصل بعد إلى درجة الحقد عليها , فالغيرة يعقبها غالبا الحقد و ( العياذ بالله ) ,

والحقد اشد من الحسد بكثير , فهو نار تشتعل بين الأضلع , تتمنى زوال المحقود عليه و زوال النعمة منه, و قد تأتي بما لا يتمناه الصديق أو الأخ لصديقه أو أخيه و لكن هنا صعوبة التحكم في درجات الغيرة , فهي درجات تتفاوت شدتها من نفس إلى نفس , و كل نفس تستطيع أن تهذب من نفسها و لكن من يقدر على شيطانه إلا المؤمنين.

كل يوم أو اثنين تجامل صديقتها , مرة على فستان جميل فتقول ( الله ما أروعه عليكِ ) و بعد يومين ما أجمل هذه القلادة ( العقد ) ( منور عليكِ ) و مرة على الحذاء و مرة على عيد ميلادها و مرة على نتيجتها الدراسية و مرة على السيارة التي اشتراها لها والدها و مرة على خطبتها لشاب من الشباب الرائعين ( ضابط بحري ) , و هكذا استمرت سنوات تجامل و تجامل و تهني صديقتها و كأن كل يوم عندها فيه مناسبة لا بد من مجاملتها و تهنئتها , فهي  عندها ما يستحق أن تهنئ عليه , أما هي فلا تتذكر سوى مرات قليلة هنأتها على أشياء لا تكون ذات قيمة , إنها تستحوذ على الهداية القيمة , و على الأشياء الجميلة , إنها غيرة تزداد اشتعالا و لكنها تترك في النفس شيئا .

كانت تغار من صديقتها و في احد الأيام , اشترت ساعة جميلة و ذهبت بها لكي تراها صديقتها , فقالت لها ما رأيك في هذه الساعة ؟ فقالت شكلها مقبول , و هنا انفجرت فيها و أخرجت بركان من الغيرة يحرق الواقف أمامه دون نار , يشعر البعيد بحرارته فيذوب عرقا , و هنا قالت لها , أجاملك على كل شيء سواء كان قبيحا أو جميلا , أقول لك أجمل الكلام على أتفه الأشياء , أُسمعك ما تريديه و عندما أريد أن اسمع منك ما أريده أجدك ( تقللي من شأني    و تتفهي من أمري  ) , منذ  كنا صغارا حتى أصبحنا كبارا ,

و ذادت في كلامها حتى انفجرت بما في جعبتها من كلام .

و هنا رددت عليها صديقتها مخرجة ما في جعبتها هي أيضا من كلام فقالت : منذ أن كنا صغارا و أنت تقولين لي ذهبت مع أمي و ذهبت مع أبي , خرجت مع أخي و ذهبنا هنا و ذهبنا هناك , تقولين لي قضيت العيد مع أسرتي     و لعبنا ولهونا , تقولين زارتني خالتي و سهرنا حتى الصباح و تقولين لي انك تحب خطيبك و هو يحبك و خرجتم و ذهبتم, كل هذا الكلام كان يشعل النار داخلي لأنك تعلمين أن أبي يسافر دائما و أمي مشغولة في عملها , وان كثيرا من الأعياد تأتي علي و أنا وحيدة حزينة و أنت فرحة سعيدة و تقولين لي هذا , هل تعلمي إنني لا أحب خطيبي و لكني وافقت على خطبته , حتى اخرج معه و يخرج معي مثلك أنت و خطيبك , ولكنه لا يخرج معي لانشغاله هو أيضا فهو ضابط بحرية لا أراه كثيرا , هذه الهداية و الملابس لا تأتي بالسعادة , فما أنت فيه هو السعادة التي أريدها , هل عرفتي من منا يغار من الأخرى .

هنا نظرا لبعضهما البعض و الدموع تملاء عينهما , و بدا  يضحكا معا ,  و عرفت كل منهما أن في يد احدهما سعادة لا تعرف قيمتها ,

صداقة العمر , ينقصها الصراحة , فقديما قالوا يا بخت من بكاني و بكي علي و لا ضحكني وضحك الناس علي

ابحث عن السعادة في ابسط الأشياء لديك فقد تكون كل المنى لمن يملك المال و لا يملكها